في ثالث ايام العيد.."الصوناد" توجه نداء هام للتونسيين..#خبر_عاجل    رفع أكثر من 45 ألف مخالفة اقتصادية في خمسة أشهر من 2025    توزر: برنامج استثنائي لتأمين رحلات بين ولاية توزر والعاصمة بمناسبة عطلة عيد الأضحى    عاجل/ حريق ضخم يلتهم 27 هكتارا من الحبوب والحصيدة في البطان..    السباحة ماكنتوش تحطم الرقم القياسي العالمي لسباق 400 متر حرة    مقابلة دولية ودية : على أي قنوات وفي أي وقت يمكن مشاهدة مباراة إفريقيا الوسطى – تونس ؟    عاجل/ حالات ضياع في صفوف الحجيج التونسيين : وزارة الشؤون الدينية توضّح وتكشف..    وزير التربية يؤدي زيارة تفقدية إلى مركز إصلاح الباكالوريا بالمهدية    غدا الاثنين.. استئناف اختبارات الدورة الرئيسية للباكالوريا 2025    رئيس البعثة الصحية لموسم الحج يدعو الحجاج إلى أخذ الاحتياطات اللازمة في ظل ارتفاع درجات الحرارة    تطور التعويضات المالية المسددة من شركات التأمين بنسبة 3ر14 بالمائة مع أواخر الثلاثية الأولى من 2025    اللقطات الأولى لمحاولة اغتيال المرشح الرئاسى الكولومبى ميغيل أوريبى (فيديو)    عاجل/ المقاومة تنصب كمائن جديدة وتوقع قتلى وجرحى في صفوف الاحتلال..    عاجل/ النيابة العمومية تأذن بمباشرة الأبحاث حول شبهات فساد بهذه الشركة..    السيطرة على حريق قرب إعدادية خزامة الغربية بسوسة دون أضرار    تونس تلاقي منتخب إفريقيا الوسطى: نحو تكريس هوية هجومية تقطع مع التحفظ الدفاعي    3 علامات في رقبتك لا يجب تجاهلها: قد تكون إشارة لمرض صامت يهدد الملايين!    وزير التجهيز والإسكان يجتمع بعميد المهندسين التونسيين الجديد    تراجع ملحوظ في تجميع جلود الأضاحي: 20% فقط تم جمعها مقارنة ب40% العام الماضي    السبيخة: وفاة ثلاثيني سويعات بعد عقد قرانه    تصريح أثار جدل.. 35% من التلاميذ فقط يبلغون البكالوريا ؟    كأس العالم للأندية 2025: فرص الفرق التونسية وأين يمكن متابعة المباريات مباشرة؟    أزمة الكمبيالات تهدد استقرار الشركات الصغيرة والمتوسطة في تونس    في الصيف التونسي: كيف تحمي حيوانك من ضربة الشمس والموت المفاجئ؟    ما عندكش وقت للرياضة؟ تقسيم المشي على النهار ينجم يكون سرّ صحة قلبك    أزمة مالية تهدد استعداد المنتخب الزامبي قبل مباراتي تونس الوديتين    قصة رجم الشيطان في منى: عبادة تعبّر عن الطاعة والتضحية    طقس ... درجات الحرارة تتراوح بين 28 و43 درجة الأحد    جائزة محمود درويش تضيء على إرث الصغير أولاد أحمد وشعر المقاومة    سلامة غذائنا تبدأ من البحث العلمي: رسالة منظمة الصحة العالمية    تسليم كسوة الكعبة لسدنة بيت الله الحرام    بلدية المرسى: تواصل البرنامج الاستثنائي للنظافة الخاص بفترة العيد    السلطة تنفي "أي علاقة" مع أبو شباب وجماعته المسلحة في غزة    إيقاف نجم "التيك توك" 'خابي لام' في أحد مطارات أمريكا لهذا السبب    ترامب يهدد ماسك ب"دفع ثمن باهظ"!    في حفل تكريم الموسيقي لسعد المؤخر ...موسيقيون لأول مرّة يجتمعون وبالذكريات يتأثرون    مع الشروق : لوبيات الأضاحي    منح جائزة محمود درويش الأولى بعد الوفاة للشاعر الصغير أولاد أحمد عن مجمل أعماله (لجنة تحكيم)    كأس الرابطة الإفريقية لكرة السلة : الإتحاد المنستيري يفوز على ريفيز النيجيري    الامريكية كوكو غوف تفوز ببطولة رولان غاروس للتنس لأول مرة    نائب بالبرلمان: النيابة العمومية اذنت للحرس الوطني بمباشرة الابحاث حول شبهات فساد بشركة اللحوم    رونالدو ينهي الجدل ويعلن موقفه النهائي من المشاركة في مونديال الأندية    بورصة تونس: "توننداكس" ينهي شهر ماي 2025 على إرتفاع بنسبة 0،80 بالمائة    الادارة العامة للاداءات تضبط الرزنامة الجبائية لشهر جوان 2025    المنتخب الجزائري: تسريح بلايلي وتوغاي للالتحاق بالترجي استعدادًا لمونديال الأندية    1,6 مليار دولار: من هي الفنانة الأكثر ثراءً في العالم سنة 2025؟    حجز حوالي 745 رأس غنم لغرض المضاربة والاحتكار خلال فترة عيد الأضحى    فريق طبي بولاية القصرين ينقذ حياة مريضين تعرضا لجلطة قلبية حادة بفضل منصة "نجدةTN"    دراسة صادمة : النوم الكثير قد يقتل دماغك أكثر من قلة النوم!    المنسق العام لموسم الحج بوزارة الصحة: "كل حجاجنا صعدوا عرفة ولم نُسجل أي حالة وفاة"    فظيع/ حادث مرور مروع يوم العيد..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    عاجل : يوم القر 2025 ينطلق رسميًا وتوصيات بعدم تجاهله    بعد العيد، فرصة ثقافية للعائلة: الوجهة المتاحف!    طقس اليوم الثاني من العيد : هكذا ستكون الحرارة    هل نحمي صغارنا من مشهد الذبح... أم نعلّمه معنى القربان؟    وزيرة الشؤون الثقافية ونظيرها الإيطالي يدشنان معرض "مانيا ماتر: من روما إلى زاما    الأوركسترا السمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى في يومها العالمي 21 جوان    نجوم الراي في حلقة استثنائية من برنامج "أنا والمدام" على قناة تونسنا    









عبد اللطيف الفراتي يكتب لكم: خبط عشواء..والبلاد في انفلات تام..ومظاهر التشقق برزت للعيان
نشر في الصريح يوم 11 - 12 - 2020

مع نهاية السنة، لعلها السنة الأسوأ في تاريخ تونس الحديث والمعاصر، نشهد أغرب ما يمكن للمرء أن يشهده، المصادقة على ميزانية للدولة ، تتعهد الحكومة معها بتقديم ميزانية تكميلية لها بعد ثلاثة أشهر. أي إنها تعرف بصورة مسبقة أن هذه الميزانية ليس لها من ملامح ميزانية فعلية إلا الاسم.
وإذ تسير الأمور في البلاد بقدرة قادر، فإن المواطنين يشهدون تشققا كاملا، ليس في السلطة فقط بل بالأساس في مجتمع بلا بوصلة ولا أفق…
ولقد أفلتت الأمور بصورة كاملة، فرئاسة الجمهورية تغرد خارج السرب وتعد حينا وتتوعد أحيانا بلا قدرة على الفعل، ولا تصور لمحدودية صلاحياتها، تحت نظام هو في الحقيقة برلماني، مع بعض فتات الصلاحيات التي تركت لرئاسة الجمهورية، لا يمكن معها أن يكون له فعلا فضلا على أنها في مرحلتها الراهنة لا ترى بوضوح، وقد فقدت مقومات السلطة الحقيقية كما يحاول أن يوهم الرئيس قيس سعيد.
ثم إن البرلمان محط السلطة الفعلية حسب دستور 2014 التي أوكل البعض منها تحت ثقته ورقابته لرئيس الحكومة والوزراء، بدا في الواقع الفعلي أعجز من أن يتولى مهمته الكبرى لانعدام أغلبية واضحة في صفوفه، ولعجز رئاسته عن إدارة أعماله بكل تجرد واقتدار.
أما الحكومة التي اختير رئيسا لها معينا من قبل رئيس الجمهورية، فإنها لعدم قدرة رئيس الدولة على الحفاظ على تبعيتها له باعتباره هو من اصطفاها، فإنها ارتمت في أحضان من قبل تبنيها، ومنحها الثقة في البرلمان، أي تحالف غريب بين نهضة لم تستطع الحصول على أغلبية واضحة تمكنها من الحكم، وحزب قلب تونس، الذي كانت النهضة تجاهره بالعداء قبل الانتخابات، فانقلبت حليفة له بعدها وائتلاف الكرامة الذي تعتبره الطبقة السياسية تابعا مطيعا للنهضة، مهمته تأدية الأعمال القذرة التي لا تريد النهضة المجاهرة بها، للحفاظ على صورة الحزب المدني، المتقيد بكل مقتضيات دستور هجين، يقسم عليه الجميع ولكن لا يطيعه الكل.
كل هذا أنتج وضعا في قمة السوء بلغ الأوج هذه الأيام، وبدا واضحا أن البلاد تقف اليوم على شفا هاوية سحيقة، فقد بلغت المطالبات سقفا عاليا، لا تستطيع أي حكومة الاستجابة لها، ولو أوتيت ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية، ووصلت الإعتصامات والإضرابات إلى فئات، لم يكن أحد يعتقد أن تصل إليها لما تتمتع به من وضع رخاء نسبي بالقياس إلى بقية فئات الشعب من الموظفين والعمال.
وبدا تشقق مجتمعي، يهدد بتفتت اللحمة الوطنية في ما يسبق عادة انهيار الدول، هذا هو التوصيف للوضع الراهن في البلاد، فما هو العلاج، وقد استفحل الداء؟
أولا أن دستور 2014 قد مهد لهذا الوضع وإذ أمكن تلافي التفجر في سنوات 2014/2019، فذلك بسبب تلاقي الأغلبية البرلمانية والأغلبية الرئاسية ، التي أنتجتها انتخابات أواخر سنة 2014، رغم أن نصفها الثاني شهد ارتماء رئيس الحكومة الندائي وقتها يوسف الشاهد في أحضان النهضة تاركا صاحب الفضل عليه الباجي قائد السبسي يحترق غيظا دون قدرة على الحركة، ودون استطاعة استخلاف ابنه على رئاسة الجمهورية كما كان يتمنى…
أما انتخابات أواخر 2019، فإنها عمقت الهوة ، فقد جاءت برئيس للجمهورية هو قيس سعيد من حيث لا يعلم به أحد، بلا تجربة في الحكم أو التسيير، وبمقولة " الشعب يريد " وبلا برنامج ولا حتى شبح برنامج.
وفي المقابل جاءت تلك الانتخابات للبرلمان بفسيفساء، فالحزب الأول لم يحصل على سوى ربع نواب المجلس النيابي ، وإذا اعتبرنا ائتلاف الكرامة زائدته الدودية كما تردد آنذاك ، فإنه أبعد من أن تكون له أغلبية، ووجد الحزب الأول المرشح دستوريا لتولي رئاسة الحكومة نفسه "يعوم في الناشف"، ورغم التحاق قلب تونس الصديق الجديد اللدود، فإنه بعدم توفقه في اختيار شخصية يمكن أن" تملأ الكرسي" كما يقال، فقد اختار الغنوشي شخصا لا يتمتع بالحد الأدنى من التأييد حتى داخل النهضة، فأفلتت من راشد الغنوشي فرصة تعيين رئيس الحكومة لتنتقل إلى رئيس الجمهورية، الذي اختار شخصية ليس وراءها إجماع، وصوت لها البرلمان ، خوفا من أن يؤدي الأمر في حال حجب الثقة للحل ، وإجراء انتخابات جديدة تخاف من نتائجها كل الأحزاب: خوفا من النواب على الكراسي الوثيرة التي حصلوا عليها، وخوفا من الأحزاب أن تؤدي إلى خسارة مقاعد نالتها بشق الأنفس..
جاء العام 2020 والأمر على هذه الحال من برلمان متشرذم ، وضعف القدرة على مسك الأمور وبثالث حكومة بين من لم تنل الثقة ، وأخرى نالت ولكن أجلها المحتوم كان مكتوبا ومقررا، وثالثة نالت ثقة البرلمان ، ولا يدري أحد مدى ديمومتها وهو أمر بيد النهضة ، وائتلاف الكرامة ، وما بقي من قلب تونس ، وعدد من " المستقلين" ، ولكنها حكومة محكومة بالعجز ، فهي معينة من رئيس الدولة ، باعتبار أن رئيسها اختاره قيس سعيد ، ولكنها تدين بالولاء لغيره من القوى ، وخاصة برلمان متشرذم لا يؤمن جانبه.
أين مكمن الداء ؟ وكيف الحل ؟
مكمن الداء في دستور ِقيس على مقاس الجمهورية الرابعة في فرنسا، وتسبب في كوارث سياسية واقتصادية واجتماعية في باريس حتى تخلصت منه.
وهذا ما قلناه في حصة تلفزيونية، عندما كنت ما زلت أقبل الحضور في حوارات تبين لي لاحقا أنها عبارة عن حوار الطرشان، ترتفع فيها الأصوات أحيان بعيدا عن آداب الحوار حتى لا نقول غالبا، وكتبته في الإبان.
الآن والوضع على ما هو عليه علينا أن نتلمس طريقا ولو في حال من الضباب الكثيف :
أولا لا بديل عن النظام الديمقراطي ، فلا سبيل كما يقول البعض وكما يتمناه آخرون للعودة للإستبداد والقهر.
ثانيا: أنه لا مجال مطلقا لتجاوز الدستور على علاته
ثالثا: أن رئيس الدولة رغم محدودية صلاحياته، يبقى هو الضامن للدولة ودستورها.
رابعا: إنه لا بد من قيام حوار وطني جامع بدون إقصاء إلا من يقصي نفسه.
خامسا: أن للحوار موضوع واحد مطروح، هو إيجاد تخريجة سياسية، لا اقتصادية ولا اجتماعية ,تتمثل في تحوير دستوري يجد شرعيته في إجماع أو شبه إجماع شعبي كما حصل في سنة 2013 عندما دخلت البلاد في عنق زجاجة.
وهذا التحوير وبدون سابقية رغبة في فرض أي شيء يقوم من وجهة نظرنا على إنهاء نظام حكم مزدوج بين رئيس ورئيس حكومة ، بحيث تنبثق الحكومة ووزرائها ، من أغلبية واضحة أو ائتلاف واضح ، وفق ما تنتجه انتخابات وفق طريقة اقتراع يتم الاتفاق بشأنها ، إما أن تكون بالنظام الأغلبي أو بنظام مختلط يتم الانتخاب فيها جزء بالنظام الأغلبي وجزء بالنظام النسبي.
وفي الأثناء يتم تشكيل حكومة مصغرة من جهات كفاءات لها خبرة ومعرفة بدواليب الدولة وذات إشعاع دولي.
والأمر اليوم ليس أمر حوار لا اقتصادي ولا إجتماعي ، ربما يأتي وقته لاحقا، إذا لم يشوش على الحكومة القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.