من المسائل التي نفتخر بها ببلادنا ارتفاع نسبة التغطية الإجتماعية التي تصل الى أكثر من 90٪ وينتظر ان تصل سنة 2014 الى 94٪، هذه النسبة تقدّمها وزارة الشؤون الاجتماعية في كل مناسبة ونحن بدورنا نرتاح لها ونعتبرها إنجازا، ولكن ما يعيشه عمال القطاع الخاص وخصوصا في القطاعات المهمّشة يجعلنا مطالبين بمراجعة عدّة حسابات وعدم التغاضي على عديد المخالفين للقانون في المؤسسات التي مازالت تتعامل مع العمال دون قوانين ودون احترام للذات البشرية. المشهد يتكرر كل يوم وكل لحظة وهنا اتحدث عن حوادث الشغل واتذكر هنا كلمة السيد الناصر الغربي وزير الشؤون الاجتماعية منذ أيام لدى احتفالنا باليوم العالي للصحة والسلامة المهنية، عندما أكد على ضرورة الصرامة في تطبيق القانون وتوفير أساليب الحماية والصحة والسلامة المهنية. ولكن رغم هذا الكلام الواضح الا ان العديد من المؤسسات مازالت لا تكترث لهذا المجال كما انها لا تصرّح بأجور عمالها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حسب ما ينص عليه القانون بل حسب الأهواء. هذا ما وقع مع العامل يوسف الحسن العقربي وهو سائق بمقاولات »شعبان إخوان« حيث تعرض الى حادث شغل في الساعة العاشرة ليلا عندما سقط في حفرة عمقها 6 أمتار. هذا السقوط نجم عنه كسر في الظهر يتطلب 14 شهرا علاجا. العامل متزوج وأب لطفلين، فوجئ بأنّ صاحب المقاولات لا يصرّح بأجره الى الصندوق كما يفرض القانون مما جعله في حالة غير قانونية امام الصندوق الوطني للتأمين على المرض حيث طالبت إدارة الصندوق من المتضرر اثبات علاقته الشغلية عبر بطاقات خلاص لكن والى حدّ الان وبالرغم من مرور 6 أشهر على الحادث الا ان صاحب مقاولات »شعبان إخوان« يرفض مدّه ببطاقات الخلاص مما جعل وضعيته غير واضحة مع الصندوق. المتضرّر يشتغل منذ أربعة سنوات مع هذه المقاولات ولكن فوجئ انه غير معترف به اجتماعيا وانه قد يحرم من تعويضات حادث الشغل بل الأدهى والأمر ان صاحب المقاولات تركه في المستشفى دون أجر سوى في بعض المناسبات القليلة جدا. هذه صرخة فزع أطلقها السيد يوسف الحسن العقربي الذي أصيب بعجز قد يغيّر حياته نحو الاسوأ، ونعلم جيدا أنّه ليس الاول ولن يكون الاخير، لكن من يتدخل لحماية العديد من العمّال في مثل هذه الحالات؟ وأين مصالح وزارة الشؤون الاجتماعية كي تجبر مثل هذه المؤسسات على تطبيق القانون حماية لآلاف العائلات؟ من سيعيد البسمة لابناء هذا المتضرر الذي قد يجد نفسه خارج إطار الشغل والحياة في عجز تام؟مثل هذه الحالات تتطلب تدخلا حازما حتى عندما نفتخر بنسبة التغطية الاجتماعية العالية تكون حقيقية على كافة عمّال تونس دون استثناء.