مع عودة التحكيم الأجنبي.. تعيينات حكام الجولة 5 "بلاي أوف" الرابطة الاولى    استقالة متحدثة من الخارجية الأميركية احتجاجا على حرب غزة    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    ماذا في لقاء سعيد برئيسة اللجنة الوطنية الصلح الجزائي..؟    أخبار المال والأعمال    سليانة .. رئس الاتحاد الجهوي للفلاحة ...الثروة الغابية تقضي على البطالة وتجلب العملة الصعبة    وزير السّياحة: تشجيع الاستثمار و دفع نسق إحداث المشاريع الكبرى في المجال السّياحي    «الشروق» ترصد فاجعة قُبالة سواحل المنستير والمهدية انتشال 5 جُثث، إنقاذ 5 بحّارة والبحث عن مفقود    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    زيتونة.. لهذه الاسباب تم التحري مع الممثل القانوني لإذاعة ومقدمة برنامج    لدى لقائه فتحي النوري.. سعيد يؤكد ان معاملاتنا مع المؤسسات المالية العالمية لابد ان يتنزل في اختياراتنا الوطنية    اليابان تُجْهِزُ على حلم قطر في بلوغ أولمبياد باريس    سوسة.. دعوة المتضررين من عمليات "براكاجات" الى التوجه لإقليم الأمن للتعرّف على المعتدين    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    حركة النهضة تصدر بيان هام..    بالثقافة والفن والرياضة والجامعة...التطبيع... استعمار ناعم    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تراجع الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    منوبة.. الإطاحة بمجرم خطير حَوّلَ وجهة انثى بالقوة    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    وزارة التعليم العالي: تونس تحتل المرتبة الثانية عربيًّا من حيث عدد الباحثين    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    وزير الشباب والرياضة يستقبل اعضاء فريق مولدية بوسالم    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 25 أفريل 2024    سفينة حربية يونانية تعترض سبيل طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر..#خبر_عاجل    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها الأول على الملاعب الترابية منذ 2022    كاس رابطة ابطال افريقيا (اياب نصف النهائي- صان داونز -الترجي الرياضي) : الترجي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    هام/ بشرى سارة للمواطنين..    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد نجيب الشابي ل «التونسية»:الأيّام كشفت وجاهة تحفّظي على انضمام «الجمهوري» ل«الاتحاد من أجل تونس»
نشر في التونسية يوم 13 - 01 - 2014

تواصل مظلمة «براكة الساحل» عار على تونس وعلى الثورة
عام 2014 سيكون عام المصاعب والمتاعب
التناصف موقف يُحسب لتونس
من حق الشعوب أن تُخطئ
انسحابنا من «الاتحاد» ليس انسلاخا وإنما تصحيحا للعلاقة
ما أفعله أتحمّله وما لا أتحمّله لا أفعله
نقدّم المصلحة العامة على الحسابات الانتخابية
حاوره: محمد بوغلاّب
احتفل «الحزب الجمهوري» قبل أسابيع قليلة بالذكرى الثلاثين لتأسيسه دون تضييقات أو ملاحقات ألفها مناضلوه طيلة العقود الثلاثة الماضية، ويمثل الأستاذ أحمد نجيب الشابي رئيس الهيئة السياسية العليا عند كثير من الملاحظين «ضمير» الجمهوري وذاكرته وواجهته الأساسية، فهو الزعيم المؤسس وهو المرشح الدائم ضد بن علي في ظل قانون انتخابي مفصّل على المقاس وهو كذلك المرشح المحتمل لرئاسيات مفترضة خلال السنة الجارية... ومهما اختلفت الآراء حول تقييم الأداء السياسي للرجل فإنه من المؤكد ان أحمد نجيب الشابي لم يتردد في الدفاع عن قضايا خاسرة من منطلق المبدأ والنزاهة الفكرية، ودفع لقاء هذه المواقف الثمن غاليا ...
في كواليس المجلس الوطني التأسيسي كان لقاؤنا ....
كيف تقيّم حصيلة ثلاث سنوات من «الثورة»؟
أنا سعيد بالحرية التي اكتسبناها وبالانتصار على الاستبداد، من حقنا أن نفرح لأننا استرجعنا كرامتنا «ورفعنا رؤوسنا»، الحرية هي المكسب الأكبر ونحن بصدد مأسسة هذه الحرية ضمن الدستور.
لكني أضع نفسي مكان شاب في العشرينات من العمر ساهم في هذه الثورة منذ ثلاث سنوات خلت، وهتف بالكرامة والتشغيل والتنمية الجهوية فأجده لم يجن شيئا ولم يشعر بأن الأوضاع في جهته تغيرت أو حتى بدأت في التغير. واليوم حين أتابع ما يحدث في القصرين وفي تالة ... وأرى ذات الشباب يواجه قوى الأمن ذاتها ولتحقيق نفس المطالب التي ثار من أجلها قبل ثلاث سنوات، أدرك خيبة أمل هذا الشباب من الثورة، وحين ألقى نظرة على الاضطرابات التي عمت مختلف مدن البلاد، ليلة الذكرى الثالثة للثورة، احتجاجا على الضرائب(الإتاوات) التي فرضت على المواطنين أدرك أننا لم نتقدم ولو خطوة واحدة، ثلاث سنوات بعد الثورة، في معالجة القضايا الاجتماعية للناس، بل أدرك أننا تقهقرنا، فالطاقة الشرائية للمواطن تعرضت للتدمير والسياسة الجبائية للحكومة لم تعبأ بهذه الحقائق.
أنتم من صادق على قانون المالية في المجلس التأسيسي؟
من تقصد ب «أنتم»؟ إن كنت تقصد المجلس الوطني التأسيسي فهو ملل ونحل، وإن كنت تقصد «الجمهوري» فقد عارضنا هذا القانون وصوّتنا ضدّه. هذا القانون جاء ليثقل كاهل مختلف الفئات الاجتماعية بالضرائب بعد أن نفدت خزينة الدولة وفقدت البلاد رصيد الثقة الذي كانت تتمتع به لدى شركائها وفي الأوساط المالية الدولية. مررنا بعام صعب ونحن مقدمون على مصاعب أخرى، آمل أن نجتازها بسلام.
في ديسمبر 2010 كان «الحزب الديمقراطي التقدمي» أول الأحزاب السياسية التي احتضنت الحراك السياسي في سيدي بوزيد بتنظيم ندوة صحافية في المقر المركزي للحزب، ما موقعكم اليوم من المسار الثوري؟
«الحزب الديمقراطي التقدمي» الذي يعد «الجمهوري» امتدادا له تصدّر النضالات التي مهدت للثورة، وحين نضجت الثورة شارك بكل قواه فيها. يوم 14 جانفي غادر شبابنا السجن بسبب مشاركته في المظاهرات الاحتجاجية، وخلدت الصور مشاركة قيادات الحزب يوم 14 جانفي في المظاهرات أمام وزارة الداخلية وفي مقدمتهم الأخت مية الجريبي الأمينة العامة للحزب، ويوم 17 ديسمبر حين تشكلت، بمدينة سيدي بوزيد، أول هيئة للدفاع عن الأهالي المنتفضين كان الناطق باسمها السيد عطية العثموني عضو المكتب التنفيذي للحزب الديمقراطي التقدمي في تلك الفترة. ولا ننسى أن هذه الثورة مهّد لها نضال عقود من الزمن شارك فيه أهالي الحوض المنجمي والطلبة والنقابيون والمحامون والرابطيون والقضاة والمثقفون والفنانون، أي أن كل الشرائح دفعت ثمن النضال من أجل الحرية ودمقرطة الحياة السياسية على مدى عقود من الزمن وحين تتصفح جريدة «الموقف» (لسان حال الحزب المتوقفة حاليا عن الصدور) طيلة الثلاثين سنة الماضية تجد أن صحيفتنا كانت منبرا لكل الأصوات الحرة وملجأ لكل المضطهدين، فكنا جنبا إلى جنب مع كل هذه الفئات التي شاركت بنضالاتها في التمهيد للثورة. فحين ننظر إلى الخلف نشعر بالاعتزاز وبراحة الضمير. وحين ننظر إلى الوضع الآن نقول إن هناك كثيرا من الخلل، رغم أن الشعب التونسي هو الذي اختار.
هل أخطأ التونسيون بتصويتهم ل «النهضة» ومَنْ والاها؟
يمكن القول، فحتى الذين صوتوا لفائدة «الترويكا» يقرون اليوم بخطئهم ويعبرون عن ندمهم، وأنا أخشى(يكررها أربع مرات) أن يخطئ التونسيون مجددا في انتخابات قادمة، ولئن كان من حق الشعوب أن تخطئ، فالديمقراطية تبنى بالتجربة المباشرة ولا تقام بالوعظ والتدريس، بناء الديمقراطية يحتاج إلى دربة وتمرّس ومحطة 23 أكتوبر 2011 كانت خطوة أولى في مسار طويل وانتخابات 2014 ، إن تمت، لن تكون سوى الخطوة الثانية.
في 2010 كنتم في واجهة الأحداث ولكن يبدو أن خسارتكم الإنتخابية في 23 أكتوبر قد دفعت بكم بعيدا عن الصدارة؟
لا نزال في قلب الأحداث السياسية، كل الأطراف في الحكم والمعارضة تتشاور معنا ويحتل «الجمهوري» موقعا محوريا في كل الأحداث التي تخللت الحياة السياسية منذ الثورة (وقبلها)، ولا يزال الجمهوري يمسك بالمبادرة السياسية، لكن «الحزب الجمهوري» لم يسترجع بعد ثقله الانتخابي، ونعول على ما تبقى من المرحلة الانتقالية وعلى الحراك الانتخابي لنسترجع ثقلنا.
هناك من يرى بأنك أنت شخصيا جزء أساسي من أزمة «الحزب الجمهوري»؟
بأي معنى؟ سؤالك حمّال أوجه
يرى البعض انك أكبر من الحزب نفسه تجرّه خلفك جرّا؟
إن كان القصد أني أحظى كمؤسس للحزب برصيد من الثقة والتأثير فهذا أمر طبيعي. فمن صفات القيادة ومن مقوماتها القدرة على التأثير، وبهذا المعنى لا يصح وصفي بأني جزء من أزمة لا وجود لها. نحن نجتاز صعوبات ظرفية، سنتغلب عليها في أفق الاستحقاقات الانتخابية القادمة بإذن الله وبفضل مناضلي حزبنا. ( مبتسما وبنبرة مشاكسة : ها أنا أستبق سؤالك هل سأترشح للرئاسة أو لا- مازال بكري حتى تستقر البلاد ، لأنه من غير اللائق في تقديري أن ينشغل المرء بمسألة الترشح من عدمها والبلاد تشتعل والناس يعانون الأمرين جراء الأزمة)
من اتخذ قرار الانسحاب من «الإتحاد من أجل تونس»؟
اللجنة المركزية للحزب ، وبأغلبية كبيرة تقارب الإجماع.
أنت دفعت نحو هذا القرار؟
قدمت تقييما سلبيا لانخراطنا صلب هذا الإتحاد، وللأمانة كنت متحفظا عند التصويت على قرار الدخول إلى هذا الاتحاد، قبل عام من هذا التاريخ وبالتحديد يوم 20جانفي 2013، حتى أني أحجمت عن التصويت أصلا والسبب أن جزءا من قيادات الحزب كانت تستعجل آنذاك الانخراط في «الاتحاد من أجل تونس» كجبهة سياسية وانتخابية. وكنت أعددت ورقتين قبل انعقاد اللجنة المركزية ل20جانفي فسرت في الأولى أن «نداء تونس» ليس في حاجة لجبهة انتخابية وغير راغب فيها وأن الجبهة تقوم على التراضي وليس على الإكراه، فلا فائدة من التعويل على مثل هذا الرهان. وفي الورقة الثانية التي عنونتها «ما لا يدرك كله لا يترك جله» فسرت انه إذا لم تكن شروط الجبهة الانتخابية متوفرة فبالإمكان إقامة جبهة سياسية واقترحت أرضية لهذه الجبهة السياسية ، وزارنا سي الباجي في تلك الفترة وأكد لنا أنه من السابق لأوانه الحديث عن جبهة انتخابية، ورغما عن ذلك أصرّ شق من الحزب (والذي التحق جزء منه ب «نداء تونس» فيما بعد) على دفع الحزب إلى التصويت بالموافقة على الانضمام إلى «الإتحاد من أجل تونس» بوصفه «جبهة انتخابية وسياسية».
لم ينجح «الاتحاد من أجل تونس» طيلة العام المنقضي في التحول إلى جبهة انتخابية ولا إلى جبهة سياسية، إذ لم يقع التداول في الاستحقاقات الانتخابية أصلا ولم يضع «الاتحاد من أجل تونس» أرضية سياسية مشتركة بل أظهرت كل الأحداث للسنة الماضية تباعدا في المواقف بين مكوناته ( مبادرة الجمهوري التي عرفت بمبادرة «المائدة المستديرة» في سبتمبر 2012، الموقف من مبادرة حمادي الجبالي إثر اغتيال الشهيد شكري بلعيد، مفاوضات دار الضيافة بقرطاج، الموقف من دستور جوان 2013 وآخرها محطة الحوار الوطني).
ولكن الخلاف بدا وكأنه خلاف شخصي بينك وبين الباجي قائد السبسي خلفيته طموحات الرئاسة؟
الموقف كان دائما أعمق من أن يختزل في مشكل شخصي او طموح فردي أو مزاج معين، ولكن بعض الأطراف أرادت أن تسوق الخلاف السياسي في ثوب طموحات فردية ويشهد الله بأني لم أشعر يوما بأني في صراع مع الأستاذ الباجي حول منصب ما ، كنت اعتقد دائما ان سي الباجي بسنه وتجربته وخبرته وإشعاعه يمكن ان يكون عاملا مساعدا على توحيد الطيف الديمقراطي وعلى هذا الأساس لم اكن معارضا للإتحاد من أجل تونس بل تحفظت فقط على الدخول إليه دون تحديد مسبق لأرضية سياسية مشتركة أو عن تحميله ما لا يتحمل.
ما الذي دعاك لهذا التحفظ؟
أدركت منذ وقت مبكر، أن النية لا تتجه إلى إقامة جبهة انتخابية وأن الغايات السياسية متباعدة وأن روح التشاور ليست من مرتكزات هذا التحالف.
التشاور ليس من خصال سي الباجي الذي عاش سياسيا ضمن منظومة حكم فردية؟
لم أقل هذا وليس من حقي الحكم على شخص احترمه، ولكن كثيرا من القرارات والمواقف السياسية ل «نداء تونس» علمت بها من خلال وسائل الإعلام مثلي مثلكم والحال أننا حلفاء ضمن «الإتحاد من أجل تونس»، كما تكررت تصرفات غير ودية، كأن تختص بعض صفحات الفايسبوك في مهاجمتي والتعريض بالحزب الجمهوري وقد وصفت هذه التصرفات في وقتها بالنيران الصديقة التي أخطأت العنوان. كما أن مناضلي «الجمهوري» لم يستسيغوا تنظيم حفل استقبال للمنشقين عنّا وتكريمهم من قبل قيادات النداء وهذا لا يحدث بين الأصدقاء. هذه التصرفات الجانبية، والتي لم تكن أساسية في تعطيل عمل «الاتحاد من أجل تونس»، عملنا على تطويقها وغلّبنا روح الوفاق في علاقتنا بهذه الجبهة لكن الخلافات السياسية طغت حتى أننا دخلنا الحوار الوطني بإستراتيجيات مختلفة ومتباينة مما سهل على الطرف المقابل إجهاض الحوار الوطني وفرض مرشح لرئاسة الحكومة خارج كل توافق وهو ما يفتح اليوم على ضبابية في المشهد السياسي قد تقود إلى أزمة جديدة.
كانت المعارضة في «جبهة الإنقاذ» مشتتة بين باحث عن اتفاقات ثنائية مع «النهضة» خارج مسار الحوار الوطني وبين مناد بإسقاط الحكومة عبر الشارع والسيطرة على مقرات السيادة في الجهات وبين من كان يبحث عن تسوية سياسية تنقل الحكم من أيدي «الترويكا» إلى أيدي حكومة كفاءات مستقلة. الهدف كان نفسه (حكومة كفاءات مستقلة تعوض حكومة علي العريض) لكن السبل كانت مختلفة تمام الاختلاف.
أي الإستراتيجيات نجحت؟
فشلت الاستراتيجيات الثلاث، لأن إستراتيجية التقاسم تقتضي القبول بالتقاسم من الطرفين المعنيين وهو أمر غير متحقق حاليا، أما إستراتيجية إسقاط الحكم فقد فشلت أيضا لعدم تجاوب الشارع معها وإستراتيجية التسوية السياسية فشلت هي الأخرى لأن اليد الواحدة لا تصفق والتسوية تكون بين قطبين (المعارضة والحكم) أو لا تكون. فشلت المعارضة إذن في إيجاد تسوية سياسية سليمة تخرج الحكم من عباءة «الترويكا» لتسلمها إلى حكومة كفاءات مستقلة.
هل تقرّ بأن «النهضة» هي التي إنتصرت؟
إستراتيجية «النهضة» هي التي انتصرت فعلا.
تقر بهذا؟
هذا واقع لا ينكره إلا جاحد أو من لا يريد مواجهة الحقيقة، «النهضة» مررت إرادتها بالكامل ولا تزال. فهي التي اختارت رئيس الحكومة من بين أعضاء حكومة «الترويكا» الحالية و«النهضة» هي التي فرضت ألا تتولى الحكومة القادمة مقاليد الأمور إلا بعد انتهاء المسار التأسيسي كما صرح بذلك السيد علي العريض منذ شهر أوت الماضي (أضاعت البلاد ستة أشهر كاملة كان بالإمكان أن نستفيد منها لإيقاف التدهور وتحضير الانتخابات) ولا نعلم ما إذا كانت الحكومة القادمة ستحتفظ برموز من حكومة «الترويكا» الحالية أو لا...
هل التخوف من بقاء بعض الوزراء أم من إستمرار بعض الرموز؟
قلت لك بعض الرموز. ومن المسائل التي لا تزال في طي المجهول، هي هامش التحرك الذي ستحظى به الحكومة القادمة، أعني هامش الحرية التي سيترك لها لإنجاز البرنامج المنوط بعهدتها والذي من أجله طالبنا بتنحي حكومة العريض وهي مطالب التونسيين عموما والمتمثلة خاصة في ضمان حياد الإدارة واسترجاع الشعور بالأمن وإيقاف تدهور الأحوال الاقتصادية والاجتماعية. نتمنى للسيد مهدي جمعة صادقين النجاح، ولكنه مقدم على أزمة مالية غير مسبوقة في تاريخنا المعاصر فضلا عن تدهور صورة تونس لدى الدوائر المالية الدولية وتعطل عجلة الاقتصاد واستفحال الأزمة الاجتماعية وتعاظم تحديات أمنية غير مألوفة أيضا، وتقابل كل ذلك انتظارات عالية لدى عموم التونسيين خاصة منهم سكان المناطق الداخلية والأحياء الشعبية.
وإذا أضفنا إلى ما سبق الخشية من أن يخيب الأمل في الإصلاح السياسي، فإن عام 2014 سيكون عام المصاعب والمتاعب وعلينا أن نستعد لاجتيازه بأخف الأضرار. نجاح حكومة السيد مهدي جمعة سيكون نجاحا لتونس وفشلها فشلا لتونس. لذلك من المفيد أن يدرك رئيس الحكومة المقبل أن الرهان يتمثل في إيقاف تدهور الأوضاع الاجتماعية من جهة وضمان انتخابات نظيفة من جهة ثانية ولا يمكن أن نتصور انتخابات نظيفة في ظل تهديدات أمنية وإدارة متحزبة.
من يتحكم في هامش تحرك حكومة المهدي جمعة؟
هي آليات الحكم التي تمسك بها حركة «النهضة» وحلفاؤها صلب المجلس الوطني التأسيسي.
بتعيين مهدي جمعة رئيسا للحكومة هل ستغادر «النهضة» الحكم فعليا؟
أنا استعيد هنا ما قاله الأستاذ راشد الغنوشي الذي صرح بأن النهضة ستخرج من الحكومة دون الخروج من الحكم، وفي الحقيقة كان يمكن القبول بهذا المنطق لو كانت الحكومة توافقية وتوفرت لكل الأطراف ضمانات. ولكن الحال غير ذلك فهذه الحكومة غير توافقية واختيارها فرض على المعارضة، كل المعارضة، فرضا.
لكن الحكومة لم تشكل بعد ؟
رئيس الحكومة هو من سيشكل الحكومة.
ألم يستشركم مهدي جمعة بخصوص تركيبة حكومته؟
تحدثنا عما ينتظر الحكومة وعن أهمية الرسائل القوية التي يجب أن تبعث بها للرأي العام الذي يعلق عليها انتظارات كبيرة دون التطرق إلى تركيبتها التي سنحكم عليها وعلى برنامجها حين تقديمها للتزكية من قبل المجلس الوطني التأسيسي.
لم يطرح أية أسماء؟
مطلقا
ولم يرشح «الجمهوري» احدا؟
تماما، موقفنا هو التحفظ، فلا نزكي ولا نستبق الأمور فندخل في معارضة سابقة لأوانها، سنترك المجال للسيد مهدي جمعة كي يشكل حكومته وسيكون موقفنا من حكومته اعتمادا على ما يقرره من إجراءات ويقوم به من أعمال.
ألا تخشى على مستقبل «الجمهوري» من مواقف حادة مماثلة مثل تعليق المشاركة في الحوار الوطني والإنسلاخ عن «الإتحاد من أجل تونس»؟
هي ليست مواقف حادة بل استنتاجات أملاها علينا الواقع. طيلة السنوات الثلاثين الماضية اتخذنا مواقف شجاعة دون حسابات الربح والخسارة وبعيدا عن الانتهازية السياسية، مواقفنا كانت دائما منسجمة مع مبادئنا ومع أهدافنا السياسية التي نستمدها من الاجتهاد في الصالح العام، ثانيا لم يكن خروجنا من «الإتحاد من أجل تونس» انسلاخا وإنما تصحيحا لعلاقة نرغب في الحفاظ عليها داخل جبهة الإنقاذ. أما الحوار الوطني فكان جوهره المسار الحكومي، ذلك أن المسار الدستوري قد قارب من الانتهاء ولم يكن ذلك بفضل الحوار الوطني بل بفضل مشاورات دار الضيافة التي نجحت في تحقيق توافق حول قضايا الخلاف التي كانت تعطل صياغة الدستور. وللتلخيص فإن الانتخابات في حاجة إلى شيئين: إلى إطار قانوني (الدستور وهيئة الانتخابات والقانون الانتخابي) وهو من مشمولات المجلس التأسيسي وإطار سياسي ويتعلق بضمان حياد الإدارة وبتوفير الأمن (مقاومة العنف والجريمة السياسية والإرهاب) وهو من مشمولات حكومة توافقية مستقلة. ومع الأسف لم ينته الحوار الوطني إلى توافق على رئيس الحكومة وهو ما اضطرنا إلى الانسحاب منه، بعد أن استوفى غرضه وفقد جدواه. صرح الباجي قائد السبسي «العريض يمشي غدوة» فماذا قول نجيب الشابي؟
كان عليه ان يغادر منذ شهرين أو ثلاثة، وهذا الموقف ليس موجها ضد شخص السيد علي العريض الذي أكن له احتراما وتقديرا كبيرين وهو الذي ربطتني به علاقات نضال مشترك في سنوات الجمر لكن اختلفت سبلنا وعلى كل واحد منا أن يصبر على الآخر فالرهانات سياسية وليست شخصية.
علي العريض قدم إستقالته لرئيس الجمهورية فهل زالت مخاوفكم من تلكؤ «النهضة» في مغادرة الحكومة؟وكيف ستجري الأمور؟
المغادرة ليست مسألة شكلية، سنعرف إن غادرت «النهضة» الحكومة أم لا في ضوء تركيبة الحكومة القادمة وبناء على برنامجها وهامش الحرية الذي سيترك لها لتحقيق برنامج الإصلاحات الذي ينتظرها.
كيف تعلق على حادثة تكفير الحبيب اللوز (حركة النهضة) للمنجي الرحوي(الجبهة الشعبية) في رحاب المجلس التأسيسي؟
ربّ ضارة نافعة، حين طرحت فكرة تجريم التكفير في الدستور لم يكن الحماس كبيرا لأن كثيرين منا كانوا يظنون بأننا تجاوزنا مرحلة التكفير وبأن القوانين كفيلة بمعالجة المسألة. لكن ما صدر في اليوم الموالي من تكفير نائب بالمجلس لزميله وما انجر عن ذلك من تهديد لحياته وأمن أسرته وما روج له من أن التكفير سيكون مستقبلا من اختصاص هيئات إفتاء وقضاء أدركنا أن الدستور التونسي لا يمكن أن يصدر دون أن يتضمن تجريما للتكفير بوصفه محاكمة للضمير بسبب العقيدة. فالمضرة التي لحقت بالأخ الرحوي كانت مفيدة للعودة إلى الفصل السادس وتضمينه تجريم التكفير والدعوة إلى العنف .
ماهو غير المعلن في لقائك الأخير بالمنصف المرزوقي ؟
«ما عنديش» الباطن والظاهر، وأتذكر هنا الزعيم النقابي الراحل الحبيب عاشور الذي قال لي ذات مرة «ما عندي ما نخبي وهاذيكة قوتي» وقد اعتمدت هذا المبدأ في حياتي منذ ذلك الوقت.
أن تكون بوجه واحد ، نقيا، هل هي صفات إيجابية أم نقاط ضعف سياسية؟
مهما يكن ، أفضّل أن تكون نقاط ضعف سياسية على أن أخدع الناس ، مبدئي في العمل «ما أفعله أتحمله وما لا أتحمله لا أفعله» ، فلا يوجد اي شيء غير معلن في لقائي بالرئيس المرزوقي وكما سبق أن صرحت فقد تحدثت معه في ثلاثة مواضيع هي الوضع العام بالبلاد وقضية التونسيين المحتجزين في ليبيا وقضية العسكريين ضحايا «براكة الساحل».
أليس غريبا أن يدافع أحمد نجيب الشابي عن «ضحايا» براكة الساحل الذين إندرجت جمعيتهم «جمعية إنصاف قدماء العسكريين» في تيار الدفاع عن الثورة الذي يضم «حزب التحرير» ورجال الثورة بالكرم والرابطة الوطنية لحماية الثورة التي تطالبون بحلها؟
أنا حين أدافع عن أناس فإنما أدافع عن حقوقهم وليس عن أفكارهم أو برامجهم، دافعت عن المتهمين في قضية سليمان دون أن أتبنى أو أدافع عن أفعالهم أو عن اتجاهاتهم الفكرية أو السياسية بل دافعت عن حقهم في محاكمة عادلة، أنا أدافع عن الإنسان وعن حقه، لا عن برامج المجموعات واتجاهاتها. أما «براكة الساحل» فقد عشت أحداثها واكتويت بنارها منذ انطلاقها، لأن شقيقي رفيق الشابي كان من ألمع ضباط الجيش التونسي وتخرج من اكبر المدارس العسكرية في فرنسا وأمريكا ولما بلغ سن الثانية والأربعين وكان في أوج العطاء أحيل على التقاعد المبكر وأقحم في قضية «براكة الساحل» ووقع إيقافه مرتين ، فأنا أعرف مظلمة «براكة الساحل» عن قرب وعايشت مرارتها ولم اكتف بسماع الروايات عنها ولذلك تبنيت قضية العسكريين دون تردد لأن دفاعي عنهم هو دفاع عن الحق والعدل والإنصاف، اعرف الكثيرين من رفاق شقيقي وأدرك حجم الظلم الذي سلط عليهم.
هل كلهم أبرياء من تهمة التخطيط لقلب نظام الحكم؟
(يتردد قليلا) أعتقد أنهم أبرياء جميعا والذي سمعته من شهادات الكثيرين منهم يجعلني أجزم ببراءتهم، لقد عاشوا مظالم لا يتوقعها كثيرون، حينما أعلم أن زوجة ضابط سام من سكان ضاحية المروج تعمل معينة في البيوت لتعيل عائلتها يعتصر قلبي ألما ، عار على تونس وعلى الثورة أن تستمر هذه المظالم اليوم، من واجبنا إعادة الاعتبار للذين ظلموا وتكريمهم وطي صفحة الماضي الأليم وجبر الضرر المادي الذي لحق بهم في إطار العدالة الانتقالية.
هل يطرح «الحزب الجمهوري» على نفسه إمكانات التحالف مع الدساترة؟
الحديث عن أي نوع من التحالف سابق لأوانه ولكننا لا نغلق الباب وسنتعامل ببراغماتية مع أي تحالف ممكن، اذكر بأنني كنت الوحيد الذي طالب غداة الثورة بعدم التعامل الأمني وبردات الفعل مع ظاهرة سياسية تنتمي إلى التراث الوطني منذ زهاء المائة سنة، لعبت دورا رياديا في مرحلة الكفاح من أجل الاستقلال وفي مرحلة بناء الدولة الحديثة وفي حركة الإصلاح الاجتماعي. ل «التجمع» رصيد إيجابي وآخر سلبي تمثل خاصة في مصادرة الحريات واضطهاد المعارضين، من العدل أن يقاضى كل من أجرم في حق الشعب أو اعتدى على أعراض الناس أو حرياتهم أو أملاكهم، لكن تكون المحاكمة بناء على المسؤولية الفردية وفي إطار العدالة الانتقالية، لا أن تطال جماعيا عشرات الآلاف من الكوادر ومئات الآلاف من المنخرطين. كان رأيي هذا مستغربا في وقته أما الآن فقد تطورت العقليات وتغيرت الأوضاع وعاد جانب كبير من التجمعيين والدستوريين إلى النشاط السياسي وهم تونسيون مثلنا ، لهم ما لنا وعليهم ما علينا لا يمكن إقصاؤهم من الحياة السياسية ما داموا ملتزمين بشروطها وقواعدها، أنا ضد إقصائهم كما كنت ضد إقصاء الإسلاميين من العمل السياسي وأدعو إلى التآلف بين كل الأطياف السياسية، فالديمقراطية دامجة أو لا تكون.
كان «الديمقراطيون» دعاة التناصف في هيئة عياض ابن عاشور فاستفادت «النهضة» من المبدإ في إنتخابات 23 أكتوبر وها أنتم تدعون للتناصف في الهيئات الدستورية والمجالس المنتخبة ، ألم تستوعبوا الدرس؟
الدرس الذي ينبغي أن نستوعبه هو أن التناصف مكّن المرأة من أن تحتل ثلث المقاعد بالمجلس التأسيسي. وهو الحد الأدنى من الإنصاف إزاء فئة تمثل نصف المواطنين على الأقل. المرأة تعاني من نظرة دونية رغم أنها أثبتت اقتدارها بل وتوفقها في العديد من مجالات النشاط الاجتماعي.
التناصف مكسب يحسب لتونس ويضعها في الريادة في المنطقة العربية.
أصدرتم بيانا دعوتم فيه رئيس الحكومة المنتظرة الى تعليق الإجراءات المثيرة للجدل صلب قانون المالية 2014 فيما دعت حركة «النهضة» إلى تعليقها الفوري؟
بارك الله فيهم، المفارقة ليست في موقفنا، فنحن صوتنا ضد القانون ومن الطبيعي ان نكون أول من يدعو إلى مراجعته بعد ما تسبب فيه من أحداث، المفارقة في موقف الحزب الذي ألزمنا بهذا القانون ثم يأتي ليدعو إلى إعادة النظر فيه ولم يجف حبره بعد ، عموما أن يأتي الشيء متأخرا أفضل ألاّ يأتي أبدا، ونحن ننتظر مراجعة قانون المالية لسنة 2014 حتى نضمن موارد للدولة دون «عصر» المواطنين وتهرئة قدرتهم الشرائية ، قلنا ونعيدها قانون المالية مختل ومبني على توقعات خيالية. إذا استمررنا في هذه الطريق فسندخل نفقا مظلما لا نعرف آخره
ما تعليقكم على استقالة إيمان بحرون من رئاسة التلفزة الوطنية؟
اعبر عن أسفي لاستقالتها، عرفتها قبل الثورة وبعدها ، عموما اعتقد ان أداءها كان حياديا رغم الضغوط التي كانت مسلطة عليها، لا اعرف الأسباب التي دفعت بها للاستقالة ولكني كنت أتمنى ألاّ تقبل هذه الحكومة المستقيلة استقالتها ، الآن أساند نقابات التلفزة والنقابة العامة للثقافة والإعلام والهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي البصري(الهايكا) في دعوتها إلى الإلتزام بالمرسوم 116 بالاضطلاع بدورها التعديلي في تعيين الرؤساء المديرين العامين عبر فتح باب الترشح حسب مقاييس موضوعية يتم على أساسها اختيار من سيتم تعيينه حسب شروط الكفاءة العلمية والخبرة المهنية والاستقلالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.