رحم الله الأستاذ المحامي والداعية الإسلامي حسن الغضباني واسكنه فراديس جنانه الذي التحقت روحه ببارئها بعد صراع مع المرض كان الجميع يمنون النفس ويدعون الله العلي القدير ان يتغلب عليه ويخرج منه معافى ليواصل أداء رسالته المهنية في مجال المحاماة التي كان من المع رجالاتها تشهد على ذلك مرافعاته التي تجمع بين خبرته القانونية وفصاحة لسانه ورسالته الارشادية الدينية التي كان يمكن ان يكون عطاؤه في مجالها اكبر. * لقد شهدت الساحة الدينية في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي صولات الأستاذ حسن الغضباني رحمه الله في رحاب مساجد وجوامع تونس العاصمة وبقية المدن و كان يؤم دروسه التي كان يلقيها وهو واقف في محراب جامع سيدي محرز المئات من الشباب الذين يتنادون من الاحواز وأبعد منها لكي يظفروا بمكان في المسجد لمتابعة درس 'الشيخ حسن' الذي يلهب المشاعر بخطاباته الحماسية وكان رحمه الله من أفصح الخطباء الذين عرفتهم تونس في العصر الحديث يزين خطبه ويزيدها تأثيرا حفظه عن ظهر قلب للقرآن الكريم الذي تتابع آياته البليغة على لسانه فتزيد السامع به اعجابا وبمواعظه تاثرا. *كان الأستاذ حسن الغضباني رحمه الله واسكنه فراديس في أواخر سبعينات القرن الماضي أحد فرسان الدعوة الإسلامية في تونس الذين كان لهم دور كبير في التوعية بحقائق الإسلام وترسيخ الايمان في عقول وقلوب الأجيال الصاعدة وهي أجيال لم تنل حظها من التكوين الديني الكافي مما جعلها تقبل بتعطش كبير على الدروس والمواعظ الدينية التي كان يتولاها في تلك الفترة من تاريخ تونس العديد من الشيوخ والوعاظ والذين التحق بركبهم وتميز بينهم الأستاذ حسن الغضباني رحمه الله *ولأسباب اعلم بعضها ويعلم تفاصيلها الأستاذ حسن الغضباني رحمه الله وتكتم عليها الى أخريات أيامه مفضلا تفويض امره فيها الى الله والتي انقطع بعدها الأستاذ حسن رحمه الله عن الدروس العامة التي كان يمكن اين يثريها بما اكتسبه من تجارب في الحياة العملية والاجتماعية ولكن ما شاء الله كان ولا راد لمشيئته. واكتفى الأستاذ حسن الغضباني رحمه الله بمجرد إطلالات على شاشات بعض الفضائيات وكان رحمه الله يشد اليه فيها الأنظار والأسماع. * ان الأستاذ حسن الغضباني رحمه الله واسكنه فراديس جنانه الذي غادرنا على غرة وما كنا نحسب أنه سيعجل بالرحيل الى دار البقاء بهذه السرعة تاركا في القلوب لوعة واسى وحسرة فقد كان يمكن للأستاذ حسن ان يواصل القيام بدور كبير في مجال التوعية والإرشاد والتوجيه الديني الذي هو بأمس الحاجة إلى أمثاله وامثاله اليوم في تونس قليل. * ولئن لم احتك بالاستاذ حسن الغضباني رحمه الله كثيرا واقتصرت لقاءاتي به على جلسات كان يسعى إليها مع ثلة من شيوخ الزيتونة الأعلام (محمد الشاذلي النيفر والحبيب المستاوي ومحمد الهادي بلحاج وحسن الورغي رحمهم الله في رحاب جمعية المحافظة على القرآن في مقرها بنهج سيدي بن عروس وقد وجد منهم التعاطف والاحتضان في ما مر به من صعاب). *ان الصورة التي ظللت احتفظ بها عن الأستاذ حسن الغضباني رحمه الله هي تلك الشفافية الروحية التي وجد فيها الراحة النفسية والطمأنينة القلبية فقد كانت ملاذه الذي واجه به ما اعترضه من صعوبات وكان زاده فيها القرآن الكريم ذلك البحر الخضم الذي لا ساحل له والذي لا يمل على كثرة الرد و الذي لا تنقضي عجائبه والسيرة المحمدية العطرة المليئة بالدروس والمواعظ وما اغترفه من معينهما العذب اعلام الروحانية الإسلامية من أمثال الغزالي في الإحياء وابن عربي في الفتوحات وابن عطاء في الحكم واقبال في تجديد الفكر الديني. * لقد ازداد الأستاذ حسن الغضباني رحمه الله على مر السنوات وتواليها انغماسا وارتشافا من معين بحور هؤلاء الأعلام الكبار العذب المليء نورانية واشراقا والذين كان ولا يزال لهم الأثر الكبير ليس فقط في المحيط العربي الإسلامي بل أبعد من ذلك بكثير. رحم الله الأستاذ حسن الغضباني رحمة واسعة واسكنه فراديس جنانه ورزق أهله وذويه وزملاءه وأصدقاءه جميل الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.