علمت «التونسية» أن الحكومة ستنطلق قريبا في إصلاح مالية الجماعات المحلية وخاصة جبايتها وذلك بعد عملية تقصّ للوضع الحالي للجماعات المحلية حيث تم تشخيص وضع كارثي نتيجة كثرة المعاليم مع ضآلة مردود الجانب الأوفر منها باعتبار ضعف قاعدتها وصعوبة استخلاصها، والنقص الكبير كمّا ونوعا في الوسائل البشرية والمادية والمالية واللوجستية ووسائل التصرف الحديث في المنظومات الإعلامية بالخصوص المتوفرة بالجماعات والقباضات ذات الصلة باستخلاص الديون المحلية عموما والمعلوم بوجه خاص وعدم تمكّن قباض المالية إلا نادرا من استيفاء إجراءات التتبع لاستخلاص المعلوم وسائر المعاليم المثقلة الأخرى والذي مرده زيادة عن الأسباب المتعلقة بالنقص في الوسائل ضعف المبالغ الفردية الموظفة عن المسكن الواحد. وبينت مصادرنا الحكومية أن انعدام التلاؤم بين كثافة العمليات والتدخلات المبذولة (انطلاقا من مرحلة إحصاء العقارات وصولا إلى مرحلة استخلاص المعلوم ) على السواء لاستخلاص المعلوم على العقارات المبنية والمردود الصافي لهذا المعلوم وغياب المعلومات الضافية والدقيقة في اطار انجاز عمليات الإحصاء حول المطالبين بالاداء لم يسمح للجماعات المحلية بإعداد جداول تحصيل شاملة ودقيقة بما يساعد على مباشرة اجراءات الاستخلاص وتحصيل الموارد بالنجاعة اللازمة، إضافة إلى تعدد الأنظمة الخاصة بالمعلوم على المؤسسات وضعف مردودها. وأنه تمّ تسجيل ضعف مردود المعلوم على المؤسسات المتأتي من شريحة المطالبين بالأداء الخاضعين للنظام التقديري خاصة بعد مراجعة هذا النظام بمقتضى أحكام قانون المالية لسنة 2011. وفي هذا الإطار علمت «التونسية» أنّ وزارة المالية قامت بدراسة وتحليل مختلف الإشكاليات التي تشوب المنظومة الجبائيّة الحاليّة والتي مكّنت من الوقوف صلب فرق العمل على عديد النقائص في مادة الضرائب المباشرة والمتمثلة بالخصوص في التوزيع غير العادل للعبء الجبائي بين مختلف أصناف المطالبين بالأداء باعتبار المساهمة الضئيلة في الموارد الجبائية لعدّة أصناف وخاصة منها الأنظمة التقديرية حيث لم تتعدّ نسبة مساهمة أرباح المهن غير التجارية في مردود الضريبة على الدخل ال 3،بالمائة وكذلك الشأن بالنسبة إلى مساهمة المداخيل العقارية التي لا تتعّدى 1 بالمائة في حين تقارب نسبة مساهمة الأجراء 81 بالمائة من مردود الضريبة على الدخل وخاصة في غياب ملاءمة نسبة طرح المصاريف المهنية بالنسبة لهذا الصنف من المطالبين بالأداء مع مساهمتهم في الموارد الجبائية، علاوة على انتفاع مداخيل رأس المال (القيمة الزائدة العقارية والقيمة الزائدة المتأتية من التفويت في السندات) بنظام جبائي تفاضلي مقارنة بمداخيل العمل. وقد نتج عن هذا التفاوت في توزيع العبء الجبائي بين المطالبين بالأداء وبين مختلف أصناف المداخيل تدني مصداقية النظام الجبائي عموما وبالتالي عزوف المطالبين بالأداء عن القيام بواجبهم الجبائي وتفشي ظاهرة التهرب من دفع الأداءات. ويرتكز برنامج إصلاح الجباية المحلية على تعزيز القدرات المالية للجماعات المحلية (البلديات والجهات والأقاليم) ومراجعة طرق تمويلها باعتماد مختلف الآليات المتاحة على غرار المعاليم المحلية ودراسة التحويلات والاقتطاعات التي يمكن توظيفها لفائدة الجماعات المحلية. وفي هذا الإطار سيتم تحسين التصرف في الطاقة الجبائية للجماعات المحلية بإعادة النّظر في الأنظمة الخاصة بالمعلوم على المؤسسات وتطوير آليات تعديل الفوارق المالية بين الجهات والجماعات المحلية من خلال تدعيم موارد صندوق التعاون بين الجماعات المحلية. كما ستتم مراجعة منظومة التحويلات المالية لفائدة الجماعات المحلية وإقرار اقتطاع نسبة من الجباية الوطنية لفائدتها في إطار تجسيم مقتضيات الدستور وبما يأخذ بعين الاعتبار التوازنات المالية للدولة وحاجيات الجماعات المحلية من التمويل.