يأبى شهر افريل الا ان يكون وعاء لعدد لا يحصى من المحطات الرئيسية في تاريخنا المحلي والعربي. يقترن شهر افريل عندنا بانتفاضة 9 افريل 1938 التي شهدت ثورة التونسيين العزّل من السلاح على المستعمر الغاصب الحقود تضامنا مع زعيمهم الشاب علي البلهوان واحتجاجا على ايقافه من طرف الجندرمة لتقديمه للعدالة بتهمة قيادة مظاهرة 8 افريل 1938. ونظرا لانتهاجه سياسة حاقدة، فقد واجه الاستعمار تلك الاحتجاجات بالحديد والنار وقتل العشرات وجرح واعتقل المئات. لذلك واحياء لهذه الذكرى المجيدة، اخترنا ان ننشر ملفا كاملا عن تلك الاحداث من خلال روايتين. الاولى لحاكم التحقيق الفرنسي »دو قيران دوكايلا« الذي اعدّ ملف القضية وقد نقلها لنا المحامي الوزير والسفير ومدير الحزب الدستوري سابقا الاستاذ عبد المجيد شاكر في كتاب قيم أصدره منذ سنوات قليلة. الثانية للمناضل الدستوري والنقابي الحبيب قرار من خلال كتاب له أصدره سنة 1996. شهر افريل شهد تكوين أول مجلس تأسيسي، كما شهد تكوين أول حكومة تونسية اشترك في عضويتها عدد من النقابيين الى جانب الدستوريين من سياسيين ورجال اعمال وفلاحين، تدليلا في ذلك على علاقة وطيدة قامت بين الحزب الدستوري وبين قيادتيهما. ولا شك ان أبرز الشخصيات التي جسمت الترابط بين الطرفين هي في المقام الاول الزعيم الشهيد فرحات حشاد الذي آلت له في وقت ما قيادة الحركة الوطنية، الامر الذي أدى الى اغتياله، يليه الزعيم الحبيب بورقيبة رئيس الحزب والزعيم الحبيب عاشور أمين عام الاتحاد. فبين الحبيبين قصّة طويلة يعتقد انها بدأت عام 1945 لما تكفل عاشور بتأمين هجرة بورقيبة الى الشرق لشرح القضية التونسية وكسب الدعم العربي اللازم لها من خلال مكتب المغرب العربي ولا سيما بعد تأسيس جامعة الدول العربية في مارس من نفس السنة. وحتى يكون لعمل بورقيبة في الشرق وقع، قاد عاشور واقعة 5 اوت 47 بصفاقس، والتي ردّ فيها المستعمر على المضربين بقسوة وغلظة أدت الى قتل وجرح العشرات فضلا عن ايقاف المئات. وعاد الرجلان ليلتقيا على المحكّ في نوفمبر 1955 لما اقترح عاشور على بورقيبة تنظيم مؤتمر للحزب يقع فيه بحث الخلاف البورقيبي اليوسفي. ولئن وافق بورقيبة على الفكرة، فإن عاشور وزملاءه في الاتحاد هم الذين أمّنوا جريان المؤتمر في ظروف آمنة. يتحدث كثيرون اليوم عن ذلك المؤتمر وعن علاقة »الحبيبين« ويعودون بالذاكرة الى ذلك المؤتمر الذي كرّس زعامة بورقيبة ونجاح نظرته الى مستقبل تونس، وينسبون كل ذلك الى الاتحاد وتحديدا الى عاشور. إخصابا للذاكرة، وتحية للزعيم الفذ الحبيب بورقيبة في ذكرى وفاته العاشرة، ننشر في ملفنا لهذا العدد نص الخطاب الذي كان ألقاه في ذلك المؤتمر. ❊❊❊ شهر افريل شهد أكبر نكسة أو نكبة في التاريخ العربي الحديث، إنها نكبة سقوط بغداد، عاصمة العراق ذات 9 افريل من عام 2003. في ملفنا بالمناسبة، حديث لناطق باسم المقاومة العراقية كشف عملها من اجل دحر الاحتلال وانطلاقها في ذلك العمل في اليوم الموالي للاحتلال اي 10 افريل 2003 كما كشف تفاصيل خسائر الجيش الامريكي في العراق، مبرزا اتفاق الفصائل الستين في 4 جبهات كبرى قبل انصهارها قريبا في مجلس موحد. ❊❊❊ من خصائص الأدب أنه يدوّن مثل هذه الوقائع ويلهم بالحديث عنها وترجمتها الى قصص قصيرة وطويلة، أو الى روايات وقصائد. والحقيقة انه جاءنا كمّ كبير من هذا الادب لاسيما في باب الشعر، ولكننا اكتفينا، نظرا لضيق المساحة بقراءة مختصرة في أقصوصة لصديقنا محمد الجابلّي وبمجموعة من القراءات لكتاب اثار ضجة كبيرة في صفاقس للاستاذ عبد المولى وعنوانه »هذا الرجل ينبغي ان يموت« وفيه حديث مطوّل عن نضال الزعيم الهادي شاكر ومساهمة مدينة صفاقس في الكفاح الوطني عبر أناس خدموا البلاد والقضية وآثروا الصمت عمّا انجزوه.