تمر الأيام بسرعة حاملة في كل يوم مستجدات تلهينا عن القضايا الحقيقية.. وتعيد نفس السجال البيزنطي فيزداد الوضع احتقانا.. مهمة المجلس التأسيسي هي كتابة الدستور والتحضير للانتخابات القادمة.. وإلى الآن لم يكتب سطر واحد.. حتى مسألة الشريعة لم تتم المصادقة عليها وإنما هي مجرد تعبير عن نوايا. أنا لا أشكك في صدقية أي كان ولكن البدء في كتابة الدستور سيخفض الضغط العالي الذي يربك عمل الحكومة من اعتصامات وإضرابات.. يكفي أن نضع حجر الأساس لنؤمن بالبناء الذي يعلو ببلادنا وهو فاتحة مستقبل أرحب.. ولكن عندما ينام المواطن ويصحو كل يوم على نفس المشهد من سجالات ورمي بالتهم وأحداث عنف فإن السلام يغادر قلبه ولا يشعر بالطمأنينة.. والحل هو وضع خارطة طريق تحدد المسار بدقة وبالمواعيد.. لأن الضبابية تحجب آخر النفق، خارطة الطريق هذه هي التي تفتح الأمل لأن المواطن يعرف إلى أين نسير وكيف نسير.. وقتها يشعر أن الفرج صبر ساعة.. أو حتى أشهر محددة. أما عندما يتم حجز قاعة المجلس التأسيسي لبث صور التنافر وشد الأعصاب فإن هذا يربك المواطن وقد يشعر بأن هذه المشاهد غيبت معاناة المواطن وأن حقهم في ثمار الثورة ضاع منهم وسط التناحر السياسي من أجل السلطة.. وعندما تبدأ كتابة الدستور سيتحول تركيز المواطن من الراهن المتذبذب إلى المستقبل الواعد.. يجب إحياء الأمل وإذكاء نشوة الأفضل المنتظر.. بالخطاب الإيجابي وبالفعل الإيجابي.. خطاب الطمأنة يقويه الإنجاز على الأرض خاصة في المناطق الداخلية ويقويه التوافق بين مختلف الكتل.. وهناك «شانطي» النيابات الخصوصية في البلديات وتفعيل اللجنة العليا للانتخابات حالا للتحضير إلى الانتخابات القادمة وهذا أولوية خاصة عندما نعلم أن أربعة ملايين تونسي غير مسجلين.. لا تهمنا الأشخاص وإنما المؤسسة التي ستفرز انتخابات شفافة وحكومة شرعية ورئيسا شرعيا منتخبا من الشعب.. لو يتم هذا فإن الفترة القادمة ستعرف استقرارا اجتماعيا وتوافقا سياسيا وفي الآن نفسه هي رسالة طمأنة إلى العالم وإلى المستثمرين التوانسة والأجانب باعتبار أن تونس دولة متمرسة وليست جمهورية موز.. مفهوم الدولة يجب أن يكون هو الغالب لا مفهوم الحزبية، الضيفة وهذه هيبة الدولة داخليا وفي المحافل الدولية.. وهيبة الدولة لا تفرض بالعصا وإنما بالإقناع المستند إلى أفعال.. تثبت أن الفرج صَبْر ساعة..