كان السؤال الذي طرحناه في مقالنا السابق الذي نشر في صالون الصريح وتفاعل معه الأستاذ أبو ذاكر الصفايحي يقول لماذا كان رد اتحاد الشغالين وهو الذي ينعت نفسه بأنه أقوى قوة في البلاد كما يردد قادته باهتا تجاه الخطاب العنيف الذي خاطبتهم به سليلة حزب التجمع المنحل عبير موسي؟ ولماذا كان صوت أمينه العام نور الدين الطبوبي خافتا على غير عادته إزاء صوت رئيسة حزب الدستوري الحر؟ ولماذا يخاف قادة الاتحاد الرد بنفس الحدة والقوة التي تعاملهم بها زعيمة ابنة التجمع البارّة حينما تتهمهم بأبشع التهم والأوصاف؟ وأخيرا وليس آخرا ما هو السر في هذا الموقف المحيّر من قادة الاتحاد تجاه وابل التهم والخطاب الحاد الذي تتوجه به إليهم عبير موسي؟ أسئلتنا هذه ليست من فراغ وإنما هي أسئلة يطرحها معي الكثير من التونسيين الذين لم يتعودوا مثل هذا البرود وهذا التراخي من قادة الاتحاد وهم المعروف عنهم الشراسة والحدة في الخطاب والقوة في الرد على الخصوم وهي أسئلة مبنية على تصريحات خطيرة صدرت من سليلة التجمع المنحل منها قولها في التعليق على مبادرة الحوار الوطني التي أطلقها الاتحاد بأن بهذه المبادرة التي يسوّق لها الطبوبي تقوم على رسكلة النفايات السياسية في إشارة إلى تحول الاتحاد إلى تجميع الزبالة السياسية وتضيف القول بأن نور الدين الطبوبي هو وصمة عار على الاتحاد وان الاتحاد مع قيادته الحالية في حاجة إلى انقاذ وهو اليوم ليس في أيادي أمينة من أجل استعادة المنظمة الشغيلة التي ولدت في رحم الحزب الدستوري وأنهت تصريحاتها التي اخترنا منها بعضها بأن الرد سيكون قاسيا و مدويا على تصريحات وتصرفات الاتحاد. كل هذه التصريحات وغيرها تعامل معها قادة الاتحاد بكل برود وبصوت خافت محتشم وهو الذي عودنا في كامل مسيرته ومع تصريحات ومواقف أقل حدة بخطاب قوي وحاد فهل ثمة مشكل في هذا الموقف من عبير موسي ؟ في اعتقادنا هناك مشكل في موقف الاتحاد من تصريحات رئيسة حزب الدستور الحر وأن هناك جواب لهذا الخطاب الباهت والمحير ولكن الذي استوقفني هو تفسير صديقي واستاذي ابو ذاكر الصفايحي الذي لمست فيه دفاعا غير مقنع عن موقف الاتحاد حيث أرجع سكوت الاتحاد على اتهامات عبير موسي له وتهجمها الحاد والتطاول عليه وتصغيره وتحقيره ووصفه بكونه قد تحول إلى آلة لرسكلة النفايات السياسية يعود الى كونه لا يمسك بخيوط اللعبة السياسية وغير معني بالحكم والسلطة، وبالتالي فإنه ليس من صالحه الدخول في صراع مجاني وقد يكلفه الكثير وهي خطة يعتبرها ابو ذاكر ذكية حينما لم يدخل معها في صراع وهذا من فنون السياسة الذكية والدهاء. في الحقيقة هذا تفسير لا يستقيم وهو مجانب للصواب في علاقة بتاريخ الاتحاد البعيد والقريب وخاصة مواقفه خلال السنوات الاخيرة بعد الثورة حيث وجدنا الاتحاد في محطات ومناسبات كثيرة تعرض فيها إلى مواقف أقل حدة مما صدر من عبير موسي وتعامل معها بخطاب قوي مزلزل واتخذ مواقف أكثر حدة تليق بصورته كقوة كبرى في البلاد وكلنا يذكر كيف تعامل الاتحاد مع مواقف رابطات حماية الثورة وكيف تعامل مع مواقف مكونات الترويكا في بداية الثورة وكيف كانت مواقفه حادة جدا وصوته عاليا في الأيام العصيبة التي عرفتها تونس بعد الاغتيالات السياسية وكيف كان لا يسكت كلما وجهت له انتقادات من هنا وهناك، وفي كلمة فإن تحليل خطاب الاتحاد السابق مع مختلف الفرقاء السياسيين والفاعلين الاجتماعيين وخطابه اليوم مع مواقف عبير موسي يتضح أن هناك تغيرا وهناك فارقا مما يطرح السؤال الكبير لماذا هذا التحول ولماذا هذا التراخي؟ لعل الجواب على كل اسئلتنا التي طرحناها والتي لا تجد جوابا فيما فسر به صديقي ابو ذاكر الصفايحي يذهب إلى ما يروج في الكواليس من كون عبير موسي تمسك الكثير من الملفات عن اتفاقات مزعومة قام بها الاتحاد لصالحه مع جهات سياسية نافذة وهي ملفات يحاول اليوم عدم فتحها و يتجنبها من خلال مهادنة عبير موسي وتجنب الدخول في صراع معها، والجواب الآخر عن هذا السكوت المحير هو ما تم كشفه مؤخرا من كون عبير موسي وان كانت تجمعية وانتمت إلى حزب التجمع المنحل فإنها قادمة من تنظيم الوطد الشيوعي ومنحدرة من عائلة يسارية متطرفة وحينما نعلم أن المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل أغلب أفراده عناصر يسارية تنتمي إلى حركة الوطنيين الديمقراطيين الموحد " الوطد " المصنفة حركة يسارية متطرفة حينها نفهم العلاقة ونفهم طبيعة تعامل الاتحاد مع عبير موسي التي كانت يوما رفيقة لهم ما يجعل التعامل معها أقل حدة وأكثر ليونة.