التأمين على السيّارات يستأثر بنصف رقم المعاملات نتائج حوادث الطرقات تضاهي مخلّفات الحروب التونسية (تونس) انتخب مؤخرا الأسعد زروق الرئيس المدير العام للشركة التونسية للتأمين وإعادة التأمين «ستار» رئيسا للجامعة التونسية لشركات التأمين التي شهدت أيضا إعادة هيكلة من أبرز ملامحها اختزال عدد أعضاء المكتب التنفيذي في 12 عضوا. وتتزامن هذه التغييرات مع الشروع في تنفيذ خطّة استراتيجية جديدة لإصلاح قطاع التأمين قد تفضي على مدى الخماسية القادمة إلى تحولات من الوزن الثقيل يرجح أن تكون حاسمة في مسار تأهيل القطاع وبروز مؤسّسات كبرى تمتلك موازنات مالية صلبة وتشتغل استنادا إلى المعايير الدولية في هذا المجال. تلك الخطة التي تمت بلورتها استنادا إلى زخم من الدراسات وعمليات التشخيص للوضع الحالي يرجح أن تضع حدّا للعلاقة الفاترة بين المواطن وشركات التأمين والناشئة عن عديد الأمراض المزمنة ولا سيما الزيادات المتكرّرة في التعريفات وخاصة بالنسبة إلى الخدمات غير الإجبارية وعدم وضوح عقود التأمين إلى جانب تشعّب وطول إجراءات تعويض الأضرار المادية والبدنية رغم تحسّنها عقب تقنين وتأطير إجراءات الصلح بمقتضى قانون 2003. على الضفّة المقابلة تعاني شركات التأمين من تبعات ملاحقة التوازنات اليومية بفعل العجز المزمن في فرع تأمين السيارات الذي يستأثر بحوالي نصف رقم معاملات القطاع وذلك بسبب معضلة حوادث الطرقات التي تخلّف كلّ عام نحو 1600 قتيل و16 ألف بين جريح ومعاق؟ نتائج حرب نزيف يجعل تونس ضمن المراتب الأولى عالميا على مستوى حوادث الطرقات يضاهي تقريبا نتائج «الحروب» في بعض المواقع السّاخنة من العالم ويسبّب نزيفا في توازنات شركات التأمين يؤثّر على جودة خدماتها من جهة وقدرتها على التطوّر من جهة ثانية. قطاع التأمين يشكو أيضا من اقتصار نشاطه على بضعة أصناف من التأمين بينما يشتمل في البلدان الغربية على مفاصل الحياة والحراك الاقتصادي والاجتماعي وتوجد العشرات من أنواع التأمين بما في ذلك التأمين على البيوت والمنقولات. ديناميكية جديدة والواضح أنّ الخطة الخماسية التي ضبطتها الحكومة ستحتاج بالخصوص إلى ديناميكية اتصالية جديدة لإرساء ثقافة مجتمعية تسهم في توسيع تشكيلة أصناف التأمين إلى جانب توطيد علاقات الشراكة مع كلّ الأطراف لتطويق معضلة حوادث الطرقات ودعم حضور قطاع التأمين في النهوض بكل السياسات والمجالات ذات العلاقة بما في ذلك السياسة التربوية ومنظومة تعليم السياقة وآليات التحسيس وأساليب الكشف وردع المخالفات. وبالتوازي مع تلك الآليات فإنّ الخطة المذكورة تقوم على تطهير القطاع لخلق منظومة تأمين متطوّرة تقوم على مؤسّسات تمتلك موازنات مالية صلبة تعتمد على المعايير الدولية وتكون لها القدرة على إسداء خدمات أرقى على مستوى الآجال والكلفة من جهة وتوسيع ثقافة التأمين لتشمل عديد المجالات غير المستغلّة في الظرف الراهن من جهة أخرى. بالمحصلة يبدو أنّ القطاع مقبل على مرحلة حاسمة ستؤول إلى تعزيز قدراته الهيكلية والمالية عبر محاصرة نزيف فرع السيارات من جهة وتوسيع تشكيلة منتوجات التأمين من جهة ثانية بما يسمح بالتحكم أكثر في التعريفات والآجال وخلق علاقة جديدة مع المواطن.