توجه عشية اليوم الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي بكلمة في مؤتمر العمل العربي في دورته الواحدة والأربعين المنعقد هذه السنة في جمهورية مصر العربية الشقيقة تحت شعار "التعاون العربي وآفاقه لدعم التشغيل". وذكر حسين العباسي بالتجربة التونسية ثورة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وما تم القيام به في إطار الحوار الوطني من تأمين وتثبيت الاستحقاقات الاجتماعية من خلال العقد الاجتماعي الذي تم إمضاؤه من الأطراف الاجتماعية وصلب نصّ الدستور الجديد لمأسستها وإكسابها الصبغة الدستورية تحت عنوان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والتي تضمّنت جملة من التوافقات، لعلّ أهمّها ضرورة مراجعة المنوال التنموي، ومراعاة التلازم الوثيق بين الرغبة في تطوير تنافسية المؤسسة وأحقية النهوض بالعمل اللائق. وكانت كلمة حسين العباسي قوية وتوجهت بالانتقاد الشديد للتقرير المقدم من المدير العام لمنظمة العمل الدولية وقوله أوّلا وبصريح النصّ أنّ "تفاقم البطالة يعود إلى المراحل الانتقالية التي تمرّ بها تونس ومصر وليبيا واليمن ... وإلى ما ينجرّ عن ذلك من تعدّد الإضرابات والاعتصامات والزيادات غير المدروسة في الأجور" نتج عنها، والكلام له، "تعطيل الحركة الاقتصادية وتراجع الاستثمار وعجز الموازنات وتخفيض التصنيف الانتمائي السيادي لهذه الدول...". واعتبر العباسي هذه القراءة مجانبة للصواب وتبدو متعارضة مع إرادة شعوب الأقطار المذكورة التوّاقة إلى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وهي قراءة تفنّدها الثورات الشعبية التي قامت تحديدا ضدّ البطالة المستفحلة وضدّ تضاؤل فرص التشغيل الناجمة عن المناويل التنموية العقيمة المعتمدة والمكرسة للهشاشة والإقصاء والتمييز والحيف الاجتماعي بل هي قراءة تبدو بمثابة التبرير المجاني لنماذج أثبتت الأحداث فشلها وإفلاسها وقلة مردوديّتها، نماذج أقرّت المؤسسات المالية الدولية ذاتها بمحدوديّتها في معالجة قضايا التنمية. وانتقد الأمين العام لاتحاد الشغل تقرير السيد المدير العام لعدم تضمنه أيّة إشارة لتغوّل التهريب والإرهاب وسيطرته على مسالك التوزيع وتمرّده على سلطان القانون وهيبة الدولة وتحكّمه في قُوتِ المواطنين واستهتاره بسلامتهم وصحّتهم. كما لم تتضمن أيّة إشارة لتدهور القدرة الشرائية للأجراء ولضعاف الحال من العاطلين عن العمل والمفقّرين المرابطين في الأرياف وفي أحزمة المدن ولا أيّة إشارة إلى ضحايا أنماط العمل الهشّ الهجينة والمارقة عن القانون الذين يعانون من غياب الحماية وانسداد الآفاق المهنية وتدنّي المداخيل والحرمان من حقّ التنظّم والتعبير الحر. واستغرب العباسي عدم حديث المدير العام على مشروعية مقاومة الفقر والمطالبة بتحسين شروط وظروف العمل وبالتصدّي لكلّ ما يتعارض مع تشريعات العمل ومقتضيات معايير العمل الدولية. وقال العباسي " لقد كان حريّ بالسيد المدير العام التشديد على أهميّة التعاون والتضامن ضدّ الهيمنة ومصادرة سيادة الدول بدعوة البلدان الغنية في المنطقة لتقديم الدعم والمساعدة للدول التي تعيش مراحل انتقالية بما يعينها على تلبية استحقاقات شعوبها وبما يجنّبها السقوط من جديد تحت وطأة التبعية والشروط المجحفة لبنوك الاقتراض الأجنبية والدولية وبما يضمن سيادتها واستقلالية قرارها.