مَن لم يراوده حلم سَكَن قصر قرطاج؟ وبين الحلم والحقيقة مسافات لا يعرف مَسالِكها إلا السياسيون من ذوي الاحتياجات.. الرئاسية الملحّة والعاجلة!. بن علي حقق حلمه بالانقلاب على بورقيبة، وبفضل الثورة فرغ القصر لفترة، ثم وحين كان نوّاب المعارضة في «التأسيسي» يدفعون نحو الزيادة في صلاحيات الرئيس، مضى المرزوقي مستعجلا إلى حلم قرطاج بعيدا عن «تنظيرات» قد تمنع أو تؤجل دخوله القصر. واليوم، مع تواصل مناقشة فصول القانون الانتخابي وفي انتظار تحديد طريقة الانتخابات إنْ بتزامن الرئاسية والتشريعية أو بأسبقية الأولى على الثانية، وخاصة الإعلان النهائي عن تاريخها، وباستثناء الهاشمي الحامدي وآمنة منصور القروي اللذين أعلنا بوضوح عزمهما على خوض السباق ، بدا الحالمون بالرئاسة «مخاتلين» في تصريحاتهم، محاولين بقاءها «حمّالة» تأويلات متناقضة بين الاستعداد للترشح أو عدم التفكير فيه. المرزوقي مثلا لم يعلن رغبته علنا ولكنّ بعض «منافسيه» المفترضين يرون أنّ في أنشطته حملة انتخابية سابقة لأوانها في حكم مسبق على النوايا والسرائر. الشابي حين سألوه، قال «لم أقرر بعد ولكني أجد في نفسي الصفات الضرورية لمنصب الرئاسة!...» بن جعفر سيستقيل من رئاسة التأسيسي لو قرر الترشح، حمة الهمامي بدوره أكد أنه يفكر بجدية لكن القرار مؤجل. السبسي مع أنّ الكثيرين يصرون إلحاحا على أنه مرشحهم، ترك الباب مفتوحا دون إجابة حاسمة، محمد الحامدي «قد» يترشح، أما زهير المغزاوي وبعد تأكيده على خوض حركته غمار الرئاسية فهو يؤكد أن هياكل حركته هي التي ستحدد اسم مرشحها في محاولة لإبعاد «التهمة» عنه!. أما المنجي الرحوي فاكتفى بالقول أنه لا يفكر في المسألة لكنه أيضا لم يقل لن (الزمخشرية) أترشح مما يعني أنه في مرحلة لاحقة قد يفكّر! هذا التعويم في التصريحات قد يؤكد ما يحاولون إخفاءه على الأقل الآن، أي رغبة أغلبهم في الترشح في انتظار معرفة موعد الرئاسية وتلازمها من عدمه مع التشريعية. فعدد المرشحين الذي سيكون بالعشرات بمجرد الانتهاء من كتابة القانون الانتخابي، سيوضح الأهداف الحقيقية من وراء الترشح: هناك من يعتقد في جدية حظوظه، وهناك من سيكتفي بدخول اسمه في التاريخ السياسي كمرشح ليزيد فقط في تزيين سيرته الذاتية، وهناك مَن سيدخل سباق الرئاسة من أجل خراج في القصبة!. إذ أنّ تزامن الموعديْن الانتخابييْن لو تقرر، يفرض تكتيكات معيّنة وأهدافا مختلفة قد لا تكون وجهتها الحقيقية قصر قرطاج!. التشريعية تعني قصر القصبة مباشرة سوى بحكومة الحزب الفائز أو بائتلاف مع شركاء. أما الرئاسية، فطريق قرطاج قد يمرّ بدورتيْن وفي الثانية لن تكون سوى بين متنافسيْن فحسب، وبعض الذين أسقطهم غربال الدورة الأولى بنسب مقبولة سيصبحون ثقلا انتخابيا هائلا قد يحسم نتائج الدورة الثانية خاصة أن التجارب العالمية أثبتت أنّ «الصفر فاصل» في سباق الرئاسة هو بين المتنافسيْن فاصل! بهذا المعطى، ستكون وعود رد الجميل بالضرورة في كراسي قصر القصبة. وفي كل الحالات، يبقى حلم الرئاسة حقا مشروعا لكل التونسيين، فليترشح كل الشعب لسكَن قصر قرطاج!.