مثلما ذكرت في احدى يومياتي الاخيرة فقد قررت العودة من بلاد المهجر لاقضي العطلة الصيفية بمسقط رأسي رغم الاخبار المزعجة التي تصلني بل انني شجعت الكثير من ابناء بلدي على العودة بعد ان كانوا خائفين واتفقوا على تغيير وجهتهم العادية ليقضوا اجازاتهم ببلدان اخرى تنعم بالاستقرا والهدوء وتتوفر كل المقومات واقنعتهم ان واجبنا كتونسيين بالخارج ان نساهم بما نقدر عليه في الاحتفال بالثورة. وأضعف الايمان العودة الصيفية والاجتماع بافراد العائلة كالعادة وانفاق ما سنجلبه من عملة صعبة مساهمة منا متواضعة في انقاذ الاقتصاد الذي قيل اكثر من مرة انه في طريقه الى الانهيار لا قدّر الله. وعدت الى تونس، فاذا بها تونسالجديدة، تونس ثورة الكرامة تونس المائة حزب سياسي واكثر.. تونس الحرية والانتقال الديمقراطي تونس الاعتصامات والاضرابات والبراكاجات تونس السرقة والنهب والحرق وتونس الاجازات المجانية المتواصلة والروتين الاداري المعروف تونس الانتصاب الفوضوي واقامة الاكشاك بصفة عشوائية وكيفما اتفق.. تونس التسوّل ولست ادري اين كان هؤلاء المتسولون مختفين، تونس المساجين الهاربين.. تونس المطلبية المشطة والعاجلة تونس التي لم يعد يحترم فيها السواق قوانين المرور تونس.. الخوف من كل شيء. تونس استفحال الاضرابات الاجتماعية والاقتصادية والمشاكل الامنية... تلك هي تونس بعد الثورة، تلك هي تونس بعد الثورة التي مر عليها ثمانية أشهر... انا بطبعي متفائل... ومتفائل بمستقبل تونس لانه من الطبيعي ان تتغير الاشياء بعد كل ثورة تقع في اي بلد من بلدان العالم. فليس من السهل ان تتغير الاوضاع بين عشية وضحاها دون تضحية ودون مشاكل لابد لكل مواطن ان يقبلها ويتحملها لكن لكل شيء حدود وخطوط حمراء فهل يعقل مثالا ان ينخرم الامن ويشارك في الاضرابات والاعتصامات والاحتجاجات سلك من واجبه الحفاظ على امن البلاد والعباد؟ مهما كانت الاسباب والمسببات وهل يعقل ان لا يطبق القانون من قِبل اصحاب القانون وأقصد بذلك اعلان بعض الاحزاب بعدم التقيّد بقانون الاشهار الصادر عن هيئة اصلاح الاعلام والاتصال بدعوى انه قرار لا يتوفر على اية مشروعية او سند قانوني مع كل هذا الذي ذكرت فاني اغادر ارض الوطن وانا متفائل بمستقبل تونس وانا متأكد ان القادم سيكون افضل بعناية الله.