لا نحتاج الى انتخابات نيابية في إسرائيل لنعرف أن إسرائيل لا تريد السلام، فسواء رأس الحكومة بنيامين نتانياهو أو تسيبي ليفني تبقى النتيجة واحدة، وهي أن إسرائيل لا تريد السلام، ولم تطلبه قبل 60 سنة أو 40 سنة أو في التسعينات من القرن الماضي أو اليوم. أكتب وكديما متقدم على ليكود بمقعد واحد، غير أن اليمين متقدم على الوسط، فله 64 مقعداً في الكنيست الذي يتألف من 120 مقعداً. واستعمل كلمات اليمين والوسط مجازاً، فالكل يمين إرهابي، والفارق أن بعضه أكثر إرهاباً من بعض، فنتانياهو أسوأ من ليفني، وهذه أسوأ من إيهود باراك، وأفيغدور ليبرمان أسوأ من الجميع. وأسجل قبل أن أكمل أن إسرائيل مسؤولة عن تخريب نصف عملية السلام، والفلسطينيون والعرب مسؤولون عن تخريب النصف الثاني، فالانقسام الفلسطيني والضعف العربي يشجعان الإسرائيليين على التطرف، طالما أن لا سبب ضاغطاً عليهم للسير على طريق السلام. كل انتخابات إسرائيلية انتهت بحكومة ائتلافية أو حكومة وحدة وطنية، إلا أن العادة كانت دائماً أن يكلف الحزب الفائز تشكيل الحكومة، وهي عادة قد تخرق هذه المرة، لأن اليمين المتطرف انتزع عدداً أكبر من مجموع المقاعد. شمعون بيريز سيستشير الأحزاب السياسية قبل تكليف أحد الفائزين تشكيل حكومة، وإذا كان المكلف نتانياهو فمشكلة إدارة أوباما معه ستكون في حجم المشكلة العربية أو أكبر لأن هذا الإرهابي لا يريد السلام وهو يرفض التخلي عن القدسالشرقية، أو الجولان، أو عودة اللاجئين، بل إنه يرفض مبدأ دولة فلسطينية مستقلة، ويريد «إراحة» الفلسطينيين اقتصادياً في كانتونات غير متواصلة تحت رحمة إسرائيل دائماً. ثم هناك ليبرمان، رئيس حزب، أو عصابة إسرائيل بيتينو (بيتنا)، الذي أدلى بتصريحات عنصرية، وهدد بطرد الفلسطينيين أو قتل نوابهم في الكنيست. ليبرمان القادم من مولدوفا كان يعمل حارساً على أبواب المواخير من أوروبا الوسطى الى إسرائيل، وهو حمل يوماً على الرئيس حسني مبارك لدفاعه عن حقوق الفلسطينيين، وقال: «ليذهب الى الجحيم». وأنا أسجل هذه العبارة اليوم لأذكّر المصريين بها، فهذا المتطرف يريد وزارة الدفاع، ونتانياهو قد يوافق، وهو قد يطلب زيارة مصر بصفته الرسمية المقبلة، لذلك أرجو أن تعلنه السلطات المصرية شخصاً غير مرغوب فيه، وتمنع دخوله أراضي مصر. وأتوقف لأحكي للقراء قصة من التراث تخفف عنهم وطأة الإرهاب الإسرائيلي والفشل العربي قبل أن أكمل، فأنقل عن الأبهيشي قصة رجل ادعى النبوة في أيام أحد الملوك فلما حضر بين يدي الملك قال له: أنت نبي؟ قال: نعم. قال الملك: وإلى من بعثك؟ قال: إليك. قال الملك: أشهد أنك سفيه أحمق. قال: إنما يبعث لكل قوم مثلهم. فضحك الملك وأمر له بشيء. ليبرمان بُعِث الى الذين انتخبوه وكلهم متطرف مثله، يعني «زعران» مواخير غرباء عن الشرق الأوسط، وهم عار على إسرائيل قبل غيرها. ولكن ليبرمان لا يزال ينتظر دوره ليمارس الإرهاب ضد النساء والأطفال، في غزة أو أي مكان آخر، أما نتانياهو فإرهابي قديم شارك وهو يودع سنوات المراهقة في تدمير طائرات مدنية في مطار بيروت سنة 1968، وأحمّله شخصياً المسؤولية عن موت ألوف الفلسطينيين والإسرائيليين منذ التسعينات، فهو فاز سنة 1996 بفارق نصف واحد في المئة على شمعون بيريز والعمل، وبقي في الحكم ثلاث سنوات عطل فيها العملية السلمية فانتهت إدارة كلينتون، والسلام يكاد يكون في متناول الجميع، لولا ذلك النجس الذي هاجمه اليهود من أركان الإدارة في كتبهم اللاحقة. لولا تلك السنوات الثلاث الضائعة لما جاء اتفاق الأطر في آخر شهرين لبيل كلينتون في الحكم، ولكان أبو عمار استطاع انتزاع موافقة فلسطينية عليه، بعد أن أقنعه كلينتون به في واشنطن، ولكان ألوف الناس الأبرياء أحياء، وهذا من دون أن أفترض أن حل القضية الفلسطينية كان سيمنع إرهاب 11/9/2001، ويحجب دماء مليون عراقي وأكثر من أربعة آلاف أميركي ومئات غيرهم من مختلف الجنسيات، من أفغانستان وباكستان وكل مكان. إذا كلف نتانياهو تشكيل حكومة إسرائيل فليس له عندي تعليق سوى بيت شعر قديم: وما زدتَ إن وُلِّيت إلا خِسَّةً كالكلبِ أنجس ما يكونُ إذا اغتسل جهاد الخازن