المنظومة الامنية ما بعد الثورة, اين وزارة الداخلية من اصلاح المنظومة؟ نظرة المواطن الى عون الامن والقطع مع ما كان سائدا تلك كانت محاور الندوة الدولية تحت عنوان «اصلاح المنظومة الامنية ما بعد الثورة: الوضع الحالي والتحديات» التي عقدتها امس جمعية اصلاح المؤسسات بنزل «افريكا» بالعاصمة. و حضر الندوة «سعيد المشيشي» كاتب الدولة المكلف باصلاح وزارة الداخلية و«عبد الستار بن موسى» رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان و«الأزهر العكرمي» الناطق الرسمي لحركة «نداء تونس» اضافة الى عدد من اعضاء المجلس التأسيسي ومكونات المجتمع المدني وخبراء من الخارج... وقد تحولت الندوة الى منبر لتبادل الافكار والخبرات ولتعزيز مشاركة المجتمع المدني في اصلاح المنظومة الامنية وتطويرها في اطار احترام حقوق الانسان , نظرا لما لحقها من تشويه زمن بن علي وذلك لمساهمتها الفعالة في تكريس حكمه القمعي. إتلاف ثلث الاجهزة الأمنية كشف المشيشي ان ثلث التجهيزات الامنية من سيارات ومقرات اتلفت على يد المواطنين إبان الثورة مما استوجب تعويضها باخرى كلفت الميزانية اموالا طائلة اضافة الى اعتزام الداخلية تجديد اسطولها المهترئ لتحسين القدرات الامنية واضفاء النجاعة على العمل الامني. كما أشار المشيشي الى ان عملية الاصلاح داخل الوزارة تستوجب وقتا طويلا وهو ما جعلها تقتصر على النظر في بعض المسائل المستعجلة كتحسين الظروف المادية والمعنوية لرجل الأمن لاداء مهامه في احسن الظروف وترك بعض المسائل الى الحكومة المقبلة. التعذيب موجود و اقر المشيشي في معرض كلامه ان التعذيب لا يزال موجودا بعد الثورة, قائلا: «بالفعل هناك حالات تعذيب, لكنها عمليات معزولة», مضيفا ان الأمنيين لا يتوخون هذه السياسة في مراكز الايقاف والسجون, مبينا انه في حالة تعرض المواطنين الى التعذيب تفتح السلطات تحقيقا في الغرض وتعرض المذنبين على القضاء ان ثبت ضلوعهم في جرائم التعذيب. وأوضح المكلف باصلاح الداخلية ان الوزارة تعمل تحت الرقابة المفروضة عليها من قبل وسائل الاعلام والمجلس التأسيسي والقضاء , مشيرا الى ان «علي العريض» من اكثر الوزراء مساءلة . جرائم وأكد المشيشي انه لا علاقة لرجل الأمن بالأحزاب الحاكمة وأنه يعمل بمعزل عن التوجهات السياسية بعيدا عن الوصاية والاملاءات, واصفا الاعتداءات التي يتعرض لها الامنيون ومقراتهم عقب المظاهرات بالجرائم, مضيفا ان اخر الاسبوع يمثل كابوسا للكثير من الامنيين باعتبار ان يومي السبت والأحد يزخران عادة بالاحتجاجات والتظاهرات الثقافية والانشطة الحزبية التي تكون عادة مرفوقة بتحركات احتجاجية. الأمن الموازي ونفى المشيشي وجود جهاز امني مواز يعمل الى جانب اعوان وزارة الداخلية قائلا: «لدينا مؤسسة واحدة تحتكر العنف, وموقف الداخلية واضح من الاعمال التي تقوم بها بعض المجموعات... لا احد فوق القانون...». وفي رده على التخوفات التي انتابت بعض السياسيين ومكونات المجتمع المدني من اسلمة وزارة الداخلية على خلفية ادراج مادة التثقيف الديني للامنيين, قلل المشيشي من اهمية التخوفات واعتبرها مجرد اشاعات لا اساس لها من الصحة , قائلا: «ليس هناك تثقيف ديني ولا دروس تلقن للامنيين». الوزارة امتنعت عن اعطاء معطيات 9 افريل وبسؤاله عن لجنة التحقيق في احداث 9 افريل قال المشيشي انه لا دخل للوزارة في هذه اللجنة, ورمى الكرة في ميدان المجلس التأسيسي لكن النائبة نادية شعبان سرعان ما تدخلت وكشفت أنه لا توجد أية نية أو إرادة لتفعيل لجنة التحقيق في أحداث 09 أفريل 2012, مضيفة أن وزارة الداخلية لم تُبد أي تعاون في التحقيق ولم تُمكن أعضاء اللجنة من المعلومات والمعطيات اللازمة للاستعانة بها, وقالت: «لقد تعاملت معنا الداخلية على اساس اننا غير شرعيين... لا وجود لتشاركية حقيقية ...». عندما يتحول الأمني الى ميليشي ومن جانبه أبدى الأزهر العكرمي تخوفه من مغبة تسييس وزارة الداخلية مضيفا ان حصول ذلك سيحول رجال الامن الى مجرد مليشيات تدافع عن النظام وتضرب المعارضين والخصوم السياسيين. واعتبر العكرمي ان رجال الامن من اكثر الفئات التي تعرضت للتنكيل والشتم والسب خاصة ابان الثورة, مضيفا انهم يواجهون تحديات كبيرة اصعب من التي اعترضتهم زمن بن علي, داعيا الى الرفق بهم قائلا: «هم ابناؤنا اذا اصابوا لهم اجران واذا فشلوا لهم اجر واحد». واقترح العكرمي وضع صندوق امام المراكز الامنية على ذمة المواطنين لتقديم تشكياتهم حتى يتسنى للمجتمع المدني مساءلة الأمنيين عندما تقتضي الحاجة . لعب بالقنابل واليورانيوم ونأى العكرمي بنفسه عن التهمة الموجهة اليه المتعلقة باتلاف جزء من ارشيف وزارة الداخلية مشبها ذلك بلعب الاطفال بالقنابل واليورانيوم قائلا: «هناك العاب طفولية يراد من ورائها تسميم الحياة السياسية» واصفا التهمة في حقّه بالجريمة الكبرى واستغرب عدم عرض مطلقها على القضاء منددا بما اسماه سياسة الافلات من العقاب التي اصبحت سائدة بعد الثورة» على حدّ تعبيره. وزير الداخلية لا يرد على الهاتف وانتقد عبد الستار بن موسى الانتهاكات والاعتداءات التي يتعرض لها التونسي في الشارع والساحات العامة وفي مراكز الايقاف مشيرا الى ان الاطباء اثبتوا تورط عدد من رجال الامن في التعذيب , داعيا الى الغاء منطق التعليمات من قاموس المنظومة الامنية قائلا : «انتهى عهد التعليمات ... الامن بعيد كل البعد عن الحياد ...». كما اكد بن موسى ان الرابطة تتلقى تشكيات بعض المضطهدين وتعمل على ايصال اصواتهم الى السلط العليا للفت انتباههم الى ما تعانيه المقرات الامنية من اخلالات , وكشف انه هاتف وزير الداخلية عديد المرات لابلاغه عن بعض الحالات الا انه لا يرفع سماعة الهاتف , ولا يرد على المكالمات. صيحة فزع واطلقت نقابات قوات الامن الحاضرة في الندوة صيحة فزع نتيجة الوضعية المأساوية التي يعيشها رجال الامن وأوضحوا ان دماء بعض زملائهم راحت هدرا نتيجة هشاشة القوانين التي تحميهم عند اداء مهامهم , مؤكدين ان منحة الخطر المرصودة لهم لا تتجاوز 20 دينارا في الشهر , داعين الى مراجعة جدية لاوضاع الامنيين بعيدا عن الخطب السياسية الرنانة على حد قولهم. منتصر الأسودي