اعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل حل ما يعرف برابطات حماية الثورة شرطا من شروطه الاساسية لفك الإضراب العام المقرر ليوم 13 ديسمبر الجاري رافضا أية وساطات بينه وبين الحكومة وحركة «النهضة» للجلوس إلى طاولة الحوار ما لم تقع الاستجابة لشروطه. شروط الاتحاد وإن لقيت التأييد والدعم من قبل الأحزاب المعارضة التي حملت الرابطات نتائج كل الأحداث العنيفة من قليبية إلى تطاوين وصولا إلى ساحة محمد علي، اعتبرتها حركة «النهضة» تجنيا على هذه الرابطات التي قال عنها رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي في تصريح إذاعي إنها تعمل في إطار القانون، مشيدا بدورها في الدفاع عن الثورة يوم غابت الدولة ومؤكدا على أن القضاء هو الفيصل إذا حادت عن مهامها. انتقاد رئيس حركة «النهضة» لمطلب الاتحاد العام التونسي للشغل بحل رابطات حماية الثورة باعتباره مطلبا سياسيا وليس اجتماعيا أيده وزير حقوق الإنسان سمير ديلو الذي اعتبر أن مطلب حل هذه الرابطات يجب أن يوجه أساسا إلى القضاء بدل مطالبة الحكومة بذلك. غير أن هذا الاختلاف حول شرعية رابطات حماية الثورة يحيل على اشكالية قانونية ولبس كبير يحوم حول الجهة التي تملك صلاحيات حل هذه الرابطات المثيرة للجدل فهل يتوقف هذا الإجراء على قرار سياسي أو قضائي؟ الأستاذ مبروك كورشيد قال إجابة عن هذا السؤال إن رابطات حماية الثورة تستند في تكوينها إلى قانون الجمعيات وقد نشط أعضاؤها في البداية ضمن رابطات جهوية ليؤسسوا في مرحلة لاحقة رابطة وطنية تحصلت مؤخرا على ترخيص مشيرا إلى أن حلها يتطلب قرارا سياسيا ، حيث يمكن لوزير الداخلية أو الوزير الأول التقدم بطلب للقضاء لحل هذه الرابطات باعتبارها تمثل مصدر تهديد للأمن العام مثل ما فعل وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي مع حزب «التجمع»، وعلى أساس هذه الدعوى يمكن للقضاء النظر في الموضوع وحل هذه الرابطات تغليبا لمصلحة الدولة. في صورة عدم إقدام الحكومة على هذه الخطوة يمكن أن يبقى هذا القرار حسب الأستاذ مبروك كورشيد محل اجتهاد بعض الأطراف التي تطالب بحل الرابطات والتي يمكنها التقدم بقضية ضدها ، وقد فسر الأستاذ كورشيد عدم إقدام أي طرف على رفع هذه القضية بالخوف من ردة فعل هذه الرابطات التي التصقت صورتها بالتهديد والعنف. وحول دور النيابة العمومية في إمكانية المطالبة بحل الرابطات قال الأستاذ كورشيد إن النيابة العمومية تأتمر بأوامر وزير العدل ولا يمكنها التصرف من تلقاء نفسها باعتبار وأن المبدأ لديها أن القلم أسير واللسان حر وأن أي قرار كتابي لفتح تحقيق يجب أن يكون مأذونا من وزير العدل. مشمولات الحكومة وفي السياق ذاته أوضح أمين محفوظ أستاذ القانون الدستوري أن هناك نصّين قانونيين يمكن اعتمادهما وهما المرسوم المنظم للجمعيات والمجلة الجزائية، فبالنسبة لمرسوم الجمعيات بيّن محفوظ أنه تم ضبطه بالقانون وليس له أية علاقة بالثورة وبالتالي فمجال عمل الرابطات لا يستجيب للنص القانوني للجمعيات من حيث المبدإ، الى جانب أن الفصل الرابع من نفس المرسوم يمنع حمل الجمعية لبرنامج أو نشاط فيه الدعوة للكراهية أو العنف. كما أشار محفوظ الى أن تطبيق مقتضيات الفصل 45 من مرسوم الجمعيات يلزم رئاسة الحكومة في حال خرق جمعية للقانون، بتوجيه التنبيه ثم تعليق النشاط الخاص بالجمعية مع نشر قضية أمام المحكمة الابتدائية بتونس والمطالبة بحلها.. وبين محفوظ أن القانون يمكن كل من له مصلحة من أحزاب ومنظمات وجمعيات ونقابات أن يتقدم بقضية أمام المحكمة لحل رابطات حماية الثورة لكن تقديمها من قبل رئاسة الحكومة يكون فيها رسالة واضحة ومطمئنة للجميع. أما في ما يخص المجلة الجزائية فبين الأستاذ أمين محفوظ أن الفصل 73 من المجلة الجزائية يقول إن كل الهيئات التي تريد أن تنتصب مكان الحكومة يسلط عليها السجن مدى الحياة.