بمناسبة الذكرى 57 لتونسة الامن الوطني نظمت امس مؤسسة المجد للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع النقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي ندوة صحفية تحت شعار «اصلاح المنظومة الامنية, مقومات الامن الجمهوري» بنزل «طيبة» بالعاصمة, للدعوة الى ضرورة تحييد المنظومة الامنية عن التجاذبات السياسية ولتقديم مقترحات لتطوير العمل الامني واللوجستي والاستراتيجي خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها بلادنا. ورأى «عبد الوهاب الهاني» رئيس حزب المجد في مستهل الندوة أن اصلاح المنظومة الامنية قضية تشغل الجميع وأنها من مشمولات وزارة الداخلية والاحزاب بشقيها الحكومي والمعارض والشعب التونسي ككل, داعيا الى ضرورة تكوين جهاز امني يرتقي الى تطلعات المواطنين ومحو الصورة السلبية لعون الامن التي التصقت بالاذهان على امتداد عقود. ووصف الهاني قرار تونسة الامن الذي اتخذته حكومة الاستقلال قبل 57 سنة بالجريء قائلا: «لا معنى للاستقلال ولا للسيادة الوطنية بوجود الجندي الاجنبي على ترابنا», مشيرا الى ضرورة تطوير المنظومة بأكملها حتى تكون مواكبة للمتغيرات الزمنية معتبرا ان تحديات الامس (سنة 1956) مختلفة عن تحديات اليوم (المخاطر الارهابية, جرائم عابرة للقارات...). وأشار الهاني الى ان المنظومة الامنية كانت اداة في يد النظام السابق لضرب الخصوم السياسيين وحوّلها من خدمة الشعب الى خدمة الطبقة الحاكمة خاصة رأس النظام. وأكد رئيس حزب المجد ان دور المؤسسة الامنية وقائي بالاساس ولا يمكن ان يكون قمعيا أو عقابيا مضيفا: «يجب ان يكون أمنا إنسانيا ولا بد من عقد مؤتمر حول اصلاح المنظومة الامنية...». قانون الارهاب لتصفية الاسلاميين من جانبه اوضح «علية العلاني» الباحث في التاريخ السياسي والحركات الإسلامية المغاربية انه لا يمكن الحديث عن منظومة امنية عادلة بمعزل عن عقلية لوجستية متطورة ومناخ سياسي مناسب, مضيفا: «الردع جزء من مهام الجهاز الامني وهذه العقلية لم تتغير...» داعيا الى ضرورة تغيير طريقة عمل الاجهزة الامنية وادماج بعض الاسلاك قصد ضمان نجاعة العمل الامني, وتطويرها قصد ملاءمة المتغيرات الحالية وجعله قادرا على فك رموز بعض العمليات الارهابية عن طريق تفحصها ودراستها وتحليلها. وتطرق العلاني الى الحديث عن المنظومة الامنية في العهد البائد حين كانت تستخدم لترويع الخصوم السياسيين وضمان دوام النظام الحاكم, مضيفا: «النظام السابق وظف قانون الارهاب لتصفية حسابات شخصية مع الخصوم السياسيين خاصة الاسلاميون... فهم اكبر المتضررين من هذا القانون. كما اشار الى ان الجهاز الامني كانت تعوزه رؤية استراتيجية واضحة وأنه كان يقتصر على الحلول الامنية دون دراسة الظاهرة الارهابية على غرار احداث جربة وسليمان... لدينا 8 آلاف سلفي علمي و3 آلاف جهادي و قدر العلاني عدد المحسوبين على التيار السلفي الجهادي بقيادة «أبوعياض» ب3000 شخص مقابل 8000 سلفي علمي بقيادة الشيخ «بشير بن الحسن» المقرب من حركة النهضة حسب تعبيره , مضيفا ان عدد الجهاديين التونسيين بالخارج (سوريا, مالي...) لا يتعدى المئات , قائلا : «لقد التقيت معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض فأكد لي ان عدد التونسيين لا يتجاوز المئات في سوريا وأنه لا يجب تضخيم العدد...». كما استغرب العلاني تقديم تراخيص الى عدد من الاحزاب التي لا تؤمن بالديمقراطية ودولة المؤسسات, مضيفا ان خطابات بعض القادة السياسيين والمحسوبين على التيار السلفي لا تطمئن العائلة السياسية على غرار تلك التي اطلقها احد العائدين من سوريا الذي هدد بتحويل تونس الى ارض جهاد في حال سقوط حركة «النهضة» في الانتخابات. واقترح العلاني ضرورة التعجيل بإنتهاج مقاربة أمنية وسياسية مع التيارات المتشددة لتطويق رقعتها الجغرافية ولتجنب «صوملة» تونس من خلال الارتقاء بمناهج التعليم وفتح قنوات التواصل والحوار معهم باعتبارهم ابناء هذا الوطن والنهوض بواقعهم الاقتصادي والاجتماعي على غرار ما حصل في الجزائر التي عرضت مبالغ مالية على عدد من الجهاديين مقابل عدم رفع السلاح في وجه الجيش والامن وعدم تعريض حياة المواطنين للخطر. 22 أمنيا مصابا في أحداث بنزرت من جهته اكد «شكري حمادة» الناطق الرسمي باسم النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي ان الاحداث الاخيرة التي عاشتها ولاية بنزرت جراء قرار كروي أماطت اللثام عن معاناة رجل الامن الذي غابت عنه جميع وسائل الحماية, مشيرا ان اعمال العنف بالمدينة المذكورة اسفرت عن سقوط 22 مصابا في صفوف الامنيين, مضيفا: «هناك سياسة تجويع وتركيع ولا بد من احداث ثورة قوانين داخل المؤسسة الامنية... نقابتنا مبتورة وليس لها الحق في الاضراب أضف الى ذلك دخول النقابات الموازية على الخط لضربنا...». كما أشار حمادة الى ان القوات الأمنية تعاني الأمرّين في المناطق الحدودية على غرارنقص المياه والاغذية...