اتفق اغلب المجتمعين من المحاضرين والمشاركين من خبراء واساتذة جامعيين في الملتقى المغاربي حول موضوع «التنمية واللامركزية ببلدان المغرب العربي، بين التوظيف السياسي وتحديات الواقع» الملتئم بمدينة بنزرت (10 /11 سبتمبر) على ضرورة اعطاء البعد المحلي واللامركزية الاولوية في التشاريع القانونية والبرامج التنموية والاجتماعية والسياسية من اجل تحقيق التنمية الشاملة على غرار ما يحدث في بلدان العالم المتطور. وقال استاذ علم الاجتماع السياسي ووزير التربية السابق السيد سالم الابيض في لقاء حصري معه «ان من وضعوا الدستور الجديد لبلادنا وقعوا في معضلة كبيرة واهملوا الفرصة التاريخية التي اتيحت لهم رغم انهم كانوا نتاجا لحراك اجتماعي كبير ضد منوال التنمية القديم ، حيث لم يأخذوا بعين الاعتبار ان كل الازمات في تونس من الحقبة الاستعمارية الى الفترات المتأخرة كانت نتيجة ذلك المنوال التنموي المختل والمتضارب وكان من المفترض على النواب والخبراء ان يعوا ان الديمقراطية السياسية التي اسسوا لها لا يمكنها ان تستقيم من دون نمو اجتماعي وكان من الضروري والمفترض ان يدونوا ويؤسسوا ذلك دستوريا». واضاف«ان النموذج التونسي الذي انجز ورغم التفاؤل السياسي الذي يميزه فإنه يعيد انتاج نفس المعوقات القديمة تنمويا وبالتالي يبعث على التشاؤم اجتماعيا » . ودعا سالم الأبيض مجلس النواب المقبل «الى وضع ترسانة من القوانين التي بإمكانها سد الفراغ الحاصل في الدستور وتأسيس تنمية اجتماعية عادلة تأخذ بعين الاعتبار الاخلالات القديمة وتؤسس عمليا لمبدإ التمييز الايجابي الذي استخدم كشعار ولكن اهالي مناطق الظل والظلم التاريخي لم يشعروا معه بأي تحول في مستوى المنظومة التنموية ككل». من جهته اشار رئيس جمعية البحوث والدراسات لاتحاد المغرب العربي السيد حبيب حسن اللولب إلى ان اهم الاهداف المرجوة من الملتقى الذي ينتظم بالتعاون مع فرع مؤسسة هانس صيدال بتونس هو محاولة تقديم مقاربات واستراتيجيات تكون بمثابة خارطة الطريق لبلادنا على مستوى التنمية البشرية والاقتصادية وتفاعلاتها مع الواقع السياسي ومبينا ان الدستور التونسي الجديد مبني على 3 عناصر هي الديمقراطية والتنمية واللامركزية وبالتالي من الضروري معالجة تفاعلاتها الثلاثية في اطار المقاربات المغاربية وتحليل للتجارب المنجزة واقتراح المشاريع التنموية المطلوبة . أمّا السيد مبروك الساحلي الاستاذ الممثل لجامعة أم البواقي بالجزائر فقد شدّد على انه لا يمكن تحقيق التنمية الشاملة من دون تحقيق تنمية محلية عادلة عبر تحقيق اللامركزية بالاساس ومبينا ان كل دول العالم الناجح وبرامج الاممالمتحدة تتجه للحكم المحلي وأنه بات لزاما علينا في كل بلدان المغرب العربي ان نتعظ من مشاريعنا السابقة والتوجه نحو الحكم المحلي عبر اعادة صياغة القوانين المنظمة للمحليات واعطائها الاولوية وايضا عبر تكريس فكرة المواطنة وتعزيز الولاء للوطن وبالتالي تحقيق الديمقراطية المحلية والتي نصبو اليها جميعا . من جانبه قال استاذ التاريخ عبد السلام بن حمد انه لا تنمية من دون علاقات اجتماعية متفاعلة مع القرار السياسي وبالتالي فلا تنمية دون دراسة هذه الابعاد الثلاثة . يذكر ان الملتقى عرف تقديم اكثر من مداخلة في اطار ورشات عمل تحت اشراف باحثين وخبراء واساتذة جامعيين من تونس والمغرب والجزائر وليبيا تناولت عددا من المحاور الرئيسية للملتقى لعل من ابرزها دراسة واقع التنمية ومعيقاتها ببلدان المغرب العربي وتقييم تجربة البلدان المغاربية في مجال اللامركزية والحوكمة الرشيدة واعتماد المقاربة التشاركية في التشخيص والتصور والتنفيذ والتصورات المستقبلية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية الى جانب دراسة معيقات تجسيم اللامركزية من خلال مخططات التنمية ببلدان المغرب العربي .