تعني ثولثة الاقتصاد الاعتماد على القطاع الثالث اي المجال الخدماتي الذي يتوفر على التجارة الحرة والسياحة... هنا نتوقف هنيهة لنرصد حالة «الاقتصاد» التونسي في ايامنا هذه ونطرح سؤالا مهما. عن اي ثولثة نتحدث عندما يقتصر القطاع الخدماتي على السياحة؟ وهل نملك اقتصادا اصلا؟ من المعروف ان السياحة ترتبط ارتباطا وثيقا بالعنصر الامني وهي «قطاع هش» اي سريع التغيير، لقد كانت السياحة وما توفره من مداخيل مهمة من العملة الصعبة كذبة كبرى اختلقها النظام السابق مثلها مثل صندوق التضامن وغيره من المشاريع الوهمية، فهذا القطاع الاستراتيجي في الاقتصاديات الحديثة كان نتاجا لثورات اقتصادية في شكل متدرج من الفلاحة الى الصناعة وصولا الى القطاع الثالث. اما في تونس فقد ارتكز «اقتصادنا» على فلاحة بعلية موسمية الى صناعة شبه مفقودة تقتصر على النسيج والمواد الغذائية وصولا الى سياحة تتحكم فيه وكالات اسفار اجنبية. هذا هو «الاقتصاد» الذي حدثونا عنه طوال العقود الماضية ويحدثوننا عنه في هذه الايام بأنه يشكو عجزا ويعاني ازمة وكأن ذك امر غير طبيعي. انه لمن الطبيعي ان يعاني «اقتصاد مشوه» او لنقل منقوص من ازمات متتالية لا يمكن تلافيها الا بعد وقت طويل من البناء والاصلاح، وانه لا يمكن التعويل على فلاحة معاشية وخدمات هامشية غير مهيكلة والادعاء فيما بعد اننا نملك اقتصادا يعاني من عجز! هنا وجب طرح هذا السؤال أين الصناعة؟ بكل بساطة لا وجود لصناعة في تونس، ربما علينا سؤال بورقيبة او بن علي الذي اهتم كل منهما بولايات الشريط الساحلي والوطن القبلي وتونس الكبرى وتناسوا المناطق الداخلية. ان الوضع الاقتصادي الراهن لا يمكن الا ان يكون نتاج توزيع غير عادل للثروة الوطنية وتهميش متعمد للمناطق الداخلية التي تتوفر على موارد طبيعية مهمة. لابد من ايجاد توازن بين القطاعات الثلاث حتى يتسنى خلق اقتصاد قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي والصمود في وجه الازمات وذلك لا يكون الا بخلق لامركزية اقتصادية والاعتراف بالمناطق الداخلية كجزء من تونس فهي مازالت الى حد الآن لدى البعض تتبع الجزائر او ليبيا ربما! لقد أدت ثولثة الاقتصاد الى تغليب قطاع «وهمي» وهو السياحة على حساب الفلاحة والصناعة، فهل تكون ثولثة السياسة هي الاخرى تنازلا لتيار وهمي ايضا؟ سؤال لن يكون غير الوقت كفيلا بالاجابة عنه. أرجو ان لا نندم مرة اخرى رغم اني ارى نقاط تشابه بين «القطاع الثالث» و «التيار الثالث» فكل منهما يهتم بشكل أو مظهر معين، الاول سياحة تعتمد على الملابس الداخلية و الثاني سياسة ترى ان ان النقاب يستلزم استشارة وطنية.