لا أحد يخالفني الرّأي إن قلت بل إن أجزمت و أنّ كم العبث السياسي الذي نعيشه في وطننا العزيز و اللعب بمقدرات البلاد و بمستقبلها لا حدود له و لا مثيل له حتّى في الدول المارقة و لا ندري من أين حلّت بنا هذه البليّة منذ ما حلول ما يسمّى ب«الرّبيع العربي» الذي دبّر بليل و نفذ في غفلة من الجميع بل و في لحظة فارقة لتعطش الشعوب العربية إلى نفس جديد من الحرّية و الديمقراطية و الرفاه الاجتماعي و الاقتصادي حيث تمّ تمريره بغثّه وسمينه ولكن يبدو و أنّ هذا الرّبيع أضحى خريفا معربدا وشتاء طويلا و لا نقطة ضوء تلوح في أفق ربيع أو صيف قادم بالنّظر إلى التصرفات العبثية التي يأتيها سياسيو هذه الحقبة من حكام تونس و التّي قد تدمّر في لحظة ما سقف البيت الذي يأوينا كشعب باعتبار تواصل غيّهم واستكبارهم و مجونهم و فسادهم السياسي و بحكم أيضا أكاذيبهم وتسويقهم التي لم تعد تنطلي على الشعب الذي كشفهم على حقيقتهم و مفادها بأنّ القادم في ظل الحرية و الديمقراطية بمنظورهم هم سيكون أفضل..؟ بل ها نحن نعيش فصولا من أضغاث أحلام الديمقراطية التّي أصبحت مرتعا لكلّ من هبّ و دبّ ليصول ويجول باسم الديمقراطية التّي أوصلتنا إلى حدّ أن يحكمنا مجلس نواب لا علاقة له بمآسي الشعب الذي يتجرّع الأمرين سواء كان في الحضر أو في الريف بل كلّ أهدافه و مناوراته و خزعبلاته لا تخرج عن دائرة المناكفات السياسية و الصيد في الماء العكر و المحافظة على المواقع و المراكز، في حين تزدحم مشاريع القوانين الهامّة و التي قد تغيّر بعض الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية نحول الأفضل و ذلك أمام وضع اقتصادي و اجتماعي كارثي على كلّ المستويات بل حتّى امكانية استكمال المؤسسات الدستورية و على رأسها المحكمة الدستورية أصبحت في حكم المجهول. و لكن ما حكّ جلدك إلاّ ظفرك و ما بكى إلاّ شفرك ؟ فأين لهؤلاء النّواب الأشاوس أن يشعروا بما يعانيه الشعب – الذي وضع ثقته فيهم ليمثلوه و يدافعوا على مصالحه – و هم في بحبوحة من العيش " و قد أصبحت بطونهم " دازة " و حساباتهم تزدحم بالدينار والدولار و عقاراتهم وأملاكهم و"زيتهم في الكوز و خبزهم مخبوز" و قد لاحظنا كيف وصل البعض من هذا الشعب إلى حدّ تأليه و تقبيل الأيادي جهارا بهارا حيث يعيش هؤلاء النّواب بشيء من العظمة و الاستكبار و الغرور أيضا...؟ أمّا الحكومة الموقرة فهي – التي اعتقدنا و أنّها حكومة المرحلة " بالفم و المليان " اتّضحت هي أيضا تلعب على طار بوفلس بلا فكر و لا برنامج و لا نظرة استشرافية لحلحلة الوضع بل هي الأخرى ساهمت بقدر كبير في تدهور، لا الوضع الصحي فقط بحكم و أنّ تونس من بين الدول القلائل التي لم يصلها بعد التلقيح ضد كوفيد 19 بل لم نر في هذا الاتجاه إلاّ مراهقة كلامية و تسويفا و كلاما فضفاضا..؟ والحكومة أيضا تركت مهامها الأصلية في اصلاح الاقتصاد و رفاه المواطنين و الحرص على جلب الاستثمار ومواصلة المشاريع المعطّلة و انخرطت في المراهقات السياسية و ارتمت في أحضان الأحزاب و هي التي صدّعت رؤوسنا بأنّها حكومة كفاءات، و ها نحن نعيش المهزلة تلو المهزلة حتّى على مستوى التركيبة المقترحة و قد وصلنا إلى مرحلة أن نصبح على عزل و نمسي على تعيين جديد بعيدا عن اختيار للكفاءات الحقيقية التي تزخر بها البلاد بل تكريسا للمحاباة و خدمة و ترضية لابتزاز بعض الأحزاب على أن تحافظ الحكومة على استمراريتها و كأن استمرارية الحكومة هو الهدف و ليس وسيلة لخدمة المجموعة؟ الأمل الوحيد لإنقاذ ما يمكن انقاذه يكمن في شخص رئيس الجمهورية بما يتحلى به من نظافة الأيدي ونقاء السريرة و صدق النّوايا و الإصرار على إبعاد الفاسدين من دائرة الحكم و الحرص على سيادة البلاد و حمايتها داخليا و خارجيا بالرغم من المحاولات الكثيرة لتشويه الرجل خاصة من قبل من أربك مخططاتهم و أجنداتهم و تحركاتهم المشبوهة سواء عبر ولاءاتهم لغير الوطن – و هم كثر للأسف – أو من قبل من لا يستحون لخيانة وطنهم من أجل حفنة من الدولارات النتنة أمام قيمة الولاء لوطننا العزيز تونس المحبة و تونس الخير أومن قبل من يمتهنون النذالة السياسية من أجل الثّراء الفاحش و السريع على حساب تدهور اقتصاد الوطن و تدهور المستوى الاجتماعي للشعب و ذلك عبر التهريب في اطار الاقتصاد الموازي أو عبر التهرّب الجبائي الذي ساهم في تدهور موارد المالية العمومية أو عبر دفع البعض لإيقاف عجلة الإنتاج عن الدوران وصلت إلى حدّ المس من المصادر الأساسية لموارد الدولة و نعني هنا غلق " فانات " الفسفاط و النفط و غيرهما. . وهنا أيضا أملنا كبير في الساسة الشرفاء والأحرار هذا الوطن للدّفع نحو الحفاظ عليه. و استقلاله و ازدهاره تكريسا للحرّية الحقيقية و الديمقراطية الفعلية بعيدا عن تزوير الانتخابات و استعمال المال الفاسد لشراء الذمم و نعي جيدا و أنّ ذلك ليس بالأمر الهيّن أمام أبالسة هذا العصر - الذين لا يؤمنون بالوطن أصلا و لا بتاريخه و لا برجالاته و لا بتضحيات أجدادنا و آبائنا من أجل أن نعيش اليوم في دولة مستقلة و ذات سيادة – و لكن بالإرادة و حسن البصيرة و النوايا الصادقة و وضع اليد في اليد، حبّا لهذا الوطن لا غير، يمكن تحقيق المعجزات و استبعاد كل الطفيليات التي " تأكل في الغلّة وتسب في الملّة " و هذا ليس بعزيز على من آمنوا بهذا الوطن العزيز و إرجاع نصاعته و مصداقيته داخليا و خارجيا وأبعاد ثلاثية انحدار وطننا المتمثّلة في العمالة و النّذالة و الخيانة و لنختم ببيت من الشعر ارتجلت كلماتها في خاتمة هذه الورقة و تقول " ما شوّهت صورة تونس من قبل أبنائها // لكنّها ابتليت منذ عشر بمناجيس مناكيد "....