كبيرة هي الجهود التي أبذلها كي يستعمل أبنائي اللغة العربية... لغتنا الأم كتابةً وقراءةً وتخاطبًا، لكن دون جدوى واحترت في أمري رغم اقتناعي بصعوبة ذلك، هم أيضًا متحمّسون ويقبلون بشغف على تعلّم اللغة العربية أو على الاقل اللهجة التونسية في مرحلة أولى ولكن أبنائي يقضون يوما كاملا وعلى مدى أيام العام في المدرسة والشارع والحديقة، وفي وسائل النقل مع الفرنسيين ويدرسون مختلف المواد بالفرنسية، والمعلم فرنسي والمعلمة فرنسية وزملاؤهم في المدرسة فرنسيون وحارس المدرسة فرنسي ومدير المدرسة فرنسي وعندما يخرجون للعب في ساحة الحيّ الذي أسكنه في عطلة نهاية الاسبوع يشاركهم في اللعب ابناء جيراننا الفرنسيون... أقول لهم »عالسلامة« فيجيبونني بنفور وعندما أطلب من أحدهم ان يرد على تحيتي بالعربية يقول: »أسلامة«. ويطلب مني بعضهم بالحاح أحيانا ان لا تكون لغة التخاطب بيننا في البيت سوى العربية وهو ما أفعله كل يوم واذا باللغة في البيت تتحول الى فرنكو عربي فلا نحن نتحدث العربية ولا الفرنسية تلك هي احدى نتائج الهجرة فما الحل؟ هي مشكلة كبيرة أقضت مضجعي ولم أجد الحل والحل يكمن في تعليم قواعد اللغة العربية من طرف معلم تونسي فأين هو؟وأنا أسكن صحبة عائلتي باحدى الضواحي البعيدة للعاصمة باريس وأستمع دوما لكلام كثير من الاحاطة بالتونسيين بالخارج وخاصة بابنائهم وعن المعلمين التونسيين الذين ترسلهم وزارة التربية الى مختلف بلدان الهجرة فأين هم؟ وماهو دور فضاء الجيل الثاني الذي يقال إن من بين انشطته تعليم اللغة العربية لابناء المهاجرين، وجرّبت مرة وقطعت مسافة طويلة ودخلت صحبة ابنائي وزوجتي هذا الفضاء واذا به لا أنشطة ولا تعليم ولا يحزنون عدا »التقطيع والترييش وحوارات بين النساء التونسيات عن المطبخ ومشاكل الهجرة والخلافات الزوجية... وأمدّني مدير الفضاء بورقة تحتوي على النشيد الرسمي التونسي الذي أحفظه عن ظهر قلب وطلب مني ان ألقّنه لأبنائي.. وبعد؟.. وهو لا يعلم أنني حاولت أكثر من مرة ولكن النشيد الرسمي لابنائي هو »La marseillaise« النشيد الرسمي الفرنسي وطلبت مرة من احد ابنائي ان يحاول انشاد مقطع من النشيد الرسمي التونسي فأنشد: هماة الهمى يا هماة الهمى.. هلموا هلموا ويهيا الوطن.. وطلبت منه انشاد النشيد الرسمي الفرنسي فانطلق بكل سرعة وبساطة وسرور: Allons Enfants De La patrie Le Jour de gloire est arrivéفقلت في نفسي وبكل حزن: ذاك هو نشيدك الرسمي يا بني حتى يأتي ما يخالف ذلك.. يلومونني على عدم تدريس اللغة العربية لابنائي في البيت، وهم لا يعلمون أن حياتنا اليومية تتمثل مثلما يقال بالفرنسية dodo - Boulot - metro مترو.. شغل.. ونوم.