التونسية (تونس) عقدت عشية أمس نقابة القضاة التونسيون جلسة عمل مع كل من اتحاد القضاة الإداريين واتحاد قضاة محكمة المحاسبات، وتقرر إحداث تنسيقية تجمع هذه الهياكل الثلاثة، بعد عقد عدد من الاجتماعات. وأكد إبراهيم بوصلاح الكاتب العام لنقابة القضاة ل«التونسية» أن القضاء العدلي والمالي والإداري وحدة لا تتجزأ، منبها إلى أن الظرف الذي يعيشه القضاء اليوم سيّء، سيما أن التعطيل في تركيز المؤسسات الدستورية (المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية) والقوانين الأساسية ذات الصلة ما زال متواصلا، إلى جانب تزايد حملات التشويه والتشكيك في القضاء والتطاول على هيبة القضاة وخلق رصيد سلبي ضدهم، فضلا عن الوضع المادي المتردي للمحاكم وللقضاة والإطار الإداري، وتدني ميزانية وزارة العدل ومحدودية الاعتمادات للمجلس الأعلى للقضاء، علاوة عن التقليص الذي شهدته ميزانية المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات خصوصا سنة 2014 - 2015، وأنّ ذلك فرض حسب ما أدلى به محدثنا عدم ادخار أي جهد في إقرار وحدة بين القضاة، وتحيد الهياكل لتحسين وتعصير سير مرفق العدالة، بما يخدم حقوق المتقاضين والسعي الجدي إلى تعزيز مكانة السلطة القضائية وفقا للمعايير الدولية احتراما لدستور البلاد وحفظا لحقوق ولحريات العباد، مضيفا «وفي هدي ما سبق وإيمانا بوحدة مصير القضاة وتقارب الرؤى، ومساهمة في رسم ملامح السلطة القضائية بفروعها، التأمت عدة اجتماعات بين الهياكل القضائية الثلاثة بطلب من نقابة القضاة، نتج إثرها بعث تنسيقية تهدف إلى توحيد المواقف في كل ما يتعلق بالشأن القضائي والدفاع عن السلطة القضائية وتكريس استقلاليتها». من جهته أكد عز الدين حمدان رئيس إتحاد القضاة الإداريين ل«التونسية» أنه أمام ما يشهده الواقع المؤسساتي للدولة من ترهل وتدني ظروف العمل القضائي، سيما ما يعيشه قضاة المحكمة الإدارية من تشتت في المقرات وغياب أبسط وسائل العمل، فضلا عن غياب مقومات مناخ عمل سليم، وما يعانيه عموم القضاة من ظروف عيش لا تتوافق مع مقومات السلطة القضائية، سيما ما يرتبط منها بتدني أجورهم في سلم الأجور القضائي العالمي، كان لا بد من وجود تنسيق بين جميع الهياكل الممثلة للقضاة التونسيين لتوحيد آليات العمل النقابي وبلورة برامج عمل موحدة في المسائل المصيرية التي من شأنها أن تساهم في تكريس وإنزال منطوق الدستور على الواقع ضمانا لقضاء عادل ونزيه وناجز. وأكد حمدان على ضرورة تسريع بقية السلطات عملها بهدف ترسيخ المؤسسات القضائية الدستورية الدائمة والقطع مع حالة المؤقت التي ظلت تتراوح فيها هذه المؤسسات على خلاف تلك المرتبطة بالسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، مشددا على أنه لا خلاف اليوم على أنه لا سبيل لإرساء دولة القانون والمؤسسات من دون استكمال مسار بناء هذه المؤسسات القضائية التي أضحى إغفال إرسائها مبعثا للريبة يعكس إرادة سياسية في عدم إقامة سلطة قضائية، على حد قوله. ونبهت وفاء بن عبد الصمد العضو المؤسسة في إتحاد قضاة محكمة المحاسبات إلى أن الظرف الحالي الذي يمر به القضاء يستدعي توحيد الجهود بين الهياكل القضائية الإدارية والمالية والعدلية لإرساء سلطة قضائية موحدة، حتى يقع التجسيد الفعلي لاستقلالية القضاء والقضاة، مبينة أن تزايد عدد الملفات التي تتعهد بها محكمة المحاسبات كالرقابة على الحملات الانتخابية يستدعي إعادة النظر في الإمكانات المتوفرة بها. كما أكدت على أن هذه التنسيقية أحدثت في إطار توحيد الصف القضائي والدفاع عن المبادئ العامة التي يقوم عليها الدستور والمعايير الدولية، فضلا عن ضرورة توفير مناخ عمل وضمانات جديرة بتجسيد سلطة قضائية حقيقية، مصرحة بأن التنسيقية ستتولى العمل على التسريع في إصدار القوانين التي لها صلة بالسلطة القضائية بمختلف فروعها ومراجعة النصوص القانونية الحالية بما يتماشى والمعايير الدولية والدستور التونسي.