عبد العزيز العروي ، رحمه الله و طيّب ثراه، هو أحد أبرز وألمع أبناء إذاعتنا الوطنية الأمّ و أوفى وأسخى خادميها بكلّ ما كان لديه من جهد وفكر ووقت وفائض إبداع وثراء خيال... من أوّل أيّام تأسيسها كان عبد العزيز حاضرا أمام المصدح مُثْريا أصداء ذبذبات إذاعتنا الفتية، آنذاك، بصوته المتفرّد العذب الرّخيم ونطقه الواضح السّليم ولكنته التّونسية الحضرية الخالصة وبرامجه الطّريفة الرّائقة وتدخّلاته الظّريفة المرحة المرتجَلة السّاخرة وخرافاته المطرّزة المشوِّقة الخالدة.. كان عبد العزيز، رحمه الله ، مزيجا رائعا من اللّطف والأدب والدّعابة والتّواضع والجدّيّة والنّظام والإلتزام ، ممّا جعله يكسب أكبر وأثمن رهان بفضل حِرَفيّته الفائقة وحبّه الصّادق الدّائم للمهنة التّي سخّر لها عمرا كاملا من الإجتهاد المتواصل والعطاء الزّاخر و الإرادة القويّة الثّابتة ، كلّ ذلك و أكثر في سبيل إرضاء و إسعاد المستمعين الذين أحبّهم فأحبّوه و في أرحب و أجمل ركن من ذاكرتنا الشّعبية الوفيّة أجلسوه وأسكنوه ....