نجم المتلوي ينهي العلاقة التعاقدية مع زياد بن سالم وسامح بوحاجب    دراسة صينية تُحذّر من مخلّفات التدخين التي تلتصق بالجدران والأثاث والستائر    عاجل: هذه الدول العربية معنية بتقلبات جوية قوية في الثلث الاخير من الشهر    عاجل: تحذير من سيلان الأودية في الذهيبة    السيجومي: أمنيّ يُعاين حاث مرور فتصدمه سيارة وترديه قتيلا    كأس أمم إفريقيا: المنتخب الوطني صاحب أكثر المشاركات المتتالية .. والفراعنة الأكثر تتويجا باللقب القاري    توزر: "عبق التراث" في الدورة 13 لمهرجان بوهلال للسياحة والتراث من 22 إلى 24 ديسمبر    أيام قرطاج السينمائية 2025: الفيلم الجزائري "رقية" مقاربة نفسية لذكرى العشرية السوداء    يهمّ التوانسة: شروط الاستفادة من الامتيازات الجبائية    عاجل: ألمانيا تسجل أول اصابة بمرض جدري القردة    عاجل/ حكم قضائي جديد بالسجن في حق هذا النائب السابق..    القيروان: اكتشاف منشآت مائية تعتبر الأولى من نوعها خلال ترميم فسقيات الأغالبة    جامعة التعليم الثانوي ترفض دعوة الوزارة الأساتذة لإنجاز حصص تدارك خلال عطلة الشتاء    منتدى وان للاعمال يوم 20 جانفي 2026 بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    البطلة "غفران غريسة" تهدي تونس 3 ذهبيات في منافسات لواندا    مع تراكم ممهدات الانفجار الداخلي في أمريكا وأوروبا: مركزية العالم عائدة إلى الشرق    دراسة: الأمّ التونسية ما تحكيش برشا مع أولادها في موضوع التربية الجنسيّة    موظّفو اللوفر يلغون الإضراب.. وقرار بإعادة فتح المتحف    دراسة تحذر من مخاطر التدخين السلبي من الدرجة الثالثة..    استشهاد 4 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على جنوب غزة..#خبر_عاجل    القيروان: إستبشار الفلاحين بالغيث النافع    بمناسبة العطلة المدرسية: مرصد المرور يدعو إلى توخي أقصى درجات الحذر    حجز قطع أثرية ثمينة..وهذه التفاصيل..    عاجل: الترجي الرياضي يستعيد مهاجمه هذا    الكرة الطائرة: برنامج مباراتي الكاس الممتازة لموسم 2024-2025    القنصلية التونسية بدبي:'' خليكم في الدار واتبعوا تعليمات السلامة''    فرنسا : تفتيش منزل ومكتب وزيرة الثقافة في إطار تحقيق فساد    احباط محاولة سرقة غريبة من متجر معروف..ما القصة..؟!    تحذير عاجل للتوانسة من استيراد الأبقار من فرنسا    رئيس الجمهورية يؤكّد لدى لقائه رئيسة الحكومة أنّ الشّعب وجّه يوم أمس رسائل مضمونة الوصول وأعطى درسًا للجميع    تونس تحقق 57.9 مليار دينار في الصادرات وفرص واعدة في الأسواق العالمية!    عاجل: الجامعة التونسية لكرة القدم تكشف بالأرقام عن تمويلات الفيفا منذ جانفي 2025    عاجل: وزارة النقل تعلن عن إجراءات استثنائية لتأمين تنقل المواطنين خلال عطلة الشتاء    كأس العرب قطر 2025: منح المركز الثالث للبطولة مناصفة بين منتخبي الإمارات والسعودية    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد: برنامج مباريات الجولة 20    عاجل: هل الأمطار ستكون متواصلة خلال الأيام القادمة؟عامر بحبة يوّضح    طقس اليوم: أمطار بأغلب الجهات وانخفاض في الحرارة    تنسيقية مسدي الخدمات الصحية تحذّر من انهيار المنظومة وتدعو إلى تدخل عاجل لإنقاذها    صدمة للملايين.. ترامب يوقف قرعة الهجرة    حفل موسيقي "ليلة القادة الشبان" بمسرح أوبرا تونس الجمعة 26 ديسمبرالجاري    مصر.. ايقاف البحث عن 3 أشخاص دفنوا تحت الأنقاض    وخالق الناس بخلق حسن    الأول افتتح «الأيّام» والثاني في المسابقة الرسمية ..«فلسطين 36» و«صوت هند رجب» مرشحان للأوسكار    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    عاجل/ بمناسبة عطلة الشتاء: وزارة النقل تتخذ جملة هذه الإجراءات..    الكاف: يوم تحسيسي لتشجيع صغار الفلاحات على الانخراط في منظومة الضمان الاجتماعي    عاجل/ نشرة متابعة جديدة للرصد الجوي: أمطار رعدية الليلة..    توزر: استعدادات لإنجاح الأنشطة السياحية بمناسبة عطلة الشتاء واحتفالات رأس السنة    عاجل/ هذا موعد أوّل رحلة للحجيج وآخر موعد لاستكمال إجراءات السفر..    كوتش يفسّر للتوانسة كيفاش تختار شريك حياتك    فتح باب الترشح لجوائز الإبداع الأدبي والفكري والنشر لمعرض تونس الدولي للكتاب    نائب بالبرلمان: تسعير زيت الزيتون عند 15 دينارا للتر لن يضرّ بالمستهلك..!    دراسة تحذر.. "أطعمة نباتية" تهدد صحة قلبك..تعرف عليها..    عاجل/ رصدت في 30 دولة: الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ عامين سجن في حق هذا الفنان..    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضا الجندوبي (التيّار الشعبي) ل«التونسية»:«نداء تونس» يشهد «ثأر الأغصان من الجيران»
نشر في التونسية يوم 05 - 01 - 2016


البيروقراطية باتت عبئا على سيولة القرارات
لا يمكننا انتظار النجاح ممّن يعيشون الحاضر بعقل الماضي
حوار: أسماء وهاجر
من يحكم تونس اليوم؟ هل كره التونسي ثورته أمام ما لوحظ من تهجّم على بعض رموز الثورة وبعض حالات الحنين إلى الماضي إلى أيّ مدى يمكن اعتبار القصبة 1 والقصبة 2 والمجلس التأسيسي مقدمات لفشل تحقيق اهداف الثورة؟ وما هيّ نسبة أمل نجاح كل من محاولات لم شمل العائلة الدستورية و«حراك الارادة» في خلق التوازن داخل المشهد السياسي أمام الاجماع الحاصل حول فشل المعارضة الحالية بكل ألوانها؟ أين وصلت الحرب على الإرهاب وهل نجحت حكومة الائتلاف في الاستجابة لبعض تطلعات الشعب.. هذه الأسئلة وغيرها كانت موضوع حوار «التونسية» مع رضا الجندوبي أستاذ فلسفة وباحث في العلوم السياسية وعضو المكتب السياسي في «التيار الشعبي» والقيادي في «الجبهة الشعبية» الذي أكد لنا من خلال حواره أن أكبر خطإ ارتكبته حكومات ما بعد الثورة أنها تقتفي نفس المسالك والخطوات التي ثار عليها الشعب.
يجمع المحلّلون على أن المعارضة في تونس هي معارضة ضعيفة بعد دخول «النهضة» الائتلاف الحاكم. فهل هو اخفاق ل«التيار الشعبي» و«الجبهة الشعبية» كرمز من رموز المعارضة في خلق التوازن المفقود داخل الساحة السياسية؟
مبدئيا النظام الانتخابي القائم على أكثر البقايا لا يسمح بفرز أغلبية مطلقة لحزب بعينه مهما كانت قوته وهو ما يدفع عمليا نحو اقامة تحالفات غالبا ما تقوم إما على مشاريع مشتركة أو محاصصات حزبية وهو ما يجعل المعارضة عاجزة عن قلب الأوضاع والمعادلات السياسية داخل البرلمان باعتبار أن الحكومة تحظى بأغلبية مريحة لكن هذا لا ينفي عمل «الجبهة» من الناحية السياسية في اطار المتاح والممكن لخوض معارك سياسية من نوع الدفاع عن الحريات والسيادة الوطنية والكرامة والتشغيل التي اسقطت من اهتمامات الحكومات المتتالية.
التجارب التاريخية تقودنا إلى القول بأنه لا وجود لأغلبية أبدية ومعارضة دائمة وبالتالي يمكن لأقلية الأمس أن تتحول غدا إلى أغلبية ونحن نأمل في «الجبهة الشعبية» أن يمنحنا شعبنا ثقته في ظل الفشل المتواصل لمنظومات حكم ما بعد الثورة.
اليوم هناك لدى البعض حنين إلى الماضي وكره للثورة ولرموز الثورة. هل يعدّ ذلك إحدى علامات فشل الطبقة السياسية برمتها؟
لنتّفق أولا على أن تونس اليوم أفضل في غياب بن علي وإن عملت بعض الجهات المشبوهة على تجميل صورة قبيحة واشعال الحنين إلى الماضي وكأنّ حكم بن علي قدر محتوم. وهذه الجهات هي كمن يريد أن يحيي ميّتا ومع ذلك لا يمكن لعاقل أن يغمض عينيه أمام ما يعاني شعبنا من تفقير واحساس بالحيف وخاصة الكذب ونفاق بعض النخب السياسية لا سيما بوعودها الزائفة لذلك لا يمكن الانتصار على الماضي الا ببناء آفاق مستقبلية أفضل تتيح للجميع الحياة الكريمة وهو ما لا يحصل الا بتجاوز أشكال الخطاب الشعبوي وبيع الأوهام وان تصاغ البرامج لا بناء على ما يجب ان يكون وانما قياسا على ما يمكن أن يكون.
الطبقة السياسية ليست وحدة منسجمة وهي قائمة على التنوع والتناقض وفي اعتقادي تتحمل أحزاب الحكم القسط الأكبر من هذا الفشل فهي تمتلك آليات الحكم ومؤسسات الدولة وهي قادرة لو توفرت ارادة سياسية صادقة أن تغير وجه حاضرنا ليكون أكثر نصاعة من شبح الماضي.
في قراءة الأحداث السياسية ومنجزاتها هناك مدرستان الأولى تختزل النجاح والفشل في شخص والثانية ترجعهما إلى منظومة وأنا أميل الى القراءة الثانية فما تحقق من انجازات أو كوارث في عهد بن علي لا يمكن ربطه بالمطلق إلى شخصه وإن كان يتحمل المسؤولية الكبرى في ذلك وعليه فإن فترة حكمه لم تكن كارثية في المطلق خاصة في المستوى الأمني رغم انه يستند الى قوة الحديد والنار ولكن تبقى نقطة الضعف الرئيسة في استبداده بالقرار السياسي واستبعاد الشعب ونخبه من المشاركة الفعلية في الحياة السياسية. بقي ان اشتعال الثورة كان محملا بانتظارات كبرى ومشروعة إلاّ أن تحققها لم يكن آنيّا ولن يكون في ظل الهشاشة الاقتصادية والأزمة المالية العالمية ويمكننا في هذا السياق أن نتحدث عن عقبة يمكنها أن تقض مضاجع الثورة وهي التسرع الثوري l'impatience révolutionnaire فالطبيعة كما في الوجود البشري كل ظاهرة تحتاج الى مدى زمني يسمح بنموها ونضجها وفي اعتقادي ليس المشكل في ان الثورة لم تحقق للشعب أحلامه وانتظاراته لأن هذا الأمر منتظر خاصة اذا استأنسنا بتجارب الانتقال الديمقراطي المختلفة الاّ أن مؤشرات النجاح في المستقبل في ظل استنساخ القديم واعادة انتاجه لا تؤشر على امكان صباح جديد.
ما ردّك على من يرى أن سبب كوارثنا اليوم هي القصبة 1 والقصبة2 والمجلس التأسيسي؟
أعتقد أن التنسيب أمر ضروري لأنّ تجارب الانتقال الديمقراطي بوجه عام تحتاج إلى الصبر من جهة والتخطيط الجيد وصدق الوعود من جهة ثانية وفشل بعض هذه التجارب تحكمه اعتبارات مركبة فيها ما هو داخلي وما هو خارجي ويتواشج معها الاقتصادي بالسياسي وبالثقافي وما وقع في تونس مع بدايات الثورة كان مفتوحا على احتمالين أولهما نجاح الثورة ولهذا النجاح مقتضيات وشروط وثانيهما الانقضاض على الثورة والعودة إلى ما قبلها. في هذا السياق اعتبر أن ظهور القصبة 1و2 والدعوة إلى مجلس تأسيسي كان تعبيرا عن الدفاع عن ثورة مستهدفة وتتعرض لشتّى ضروب السطو والالتفاف ولأن الثورة تعريفا هي القطيعة أو نقطة اللاعودة إلى النظام القديم كان لا بدّ من صياغة دستور جديد يستجيب لأهداف الثورة ويثبت مضامينها الديمقراطية والاجتماعية لذلك يكون من خطل الرأي وخطإ القول الاعتقاد بأن أحداث القصبة 1و2 والدعوة إلى مجلس تأسيسي من الأسباب المباشرة للفشل.
هناك من يرى الحل في العودة إلى نظام رئاسي قوي وديمقراطي تجنبا لتعطيل سير مصالح الدولة والمؤسسات. ما تعليقك على ذلك؟
في تصوّري يبقى نظام الحكم أيّا كان رئاسيا أو برلمانيا أو قائما على الخلط مسألة شكلية لأننا نجد تجارب ناجحة في كل نظام وبالمثل نجد تجارب يحكمها الفشل. وبودّي أن أعلّق عن مسألة القوة فنظام بن علي كان قويا فعلا لكنها قوة متسلطة وقهرية اسست لنظام كليبتو كراسي cleptocratie أي نظام لصوصي يقوم على السرقة والفساد لمقدرات الشعب في حين ان القوة في التصور الديمقراطي هي القوة الشرعية التي تمثلها سيادة دولة القانون والمؤسسات، يقول بول فلري «اذ كانت الدولة قوية فهي تقهرنا واذ كانت ضعيفة مآلنا الهلاك» المعادلة هنا في كيفية احداث التوازن بين القوة والحقّ وبين السيادة والمواطنة وبين القانون والحرية.
وان نجاح أيّ نظام حكم يحتاج ضمن ما يحتاج إلى وضوح في الرؤية يصاغ في استراتيجيا التغير الاجتماعي والسياسي ورسم الخطوات المتعاقبة لتحقيق الاهداف مع الاحتكام الى الشفافية درءا لكل فساد وأعتقد أن البيروقراطية أصبحت اليوم تشكل عبئا ثقيلا على سيولة القرارات ويُسر تحققها بحيث تحتاج ادارتنا إلى ثورة.
مبادرات عدة من أجل لمّ شمل العائلة الدستورية التي يرى البعض أنه ينتظر أن تكون البديل الأقوى؟
سأجيب عن هذا السؤال بتقديم ثلاث ملاحظات: أولها ان القوى التي جربها شعب هي قوى ثورية مزعومة وخير دليل على ذلك ما ترتب عن حكمها من كوارث تتناقض مع انتظارات شعبنا في الشغل والكرامة والعدالة الاجتماعية والجهوية أنهم «يربطون في موضع ويحلون في آخر» أي أنهم ثوريّون قولا ورجعيّون فعلا. ثانيها ما يسمى بالعائلة الدستورية ومشاريع التجميع هو شأن يخصّ أصحابه ويبقى شعبنا هو صاحب القول الفصل في اختيارهم من عدمه مع ملاحظة أنه لا يمكننا أن نأمل النجاح مع «من يعيشون الحاضر بعقل أُعدّ للماضي» كما يقول هيغل. ثالثها لو نطبق مسألة تكافؤ الفرص بين الأحزاب سواء في الظهور الاعلامي أو في عدالة التمويل ويتحول الصراع الى صراع برامج ومشاريع ستكون «الجبهة الشعبية» الرقم الصعب في المعادلات السياسية لتونس.
كيف تقرؤون مبادرة المرزوقي و«حراكه» الجديد خاصة أن البعض يعتبره نسخة جديدة من حزبه السابق؟
من جهة المبدإ من حق السيد منصف المرزوقي كما من حق غيره من التونسيين أن ينخرط في الفعل السياسي الحزبي سواء انتماء أو إحداثا لأن الأمر مكفول دستوريا. أما مسألة نجاحه أو فشله فإنها تحتاج إلى عرّاف أو منجّم وأنا لست كذلك.
ونحن في «الجبهة الشعبية» وبقطع النظر عن آرائنا ومواقفنا من الرموز والأحزاب نعتقد أن الشعب يظلّ صاحب الاختيار وليس لنا أن نصادر حقه في ذلك.
كان هناك اعتراض كبير على مشروع الميزانية من طرف «الجبهة الشعبية» في حين أن المتخصّصين في المالية اعتبروا أن قيادييها يركزون على الهوامش ويهملون الخطوط الأساسية والمقاصد العامة التي في مجملها حميدة، ما رأيك؟
نحن في «التيار الشعبي» و«الجبهة الشعبية» لا ننظر عموما بعين الرضا لمشاريع الحكومة لأنه ليست لنا أوهام في سياسات مملاة من مؤسسات «بريتن وودز» سيئة الذكر وأن فلسفة الميزانية وقانون المالية يؤبدان نموذجا تنمويا أثبت افلاسه فهو لا يختلف عن سياسات النّظام السابق التي كرّست الحيف الاجتماعي والجهوي وهو ما يجعلني اتهم من صاغها بالحمق, فالأحمق حسب انشتاين «هو ذاك الذي يقتفي نفس المسالك والخطوات وينتظر نتائج مغايرة».
ينضاف إلى ذلك أن اعتراض المحكمة الدستورية المؤقتة على بعض فصول قانون الماليّة هو فشل آخر للطاقم الحاكم ودليل على أن الدولة التي لا تحترم جميع أبنائها ولا تكون عادلة إلى حدّ ما في توزيع الثروة وتوزيع الاهتمام يجعلها دولة فاشلة لذلك تدعو «الجبهة الشعبية» إلى مراعاة الحدّ الأدنى للعيش الكريم لجماهير شعبنا الذين طال انتظارهم.
مخاوف كبيرة من تواصل تمزق الحزب الأول في البلاد. هل هي مشروعة؟ هل هي مبالغ فيها؟ أيّة تداعيات لذلك سياسيا على المدى القريب؟
يعرف الحزب في العلوم السياسية على أنه تنظيم سياسي يهدف إلى الحكم تنفيذا لسياساته ورؤاه وهو وحدة فكرية وتنظيمية وأعتقد أننا لا نجد صدى لهذا التعريف في «نداء تونس» لأنه قد تبلور نشأة وبناء على مركزية مؤسسه كرمز لوحدته وعنوان للتسويق السياسي فائتلفت معه جموع جاءت من كل حدب وصوب ومن كل فج عميق متنوعة المشارب والأفكار والتجارب ولم تنجح في تحويل تنوعها إلى رافد يثري وحدة الحزب لأن أغلبها كان مهرولا للحكم وهو أمر مصاحب لكل حزب لا يحمل مشروعا مجتمعيا واضحا. لذلك بقدر ما كان النجاح سريعا كان التصدع والانقسام أسرع ولسائل أن يتساءل هل هو صراع برامج وتوجّهات يتخفى وراءها البعض اليوم؟ الاجابة حتما بالنفي والدليل أن كلا الشقين أعلن مساندته اللامشروطة للحكومة. اذن الصراع من قبل ومن بعد هو صراع حول المواقع ومن يكون من الوارثين؟ ولعلّني أستحضر في هذا السياق واقعة الصراع بين المهاجرين والأنصار عشية وفاة الرسول الكريم فاتجه عمر بن الخطاب إلى العباس عم الرسول ليقنعه بمبايعة أبي بكر حتى تبقى الخلافة في قريش فأجابه هذا الأخير «محمد شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها» واذ كنا نشهد في هذه الحالة انتصارا للجيران على الأغصان فإننا مع «نداء تونس» نشهد ثأر الأغصان من الجيران وتمترس السيد الباجي قائد السبسي مع شقّ الابن.
هناك سؤال يتكرر دائما: من يحكم تونس اليوم؟
ضمنيا يحيلنا هذا السؤال على أن من يحكم في الظاهر وهو في الواقع ليس سيّد أمره وكأننا بصدد حكومة للعلن وحكومة ظلّ تمارس نفوذها على الخيارات السياسية للدولة ولنا في ذلك مؤشرات تعاظم التهريب ولوبي المهربين يصاحبه عجز الدولة على المواجهة رغم قناعة الجميع بترابط التهريب بالإرهاب وما يشكله من اضرار على الاقتصاد والأمن. بعض رجال الأعمال الذين يغطي وجودهم مجالات الفضاء العمومي فيمتلكون القنوات التلفزية والاذاعات والأحزاب وبعضهم ينتمي إلى مجلس الشعب والبعض الآخر جزء من الحكومة وهذا الحضور ليس برئيا بقدر ما يشكل مدخلا للتأثير وفرض الوصاية على الدولة برامجا وتوجهات. في سياق متّصل يمكننا الحديث عن التأثيرات الخارجية بدءا بفرض حكومة التكنوقراط الفارطة مرورا بالائتلاف الحاكم بين «النهضة» و«النداء» ووصولا الى مشروع التحالف الاسلامي التي اعلنت عنه العربية السعودية واتفاقية محسن مرزوق حول مكافحة الارهاب كل هذه المعطيات تجعلنا نقر بما لا يدع مجالا للشك ان سيادتنا على القرار الوطني أمر مظنون فيه.
لماذا تصرّون على اتهام القضاء بالتقصير في ملف الشهيدين بلعيد والبراهمي؟
تحكمنا مفارقة في هذه المسألة. فبقدر ثقتنا في عدالة القضاء التونسي بقدر ما تنتابنا بعض الشكوك حول جدية الأبحاث وقدرتها على احقاق الحقّ. فالسيد قاضي التحقيق 13المكلف بملف الشهيد شكري بلعيد تغافل عن الملف البالستي ولم يستدع الخبراء لما يحمله من أهمية في إنارة التحقيق. كما أنه لم يتفاعل ايجابيا مع طلبات الدفاع في إعادة سماع وبحث المتهمين الذين يقدر الدفاع أهميتهم في فك طلاسم القضية. أما في ما يتعلق بقاضي التحقيق12 المكلف بملف الشهيد محمد البراهمي فبقدر ما يحسب للقاضي ايداع المتهم عبد الكريم العبيدي وهو من القيادات الأمنية السجن بقدر ما لم يتحقق ذلك مع قيادات أمنية أخرى والتعامل معها بنفس الكيفية بناء على شبهات تورطها في قضية البراهمي ينضاف إلى ذلك أن الوثيقة المسرّبة من المخابرات الأمريكية إلى وزارة الداخلية تجعلنا نتهم في المستوى الأدنى وزير الداخلية ورئيس الحكومة بالتقصير وبالمسؤولية السياسية والأخلاقية للائتلاف الحاكم.
أين وصلت الحرب على الإرهاب اليوم في تونس؟
اذ كانت الحرب على الارهاب هي حرب غير عادية فإنّ التعاطي معها لا بد أن يكون بشكل استثنائي لا نمطيّ لأننا لا نواجه عدوّا نراه بقدر ما نواجه أعداء بعضهم ظاهر وأغلبهم متخفّ لذلك يتعيّن على الدولة أن تبني استراتيجية مواجهة أكثر جدية مما هي عليه اليوم. فالإرهاب ظاهرة مركبة يتقاطع فيها ومعها الاجتماعي بالثقافي والسياسي ويتعيّن أن نقطع جذور الارهاب من منابعه وهي محاربة الظلم والحيف الاجتماعي وإحداث ثورة ثقافية تكرس ثقافة التعدّد والاختلاف وتسمح للناس بالتعبير والانخراط في اللعبة السياسية بعيدا عن منطق العنف والتكفير إلى جانب استراتيجية دينية تدفع نحو تثقيف ديني يعادي كلّ منابع التفكير التكفيري واصلاح المنظومة التربوية بإدارج برامج تعليمية محيّنة تمنح فرصة للعلوم الاجتماعية بأن يكون لها موقع مهمّ في المنظومة التربوية وفسح المجال واسعا امام الابداع الفني ومساعدة الشباب على تفجير طاقاتهم في الخلق وتعزيز وعيهم بالانتماء الى تونس, هذا دون أن نتغافل عن الردع الأمني الذي يبقى حاسما وضروريّا في بعض الظروف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.