مقترحات بتجميد الدستور الحالي دون القفز على مبادئه الأساسية قال السيد أحمد السنوسي الأستاذ في كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس ورئيس مخبر البحث في القانون الدستوري إن الاستحقاق السياسي لثورة 14 جانفي يقتضي إعادة النظر في الدستور الحالي وذلك ليس من خلال تأسيس دستور جديد بل باحترام العقد الجمهوري القائم على فصل السلطات والتداول على السلطة واحترام حقوق الإنسان . وذكر أن الوضع الحالي يقتضي تكوين لجنة تسهر على حماية المبادئ الأساسية التي جاءت في دستور 1959 مع التخلي عن الآليات السالبة للحرية فيه. وبين خلال لقاء علمي انتظم مساء أول أمس بأحد مدرجات الكلية أنه لا بد من اعتماد مجلس يسهر على حماية المبادئ العامة للدستور الحالي ويتطلب هذا الأمر اتفاقية تأسيسية استثنائية تكون بمثابة توافق سياسي بين جميع الأطراف الممثلة للطيف السياسي في تونس. كما يقتضي اتخاذ إجراءات جوهرية تتمثل في تجميد العمل بالدستور الحالي خلال المرحلة الانتقالية.. وفي اعتماد نص انتقالي ينظم بصفة وقتية السلطات استجابة لضرورة استمرارية الحياة العامة إضافة إلى تأسيس مجلس سياسي أعلى يحظى بتمثيلية تتوافق والمشروعية الثورية ويراقب هذا المجلس كل الأعمال التي وجب القيام بها قبل الاحتكام إلى الشعب في إطار انتخابات نزيهة وشفافة. كما يجب أن يتمتع المجلس السياسي الأعلى على حد قوله بعلوية سياسية وصلاحيات تقريرية.. ويتعين إعادة النظر في كل الأطر القانونية للجان الثلاث من حيث تركيبتها وتسييرها ومهامها إضافة إلى القيام بإجراءات تخول للشعب التونسي انتخاب مجلس قومي تأسيسي على أساس نظام انتخابي حر نزيه ليصوغ دستورا جديدا للبلاد. وأكد المحاضر على أهمية السلطة التشريعية واستقلاليتها ملاحظا أن المجلس النيابي يجب أن تمنح له صلاحية اتخاذ القرار وليس المصادقة على القوانين فحسب.. وبين أنه منذ 1956 صادق المجلس على 5 آلاف قانون لكنه لم يقترح أي واحد منها. وكان الجامعي قد تحدث في مستهل محاضرته التي استمع إليها عدد كبير من الأساتذة والطلبة عن مشروعية الثورة وبين أن هذه الثورة شكلت مشروعية جديدة وهي مشروعية شعبية متفق عليها.. ولاحظ أنه ثمة حالة قطيعة بين موجبات الواقع السياسي و موجبات النصوص القانونية ذات الطابع الدستوري خاصة الدستور وقانون الصحافة والقانون الانتخابي وقانون الأحزاب التي تبين بعد الثورة أنها نصوص تجاوزتها الأحداث.. استقلالية القضاء تعقيبا على محاضرة الأستاذ أحمد السنوسي نوه الأستاذ أحمد الرحموني رئيس جمعية القضاة التونسيين بثورة الشعب.. وبين أنها مكنت القضاة وجميع مكونات المجتمع المدني من ممارسة حرية التعبير والاجتماع.. وذكر أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة تحديات قضائية لأن القضاء هو الذي سيصدر الأحكام..وأضاف أن بناء قضاء مستقل يقتضي توفير ضمانات دستورية لذلك. وبين أن المنظومة القانونية الحالية ناقصة وفيها عدة ثغرات لأن المشرّع أقر مبادئ يمكن اختراقها بسهولة للحد من استقلالية القضاء وأكد أن الثغرات في الدستور الحالي مكنت السلطة التنفيذية الحالية من التغول مثلما تغولت في السابق ويبرز ذلك في عدم تشريكها للجميع ومنهم القضاة في عمليات اتخاذ القرار إضافة إلى تخفي المؤسسات الدستورية من مجلس نواب ومجلس مستشارين وتم عن طريق الحيل القانونية التفويض لرئيس الدولة المؤقت في اتخاذ مراسيم طبقا للفصل 28 من الدستور.. وبينت أستاذة القانون رشيدة النيفر واصفة وضع تونس الراهن أن السلطة التنفيذية هي بخير والثورة أيضا بخير، لكن النظام القانوني عليل ومريض بل في الإنعاش.. وذكر الأستاذ لطفي المشيشي عميد كلية الحقوق أن طريقة تسمية أعضاء لجنة الإصلاح السياسي لم ترق للحقوقيين وأكد على ضرورة أن تنبثق من هذه اللجنة ما من شأنه أن يكرس مبادئ الثورة. وأكد الأستاذ سامي العوادي الكاتب العام لنقابة التعليم العالي وهي التي أعدت لهذا اللقاء العلمي على أهمية تشريك الجامعيين والمختصين في القانون الدستوري في التفكير في سبل الإصلاح السياسي بتونس للوصول بالثورة إلى بر الأمان وتحقيق أهدافها.. سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة "الصباح" (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 فيفري 2011)