الكيان الصهيوني الجاثم على رقبة شعب فلسطين، منذ ما يزيد عن 70 سنة، بالقتل والسجن والتهجير، وسرقة الأرض والمياه بل و يهدد الوجود العربي و استقراره، يواصل مناورات الخبث و الابتزاز – وما أكثرها لديه - و يواصل لعب كلّ الأوراق المتاحة من " الهلوكوست " التّي إن أنت أشرت، ولو بكلمة نقدية واحدة إليها، فأنت معاد للسامية، حيث جعلوا من رواية " الهولوكوست " ليس حدثا تاريخيا فيه ما فيه وعليه ما عليه، وإنما أصبحت شيئا مقدسا لا يمكن مناقشته، أو المس من قداسته، والمطلوب أن تبقى " الهولوكوست " سيفا مسلطا على ضمير الإنسانية إلى يوم القيامة، و ستستمر مسرحية الابتزاز هذه و حلب "البقرة" الغربية ، عبرها وبالأخص ألمانيا، جيلا بعد جيل وإلى أبد الآبدين؟ وصولا أخيرا – و هذه آخر " ابداعات " هذا الكيان المتصهين - إلى لعب ورقة أملاك اليهود العرب في البلاد العربية و لا تستثنى منها أيّ دولة عربية من الخليج و الشرق الأوسط و دول المغرب العربي الكبير و غيرها. هذا فضلا عن الانحياز والتحيز الأعمى من الجانب الأمريكي – رغم كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة - إلى شطحات هذا الكيان الصهيوني غير الإنساني منذ المؤسس هرتزل إلى اليوم و التغاضي على كلّ الممارسات اللاّ انسانية لهذا الكيان من قتل وسجن الابرياء وهدم البيوت و سرقة الأرض و سرقة المياه و محاصرة الملايين في غزة و تجاهل الوجه القبيح للممارسات اليوم لهذا الكيان و لكن الفجيعة الأكبر و المصيبة الأكبر و الحزن الأكبر هو وجود بعض العرب ممن لهم جهل مدقع وبلادة لامثيل لها بعالم السياسية، يساهمون في بناء صهيونية جديدة، هي الصهيونية العربية، التي يبدو أنها ستنافس وستبز الصهيونيتين: الصهيونية التاريخية اليهودية بشتى صورها، والصهيونية الأمريكية بشتى ألاعيبها ومجانينها؟ ولعلّ آخر ورقة للابتزاز – و لن تكون الأخيرة – هي ورقة أملاك اليهود العرب و هي ورقة تنم عن خبث الصهاينة لاستعمال هذه الورقة من أجل مزيد من الابتزاز و تركيع الأنظمة العربية و ربما تخييرها بين التطبيع أو التعويض؟ حيث تتكرّر بين فترة وأخرى، مطالبات بدفع تعويضات لكلّ المهجرين والمهاجرين اليهود من البلدان العربية إلى فلسطينالمحتلة، حيث يتساوى تقريباً عددهم مع عدد المهجرين الفلسطينيين الذين أجبروا على التشرد ومغادرة قراهم وبلداتهم ومدنهم، بفعل قوة الاحتلال الإسرائيلية الغاشمة. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد ذكر أن "أموال اليهود في البلدان العربية تقدر بمئات مليارات الدولارات التي يجب أن يعلم العالم بها، ويجب إعادتها إلى أصحابها". و في نفس السياق دعت وزيرة الرفاه الاجتماعي بالكيان المحتل الأممالمتحدة "إلى إخراج قصة اللاجئين اليهود إلى النور، وقد آن الأوان كي تنتصر العدالة"، بحسب زعمها… وأشارت إلى أن "الأممالمتحدة صرفت طوال 65 عاما عشرات مليارات الدولارات على اللاجئين الفلسطينيين، ولم تستثمر قرشاً واحداً في موضوع اللاجئين اليهود". ولكن بقدر إدراكنا للخبث الصهيوني و سلوكه الابتزازي بكلّ الوسائل المتاحة من أجل تحقيق منافع و لعلّ في مقدمة هذه المنافع دفع عجلة التطبيع مع بقية الدول العربية على أساس ابتزازها بورقة طلب التعويضات على أملاك اليهود في البلاد العربية، بقدر عدم تقبّلنا لانخراط بعض العرب في مثل هذه المصيدة للابتزاز التي تنصبها الصهيونية لكلّ العالم و يبدو أنّ الوقت – حسب الصهاينة – حان لنصب مثل هذه الفخاخ الابتزازية للعرب عبر لعب ورقة أملاك اليهود في جل البلاد العربية. و لكن ما لم نفهمه هو كيف ينخرط العرب في هذه اللعبة التي تصب لفائدة الكيان الصهيوني و يعملون على الترويج لها؟ فهل هذا الكيان في حاجة لمثل هؤلاء العرب للترويج لخزعبلاته عبر التاريخ؟ أم أنّ البعض من هؤلاء أجراء لدى الصهاينة و مهمتهم تتمثل في الترويج لفكرة أملاك اليهود في البلاد العربية ؟ فماذا يعني بالتالي أن يطلع علينا أحد رجال الفكر و السياسة و يطرح هذه التوجه الصهيوني الجديد؟ ثمّ ماذا يعني أن يواصل في نفس هذا الطرح أحد الوزراء السابقين؟ هل كلّ هذا الترويج لمثل هذه الطروحات من أجل تمكين "الحق" لأصحابه؟ إن كان كذلك فهل هذا الكيان أعطى الحق لأصحابه و هو الذي احتلّ فلسطين منذ ما يزيد عن 7 عقود من الزمن و مازال يواصل بوسائله القمعية قضم الأراضي الفلسطينية و الزج بأصحاب الحق في السجون و محاصرة الفلسطينيين في سجن أكبر اسمه فلسطينالمحتلة ؟ ما هذا الهراء؟ فلماذا لا يتناولون الحديث لكشف الجرائم الصهيونية في حق الفلسطينيين؟ و لماذا لا يتناولون بالحديث الاستخفاف الصهيوني بكل قرارات مجلس الأمن و الأممالمتحدة عموما في حق الفلسطينيين؟ و غيرها من الأسئلة الحارقة التّي تجعلنا نشكّ في هذه الأبواق المدافعة عن الكيان الصهيوني الغاصب؟ و بالتالي نسأل هؤلاء الأشاوس من عرب النخبة و المفكرين، هل امتثل الصهاينة للمواثيق الإنسانية والقوانين الدولية ولقرارات مجلس الأمن حتّى تطالبوا و تروجوا و تبحثوا لهم عن الذرائع حول ممتلكات اليهود العرب في البلاد العربية؟ بل نسأل هذا الطابور الخامس، من أطرد اليهود من البلاد العربية؟ أ لم يتعايش هؤلاء مع العرب طيلة عقود من الزمن ؟ أ ليس هم من قرّروا مغادرة البلاد العربية بمحض إرادتهم؟ . كلّ ما نتمناه في نهاية هذه الورقة أن تكون أفكارهم المطروحة حول أملاك اليهود في البلاد العربية هي من باب الإخبار فقط و ليست من باب الدفاع عن حقوق الصهاينة، لأنّنا نخشى من ولادة عربية صهيونية تدافع عن مصالح الصهاينة المغتصبين والمحتلين لفلسطين على حساب القضايا العربية و في مقدمتها القضية الفلسطينية خاصة في ظل الهرولة التي تعيشها بعض الأنظمة العربية مع هذا الكيان الصهيوني المحتل. و أيضا من أراد من الصهاينة الدفاع عن حقّهم في أملاك اليهود العرب محمول أيضا و قبل كلّ شيء أن يردّوا الحق لأصحابه من الفلسطينيين وإنهاء مظلمة القرن؟ وبالتالي إنهاء الاستعمار الصهيوني ولو في حدود 1967 التي اتفق عليها كلّ العالم باستثناء الصهاينة وبعد ذلك يمكن الحديث عن موضوع أملاك اليهود في البلاد العربية؟ ولنختم بالقول حذار ثمّ حذار من الانزلاق بوعي أو بدون وعي في مثل هذه الحبال الصهيونية الماكرة خاصّة من قبل ما نراهم نخبة هذه البلاد العربية و مفكريها؟