رئيس الجمهوريّة يسلّم أوراق اعتماد سفير تونس لدى أندونيسيا    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    مدير عام الغابات :'' 96% من الحرائق وراءها عامل بشري''    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    عاجل/ انتشال نحو 392 جثمانا من مجمع ناصر الطبي ب"خان يونس" خلال خمسة أيام..    وفد "مولودية بوسالم" يعود إلى تونس .. ووزير الشباب والرياضة يكرم الفريق    هطول كميات متفاوتة من الامطار خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    عاجل/ بيان مشترك: 18 دولة تدعو 'ح.ماس' للافراج عن الرهائن مقابل وقف اطلاق النار    وزيرة التربية تشدد على ضرورة وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    الإحتفاظ ب23 شخصا في قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    جندوبة: 32 مدرسة تشارك في التصفيات الجهوية لمسابقة تحدي القراءة العربي    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    القيروان: القبض على مقترفي عمليّة سرقة قطيع أغنام    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    إمضاء اتفاقية تعاون بين وزارتي المالية والتجارة حول تبادل المعطيات والبيانات    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    Titre    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 25 أفريل 2024    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    بركان ينفت الذهب.. ما القصة؟    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    شهادة ملكية لدارك المسجّلة في دفتر خانة ضاعتلك...شنوا تعمل ؟    قفصة: تورط طفل قاصر في نشل هاتف جوال لتلميذ    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها على البلجيكية غريت    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    سعيد في لقائه بالحشاني.. للصدق والإخلاص للوطن مقعد واحد    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    السيطرة على إصابات مرض الجرب المسجلة في صفوف تلامذة المدرسة الإعدادية الفجوح والمدرسة الابتدائية ام البشنة بمعتمدية فرنانة    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي تلو الآخر:في عيد الشهداء
نشر في التونسية يوم 09 - 04 - 2013


بقلم: مصطفى قوبعة
مرّ عيد الاستقلال يوم 20 مارس الماضي باهتا بلا طعم وبلا رائحة، وها هو عيد الشهداء يطل علينا بعد 19 يوما من مرور المناسبة الأولى في أجواء يبدو أنها قد تكون أكثر حماسة وأكثر تعبئة شعبية وحضورا في الشارع.
وبين هذين المناسبتين، حلت الذكرى 13 لوفاة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة «القائد في الكفاح والضامن للنجاح» ورمز «الجهادين، الجهاد الأصغر والجهاد الأكبر».
عادت ذكرى وفاة الزعيم بقوة على الساحتين السياسية والاعلامية بعد سنوات طويلة من التغييب ومن النسيان ومن التهميش، وكأنه ثمّة اليوم من منظور علم النفس الاجتماعي هاجس ما أو خشية ما تدفع بذاكرة هذا الشعب الى استحضار صورة الزعيم واحيائها من جديد، وأغلب الظن أنها خشية من مشروع مجتمعي بدأت ملامحه تتبلور مقابل المشروع المجتمعي الذي بشر به الزعيم الراحل وبدأ في إرسائه.
نحن من قوم يذكر موتاه بخير، فهذا الزعيم كان صفحة طويت من تاريخ تونس، لم تكن ناصعة البياض كما لم تكن حالكة السواء.
ولكن يحسب للزعيم بورقيبة أنه كان أفضل زعماء جيله في افريقيا وفي الوطن العربي ممن قادوا حركات مقاومة الاستعمار ونجح وتميّز حيث فشل الآخرون، وفشل مثلما فشل الآخرون.
نجح الزعيم في وضع أسس الدولة وفي وضع دستور ما كان في متناول أي من المجتمعات العربية والاسلامية والافريقية في ذلك الوقت، وتألق في نشر التعليم والرعاية الصحية وفي اعلاء مكانة المرأة لتتساوى مع الرجل في الحقوق وفي الواجبات وفي مجهود بناء المجتمع، هنا تميّز الزعيم وسبق بكثير زعماء جيله. وفشل الزعيم مثلما فشل غيره في التعاطي السليم مع مسألة الديمقراطية والحريات العامة بما ينسجم مع فكره النيّر ولم يرتق بمسألة السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية مع ما تستوجبه استحقاقات الاستقلال الوطني.
طبعا طريق الاستقلال طويل، ومساره متواصل في الزمان والمهام التي لم يستطع الزعيم بورقيبة انجازها تبقى ملقاة على عاتق الأجيال اللاحقة.
ولكن يحسب للزعيم بورقيبة هنا أنه صنع بيديه وبإرادة منه وفي فترة وجيزة من الزمن أول جيل جديد من معارضيه، وكانت تلك الضريبة التي دفعها الزعيم بمجهود رفع الأمية وتعميم التعليم.
وفي المقابل كان الزعيم بورقيبة دكتاتوريّا وقد نفهم أو نجد بعض التبريرات لهذا النمط من الحكم في العشر سنوات الأولى من حكمه بمتطلبات بناء الدولة القوية القادرة على رفع تحديات الاستقلال ولكن لا نجد أي تبرير منطقي أو موضوعي لأن يكون هذا النمط من الحكم أمرا واقعا فيما بعد، وهيأ لاحقا الأرضية الملائمة لأزمات دامية متعاقبة تارة اجتماعية اقتصادية وتارة سياسية وصولا الى ثورة 14 جانفي 2011.
وعموما، فإنّ السؤال الأهم الذي بقي بلا اجابة الى اليوم هو: هل كان الزعيم بورقيبة ضحية حزبه، أم أن حزبه كان ضحية هذا الاخير؟
في يوم 9 أفريل، في ذكرى عيد الشهداء يستحضر التونسيون من جديد صورة بورقيبة الزعيم من زوايا مختلفة، ولكن هذه المرة في صورة القائد للحركة الوطنية على امتداد مرحلة الكفاح الوطني.
ليس في مقدورنا ولا من حقنا اليوم التشكيك في شرعية الزعيم كقائد، وفي شعبيته وفي التفاف قطاعات واسعة من الشعب حوله بما توفر لديه من وعي سياسي محدود آنذاك، أو في كاريزما الزعيم التي طبعت علاقته بشعبه على امتداد عقود، حتى أصبحت هذه الكاريزما حاجة سياسية لهذا الشعب افتقدها برحيل الزعيم وبالكاد وجدها اليوم في شخصيتين من الطبقة السياسية الحالية، في شخصية الباجي قائد السبسي الشبيهة في خطابها وفي وقارها بشخصية الزعيم الراحل، وفي شخصية حمّة الهمامي بخطابه العفوي والبسيط الملتصق بهموم الشارع وبملامحه المقبولة لدى الكثيرين، وفي ما عدا هذا لا شيء يستحق الذكر على مستوى الكاريزما المفقودة لدى جلّ وجوه الطبقة السياسية والتي تكاد تمثل أكبر عائق سياسي لها.
أراد مؤرخو الحركة الوطنية أن تكون أحداث 9 أفريل 1938 يوما وطنيا للاحتفال بعيد الشهداء، علما أن هذه الأحداث مثلت أول صدام بين سلطات الاحتلال وبين الحزب الدستوري الجديد بعد تأسيسه سنة 1934، بما يوحي للأجيال اللاحقة أن مقاومة الاحتلال بدأت فعليّا مع أحداث 9 أفريل 1938 بقيادة الحزب الدستوري الجديد، وهنا أخطأ بعض هؤلاء المؤرخين ان قصدا أو عن غير قصد في كتابة التاريخ وبتشويهه وبطمس بعض جذوره.
فجذور الحركة الوطنية تعود بكثير الى ما قبل نشأة حزب الدستور ومقاومة الاستعمار بدأت منذ أن وطأت أقدام جنود الاحتلال هذه الأرض الطيبة، وأولى قوافل الشهداء كانت بالخصوص من قبائل بني خمير شمالا وعلى أسوار مدينة صفاقس الجريحة سنة 1881، وتلتها قوافل شهداء أحداث الجلاز سنة 1911 وأحداث الترامواي سنة 1912 وشهداء الجيل الأول لما سيعرف لاحقا ب«الفلاّقة» وأشهرهم على الاطلاق الأسطورة محمد الدغباجي ورفاقه ما بين 1918 و1924، وغيرها من المحطات النضالية البطولية التي سبقت أحداث 9 أفريل 1938. وبصرف النظر عن المحطة التاريخية، فإن احياء عيد الشهداء بما يحمله من رمزية وبالمكانة التي يستحقها في الذاكرة الوطنية والذاكرة الشعبية هو تقدير وتخليد لكل الشهداء الذين رووا بدمائهم الطاهرة أرض الوطن من أول شهيد مجهول الهوية سقط سنة 1881 دفاعا عن أرضه وصولا الى آخر شهيد وهو الشهيد شكري بلعيد شهيد الرأي والكلمة الحرة مرورا بشهداء الكفاح الوطني وبشهداء الحركة الديمقراطية وبشهداء الحركة النقابية وبشهداء الواجب من المؤسستين العسكرية والأمنية، في عيد الشهداء تسقط كل المحطات وتعلو راية الوطن وفي عيد الشهداء نجدد العهد لكل شهدائنا بلا استثناء على السير في نفس الخط الذي رسموه لأنفسهم ومن أجل وطنهم وشعبهم وقضاياهم العادلة على الدرب الطويل للكرامة وللتحرّر الوطني الكامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.