الثابت والأكيد اليوم أن الترجي الرياضي يسير في الطريق السويّ لا فقط بفضل النتائج الإيجابية المتتالية التي حصدها في سباق البطولة وإنما كذلك على مستوى المستقبلين القريب والبعيد للفريق، فالزاد البشري الحالي للأحمر والأصفر يتضمن الشرطين الأساسيين للنجاح وهما الوفرة والقيمة الفنية ، فالانتدابات الأخيرة التي قام بها رئيس النادي حمدي المدب ضمن مخططه الرامي إلى إعادة إشعاع الأحمر والأصفر محليا في مرحلة أولى ثم قاريا في مرحلة ثانية أعطت في الآن نفسه الثراء العددي والإضافة الفنية للمجموعة وهذا ما بدأ يتضح ويتأكد بمرور المقابلات أداء ونتيجة حيث بدأ الانسجام يتدعم من لقاء إلى آخر وازدادت الثقة في الإمكانيات لدى اللاعبين وهي التي تسمح لهم بتوظيف مهاراتهم لفائدة المجموعة والظهور بمستوى رفيع يؤثر إيجابيا على الأداء الجماعي. الترجي الرياضي أصبح يملك اليوم كل مقومات ومواصفات الفريق القادر على التتويج بلقب البطولة خصوصا وأن المجموعة الحالية تتميّز بقابلية كبيرة جدا لمزيد التطوّر وتملك كل العناصر الضرورية الممهدة إلى بلوغ أعلى المستويات بالنظر إلى صغر سن اللاعبين وتمرّسهم أكثر فأكثر بعد كل موعد وإلى تعزز الانسجام والتفاهم واللحمة بين اللاعبين شيئا فشيئا بمرور الوقت. استغلال محكم للمجموعة ... و«توفيق» في الاختيارات عندما يتوفر لأي فريق زاد بشري وفير يتقارب فيه المستوى بين جل اللاعبين تتجلى قيمة الإطار الفني بصفة فعلية، فاستغلال المجموعة على الوجه الأفضل من خلال التوفيق في الاختيارات هو الذي يمهد إلى نجاح الفريق وهنا بالضبط يكمن الفارق بين المدرب الناجح والمدرب الفاشل وبالتالي الحكم على الكفاءة والبصمة والإضافة. في هذا الصدد يمكن القول إن عمار السويّح عرف كيف يوظف الإمكانيات البشرية المتوفرة لديه ويحقق بها النقلة النوعية المرجوة التي تطوّر المستوى الجماعي وتصنع الانتصارات. مدرب الأحمر والأصفر استفاد بشكل كبير من العثرة التي تكبدها في الجولة الافتتاحية أمام مستقبل المرسى ووقف على جملة من الحقائق والمستجدات سمحت له بمراجعة بعض الاختيارات وإحداث التغييرات التكتيكية اللازمة المتعلقة بالتشكيلة الأساسية وبالتحويرات أثناء المقابلات إضافة إلى تعديل طريقة اللعب والخطة المعتمدة الممهدتين إلى النتائج الإيجابية. ليس من السهل التوفيق في الاختيارات عند تعدّد الحلول وتقارب المستوى بين اللاعبين وليس من السهل كذلك الإحاطة بالعناصر المبعدة عن التركيبة الأساسية والتي تتطلب عملا بسيكولوجيا كبيرا للمحافظة على المعنويات وأيضا الجاهزية البدنية بما يؤهلها لتكون في المستوى عند الحاجة لكن عمار السويح نجح في هذا العمل وكان صائبا في قراراته ووفق في استغلال المجموعة المتوفرة لديه واتخاذ القرارات التي أثرت إيجابا على المردود وفتحت الأبواب واسعة أمام الانتصارات المتتالية التي كانت تنقص الترجي الرياضي في الماضي القريب. تثبيت «المباركي» على الجهة اليمنى من أبرز المشاكل التي يعاني منها الترجي الرياضي منذ سنوات عديدة مركز الظهير الأيمن لعدم وجود اللاعب الذي نجح في تأمين الدور على هذه الجهة والقضاء على واحد من أكبر العوائق والنقائص التي يشكو منها فريق باب سويقة. المدرب عمار السويّح كان واضحا وواثقا في تعامله مع هذه النقطة حيث قام منذ البداية باختيار اللاعب الذي سيظطلع بالخطة وهو إيهاب المباركي وثبّته في هذا المركز لمنحه أولا نسق المقابلات وثانيا الثقة في النفس من خلال إشعاره بأنه الظهير الأيمن رقم واحد في المجموعة وهو توجه من شأنه أن يعود بالفائدة على الفريق في أحد مكامن الضعف فكانت النتيجة أن شهد أداء هذا اللاعب تطورا ملحوظا ومستوى أفضل بكثير مما كان عليه رغم تواصل وجود السلبيات التي لا يمكن أن تحجبها الزنتصارات... المهم هو أن المدرب قام بما يجب في هذا الجانب وتعامل بثبات مع أكبر المشاكل في التشكيلة وانطلق في إيجاد حل مناسب قد تكون نتائجه مفيدة وإيجابية في المستقبل القريب وابتعد عن التغييرات المتتالية التي شهدها مركز الظهير الأيمن في السابق والتي لم تضف شيئا للفريق ولم تساعد أي لاعب على تحسين مستواه والظهور بالوجه الذي يؤمّن الدور المطلوب. هناك اليوم مؤشرات تنبئ بمزيد تطوّر مردود إيهاب المباركي في هذه الخطة خصوصا من الناحية الدفاعية بوصفها الدور الأول الذي يجب أن يؤمّنه الظهير وهذا راجع إلى التعامل الجيّد للإطار الفني مع مشكل كبير أضحى منذ سنوات نقطة الضعف رقم واحد في فريق باب سويقة. موضوع الأجانب في الترجي الرياضي يوجد حاليا خمسة أجانب ضمن المجموعة وهم ديارا وسيسوكو وإيدوك وبولبوا وكوليبالي لكن لاعبا واحدا كسب فعلا ثقة عمار السويح وهو الإيفواري الذي يعد اليوم ركيزة أساسية مؤثرة في التشكيلة الترجية ثم يأتي بعده سيسوكو الذي أشركه الإطار الفني أساسيا في بعض اللقاءات واحتياطيا في البعض الآخر. إذن فإن الإطار الفني ثبّت لاعبا أجنبيا واحدا ضمن الفريق الأول وهو أمر فرضته الإمكانيات من جهة وحسن التعامل مع المجموعة من جهة أخرى فالأفضل هو الذي يكون موجودا في التشكيلة سواء كان أجنبيا أو محليا وهذا ما نجح فيه مدرب الترجي الرياضي كذلك بعد أن كشف حقيقة إمكانيات إيدوك ووقف على عدم قدرته على تقديم الإضافة وهذا أحد الاختيارات الهامة التي أحدثت النقلة النوعية في هجوم الأحمر والأصفر. قوة الشخصية صحيح أن المدرب عمار السويح لا يزال في بدايته مع الترجي الرياضي لكن الواضح والثابت اليوم أن التوجه الذي يعتمده الرجل واضح فيه ثبات في الرؤية والتوجهات وتخطيط سليم على مستوى الاختيارات، فبعد لقاء المرسى الذي يمكن وصفه بالمنعرج في مشوار هذا الفني مع الترجي الرياضي أضحت الاختيارات في التشكيلة ثابتة وهذا هو العنصر الذي غيّر كل شيء في الفريق ومهد إلى النتائج الإيجابية. إلى جانب ذلك أكد عمار السويح الصفة التي عرف بها منذ فتراته الأولى في عالم التدريب وهي قوة الشخصية وعدم التأخر في إحداث التغييرات التي يراها صالحة بقطع النظر على أية عوامل أخرى بالإضافة إلى الإعداد الكامل والمحكم للمقابلات من برمجة التدريبات والوديات والتعامل مع الالتزامات وحسن التحضير النفسي بما يضمن النجاح للمجموعة كلها سواء الأساسيين وخاصة الاحتياطيين وهذا ما يفسر الإضافة التي قدمها هؤلاء في كل اللقاءات ولعبهم دورا أساسيا في تحقيق الانتصارات. إلى حد الآن يمكن القول إن السويح نجح في بداياته مع فريق باب سويقة من خلال تعامل جيّد على كل المستويات ليترك بالتالي بصمة واضحة شملت الأداء وإيجابية النتائج ويعد بالتالي أحد أبرز مرجحي كفة الإطار الفني التونسي في بطولتنا وهذا ما يثلج صدورنا جميعا لسعادتنا بنجاح المدرب المحلي وتفوقه على الأجنبي.