كثيرة هي المواعظ التي اثرت عن العلماء والأدباء في شهر رمضان وما غايتهم في ذلك الا ترغيب المسلمين في حسن اداء فريضة الصيام والمسارعة الى فعل الخير في كل حال وفي كل مقام من ذلك قول الحسن البصري رحمه الله وقد راى الناس وهيئاتهم في يوم من ايام رمضان وقد غفل اكثرهم عن حكمة صيام هذا الشهر العظيم وانخرطوا في كل فعل قبيح سقيم يخالف فرائض واداب هذا الشهر الكريم ويكاد يفضي بهم وهم لا يشعرون الى عذاب الله الشديد الأليم (ان الله تبارك وتعالى جعل رمضان مضمارا لخلقه يتبقون فيه بطاعته الى مرضاته فسبق قوم ففازوا وتخلف اخرون فخابوا فالعجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون اما والله لو كشف الغطاء لشغل محسن عن تجديد ثوب او ترطيل شعر) وكم فينا والله في رمضان ممن يسارعون في ايامه الى مجرد ملا البطون ولبس الثياب وتجميل الأجسام ويغفلون في المقابل لذلك عن ضرورة الاحسان فيه الى الغير لنيل المغفرة وحسن الثواب عند الوقوف بين يدي الله غدا للسؤال و الحساب اما امير الشعراء احمد شوقي رحمه الله فقد قال عن الصوم وقد شعر بقلبه وفهم بعقله شيئا من حكمته وفضله (الصوم حرمان مشروع وتاديب بالجوع وخشوع لله وخضوع لكل فريضة حكمة وهذا حكم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة يستثير الشفقة ويحض على الصدقة يكسر الكبر ويعلم الصبر ويسن خلال البر حتى اذا جاع من الف الشبع وحرم المترف اسباب المتع عرف الحرمان كيف يقع والجوع كيف المه اذا لذع) فهل فهم الصائمون حقا حكمة الحرمان في شهر رمضان؟ وهل تادب بالجوع الاغنياء وتحملوا ما يتحمله الفقير الجوعان؟ وهل خشع وخضع لله حقا الصائمون؟ وهل فهموا وشعروا بباطن رحمة الله مما يعانيه الصائم من ظاهر التعب وبعض العذاب؟ وهل اشفق الميسورون على المساكين؟ وهل تكسر وتحطم كبر المتكبرين؟ وهل يسمى صائما حقا من لم يبلغ بعقله وشعوره مثل هذه الحكم؟ وما احسن ان نختم هذه المواعظ بقول رب العالمين المنزل والمقروء منذ قرون وعصور والذي سيظل منقوشا ومحفوظا في الصدورعلى مدى الأعوام والدهور(ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور)39 سورة النور