قدموا من ولاية المنستير مثخّنين بجراحهم، حاملين لصور شهدائهم ,مطالبين بالتسريع في كشف حقيقة الحريق الذي جد ّبالسجن المدني بالمدينة يوم 14 جانفي 2011. جاؤوا لحضور الندوة الصحفية التي عقدتها أمس بالعاصمة «الجمعية التونسية للنهوض بجرحى الثورة وعائلات الشهداء وجرحى سجن المنستير» وذلك بمقر نقابة الصحفيين والتي, حضرتها المحامية ليلى حداد لإبلاغ الرأي العام بوجود ما وصف ب«مغالطات وتعتيم إعلامي» حول حقيقة الوقائع التي جدت بسجن المنستير وغيره من السجون التونسية يوم فرار بن علي ... أمهات ثكالى يحتضنّ بعيون دامعة ونفوس حزينة صور أبنائهنّ، جرحى لم تشف بعد أوجاعهم يتساءلون في حرقة:أين حقوقنا؟ هكذا كان المشهد العام المميز لأجواء انعقاد الندوة الصحفية حول قضية السجن المدني بالمنستير والتي هي حاليا تحت أنظار دائرة الاتهام من جديد بعد أن رفضتها محكمة التعقيب. تعليمات بقتل السجناء في مستهل كلمتها أكدت المحامية ليلى حداد أن ما حدث يوم 14 جانفي 2011 بالسجن المدني بالمنستير وكذلك ما جدّ من وقائع شغب واحتراق ببقية السجون التونسية هو عملية مدبّرة وممنهجة ومنظمة أسفرت عن فجائع وجرائم في حق مساجين عزّل. ووصفت الحداد على وجه الخصوص ما حدث في سجن المنستير والذي أودى بحياة حوالي 49 ضحية وخلّف عددا من الجرحى بالمحرقة المقصودة والجريمة البشعة والفظيعة. واستدلّت المحامية على كلامها بقرائن قالت إنه تم التوّصل إليها بعد البحث والتدقيق في ملف القضية واعتمادا على شهادات الناجين من حادثة الحرق. وأفادت أنه تم الكشف عن مكالمة هاتفية دارت بين السرياطي والمدير العام للسجون يوم 14 جانفي على الساعة 14:45وتضمنت تعليمات بقتل سجين أو اثنين لتهدئة الوضع... وأضافت إن تأخر إدارة سجن المنستير في طلب الحماية المدنية لإطفاء الحريق يثير الشكوك.كما تساءلت عن سرّ وجود آثار رصاص ودماء بأجساد الموتى والمجروحين , والحال أنهم كانوا ضحية احتراق كما أشيع. وأفادت الحداد أنه في الليلة السابقة للحادثة تم إقحام عنصر جديد بالغرفة التي جدّت بها الحادثة ولم تستبعد تورطه في تدبير عمليّة الحرق... شهادات... لوعات... تساؤلات «لا نريد تعويضات ولا أموال فقط نريد أن نعرف الحقيقة»... هكذا صدح أهالي ضحايا حريق السجن المدني بالمنستير من موتى وجرحى. ومن الشهادات المقدّمة أثناء الندوة الصحفية ,شهادة الجريح رضا البوزيدي باعتباره شاهد عيان كان مسجونا بالغرفة التي اندلع بها الحريق, والذي قال: «شبّت النيران في الغرفة والمنافذ موصدة ولا من مغيث يمكنّنا من النجاة... ثم تمّ خلع الباب من قبل مساجين الغرفة المجاورة وليس من قبل أعوان السجن كما قيل.وحتى بعد أن التهمت النار أجسادنا وفارق الكثيرون الحياة, أساؤوا معاملتنا ولم يسعفونا....». وأضاف البوزيدي أنه لبث مدة 7 أشهر بمستشفى الحروق البليغة ببن عروس وهو مطالب اليوم بدفع حوالي 10 ملايين لهذه المؤسسة الصحية وهو لم يتمتع بالتعويض بعد... وبنبرة ملؤها اللوعة والأسى تحدثت الثكلى عربية الجبالي عن فقدانها لفلذة كبدها في «كارثة إنسانية» على حد وصفها, مؤكدة أن يدا خفيّة تمنع فتح الملف وتعيين جلسة للوصول للحقيقة.