كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة: اعداد خطة عمل بكافة الولايات لتفادي توسع انتشار الحشرة القرمزية ( فيديو )    انس جابر تغادر بطولة مدريد من الربع النهائي    اسقاط قائمتي التلمساني وتقية    عين دراهم: إصابات متفاوتة الخطورة في اصطدام سيارتين    الحكومة تبحث تقديم طلب عروض لانتاج 1700 ميغاواط من الطاقة النظيفة    تأخير النظر في قضية ما يعرف بملف رجل الأعمال فتحي دمّق ورفض الإفراج عنه    كمال دقّيش يُدشن مركز إقامة رياضيي النخبة في حلّته الجديدة    باقي رزنامة الموسم الرياضي للموسم الرياضي 2023-2024    القصرين: ايقافات وحجز بضاعة ومخدرات في عمل أمني موجه    تراجع عدد الحوادث المسجلة ولايات الجمهورية خلال الثلاثي الأول لسنة 2024 بنسبة 32 %    طلبة معهد الصحافة في اعتصام مفتوح    بمناسبة عيد الشغل: الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية مجانا    هذه تأثيرات السجائر الإلكترونية على صحة المراهقين    على متنها 411 سائحا : باخرة سياحية أمريكية بميناء سوسة    نجلاء العبروقي: 'مجلس الهيئة سيعلن عن رزنامة الانتخابات الرئاسية إثر اجتماع يعقده قريبا'    القبض على شخص يتحوّز بمنزله على بندقية صيد بدون رخصة وظروف لسلاح ناري وأسلحة بيضاء    الليلة: أمطار غزيرة ورعدية بهذه المناطق    صفاقس: اضطراب وانقطاع في توزيع الماء بهذه المناطق    قفصة: تواصل فعاليات الاحتفال بشهر التراث بالسند    تحذير رسمي من الترجي التونسي لجمهوره...مالقصة ؟    الترجي الرياضي: نسق ماراطوني للمباريات في شهر ماي    تحذير من برمجية ''خبيثة'' في الحسابات البنكية ...مالقصة ؟    بنزرت: حجز أكثر من طنين من اللحوم    وزيرة النقل في زيارة لميناء حلق الوادي وتسدي هذه التعليمات..    سوسة: حجز كمية من مخدر القنب الهندي والإحتفاظ بنفرين..    أسعار لحم ''العلوش'' نار: وزارة التجارة تتدخّل    عاجل/ "أسترازينيكا" تعترف..وفيات وأمراض خطيرة بعد لقاح كورونا..وتعويضات قد تصل للملايين..!    مختص في الأمراض الجلدية: تونس تقدّمت جدّا في علاج مرض ''أطفال القمر''    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    خبراء من الصحة العالمية يزورون تونس لتقييم الفرص المتاحة لضمان إنتاج محلي مستدام للقاحات فيها    اتصالات تونس تفوز بجائزة "Brands" للإشهار الرمضاني الأكثر التزاما..    عاجل/ تلميذ يعتدي على أستاذته بكرسي واصابتها بليغة..    إحداث مخبر المترولوجيا لوزارة الدفاع الوطني    الحماية المدنية: 18 حالة وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    فرنسا تشدد الإجراءات الأمنية قرب الكنائس بسبب "خطر إرهابي"..#خبر_عاجل    زيادة ب 14,9 بالمائة في قيمة الاستثمارات المصرح بها الثلاثي الأول من سنة 2024    تونس: تفاصيل الزيادة في أسعار 300 دواء    هام/ هذا موعد اعادة فتح معبر رأس جدير..    تفاقم عدد الأفارقة في تونس ليصل أكثر من 100 ألف ..التفاصيل    بطولة إيطاليا: جنوى يفوز على كلياري ويضمن بقاءه في الدرجة الأولى    عاجل : الأساتذة النواب سيتوجّهون إلى رئاسة الجمهورية    هدنة غزة.. "عدة عوامل" تجعل إدارة بايدن متفائلة    مفاوضات الهدنة بين اسرائيل وحماس..هذه آخر المستجدات..#خبر_عاجل    توزر...الملتقى الجهوي للمسرح بالمدارس الاعدادية والمعاهد    صدر حديثا للأستاذ فخري الصميطي ...ليبيا التيارات السياسية والفكرية    في «الباك سبور» بمعهد أوتيك: أجواء احتفالية بحضور وجوه تربوية وإعلامية    الخليدية .. أيام ثقافية بالمدارس الريفية    محاكمة ممثل فرنسي مشهور بتهمة الاعتداء الجنسي خلال تصوير فيلم    الاحتفاظ بالمهاجرة غير النظامية كلارا فووي    درة زروق تهيمن بأناقتها على فندق ''ديزني لاند باريس''    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس «الائتلاف الجمهوري اللّيبي» ل «التونسية»:«فجر ليبيا» انتهت
نشر في التونسية يوم 27 - 02 - 2016

ننتظر دورا استراتيجيا أعمق من تونس
«الناتو» حوّل ليبيا إلى «كنتونات» مسلحة
نتوقع «جراحات» جويّة دقيقة ضدّ ال «دواعش»
حاوره: عبد السلام لصيلع
الدكتور عز الدين عقيل باحث ومفكر وسياسي ليبي معروف بخبرته وبحوثه وتحاليله الاستراتيجية المعمّقة وبآرائه وأفكاره ومواقفه المعتدلة.. وهو شخصية سياسية ليبية كبيرة له موقعه على الساحة اللّيبية وجزء من المشهد السياسي في بلاده باعتباره رئيس حزب «الإئتلاف الجمهوري اللّيبي...».
«التونسية» استضافته فتحدّث عن الأزمة اللّيبية من مختلف جوانبها في هذا الظرف الدقيق برؤية واضحة ومعلومات مذهلة تنير القارئ وتجعله يفهم حقيقة ما يحصل في ليبيا، حاول ضيفنا أن يسلط الأضواء على تطورات الأوضاع السياسية اللّيبية وما يتعلّق بها، تقديم قراءة مقنعة للأحداث المتسارعة لاطلاعه الواسع على خلفيات هذه الأحداث.. ونراه متحمّسا لضرورة نجاح العملية السياسية ولحكومة الوفاق.. ويدعو الى أن يكون لتونس «دور استراتيجي عميق وكبير في دعم العملية السياسية والاستقرار في ليبيا لأنها في قلب الحدث ضمن التفاصيل اليومية مع ليبيا.. وتتحمّل أعباء كبيرة...». في الخمس سنوات الماضية، في ظل الفوضى والتسيّب والانفلاتات وانتشار السلاح والميلشيات والحرب الأهلية وغياب الدّولة، من يحكم ليبيا؟
الحقيقة أن «الناتو» أنجز مهمّته على أكمل وجه.. استطاع أن يطيح بالدّولة وليس بالنّظام فقط وهذا أدّى طبعا الى أن «الحذّاق» و«الشطّار» وأصحاب السوابق الجنائية والمهرّبين استطاعوا أن يعجّلوا الى السلاح واستطاعوا أن يكوّنوا جماعات واقتسموا البلاد في ما بينهم وحوّلوها الى «كنتونات» بعد ذلك التحقت بهم التيارات السياسية، حاولت أن تؤجر كلا منهم باعتباره شركة أمنيّة قابلة للإيجار.. ثمّ تداخلت عليهم بعض المدن والقبائل ذات النّفوذ، استطاعت هي أيضا أن تقيم بعض التحالفات مع هذه الجماعات وبالتالي نجد البلاد الآن مقسّمة الى «كنتونات» «سرت» مثلا تحكمها «داعش» بلا شكّ، و«صبراته» تحكمها جماعات إسلامية مجهولة الهوية حتى الآن، هي في أدبياتها تدّعي أنها مع الدّولة ومع التداول السّلمي على السلطة وغيرها، ولكن الواقع، الذي ربما أكده الحدث الأخير الذي حصل بهجوم طائرة أمريكية على بيت في «صبراتة» يقول بأن هناك شبهات لهذه الجماعات مع أطراف إرهابية. والهلال النّفطي يحكمه ذلك «الولد» الذي يحتل الموانئ النفطية المسمّى إبراهيم جذران. والجنوب يشهد صراع نفوذ وإعادة ترتيب هيبات بين القبائل المكوّنة له سواء القبيلتين الإثنيتين «التّبّو» و«الطوارق» أو بقية القبائل العربية الأخرى. وهذا طبعا سببه غياب الدّولة وليس بسبب عدائيّة هذه القبائل التي وجدت نفسها في غياب الدّولة مضطرّة إما لتحافظ على نفوذها وإما لسوء فهم عندما يقتل شخص من قبيلة فتعتقد هذه القبيلة بأن ذلك محاولة لاهانتها من طرف القبيلة الأخرى فتحاول أن تردّ الفعل وهذا يدلّ على أن الأمر يتعقد أكثر فأكثر. بالنسبة الى طرابلس هي في هذا الوقت الراهن محكومة بميليشيات طرابلسية وكذلك بميليشيات «مصراتة» التي أعادت السيطرة على طرابلس بعد عملية «فجر ليبيا». وفي الشرق هناك جماعات إسلامية لها تقريبا نفس هوية جماعات «صبراته»، هي التي تحكم «درنة»، ومع هذا لازالت «داعش» تحاول أن تنافسها على السيطرة على المدينة. وبالنسبة الى بنغازي فيها جزء من «أنصار الشريعة» الذين يقاتلون مع «مجلس شورى الثوّار» الذي يقاتل خليفة حفتر.. ولكن جزءا كبيرا من مدينة بنغازي وحتى الحدود مع مصر وفي «مساعد»، هذه كلها منطقة المفروض أنها تحت نفوذ خليفة حفتر، ولكن هذا ليس بشكل كامل.. فلازال هناك ضعف كبير في هذا الجيش ولازال بالامكان اختراقه من الكثير من الأطراف، ولكن على الأقل فإن الهيمنة الحقيقة هنا للجيش ولا يستطيع أحد أن يجاهر بوجوده في هذه المنطقة بسبب وجود خليفة حفتر. وفي الجبل توجد المدن الأمازيغيّة وهي محكومة بأهلها، هم يظهرون بالتأكد مظاهر مدنيّة أقوى، يعني هم يحاولون الآن الانشغال بحياتهم ولكن سلاحهم في بيوتهم، ومتى تعرّضت مدينة من المدن الأمازيغية الى أي عدوان أو هجوم فإنهم يستعملون سلاحهم ويقاومون ويدافعون عن مدنهم وعائلاتهم. هذه هي تقريبا صورة الحال في ليبيا اليوم.. إذ لا توجد سلطة مركزية نستطيع أن نقول انها فعلا تسيطر حتى على جزء كبير من البلاد وليس على كلّ البلاد.
في الأثناء ماهو دور القبائل؟
الحقيقة أنه إذا كان هناك من حافظ على هويّة الدّولة في هذه الظروف الصعبة فهي القبيلة، لأنها تقوم بدور كبير الآن في الحفاظ على الحدود الدّولية لليبيا، خاصة القبائل الحدودية. وأيضا تحاول القبائل من ناحية مشاعر وجهائها ومشايخها أن تراهن دائما على السّلم الأهلي والمصالحة، فكلّ لقاءات المصالحات التي وقعت حتى اليوم هي تقريبا في مجملها جاءت بدعوات من القبائل وبدعمها وليس من غيرها. ويكفي أن نقدّم لقطة بسيطة تؤكّد إلى أي مدى أن القبيلة لا علاقة لها بكلّ هذا السوء الحاصل في ليبيا هي هذا «الولد» الذي يحتل الموانئ النفطية إبراهيم جذران هو من بيت صغير في قبيلة المغاربة، بينما شيخ هذه القبيلة صالح الاتيوش له قدرة ويشار اليه في بعض التسميات ب «البيْ» (أي الملك) نظرا ربما لأن له جذور وصلات قديمة بالنظام الملكي، هذا الرجل يلزم بيته الآن ولا علاقة له بكل هذه المظاهر البشعة والمسيئة لوحدة الدولة ولاقتصادها ولكيانها وهيبتها وسيادتها. وبالتالي هذه من اللّقطات التي تؤكد أن القبيلة لم تتورّط في أيّة اشكالات أو في ما يسيء لهيبة الدّولة.
ماهو عدد الميليشيات التي تتحرّك في ليبيا؟
في البداية كانت هناك ميليشيات كثيرة. وبعد أن حصلت اندماجات بعدما ظهر جيش «الكرامة» وجيش «فجر ليبيا» وبعدما ظهرت بعض القوى المؤثرة وبعدما ظهر «الجذران» ممثلا في ما يسمى ب «قوات حرس المنشآت النفطية»، أعتقد أنهم الآن باجمالهم لا يتجاوز عددهم 150 ميليشيا على أكبر تقدير، لكن للأسف الشديد أستطيع أن أقول إنه لا توجد قاعدة بيانات وليست لدينا منظومة أمن قومي حتى نستطيع أن نقوم فعلا بالتأسيس لقاعدة بيانات يمكن للخبراء وللجهات الدولية والمحلية أن تعتمد عليها حتى نستطيع أن نصرّح بتصريحات دقيقة بموجبها أو على الأقل نقيم عليها دراسات أو حتى حلولا.. للأسف هذا غير موجود ونتطلع الى أن يكون موجودا قريبا إن شاء الله.
في هذا الإطار ماهي الأطراف الرئيسية التي تشكل الصراع على السلطة في ليبيا؟
أعتقد أن حفتر الآن هو رقم كبير، الاخوان المسلمون رقم آخر، و«التحالف هو أيضا من الأرقام لأنّ لديه تحالف من «الزنتان»، بالاضافة الى مدينة «مصراتة» ولهذا نجد أنه في أي صلح وحتى في الخطوات الدّولية الأخيرة لابدّ أن تكون هذه الأطراف المقاتلة حاضرة بقيادة عبد الحكيم بلحاج. ونرى أطرافا متطرفة معها فعندما يكون عبد الحكيم بلحاج موجودا فإن الأطراف الأخرى تكون ممثلة بصورة غير طبيعية، طبعا بعض هذه الأطراف ربما لا يقبل المجتمع الدولي الحضور معها لأنه صنفها جماعات ارهابية. وبالتالي أعتقد أن هذه هي القوى الأبرز التي نستطيع أن نقول إنها تؤثر في الساحة الليبيّة.
في رأيك كيف سينتهي هذا الصراع؟
البداية بهذا الصراع كانت خاطئة، بل إنها كانت جريمة بكل ما في الكلمة من معنى، تدخّل «الناتو» والجامعة العربية التي سارعت الى تحريض المجتمع الدّولي على استعمال القوّة ضد ليبيا، كان كارثة وهذا التدخل استعمل صواريخ مجرّدة لم يرفقها بمشروع سياسي يضمن عدم سقوط الدولة في الفوضى والفشل، حيث اعتقدوا أن مجرّد اسقاط النظام إنجاز لمهمّة.. لا، هذا ليس إنجازا لمهمّة لأن السلطة عندما تعاني من فراغ حتى الخباز والخضار يرغب وقتئذ في ان يكون رئيسا، وما الذي يجعل الخباز والخضار وصاحب المقهى يلتزمون بوظائفهم؟ لأن كلّ واحد منهم يجد أمامه معايير ونظاما وإجراءات.. هو لا يستطيع أن ينافس حتى على منصب رئيس للحيّ، وبالتالي هو «يفهم قدره» ليس التزاما أخلاقيا منه ولكن لأنه اذا حاول أن يتجاوز سيجد نفسه أمام محاكمات وفي السجن. عندما ترفع كل هذه القيود ويسمح لكلّ فرد أيّ كان بمجرد امتلاكه 30 أو 40 شخصا ومعهم «الكلاشينكوف» أن يكون طرفا ويؤتى به إلى مائدة المفاوضات وتتقاسم معه الأموال، هنا تصبح القصّة مختلفة تماما. وهذا ما أحدثه «الناتو» في الحقيقة. وبالتالي أعتقد أن الأزمة كانت أشبه بزرع «السيدا» في جسم انسان.. فهذا الفيروس سوف يؤدي الى انهيار كلّ الأجهزة الدفاعية، وبالتالي هذا الجسم سيصبح عاجزا. هذا ما حصل لليبيا تحديدا، خاصة أن «الناتو» استهدف الجيش ومنظومة الأمن القومي كاملة، أنا لا أدري لماذا يختزل الجيش في معمّر القذافي؟ ولا أدري لماذا تختزل المخابرات والحرس البلدي والقمارق ومكافحة المخدرات في معمر؟ ما علاقة هؤلاء بمعمّر القذافي؟ ولماذا يردّد العالم الآن بصوت عال رغم أن الجيش السوري أثبت ولاءه لحزب البعث ولرئيس حزب البعث وأثبتت كلّ منظومة الأمن القومي السورية ولاءها الكبير للرئيس بشار الأسد أنه لن يسمح بسقوط المؤسسات الدستورية في سوريا؟ لماذا أسقطتموها في ليبيا؟ هل تريدون إفهامنها بأن هذا العمق الاستراتيجي لم يخطر ببالهم؟ لا.. أنا أعرف بأن أروقة «الوول ستريت» وقصر الايليزي.. والبيت الأبيض ومبنى زعيمة ألمانيا تعج بالاستراتيجيين الذين يستطيعون إنباءنا حتى بما سيحدث بعد مائة عام ويستطيعون أن يحدّدوا المضاعفات لكلّ مسألة بدقة شديدة، ولكن يبدو أن المؤامرة فعلا هي إدخال ليبيا في هذه الحالة السيئة. أنا لا أستطيع أن أقول طبعا إن ثورات الربيع العربي كانت مؤامرة أو أن ما أتاه البوعزيزي في تونس من تنسيق «السي أي إي»، هذا يستحيل ولكن هناك شيء لدى أجهزة الاستخبارات في الدول الكبيرة والمهمّة وهو أن هناك تفاصيل توضع تحت عنوان «احتواء الأحدث». صحيح أنا لا أستطيع أن أكون سببا في تحريك الأحداث الأحداث أو في صناعتها ولكن عندما تحدث الأحداث بامكاني تطويرها واستثمارها، وتحويلها حتى عن مسارها. يعني هم الآن يفكرون مثلا إذا جاء نيزك كبير من الفضاء وفي الولايات المتحدة هذا مشروع موجود يتوقعون أن قطعة صخرية ضخمة من الممكن أن تنطلق من الفضاء هم جاهزون لضربها إما أن تتفتت وإما تتغيّر اتجاهاتها نحو الصحاري. فهذا هو مستوى تعاملهم مع الأزمات التي من الممكن أن تحصل. يعني هم فعلا جاهزون لاحتواء أي حدث في اتجاه مصالحهم. أعتقد أن لهم حسابات كثيرة مع معمّر القذافي يريدون تسويتها غير الوضع مع بن علي.. ولهذا نلاحظ أن أداءهم مع بن علي ومبارك اختلف.. هم وقفوا معهما بقوّة في البداية ولم يتخلّوا عنهما إلا عندما عرفوا بأنهما سوف يسقطان لا محالة وأن السقوط سيكون مدويا وستكون الخسارة كبيرة لأنهم سيخسرون الشعب التونسي والشعب المصري.. أما بالنسبة للقذافي فلا. منذ اللحظات الأولى تذكروا «لوكوربي» وملهى برلين وموضوع النفط ودعم الشعب الفلسطيني والموقف من اسرائيل.. وإلخ، وإلخ... وهذا ربما يكون قد عجل باختيارهم لوجوب استثمار هذا الحادث من أجل اسقاطه.
الآن على العالم الذي ارتكب هذه الأخطاء أن يعود ويعالج هذا الخطأ.. لابد أن يكون هو الطرف في معالجة الخلل. وأعتقد أن العالم قد استفاق.. صحيح أنه استفاق متأخرا وربما هي ليست استفاقة ولكن هذه هي اللحظة التي هو يؤسس لها لكي يتدخل فيها، هو تدخّل وأنجز «الاتفاق السياسي... وأنجز المجلس الرئاسي.. والحكومة الآن على الأبواب.. ولا أعتقد أنه سيسمح إطلاقا لمجلس النواب بأن يرفض منح الثقة لهذه التشكيلة.. ربما من أجل إرضاء غروره يمنح فرصة تغيير بعض الوزراء، خاصة هؤلاء الذين يقال بأنهم ارتبطوا بشبهة، أحدهم قالوا عنه إن شهادته الجامعية مزوّرة، والآخر قالوا إن عليه حراسة، وثالث قالوا إنه متهم بقضايا اقتصادية. يعني كما قلت، ربما ارضاء لغرور البرلمان، وفي نفس الوقت إعطاء شعور لهذا البرلمان بأنه فعلا حاكم أمر نفسه ولتوريطه بالاندماج أكثر في العملية السياسية.
توصّل المجتمع الدولي الى تكوين حكومة وفاق في الصخيرات، لكن هذه الحكومة تلقى رفضا من أطراف عديدة داخل ليبيا بالاضافة إلى انسحابات من الحكومة وخلافات في المجلس الرئاسي، ولم يمنح البرلمان ثقته لهذه الحكومة بعد، ما الذي يجري هل هي مسرحية مرتبة؟
أنا شخصيا أعتقد بأن كلّ ذلك مجرد «سكاتشات» مسرحية لا أكثر ولا أقل.. وحتى إن كان أصحابها يعنون ما يفعلون وأعتبر أنهم لن يكونوا إلا ضحايا أنفسهم لأن هؤلاء الأشخاص الذين يحاولون عرقلة الحكومة مراقبون من طرف المجتمع الدّولي مراقبة شديدة حتى أنه يقال إن أول قائمة لتفعيل منظومة العقوبات الدّولية ستكون ضدّ الأفراد الذين يعتقد العالم أنهم يعرقلون السلام والاستقرار في ليبيا وستصدر بعد منح الثقة للحكومة مباشرة، لأن العالم الآن بدأ يرصد من هم هؤلاء الذين يعرقلون العملية السياسية. وربما الهجوم الأمريكي الذي حصل على الغيلاّ في مدينة صبراتة هو رسالة إلى هؤلاء الناس لأن الوضع قد بات خطيرا.
ماهو المطلوب من فائز السرّاج بعد الحصول على ثقة البرلمان لحكومته؟
الطرف الذي يجب أن يكون هناك هو المجتمع الدّولي وليس السراج، فالسرّاج هو جزء من الاستحقاقات الدولية المجتمع الدولي قال: «أيها اللّيبيّون أعطونا مجلسا رئاسيا واتفاقا سياسيا يرضي مبادئنا» لأن الاتفاق السياسي تضمّن حقوقا للاجئين والنازحين وإنهاء للسجون السرية وتوحيد مؤسسات الدولة وعودة مواقع الثروة النفطية إلى سيادة الدّولة والتي هي مرتبطة بمصالح الغرب، سواء من حيث أن هناك شركات شريكة في هذا النفط أو سواء من حيث أن امدادات النفط تذهب فعلا إلى دول أوروبية، ربما صمّمت مصافيها تحديدا على النفط اللّيبي، فمعظم الدول التي تستورد النفط من ليبيا نظرا لجودته العالية صمّمت المصافي على هذا النّفط، أي إهدار لأي نفط جديد خاصة الخليجي الملوّث كثيرا بالرّمال والأتربة يحتاج إلى إضافة وحدات تنقية جديدة، وبالتالي عودة هيبة الدّولة على قطاع البترول هي مصلحة غربية وأوروبية، لذلك هم صاغوا هذا الاتفاق الذي يتضمّن أيضا حفظ مصالحهم. طيّب، أنتم قلتم: «آعطونا هذا الاتفاق السياسي»، هاهو الاتفاق السياسي موجود وموقع.. وقلتم لنا: «اعطونا حكومة تكون شريكا استراتيجيا للعالم حتى نستطيع من خلالها مواجهة الأزمات»، قلنا لكم: «هاهي الحكومة تشكلت»... وبعد أن تمنح الثقة لحكومة السراج يبدأ دور المجتمع الدولي وليس دور السرّاج.
وماهو هذا الدّور المطلوب من المجتمع الدّولي؟
هذا الدّور بداية لابد أن يحدّدوا ماهي آلية دخول السراج إلى العاصمة وما هي آلية حماية العاصمة؟ الآن يقوم باولو سييرا بمفاوضات جدّ معمّقة مع أمراء الحرب في طرابلس.. ؤأيضا الجنرال عبد الرحمان الطويل رئيس لجنة الترتيبات الأمنية يقوم بهذه المفاوضات مع الجماعات المسلحة من أجل التوصل إلى أفضل سبيل لدخول الحكومة ولممارسة هيبتها ضمن إرادة مستقلّة بشكل كامل. أعتقد أنهم حقّقوا خطوات واسعة وكبيرة، لازال ربما هناك شيء غامض الى حدّ ما مع ميليشيات «مصراتة» الموجودة داخل طرابلس والتي هي في الأصل ليست داخل المدينة حيث مقرّات الحكومة ولكنها تشكل خطرا على اية مؤسسة سياسية ما لم يتم اخراجها من العاصمة أو ايجاد صيغة ما تجعلها فعلا تلتزم بالوجود داخل أماكن مغلقة الى حين النظر في مصيرها وفي آليات تفكيكها وفي آليات سحب السلاح الثقيل والمتوسط منها، وبالتالي فإن كوبلر أيضا يتواصل مع كلّ الأطراف، وهو على اتصال مستمرّ بالسيد سييرا مستشاره الأمني ويحاول أن ينقل بعض الاحتياجات التي يمكن أن تكون لسييرا في مسألة التفاوض إلى مستويات دولية أعلى من أجل تقديم هذا الدعم ومدى العون.. هؤلاء «الأولاد» تحوم طلباتهم تقريبا حول ثلاثة أشياء رئيسية هي: كثير منهم يريد الملاذ الآمن مثلما حصل لشباب كنيسة المهد في الضّفة الغربية. هم يقولون: «نحن خارج ميليشياتنا سيفترسنا الشعب خلال دقائق.. نحن لا نستطيع أن نعيش في ليبيا أكثر مما عشنا».. الواحد منهم يقول: «لا أستطيع أن أعيش إلا طاغية في ليبيا.. إذا كنت طاغية ومجرما يقتل الناس ويخطفهم يمكنني تدبير حالي مع مخاطر، لكن أن تخرجوني من الميليشيات التي أحكمها وتضعوني في الشارع سأموت خلال ثوان».. وجزء آخر استلم مبالغ ضخمة بلغت مئات الملايين، يقول: «ما مصير هذه الأموال، أنا سأغادر من هنا وأنتم ستفتحون الدفاتر وستقولون: أنت استلمت من البنك المركزي 500 مليون تعال قل لنا أين وضعتها، وبالتالي ستجدون مليون سبب لاعتقالي وسجني، فهذا الأمر كيف سنسوّيه؟».
والأمر الثالث العفو عليهم ودفن ما ارتكبوا من جرائم ومن انتهاكات إنسانية خطيرة. طبعا هذا الموضوع خطير لأن فيه أمرين، قالوا لهم «نعفو عنكم، هذا مستحيل، هذا ليس من اختصاصنا بل من اختصاص أولياء الدمّ بالنسبة للذين قتلتموهم، وبالنسبة للأشخاص الذين مازالوا أحياء وتعرّضوا الى تعذيب هم الذين يجب أن يتنازلوا ولكن إذا قدّم كلّ واحد منكم إلينا قائمة بمن أساء إليهم ومن انتهك أجسادهم وحقوقهم أو أزهق أرواحهم سنتصل بذويهم وبمن أسأتم إليهم ونحاول أن نصل معهم الى اتفاق والحلّ الوحيد لانهاء هذا المشكل هو التعويضات لكن لو تمسك أحد بحقه لن يوجد هناك حلّ. ولا أعتقد أن هناك من يستطيع أن يقدم قائمة في أسماء ضحاياه... وهؤلاء يطلبون إصدار عفو عام حتى لا تشملهم تتبعات بعد ذلك. فحتى مستوى التفاوض معهم دخل في بعض التعقيدات. وهل من السهل أن تسلم ميليشيات «فجر ليبيا» طرابلس؟
لم تعد هناك «فجر ليبيا» اليوم هي تفككت في «مصراتة» اليوم خرجت من اللّعبة، وصلاح بادي وباشا آغا وهما أكبر مالكين لميليشيات مصراتة على طرفي نقيض.. وعبد الحكيم بلحاج في صفّ لوحده، ليس معهم.. و«الزاوية» التي هي جزء من «فجر ليبيا»، هي مفصولة عن طرابلس وغير قادرة على الدّخول. وميليشيات طرابلس التي كانت مع «فجر ليبا» مثل «غنيوة» و«كاردة» هم ضد ميليشات مصراتة، بل هم يطالبون ويضغطون الآن في سبيل اخراجهم من طرابلس. فلم يعد هناك شيء اسمه «فجر ليبيا» الآن وبالتالي هذا قد يكون أعان كثيرا في التوصل إلى الحلول السياسية فحتى «المؤتمر» لم يعد المؤتمر.. و«البرلمان» لم يعد البرلمان.. الجماعة الذين وقعوا في الصخيرات من «البرلمان» هم ليسوا البرلمان الموجود في طبرق. والجماعة الذين وقعوا في الصخيرات عن «المؤتمر» هي ليسوا المؤمر الموجود في طرابلس. هذا اسمه تفتيت الأزمة.. هذا كله بفعل غربي، أي تفكيكها وتحويلها إلى أجزاء صغيرة حتى يسهل القضاء عليها.
ماهي أولويات حكومة السرّاج؟
الأولوية الأولى هي ايصال المساعدات الإنسانية الى المدن المنكوبة بشكل عاجل، وإيقاف الحرب في بنغازي لأنه لا يمكن أن تراهن ليبيا كلها على الحلّ السياسي بينما في بنغازي تسمح لحفتر أن يراهن على الحلّ العسكري. فإيقاف الحرب في بنغازي يعتبر أهم خطوة لاعادة سيطرة الدولة على منابع النفط، لأن كل مصائب الدولة الآن اقتصادية، فحتى يقع تحسين الخدمات وتسريع معدّل تعاطي الأمن نحن في حاجة إلى الآموال، لذلك لابد أن تعود منابع وعمليات تصدير النفط إلى سلطة الدولة، وينبغي أن يساعد المجتمع الدّولي ليبيا بشكل كبير للعودة الى المليون و800 ألف برميل التي كانت تنتجها يوميا في عام 2010 حتى تستطيع أن توفر أموال الخزائن. وأيضا لابد من عودة سيادة وهيبة الدولة الى الشبابيك السيادية.. فالآن لا أحد يدفع ضرائب ولا كهرباء ولا قمركا ولا رسوم دولة.. وهذا لا يجوز.. كذلك الدولة محتاجة الى سياسة مالية ونقدية دقيقة تعيد الهيبة إلى القوّة الشرائية للدّينار اللّيبي، وهذه السياسة المالية تستطيع أن تدير الدوّلة وقطاعاتها بشكل كامل ضمن المبالغ المحدودة التي باتت موجودة لديها اليوم، وهذا يحتاج إلى عبقرية كبيرة وإلى مساعدة دقيقة من صندوق النقد الدولي ومن البنك الدولي. وأيضا يجب بسرعة استعادة الجيش والشرطة بالاتفاق مع المجتمع الدولي وتقديم ما يلزم من تدريب وتأهيل لهذه القوات.
وإعادة النازحين والمهجرين الى بيوتهم هذه مسألة على رأس أولى أولويات الحكومة، وهو ما يخلق الالتفاف الشعبي وتوسّع القواعد الشعبية حول رئيس الحكومة.
وبخصوص موضوع الإرهاب طلب الأنقليز من «مصراتة» محاصرة «داعش» في سرت بعد دخول عمر الشيشاني اليها، بحيث لا يسمح لأحد بالدّخول إليها ولا بالخروج منها إلى حين وصول الحكومة ثم بعد ذلك سيرتّب المجتمع الدّولي لكيفية اقتحام المدينة.
بعدما تبدأ الحكومة في عملها وتستقرّ الأوضاع هل سيبقى لحفتر دور؟
أعتقد أن حفتر منح دورا منذ الآن وسيكون له دور كبير ومهم في المفاوضات نحو انهاء الحرب في بنغازي، فلا أتصور أن يتم انهاء الحرب في بنغازي في غياب حفتر ولا أتصوّر أن مفاوضات حفتر مع «مجلس شورى الثوّار» ستكون أقل صعوبة وتعقيدا من المفاوضات نفسها التي جرت في الصخيرات، وبالتالي هذا سيعطي لحفتر دورا طويلا وربما من خلال الإفرازات التي ستنتج عن تلك المفاوضات في بنغازي بين حفتر و«مجلس شورى الثوار» أعتقد أنها ستنتج دورا لحفتر بشكل طبيعي، بالإضافة إلى أن المجلس الرئاسي سيتشاور مع حفتر. لكن العالم لعب لعبة ذكية، أي أنه تعامل مع حفتر كرقم كبير ولكنه في نفس الوقت منع على نفسه التعامل مع حفتر، لأنه وضع له وسيطا الذي هو علي القطراني الذي يسمع منه العالم، بالاضافة الى أن المجلس الرئاسي هو الآن الطرف الذي سيتحدث اليه العالم بخصوص مسألة الجيش وتسليحه وغيره، وليس حفتر. ولا أعتقد ان يخوض المجلس الرئاسي في هذه الأمور دون التشاور مع حفتر لأن المجتمع الدولي أراد غلق كل باب يمكن أن يتسلل منه الاستبداد ويرى ان حفتر يمثله ويعتقد بأن حفتر هو أحد الضبّاط الوحدويين الأحرار الذين جاؤوا بثورة سبتمبر عام 1969 على الملك إدريس ويعتقد بأن هذا الرّجل قد أظهر ما يكفي من طموحات سياسية، وربما من خلال مخالطتهم له يعرفون بأن عقليته عسكرية متشدّدة وان عودة الاستبداد باتت أمرا مؤكدا في حال صار حفتر في سدّة الحكم، وهم بالتأكيد لا يريدون عودة الاستبداد إلى ليبيا ولا يريدون رؤية مثل هذه الشخصيات القوية التي عاش معها الغرب ظروفا صعبة أن تعود من جديد إلى سدّة الحكم بعد أن دفعوا ما دفعوا في سبيل التخلّص منها ممثلة في شخص معمّر القذافي وعبد الناصر والأسد الذي لا يزالون بصدد محاربته، وغيرهم.
يتحدّث العالم منذ مدّة عن تدخل عسكري غربي وشيك في ليبيا، في رأيك هل سيقع هذا التدخّل وكيف ومتى؟
ليس هناك تدخل عسكري بالشكل الذي نتصوّره، لأن البنى التحتية لهذه الحرب غير موجودة لأنّ أي حرب على ليبيا اليوم لن تكون مثل حرب جورج بوش على الجيش العراقي أيام صدّام حسين... كما أنها لن تكون مثل حرب سنة 2011 عند الهجوم على معمّر القذافي وقوات الجيش اللّيبي.. المسألة مختلفة.. يعني الآن هناك مجموعة من الصّعاليك كوّنوا ميليشيات، أعتقد أنهم عندما يسمعوا بأوّل إنزال لن نجد منهم أحدا سوف يهربون. أما عن «داعش» فربما تقاوم بأسلوب «مجلس شورى الثوّار» سيذهبون إلى حرب العصابات وسيختفون بين الناس، وهم أظهروا هذا وبدؤوا في الإختفاء عن الأنظار في «سرت» منذ شهر مضى عندما بدأ الحديث عن غزو عسكري كبير للبيا.. هم الآن يذوبون بين النّاس ويحاولون أن يختفوا نهائيا حتى أنّك لا تجد لهم مظهرا واضحا لهم في »سرت» وعلى أية حال، هم إجمالا ورغم إنه لا توجد قاعدة بيانات لأنه لا توجد منظومة أمن قومي في ليبيا تقول لكم كم «داعشيا» فإن العالم بطرقه الخاصة وبتقاريره الاستخباراتيّة حدّدهم من 3 آلاف الى 6 آلاف أو 5 آلاف شخص تقريبا. هؤلاء الأشخاص ليسوا في حاجة حتى الى طائرة «أباتشي» فبصاروخ واحد يمكن القضاء عليهم إذا كانوا موجودين بشكل عسكري. وأيضا ما سيجعل هذه الحرب ضعيفة أو اقتراحا سخيفا هو أن البيئة اللّبية كارهة لهم، وبالتالي أوّل ما يبدؤون في الهروب نحو العائلات اللّيبية سيقتلون بالسكاكين وبالأسلحة التي في البيوت.. وسيجدون الأبواب موصودة أمامهم.
فالحاضنة الشعبية عدائية لهم وهم في بيئة بارزة العداوة خاصة بعدما قاموا به من عمليات صلب وقتل... وسيكون وضعهم بالغ الصّعوبة.
وإن هذا العداء الكبير في الداخل والخارج حولهم لا يحتاج إلى حرب ضخمة للقضاء عليهم. وستكون الحرب عليهم في شكل برّي واستخباري وتصفيات جسدية بعمليات جراحية جوية دقيقة ومحدودة. ولن تكون حربا تقليدية. وتلك الحرب سيعتمد فيها الغرب على الجيش اللّيبي والشرطة اللّيبية.
هل نفهم أن الغارة الأمريكية التي حدثت في مدينة صبراتة كانت بداية لهذا التدخل الدّولي؟
لا، العمليات العسكرية الجراحية بدأت ب «أبو أنس اللّيبي» وب «أبو ختالة» وبالبيت الذي دمر في أجدابيا عندما قيل إن فيه «مختار بلمختار» ثم اتضح أن هذا الثعلب استطاع أن يفرّ والعمليات على غرار عملية صبراتة ستتواصل وبتوسع مستقبلا.
ماذا تقول عن موقف دول الجوار، وخاصة تونس والجزائر من مستجدات الأحداث في ليبيا؟
أنا أريد أن أقول إني كنت أعوّل في الحقيقة على موقف تونسي أكثر عمقا وتمنيت لو قام الرئيس التونسي أو رئيس الحكومة بجولات مكّوكية كبيرة بين الأطراف اللّيبية، سواء قبل انطلاق المجتمع الدّولي في هذه المفاوضات من أجل التوحيد عن طريق تونس التي يجب أن يكون لها دور إستراتيجي عميق وكبير أو عندما ظهرت خلافات حول الإتفاق السياسي أو عندما ظهر الحوار اللّيبي اللّيبي في تونس والذي كان من قام به يقصد التشويش على العملية السياسية ومحاولة افشالها. فالدّور التونسي لم يرتق حتى الآن إلى المستوى الذي أتطلع إليه شخصيا وأتمنى أن نراه في المستقبل أكثر قوّة على الأقل في ايجاد التزامات محدّدة لتونس في دعم حكومة الوفاق والإستقرار في ليبيا.
وأعتقد أن موقف الجزائر ينسحب على الموقف التونسي ولا أظن أن هناك فرقا كبيرا، بل بالعكس تونس تتحمل أعباء كبيرة. ويمكن أن نقول إنها تتحمّل أعباء الأعداد الكبيرة من أبناء الشعب اللّيبي.. وأعباء الصراعات واستخدام هذه الصراعات من قبل بعض الأطراف المتطرفة للعبور، وأكثر من مرّة تحتفظ بهؤلاء الأشخاص فتحدث لها مشاكل ولرعاياها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.