بعد أزمة الكلاسيكو.. هل سيتم جلب "عين الصقر" إلى الدوري الاسباني؟    آخر ملوك مصر يعود لقصره في الإسكندرية!    قرار جديد من القضاء بشأن بيكيه حول صفقة سعودية لاستضافة السوبر الإسباني    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    قيس سعيد يستقبل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    ل 4 أشهر إضافية:تمديد الإيقاف التحفظي في حقّ وديع الجريء    جهّزوا مفاجآت للاحتلال: الفلسطينيون باقون في رفح    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة الاقتصاد والتخطيط؟    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي متفائل و10 لاعبين يتهدّدهم الابعاد    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    تعزيز الشراكة مع النرويج    بداية من الغد: الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة من وإلى فرنسا    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    منوبة: الاحتفاظ بأحد الأطراف الرئيسية الضالعة في أحداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    هذه الولاية الأمريكيّة تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة!    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    سيدي حسين: الاطاحة بمنحرف افتك دراجة نارية تحت التهديد    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين في البحر الأحمر..    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" نور الدين البحيري" )وزير العدل( في حوار شامل ل"التونسية": لا أرى في ما قاله صاحب "رضي الله عنه" كفرا... بعض أبناء "النهضة" تورطوا في حادثة باب سويقة دون النية في القتل وقبّلت جبين "عبد الفتاح مورو".. فهل فعلت ذلك تزلّفا؟""
نشر في التونسية يوم 21 - 05 - 2012


- لن أكون بديلا للغنوشي.. ولن أترشح للرئاسة
- "فطمنا" كل من تعوّد على التعليمات
- إذا تخلى الصحفي عن مصداقيته فتح الباب لتغوّل السلطة
لا جدال في أن الأستاذ نور الدين البحيري رقم صعب في الحياة السياسية بعد الثورة وربما حتى قبلها، ويذكر التونسيون أنه هو من أمضى الميثاق الوطني بإسم حركة «النهضة» أيام رفع بن علي راية الحياة السياسية التعددية. وبعد حادثة باب سويقة سنة 1991 أعلن عبد الفتاح مورو تجميده عضويته في حركة «النهضة» إحتجاجا على منحى العنف الذي سلكته الحركة، وهي مبادرة إنضم إليها البحيري وإن كان أعلن في حينه تفسيره الشخصي لتجميد عضويته. واللافت للإنتباه أن الذين جمدوا عضوياتهم خرجوا من الحركة أو أخرجوا منها إلا البحيري الذي عاد من الباب الكبير بعد الثورة مشرفا على الدائرة السياسية وعضوا للمكتب التنفيذي ورئيسا لكتلة «النهضة» في المجلس التأسيسي(قبل أن يعوضه الصحبي عتيق) وتم تعيينه وزيرا للعدل في 21 ديسمبر 2011 .
استقبلنا في مكتبه دون أن يتركنا ننتظر، خلافا لأحد السعاة الذي إنشغل بتقديم القهوة لأحد رؤسائه ونسينا أو كاد في قاعة الإنتظار.
في هذا الحوار تحدث نور الدين البحيري طيلة ساعة ونصف تفاصيلها في ما يلي..
هناك انطباع لدى خصوم «النهضة» السياسيين في المجلس التأسيسي بأن تخليك عن رئاسة كتلة «النهضة» ترك أثرا سلبيا باعتبارك كنت رجل التوافقات داخل المجلس؟
- المجلس التأسيسي هو أول مؤسسة منتخبة بإرادة حرة في تاريخ تونس الحديث تعبر عن كل ألوان الطيف السياسي والإيديولوجي في البلاد، وهو نعمة لا بد أن نقر بها ونحافظ عليها، وأنا أؤكد على ضرورة حماية المجلس من التهرئة وحماية هيبته باعتباره السلطة التي تمثل الشعب، وأي مساس بهيبته قد يكون سببا في كثير من الانحرافات في المسار الديمقراطي.
هذا الكلام لمن هو موجه؟ هم داخل المجلس أو من خارجه؟
- هو موجه لمن هم داخل المجلس ومن هم خارجه ولكل أبناء الشعب التونسي، أن يعوا جيدا أنه ليس من السهل تنظيم انتخابات حرة، وليس من السهل بناء مؤسسات ديمقراطية ولو كان ذلك أمرا يسيرا لكنا حققناه في بداية الاستقلال، إذ أن أول مؤسسة تشريعية في البلاد آنذاك استثنت الحزب الشيوعي والمتعاطفين مع الزعيم صالح بن يوسف والمتهمين بمعاداة الزعيم بورقيبة رحمه الله من الزيتونيين.
فالمجلس التأسيسي الحالي هو أول مؤسسة تشريعية جامعة تعبر عن مختلف التيارات الفكرية والسياسية في تونس وحتى الأحزاب التي لم تنجح في الانتخابات فهي ممثلة بشخصيات قريبة من خطها الإيديولوجي. فالمجلس التأسيسي هو عنوان تحدي الشعب التونسي بالنجاح في بناء مؤسسات تعبر عن إرادته وهذه مسؤولية في رقبة الحكومة والمجلس التأسيسي حتى لا ننتكس لا قدر الله ، وهذه أمانة بين يدي كل الأطراف السياسية ذلك أن التنافس السياسي أمر مشروع والتنوع ضرورة من ضرورات التطور واستمرار الحياة ولكن هذا التنوع يجب أن يكون تحت سقف الدولة الوطنية الحديثة الجامعة ومصلحة المواطن التونسي.
سأعيد طرح سؤالي بشكل مغاير، خلفك في رئاسة كتلة «النهضة» الصحبي عتيق الذي يفتقد حسب البعض وربما الكثيرين داخل المجلس وخارجه ما يقال أنه يميزك كقدرتك على التوفيق بين مختلف الأطراف؟
- لا يمكن إلا أن أشكر كل الذين يحسنون الظن بي وربما للصداقات القديمة مع البعض منهم دور في هذا المجال، ولكن السيد الصحبي عتيق رئيس كتلة حركة «النهضة» في المجلس الوطني التأسيسي رجل مناضل وهو رجل حوار معروف وأبناء حركة «النهضة» متشبعون بمبادئ قبول الآخر وربما تزامن تسلمه لرئاسة الكتلة مع ظروف صعبة بالنقاش حول قضايا ساخنة كانت سببا في شيء من التوتر مسّ كل الأطراف. وما أؤكده أن الأخ الصحبي عتيق يحظى بثقة كل الإخوة في حركة «النهضة» وأنا على يقين من مساهمته في إنجاح المجلس الوطني التأسيسي وإشعاعه والأيام القادمة ستكشف الوجه الآخر لرئيس كتلة الحركة.
قارب شهر ماي على الانتهاء ولم يكتب المجلس التأسيسي سوى فصل وحيد منقول عن دستور 1959 فهل تظن أن التاريخ الذي أعلنه مصطفى بن جعفر(23 أكتوبر 2012) سيكون حقا آخر أجل لكتابة الدستور؟
- الثورة لا تعرف المستحيل والشعب الذي خلع بن علي قادر على تجاوز كل الصعوبات وتحقيق ما يراه البعض صعب المنال، كثيرون لم يتوقعوا أن يهرب بن علي فجاءت الثورة لتبين أن إرادة الشعب عامل حاسم فما كان مستحيلا ثبت يوم 14 جانفي أنه لم يكن مستحيلا.
هل تؤمن حقيقة أن بن علي هرب؟
- أنا أومن بالله سبحانه وتعالى، أنا واع بأن بن علي فرّ من تونس وهذا الشعب بجماهيره ونخبه قادر على كتابة الدستور في أقرب الآجال فالفصل الأول المتعلق بهوية البلاد هو أخطر الفصول وأكثرها إثارة للجدل ونحن ننطلق في كتابة الدستور من جملة من التوافقات التي ليست وليدة اليوم بل تعود إلى إعلان 15 أكتوبر وإلى وثيقة العهد الجمهوري التي تمت صياغتها صلب الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة ونحن متفقون على المحافظة على النظام الجمهوري ومدنية الدولة ومتفقون على المساواة بين أفراد الشعب التونسي بصرف النظر عن اللون والجهة والجنس والدين ونحن متفقون على استقلالية القضاء وحياد الإدار ة وعلى حرية الإعلام ودوره في الرقابة الشعبية على كل السلط ، ولا أحد يشكك في ضرورة محكمة دستورية لمراقبة دستورية القوانين وفي حرية العمل النقابي والحق في الإضراب وفي ضمان الحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للجميع، فنحن في مستوى الخيارات الكبرى متفقون.
حتى بن علي رفع هذه الشعارات ولم يتحقق منها شيء؟
- بن علي وعد ولم يف بوعده لأنه لم تكن هناك سلطة تراقبه ولم تكن الأحزاب أو المجتمع المدني قادرة على ردعه ، اليوم لا وجود لسلطة مستبدة ولا وجود لطرف يحكم لوحده، اليوم هناك أحزاب حاكمة وسلطة تشريعية وسلطة قضائية مستقلة وإعلام حر وأحيانا يتجاوز حد الحرية ، ماذا بقي ؟ اختلاف حول طبيعة نظام الحكم هل يكون نظاما رئاسيا أو برلمانيا أو نظاما معدلا؟ هذه قضايا ليست ذات أبعاد إيديولوجية أو سياسية هي قضايا ذات أبعاد فنية.
اعتقد أن الإخوة في المجلس التأسيسي والأحزاب غير الممثلة في المجلس كما مثقفي البلاد وجامعييها ومحاميها وصحفييها قادرون على اختيار نمط حكم يكرس مبادئ النظام الجمهوري وسلطة الشعب الرقابية ويكرس التوازن بين السلط حتى لا يتغول رئيس الجمهورية فلا يتحول إلى دكتاتور جديد وحتى لا يضمحل دور رئيس الجمهورية فيتحول إلى رقم غير فاعل.
كواقع الحال الآن؟
- لا لست متفقا معك في هذا التقييم، فقد نجحنا في وقت قصير في إيجاد نمط من التعايش بين المجلس التأسيسي والحكومة ورئاسة الدولة وهذا التعايش يشهد عليه ما تعيشه بلادنا من انسجام بين السلط الثلاث.
وأنا أستمع إلى تشخيصك للواقع التونسي خلت نفسي في السويد، هناك ضيق وتوتر في الشارع، هناك غلاء المعيشة واعتصامات، هناك عنف في الشارع غير مسبوق، هناك أزمة في قطاع الإعلام وموقف الحكومة غير واضح بالنسبة إلى المنظمات المهنية؟
- لا بد من الفصل بين مستويين، أنا قلت لك بن علي وعد ولم يف. أما الناس الذين يحكمون الآن فلا يمكن ألا يفوا بوعودهم، هناك تنوع وتعدد لمصادر القرار في إطار الانسجام التام ، هناك رقابة تامة من الإعلام ولا أحد يمكنه أن ينكر اليوم أن الإعلام يتناول كل المواضيع بما في ذلك كشف ما يمكن أن تحاول الحكومة أن تتستر عليه ولا توجد أي خطوط حمراء إلا المساس بالدولة الوطنية وبوحدتها.
ولا أعتقد أن تونس شهدت في أي مرحلة من تاريخها حرية إعلامية كما نعيشها اليوم، هذه حقيقة بصرف النظر عن المشاكل التي سنأتيها لاحقا إلا إذا كان الصحفي أو رئيسه هو من اختار أن يتخلى عن دوره كصحفي وفي لعب دور الرقيب بما ينتصر للحقيقة والحق والعدل دون أن يحاكم أو يتابع أو يهدّد أما بالنسبة إلى القضاء فالقضاة يشهدون بأنه لم يتم مجرد الإيحاء لأي قاض في أي مكان لاتخاذ قرار أو توجيههم نحو حكم دون غيره.
هناك أشخاص تعودوا بالتعليمات وحين تغيب التعليمات يشعرون بالنقص ويبحثون عمّن يسد الفراغ؟
- الذين تعودوا على التعليمات «فطمناهم» بقطع خيط التعليمات والتأكيد على أن كل قاض يتحمل مسؤوليته، ووزارة العدل ليس من شأنها التدخل في القضاء ونحن واعون بأن معركة استقلال القضاء معركة طويلة ولا يمكن حسمها في أيام أو شهور واستقلال القضاء لا يتحقق فقط بالإرادة السياسية وهي موجودة والحمد لله وإنما يتحقق بمناخات معينة في البلاد وفي القضاء وبإعادة تكوين القضاة ورسكلتهم وتعويدهم على هذا الجو العام ووضع ضمانات قانونية ومادية للقاضي بما فيها في الدستور فهذه الحكومة لا يمكنها أن تنقلب على مبادئها وقيمها وإذا ما فعلت فهي خاسرة لا محالة وهي آيلة إلى السقوط وإذا كان هناك ما يجعل هذه الحكومة تستمر رغم كل ما يقال فهو وفاؤها لمبادئها.
بالنسبة إلى ما أشرت إليه من مظاهر على أرض الواقع علينا أن لا ننسى أن بلادنا عاشت ثورة وهذه الثورة ليست مجرد تغيير فوقي مثلما حدث سنة 1987 هي ثورة عبارة عن زلزال كانت له تداعياته في العالم العربي، أتعتقدون ان الوضع سيعود إلى نسقه الطبيعي في بضعة أشهر؟ قارنوا وضعنا بالوضع في ليبيا.
كثيرا ما فاخر التونسيون بأنهم أفضل من ليبيا؟
- نحن لسنا أفضل، نحن مثل جيراننا ، الأوضاع هي التي تختلف بحكم عدة اعتبارات تاريخية وسياسية، ثورتنا كانت أقرب منها إلى المعجزة أما في ليبيا فشراسة قمع القذافي هي التي جعلت من الثورة الليبية عنيفة وعموما فالوضع في تونس مقارنة بما يحدث في بلدان عرفت تداعيات الربيع التونسي أفضل بكثير ، وذلك لا يعني أن دورنا انتهى، بالعكس مازالت هناك عدة نقائص نحن واعون بها، ودور الإعلام مهم في هذا الإطار ليساعد على هضم هذه المرحلة واستيعابها للمرور إلى مرحلة جديدة وهذا ليس دور الحكومة فقط فالثورة لم تحدث في الحكومة فقط بل شملت كل التونسيين، هذا دور كل مقومات المجتمع المدني من أحزاب وجمعيات ومنظمات.
السيد الوزير، نجحت في فرض نسق معين على الحوار ، أنا يهمني أن تجيب على أسئلتي بطريقة مباشرة دون تحليل مستفيض، إلى أين وصلتم في مشروع الهيئة المؤقتة لتعويض المجلس الأعلى للقضاء خاصة وأن هناك(جمعية القضاة) من شبه بعض ممارساتك بأسلوب بشير التكاري(وزير العدل السابق في عهد بن علي وأحد عرابي النظام )؟
- على كل حال ، الإخوة في جمعية القضاة لم يقولوا هذا وحتى إن قالوه فأنا أتقبله بصدر رحب فهذه الحكومة هي حكومة الصدر الرحب، والاختلاف رحمة.
يقال إنكم ماطلتم في تشكيل الهيئة المؤقتة؟
- لم يحدث هذا وهذه الهيئة تم التنصيص عليها في القانون المنظم للسلطات وفيها وجهات نظر مختلفة داخل القضاة أنفسهم وداخل المساهمين في مرفق العدالة وحاولنا أن نبقى على الحياد، وفي إطار السعي لتسريع الحوار بين هذه الأطراف تمت مجموعة لقاءات وانتهى المشاركون إلى مشروع قانون هيئة تنظيم القضاء العدلي سيعرض هذه الأيام على لجنة التشريع العام في المجلس الوطني التأسيسي لا باعتباره المشروع الوحيد بل باعتباره أحد المشاريع الممكنة وتقديم هذا الاقتراح لا يحرم أي طرف مهما كان من تقديم مشاريع أخرى وأملي أن يتم اختيار هذه الهيئة في أقرب الآجال حتى تسهر على إعداد الحركة القضائية والترقيات وغيرها قبل منتصف شهر جويلية.
رئيس المرصد الوطني لاستقلال القضاء احمد الرحموني صرح أنه من ديسمبر 2011 تاريخ تسلمك الوزارة إلى أفريل 2012 تم تعيين سبعين قاضيا دون احترام المعايير الدولية وبأن الحديث عن سلطة قضائية مستقلة مغالطة للواقع؟
- السيد أحمد الرحموني نحترمه ونحترم رأيه، ولكني تمنيت لو أنه بين لنا أي معيار دولي تمت مخالفته كما وددت لو أنه رصد وضع القضاء منذ الثورة لا منذ تسلمي مسؤولية الإشراف على وزارة العدل حتى نرى ما ينجز في الواقع في مسار تصاعدي أو تراجعي، القوانين التي في بلادنا تفرض على أي وزير أن يقوم بما يلزم لاستمرار المرفق العام وإذا كان هناك أي حالة تعوق استمرار المرفق العام فعليه أن يتفادى ذلك ومن هو عاجز عن ذلك فعليه أن يلازم بيته ولذلك أنا وجدت محاكم إستئناف دون وكلاء عامين ورؤساء محاكم لا يعرفون المحكمة التي يترأسونها ولا يأتونها سوى مرة في الأسبوع ووجدت محاكم ابتدائية دون وكلاء جمهورية ودون رؤساء محاكم ووجدت محاكم نواح دون قضاة ووجدت محكمة تم إقرار إحداثها بنابل دون اتخاذ ما يلزم من قرارات لتوفير إمكانات العمل ودون تعيين القضاة لمباشرة العمل ووجدت سجونا دون أعوان ويبدو أن سي أحمد نسي هذا الموضوع لأنه دون أعوان السجون لا يمكن للقضاء أن يؤدي مهامه ، لا أريد أن يفهم من كلامي أني أتهم السيد العميد والأخ العزيز الأزهر القروي الشابي(وزير العدل السابق) الذي هو بمثابة والدي والفريق الذي كان يعمل معه فأنا أقدر الظروف التي عملوا فيها، ولكن ماذا كان علي أن أفعل؟ وكان السيد أحمد الرحموني يدعوني إلى الإبقاء على إدارة وزارة العدل على ما كانت عليه وقد كان يحتج عليها وكأنه يدعوني إلى الإبقاء على الفراغات التي وجدتها وكأنه يدعوني إلى أن يظل الوضع كما هو ؟ ملفات متراكمة وملفات أحرقت وحقوق ضاعت ومصالح أهدرت، ولذلك كان الواجب يقضي أن أتحمل مسؤولياتي بأن أختار من تتوفر فيه الشروط لوضعه في المكان المناسب واستبعاد من يجب استبعاده من موقع المسؤولية وان أسد الشغورات وفق ما يسمح لي به القانون بمقياس الكفاءة ونظافة اليد.
لا دخل للولاء السياسي؟
- الدليل على أن مقياس الكفاءة كان وحده هو المعتمد في كل التعيينات التي قمنا بها أن لا احد قال كلمة في الذين تم تعيينهم لا من جمعية القضاة ولا من نقابة القضاة ولا احد شكك في مصداقية القضاة الذين عيناهم ويمكنكم أن تسألوا القضاة والمحامين، و حتى جمعية القضاة اعترضت على الصيغة ولم تعترض على الأشخاص.
ولذلك أعتقد أن الأخ أحمد الرحموني تحدث عن معايير دولية لا علم لنا بها والأخ الرحموني نسي أنه هو شخصيا تم تعيينه في العاصمة بمذكرة صادرة عن وزير العدل السابق بعد أن فرض عليه العمل في المهدية تنكيلا به زمن بن علي ولم أسمع في حينها ان السيد الرحموني اعترض على هذه المذكرة بحجة مخالفتها للمعايير الدولية وتمت ترقيته من الرتبة الثانية إلى الرتبة الثالثة بقرار من المجلس الأعلى للقضاء الحالي. نحن نستمع إلى كل الآراء ونطلع على كل التقارير لنستفيد منها ولكن السعي إلى البناء يتطلب الحد الأدنى من الاعتدال من كل الأطراف.
جل زملائك تحدثوا عن فساد مستشر في وزاراتهم، أنت من قلة سكت عن هذا الموضوع؟
- لابد من الاعتراف بأن الحديث عن الفساد في بلادنا بعد الثورة كان موجة عاتية وبعض رموز التشهير بالفساد هم من الفاسدين أنفسهم، ما أقوله أن بلادنا في كل مرفق عانت من الفساد ووزارة العدل كانت عنوان الفساد لأن النظام التونسي كانت له إرادة إخضاع العاملين فيها لأنه دون قضاء خاضع لن ينجح في تحقيق مخططاته. ومع هذه الدرجة من الفساد لابد من الإشارة إلى رجال ونساء صمدوا وحافظوا على شرفهم ونظافة أيديهم واليوم نتحدث عن قضاة مناضلين ومن بينهم سي أحمد الرحموني وهؤلاء لم يخضعوا فوزارة العدل هي عينة من مؤسسات الدولة التي نخرها الفساد ربما أكثر من غيرها فالاختلاف ليس في التقييم بل في منهجية العمل.
هل كل وزير يعمل بمنهجية لوحده؟ أليس للحكومة منهجية عمل موحدة؟
- لا، منهجيتنا واحدة وواضحة وهي تحقيق مشروعنا الإصلاحي في كل المستويات، ولذلك شرعنا في تقييم الوضع في المحاكم والسجون بمساهمة من جمعيات وهيئات وطنية ودولية مثل الاتحاد الأوروبي وجمعية العدالة الجنائية والجمعية الدولية للعدالة الانتقالية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان وبرنامج الإنماء الدولي وانتهينا إلى استخلاصات بنينا عليها برنامجا. وقد أبرمنا إتفاقية مع برنامج الإنماء الدولي في مشروع إصلاح القضاء ، في هذا الإطار هذا الإصلاح متعدد الأبعاد فيه إعفاء من ثبت فساده وتطوير المنظومة القانونية وتطوير الوضع المادي للقضاة والتكوين والرسكلة.
كم قاضيا تم إعفاؤه؟
- نحن لم نأت لنشهرّ بالقضاة أو لننتقم منهم.
لم أطلب منك أسماء.. فقط عدد القضاة الذين تم إعفاؤهم؟
- نحن جئنا لهذه المؤسسات لنبني وضعا جديدا ولا يتم ذلك بروح تصفية الحسابات بل بروح البناء والإنصاف وقمنا بتعيين مسؤولين جدد في عدد من المواقع بوزارة العدل بشروط الكفاءة ونظافة اليد، وإعفاء بعض الذين لم يقدروا على تحمل الأمانة وتعويضهم بغيرهم من نظاف اليد. وثالث خطوة ستتخذ باتفاق مع القضاة هي طرح موضوع المساءلة وإجراء محاسبة حقيقية تضمن حق الدفاع بناء على حجج قطعية واتخاذ القرارات المناسبة وهذا برنامجنا بالتوافق مع شركائنا ونعتقد أننا في الاتجاه الصحيح.
تحدثت عن وضع مترد في عدد من المحاكم، سأسأل عن محكمة الناحية بتونس التي لا تبعد عن مكتبك سوى مئات الأمتار (مقر التجمع السابق الذي أطلق عليه أحد الزملاء «عمارة يعقوبيان» لأنه يضم إدارة المركز الثقافي ومصالح للشرطة ومحكمة الناحية) وهو في وضعية لا تشرف تونس بعد الثورة؟
- أنا معك في أن مقر محكمة الناحية بتونس لا يشرف تونس لا قبل الثورة ولا قبلها ، وما يمكنني أن أقوله لكم إننا واعون بهذه الظروف وقد اتخذنا القرار بإحداث مقر جديد لمحكمة الناحية ولمحكمة التعقيب، قرارنا إذن واضح وسيتم نقلة مصالح المحكمتين. وقد تم تخصيص المقر السابق للمجلس الدستوري في باردو لمحكمة التعقيب وهناك سعي لنقل محكمة الناحية إلى مقر وقتي وسننطلق في الإنجاز بعد تسريح الميزانية الجديدة ، القرار السياسي موجود وقريبا تتغير الأوضاع حفاظا على هيبة القضاء وتوفيرا لأفضل الظروف للمتقاضين.
تحدثت مطولا عن استقلالية القضاء ولكني رأيت مواطنين في بهو الوزارة يطلبون لقاءك وسمعت مساجين في زياراتك للسجون يطلبون تدخلك لإنصافهم فكيف يتم ذلك دون أن يتدخل السياسي في القضاء؟
- استقلال القضاء خيار لا رجعة فيه، والقضاء مطلوب منه حسن تطبيق القانون وفي قانوننا هناك ما يسمى العقوبات البديلة وهي غير مستعملة كما ينبغي ، ولذلك نحن نحتاج إلى مزيد التوعية وتطوير قوانيننا لأن الحرية هي الأصل والإيقاف هو الاستثناء وأحيانا نرى العكس ومن بين عشرين ألف سجين هناك أكثر من النصف موقوفون على ذمة المحاكم لم تصدر ضدهم أحكام وهذا غير معقول.
هل سيكتفي وزير العدل بأن يقول هذا غير معقول؟
- كما قلت لك، نحن نسعى إلى تطوير المنظومة القانونية بخصوص العقوبات البديلة والعمل للمصلحة العامة وقبل ذلك ننصح السادة القضاة بالتسريع في النظر في القضايا دون تسرّع باعتماد القاعدة القانونية أن الحرية هي الأصل وإذا كان هناك ظلم يساءل من قام بالظلم وإذا كانت هناك حقوق مهضومة تحال إلى التفقدية للبحث فيها. كما أن عملية السراح الشرطي تنظمها أحكام المجلة الجزائية ، مع الأسف فقد وجدنا العشرات بل أكثر من هم مصابون بأمراض خطيرة ولم يفرج عنهم ووجدنا شيوخا فوق 85 سنة ووجدنا من هم دون 18 سنة ولم يفرج عنهم وهذا غير مقبول.
هل مازالوا بين القضبان؟
- لا، يسر الله لنا أننا أفرغنا السجون من هؤلاء، ونحن ساعون لوضع آليات وصيغ جديدة تتيح تطبيق أحكام السراح الشرطي والعفو ، نحن لا نرضى أن نزيد في آلام الناس.
كنت احد الذين جمدوا عضويتهم في حركة «النهضة» بعد حادثة باب سويقة رفقة عبد الفتاح مورو(صاحب المبادرة) وبن عيسى الدمني وصدقي العبيدي والفاضل بلدي، كل هؤلاء إبتعدوا أو أبعدوا من «الحركة» إلا أنت عدت وفي موقع قيادي، أريد أن أفهم لماذا عدت أنت دون غيرك؟
- سنة 1991 صرحت لمجلة «حقائق» للصحفي نجيب لاكانجي(هنا استظهرت له بنسخة من الحوار) أجبت لماذا جمدت عضويتي وكان جوابي واضحا.
وطويلا سيدي الوزير؟
- نعم أردت أن أوضح أن الاستقالة لم تكن اختيارا بل فرضت علينا لأن العمل السياسي وقع تجميده في تلك الحقبة ليستأثر الحزب الحاكم بالساحة السياسية والحياة العامة بالتعدي على حقوق الناس وتقييد الحريات العامة كما قلت إن هذا لن يمنعني من مواصلة العمل على القيام بواجبي من أي موقع والله سبحانه يسر لي أن لا أتخلى عن دوري كمحام في الدفاع عن ضحايا القمع.
حتى عبد الفتاح مورو لم يتخل عن دوره وهو أحد مؤسسي «النهضة»(هو وحميدة النيفر وراشد الغنوشي) ولكن تم استبعاده لاحقا؟
- أنا لم أشكك في عبد الفتاح مورو ولكني أجيبك عما يتعلق بي.
سي نور الدين أنت تتحدث عن قمع نظام بن علي وغيبت سببا مباشرا في إعلان مورو تجميد عضويته في الحركة وهي حادثة باب سويقة؟
- وكأنك لم تقرأ جوابي في مجلة حقائق فلا علاقة بتجميد عضوياتنا بما حدث في باب سويقة.
عبد الفتاح مورو ربط تجميد عضويته بحادثة باب سويقة؟
- هو قال وأنا قلت، ولكل نظرته وموقفه، وها هو جوابي مكتوب منذ عشرين سنة فما حصل كان نتيجة القمع المسلط على كل السياسيين وتجميد عضويتي في الحركة لم يحل دون استجابتي لعائلات المتهمين في قضية باب سويقة الذين استنجدوا بي للدفاع عن أبنائهم. وكنت محاميا في القضية الأولى والثانية ووقفت على بشاعة هيمنة السلطة السياسية على القضاء، لعلمك في قضية باب سويقة تم تعذيب المتهمين وكنت من بينهم طيلة شهر من الإيقاف وفتحت ضدي الأبحاث.
هل سلّط عليك تعذيب؟
- لا لم أعذب، ولكني عاينت تعذيبا على غيري وبقيت أكثر من شهر في الإيقاف التحفظي وكنت شاهدا على ما حصل في الدائرة التي كان يرأسها القاضي حسن بن فلاح وكان معه أربعة قضاة آخرين، كم تعرضوا إلى الضغط حتى يصدروا أحكاما بالإعدام على عدد من المتهمين وتواصلت المداولة إلى ساعات الفجر ولكن القضاة رفضوا الاستجابة للضغوط وبعضهم مازال شاهدا على ما حصل، رفضوا أن يتحملوا مسؤولية إراقة دماء ناس لا يستحقون الإعدام.
أشعر بأنكم في «النهضة» تتحرجون من إثارة ملف باب سويقة ولكني أريد أن أفهم ماذا حدث بالضبط هل أخطأ بعض شبابكم كما تقولون؟
- لا وجود لأي حرج، ويمكنك أن تسأل، أنا أتحدث إليك لتعرف ماذا حصل فقد صدرت الأحكام ولم تتضمن أي حكم بالإعدام فتم تعقيبها من طرف النيابة العمومية دون احترام الآجال القانونية وأصدرت محكمة التعقيب حكما بالنقض والإحالة، كان هناك قرار مسبق، اختاروا أربعة بالاسم ليصدر الحكم ضدهم بالإعدام، عرض الأمر على الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس - وهو مازال حيا ويمكنه أن يشهد بما حدث - أن يترأس جلسة الدائرة الجنائية فكان جوابه الرفض لأنه ليس من اختصاصه، بحثوا عن غيره فتطوع احدهم ولا أذكره وقال إنه مستعد للحكم بما تشاؤون.
أنت تتحدث عن حادثة لم يعرفها جيل كامل فلماذا تتكتم على الأسماء؟
- بحكم موقعي لا يمكنني أن أذكر الأسماء ولكن« الناس الكل تعرفهم» اسألوا غيري، هذا المتطوع الذي كان يرأس إحدى الدوائر الجنائية طلب من الوزارة تكوين دائرة جديدة لأنه لا يثق في مدى استجابة زملائه فاختاروا له قضاة من دوائر أخرى ليقضوا بالأحكام الجاهزة.
هل أخطأ بعض أبناء «النهضة»؟
- ما حدث مثلما أقر بذلك أحد الذين تمت محاكمتهم أن مجموعة من الشباب من الحركة في إطار الصراع الذي كان يحصل والمواجهات التي تحدث في الشارع قرروا..
(مقاطعا) قرروا دون علم القيادة؟
- أنا كنت في القيادة ولم أكن على علم.
انت لم تكن على علم ، وغيرك؟
- لم يكونوا على علم ، أنا متأكد من ذلك، كلنا ندافع عن نفس السياسات والاختيارات والدليل على ذلك ان أهم عنصر في الحركة..
تقصد راشد الغنوشي؟
- لا.
هل هناك من هو أهم منه؟
- أنت لم تتركني أتمم حديثي، قصدت أن أهم عنصر تم اتهامه في حادثة باب سويقة وهو الدكتور محمد بن نجمة على انه الرأس المدبر للعملية وبثت له التلفزة تصريحا في الموضوع انتهى حاكم التحقيق إلى تبرئته من القضية وافرد بالتتبع ولم يحل في قضية باب سويقة فما حصل في باب سويقة لم يكن خيارا لحركة «النهضة» لتحاسب عليه قياداتها.
ابنة الحارس الذي قتل في حادثة باب سويقة أعادت فتح الملف وأثارت القضية ضد من حرقوا أباها فهل يحرجك هذا؟
- إثارة هذا الملف أو غيره لا تحرجني لسبب بسيط هو أن الحقيقة تظل طلبا أصيلا يشترك فيه الجميع ، وهي السبيل لإنصاف هذا الحارس والذين أعدموا في حادثة باب سويقة وللعائلات التي تم تشريدها فإعادة طرح الملف حق مشروع لا يحرج أحد. وبلادنا لا يمكنها تحقيق العدالة الانتقالية إلا باتضاح الحقائق والحركة تحملت مسؤولياتها ولا يحرجنا أن نعترف بان البعض من أبنائنا دون نية القتل تورطوا في هذه القضية.

هل من الوارد أن تترشح لرئاسة حركة «النهضة» في مؤتمرها القادم؟
- (يفكر) يبدو أن ذلك صعب إن لم يكن مستحيلا بحكم تحملي أمانة وزارة العدل ولست من الذين لا يرون مانعا من تحمل مسؤولية حزبية أولى والجمع مع مسؤولية في الدولة، واعتقد ان في الحركة كفاءات قادرة على تحمل المسؤولية.
هل أنت مع أن يواصل راشد الغنوشي رئاسة الحركة؟
للأخ راشد مكانة في الحركة لا يجادل بشأنها أحد واستمرار رئاسته للحركة مرتبط بقراره الترشح وبقرار المؤتمرين.
أين ترى مصلحة الحركة في استمراره أو في تسليم المشعل للجيل الذي يليه؟
- مصلحة الحركة تتحقق بهذا وبذاك.
من هو البديل؟
- من يختاره المؤتمر إذا ما قرر راشد الغنوشي عدم الترشح.
هناك من يرى ان حركة «النهضة» لا تتطور إلا بالأزمات والصدمات (انشقاق الجورشي وحميدة النيفر، أحداث 26 جانفي، انكشاف الحركة في 5 ديسمبر 1980،الإعلان عن أول مكتب سياسي 6جوان 1981 ومحاكمة صائفة 1981) هل الحركة قادرة أن تتطور ذاتيا؟
- من يتصور أن الحركات السياسية كيانات جامدة لا يدرك أحكام التاريخ وسنن الكون فثورة الإسلام لم تأت هكذا ف«النهضة» متكونة من بشر ومن الطبيعي أن تتأثر بعوامل الداخل والخارج فتطور أي حركة رهين ظروف داخلية وخارجية وبعضها يحتاج إلى هزات والمهم أن تتطور حركتنا وتتقدم إلى الأمام وكل ما حدث في الحركة كان إيجابيا في تشكيل صورة الحركة كحركة مدنية وسطية مؤمنة بالقيم الإنسانية الخالدة.
يرى فيك البعض مرشح الحركة للانتخابات الرئاسية القادمة؟
- لا أعتقد ذلك.
لا تغلق الباب؟
- لا اعتقد ذلك ولا ارى نفسي مؤهلا للمراهنة على هذا الموقع لأن في الحركة من هم أقدر على احتلال هذا الموقع.
متى لاقيت بن علي آخر مرة ؟
- أنا لم ألتق به مرات كثيرة ، آخرها مباشرة بعد إمضاء الميثاق الوطني.
كيف كان انطباعك عنه؟
- في تلك المرحلة كنا بصدد البحث عن وفاق وطني لا أنكر انه كان انطباعا جيدا.
هل انتم جادون في المطالبة به؟
- نعم نحن أكثر من جادين في المطالبة به وجديتنا في المطالبة به هي جدية مستلهمة من جدية الشعب التونسي لاسترجاع أمواله المنهوبة.
لماذا يتواصل سجن بعض رموز العهد السابق ممن لم تثبت ضدهم أي تهم؟ (حملة لإطلاق سراح محمد الغرياني باعتباره سجين رأي) وتحجير السفر على البعض؟
- ما أنا متأكد منه أنه لا نية لنا للتشفي من أحد، خطابنا وممارساتنا تدل على إيماننا بأن بلادنا لا يمكن لها أن تتطور بنوازع الانتقام وهذا لا يعني أن لا يخضع من يشتبه في ارتكابه لأخطاء وتجاوزات للمساءلة ومن ذكرت وغيره موقوف بحكم قرار قضائي وهي قرارات طبق القانون وإن شعر أحد بنوع من الحيف فالقانون ضمن له حق التظلم والمطالبة برفع التحجير وإذا كان هناك نوع من التعدي فتفقدية وزارة العدل على ذمته وأكبر دليل على أن القضاء يقوم بعمله دون أي إعتبارات سياسية هو رفع تحجير السفر عن البعض والإفراج عن البعض الآخر وإصدار بطاقات إيداع في شأن قضايا دون قضايا أخرى وما قرار القضاء الكندي رفض طلب بلحسن الطرابلسي اللجوء السياسي إلا دليل على ثقته في القضاء التونسي إذ أسس قراره على قراءة في أحكام القضاء التونسي خلال هذه المرحلة الذي أثبت فيها أنه قضاء مستقل ولا يتحرج من إصدار حكم بعدم سماع الدعوى في حق فرد من عائلة بن علي ويخفض بعض العقوبات فالقضاء يتعامل بعيدا عن منطق التنكيل والمساءلة على الانتماء إلى حزب أو عائلة.
صرح لنا الغنوشي بانه يوجه وزراء «النهضة» فهل انت معني بتوجيهات راشد الغنوشي؟
- الشيخ راشد يبقى دائما موجها لكل أبناء الحركة داخل الحكومة وخارجها فمكانة الشيخ مكانة الأب والشقيق الأكبر والصديق.
ماهي حدود توجيهاته؟
- في حدود النصح بعيدا عن كل تدخل في أعمالنا وخياراتنا، والشيخ يدرك جيدا التفرقة بين الحزب والدولة ولذلك يستحيل ان تجد الشيخ يتدخل لاتخاذ هذا القرار أو ذاك، كل ما يقوله هو النصح بمزيد العطاء والتضحية من أجل تونس والاستعداد للوفاء بمقتضيات هذه الأمانة الخطيرة.
ما تعليقك على شيخ الزيتونة الذي قال «رضي الله عنه» عن الغنوشي؟
- من باب إكرام رجل ناضل من أجل أن تعيش تونس هذه اللحظة والشيخ العبيدي حرم لأكثر من خمسين سنة حتى من دخول جامع الزيتونة لأداء الصلاة وأظنه رأى أن الشيخ راشد يحتاج إلى تكريم ولا أرى في ما قاله كفرا.
ألم تشعر بأنه يتزلف ويفتح الباب للمتسلقين؟
- أخطر ما في هذه البلاد أن يطغى الحساب السياسي على الناس في تقييم أي حركة، ما كان الشيخ العبيدي ينجو من الانتقاد في أي حال، ولا بد من التحرر من الحسابات السياسية.
حتى الذين قبّلوا يد المرزوقي في سوق الجملة؟
- من قبّل يد الرئيس المرزوقي أظنه فعل ذلك عن طواعية حبا وإكراما للسيد المرزوقي.
هل تقبل أن تقبل يداك؟
- شخصيا لا أقبل ذلك وإن كنت لا أجرم من يقبل يد غيره تقديرا وتكريما ففي بعض المناطق تختلف العادات والأعراف وفي هذه الوزارة قبلت جبين الشيخ عبد الفتاح مورو فهل فعلت ذلك تزلفا أو نفاقا ؟ هذه ردود فعل عفوية وكل واحد يتصرف حسب ما اعتاده في جهته من أعراف، العبرة بأنها لحظة يعبر فيها الإنسان عن مدى التقدير والحب الذي يحدوه.
هل خططت لقول شيء ما في هذا الحوار؟
- لست من يخطط لأسئلتك، كنت أتمنى أن نتحدث عن واقع البلاد وواقع الإعلام فأنتم تسألون عن كل شيء ولا تسألون عن واقع قطاعكم، وتعرف جيدا أني اشتغلت لفترة صحفيا وأتحدث من موقع المحب والصديق للإعلاميين.
لست مع من دعا لبيع التلفزة الوطنية؟
- الموضوع ليس من مهامي ولم أسأل عن ذلك، أنا اعتقد أن هذه الثورة أمانة في رقبة الجميع أقول هذا وأنا أعي فعلا حجم التغير الحاصل في تونس التي عاشت زلزالا وعملية تغيير جذرية ودورنا أن ندفع في اتجاه إنجاح المسار الديمقراطي. فدور الإعلام ليس التطبيل ولا التصفيق ولكنه ليس طمس الحقائق وتزييفها والخضوع للحسابات السياسية الضيقة. فمن شروط نجاح الإعلام أن يتحرر من هيمنة السلطة وكذلك من هيمنة الأحزاب السياسية التي هي خارج السلطة ومن كل الأطراف الإيديولوجية ويقوم بدوره كرقيب على كل الناس سلطة ومعارضة وقضاء ونقابات.. ويقوم بدوره كمرآة، لا بأس أن تقولوا لنا واصلوا إن كنا في الطريق الصواب، لا عيب أن تقولوا للحكومة لقد أحسنت طبيعي جدا أن تكون هناك عقبات وأتمنى أن يوضح الإعلام للشعب التونسي الفرق بين حق التظاهر والتعبير عن الرأي وبين تخريب اقتصاد البلاد والمساس بأمن البلاد ، فحق التعبير لا يعني أن تقلع سكة حديدية، «يا رسول الله بعض ما يحدث في بعض قرى الحوض المنجمي يدمر اقتصاد البلاد ولم أقرأ سطرا واحدا يشنع بهذه الممارسات أو يبرز دورها السلبي.» أنا اليوم قرأت في صحيفة أن العفو الذي أصدره البحيري كان كارثة إذ عاد ثلث من تم تسريحهم للسجون، هذا زيف فمن يصدر العفو هو رئيس الجمهورية وكم تمنيت أن تكون صلاحية العفو لوزير العدل، وبالإحصائيات الثابتة من بين أكثر من 11 ألف سجين تم إطلاق سراحهم لم يعد سوى 300 سجين وهذه معجزة فنسبة العود في زمن بن علي كانت تقارب 60 في المائة، من اين لهذا الصحفي الذي أحترمه وأشفق عليه، من اين له هذا الرقم؟ هل يتصرف في سجون غير السجون التي تشرف عليها وزارة العدل؟ إن التورط في حسابات سياسية يضعف الصحافة والصحفيين الذين يتخلون عن مصداقيتهم يفتحون الباب أمام تغول السلطة السياسية حتى وإن كانوا مشاكسين إلى حين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.