وقال البعض "النهضة ليست شيطانا"، وأكد الكثيرون أن التونسي سيكون يقضا ولن يسمح بالمساس بمكونات المجتمع المدني كما أن النخبة التي ظهرت هشاشتها في هذه الانتخابات هي اليوم معارض شرس وفي يدها "ديقاج" سترفعها في وجه النهضاويين متى لزم الأمر... نقدر محاولات العاقلين تهدئة النفوس ونحن نعيش حقيقة مستجدة في تونس التي تفتح وعيها على الأنظمة العلمانية، لتختار في نهاية المطاف حكما إسلاميا يغازل نسبة كبيرة من التونسيين الذين احتفوا بفوز النهضة، ووصفوا ذلك إعلانا صريحا على القطع مع النظام النوفمبري، وكأن لا بديل لبن علي سوى حركة النهضة، أما بقية الأحزاب فهي سلسلة هذا النظام حتى وإن كان مؤسسوها من المعارضين المعروفين الذين لاحقتهم سياط البوليس النوفمبري، وتمسكوا بالعيش في تونس في أجواء خانقة، ولم يتحرروا منها بالهرب إلى عاصمة الضباب وتلقي الدعم المالي من جهات يروق لها أن تمزج الدين في السياسة... بعيدا عن لغة العاقلين، نقولها صراحة "نعم نحن نخشى النهضة"... نخشى النهضة لأنها "ناعمة الجلد" أكثر من اللزوم... نخشى النهضة لأننا نحلم بتونس الحديثة ونرفض مراجعة مكتسبات المجتمع المدني التي لا تتماشى مع المشروع النهضوي الإسلامي... نخشى النهضة لأنها قادرة على احتواء التونسيين اعتمادا على شعارات إسلامية بسيطة التف حولها "السكير" و"الصعلوك" و"الزاني"، و"الكاذب" و"السارق" ممن لا يعرفون من الدين الإسلامي سوى الاسم... نخشى النهضة لأنها تغالي في طمأنتنا وتردد في كل مرة "مشروعنا لا يقوم على الإكراه"... نخشى "النهضة" لأن السواد الأعظم من التونسيين يراها "المهدي المنتظر" الذي سيضع حدا للفساد الأخلاقي وهم عناوين كبرى في هذا الفساد... المسلم لا يسرق ولا يكذب ولا يزني، ويحفظ لسانه، ويحترم الاختلاف مع الآخر... لن نخجل الاعتراف بأننا نخشى النهضة، ونتساءل في الوقت نفسه ألا تحتاج تونس في هذه المرحلة إلى رجال دولة؟ من من النهضاويين يحمل تجربة سياسية حتى يتقلد مناصب سيادية مثل رئيس الحكومة؟؟ نخشى النهضة لأننا لا ننظر معها في الاتجاه نفسه، ونختلف في تقدير الأمور، ولا نحمل الأحلام نفسها... نخشى النهضة لأننا نتعرض إلى السب والشتم هذه الأيام جراء كتابة بعض الأفكار التي نراها معتدلة ولكن أي تلميح بأننا نقف على يسار النهضة يثير حفيظة الكثيرين وكأنه لا خيار أمامنا سوى مباركة النهضة والاحتفاء بفوزها، فإن لم نفعل ذلك فنحن "كفرة" ومن أتباع النظام النوفمبري، ولا تخجل هذه الأطراف الحاملة للواء النهضة من تهديدنا وقد كتب لنا أحدهم قائلا "أعرف آش تكتب ها النهارات" بعد بطاقة يوم 28 أكتوبر المنشورة تحت عنوان "حقد اجتماعي"... نخشى النهضة لأننا نحلم بسقف عال من الحريات، نعبر فيه عن معارضتنا لهذه الحركة، ونقف على يسار قراراتها ما لم تكن منسجمة مع أحلامنا دون أن نتعرض إلى القذف والشتم والتهديد... لهذا وغيره نحن نخشى النهضة ونقف على يسارها... ندعمها متى صدقت في وعودها... ونعارضها متى نكثت بهذه الوعود...