صرّح الوزير المكلف بالملفات الاقتصادية والاجتماعية ان نسبة النمو في تونس قد بلغت 3٪ بعد ان تضاربت التصريحات قبل ذلك... وقد جاء تصريح رئيس الحكومة في بروكسال منذرا بما يتهدد اقتصاد البلاد في صورة تأخير الانتخابات بسبب تثاقل عمل المجلس التأسيسي وتأخره في انهاء مناقشة مسودة الدستور التي أعدّها... وقد تكرّرت التصريحات من هنا وهناك والتي تؤكد أن الاقتصاد التونسي ليس متعافيا وان أخطارا كثيرة تحدق به وأهمها موجة الاغلاق التي أصابت المؤسسات الأجنبية او الرغبة في الانتقال الى بلدان اخرى... وهو ما اطلعت عليه وزارة التعاون الدولي والاستثمار الخارجي في لقاءات الاستماع الى عدد من المستثمرين الاجانب في المدة الأخيرة... وموازاة مع هذا الوضع المرتبك لم تتردد الحكومة المؤقتة في مواصلة سياستها التي جاءت من أجلها، فعمدت في الايام الاخيرة الى اتخاذ قرارات خطيرة منها بالخصوص: 1 سارعت بإمضاء اتفاق الحصول على مرتبة الشريك المتقدم مع الاتحاد الاوروبي. 2 عجّلت ببيع الشركات المصادرة وتعدّ العدّة لبيع بعض المؤسسات العمومية او التفويت فيها جزئيا. أما بخصوص الاجراء الاول فنكتفي مبدئيا بالقول، إنه اتفاق جرى كالعادة في كنف السرية والتكتّم ولم يتم فيه التشاور مع الاطراف الاجتماعية وانبنى على مفاوضات سابقة قامت بها أجهزة النظام السابق ولم تعدّ له ملفات جديدة، ومنها دراسة المخاطر والآثار وخاصة على قطاعين حساسين هما قطاع الخدمات وقطاع الفلاحة غير المؤهلين بتاتا للمنافسة ثم لم يقيّم التجارب المماثلة التي سبقتنا والتي لم تقدم للدول التي أمضتها أي اضافة بل بالعكس أغرقتها في مشاكل جديدة مثلما هو الحال في المغرب التي سبقتنا بأربع سنوات. أما فيما يتعلق بحمّى التفويت فأول صفقة خصّت البنك التونسي فتشوبها شوائب كثيرة وتحوم حولها عديد الأسئلة وأهمها السؤال عن «هويّة» المستثمر الذي حاز الصفقة وعن توازناته المالية ومجالات استثماره السابقة وعن قدرته التنافسية الحقيقية؟ لقد أكّدنا سابقا ان عملية التفويت ليست قََدَرا كما يروّج الى ذلك البعض، وأن المؤسسات المصادرة تمثّل أكثر من 24٪ من مداخيل الاقتصاد التونسي وأنها أفضل الشركات من حيث الاستثمار والتوظيف والتوازنات المالية والا لما اغتصبتها العائلة المالكة ولذلك وجب التريّث في أي إجراء يتخذ بخصوصها وان التسرّع في التفويت من شأنه ان يعطي رسائل سلبية حول وضعها المالي ومن شأنه ان يفضي الى صفقات قد تكون غريبة احيانا سواء ما تعلق بسعر البيع او بشروطه او بتبعاته... إنها هرولة تثير اكثر من سؤال ولا نظنّها مجرد اجراءات لتوفير الموارد ولا مجرد نزعة ليبيرالية ولا ايضا تأكيدات للغير على التمسك بالاختيارات الليبيرالية... ليتذكّر الجميع ان النظام المخلوع قد سار على نفس النهج وانه انتهى بإدخال البلاد في دوّامات الازمات والكوارث الاقتصادية والاجتماعية ولم تستطع الموارد التي جمّعها من عمليات التفويت عبر سنين إنقاذه... إن قَضّيَتيْ التفويت والاتفاقات الدولية من القضايا الوطنية الكبرى ولا يمكن الا ان تكون محلّ تشاور وتشارك وتوافق فلماذا تصرّ الحكومة المؤقتة على أسلوب الانفراد بالرأي والقرار؟ هل أن شرعية اي حكومة تخوّل لها ان تلغي الآخرين وان تتصرف بطريقة الحاكم بأمره؟ وهل بهذه الاجراءات والمداخل نستطيع إنقاذ اقتصادنا؟ هل انغلقت السبل ولم يبق غيرها؟ وأخيرا، لا نظنّ أن من أولويات ثورة الكرامة والحرية هي بيع المؤسسات والتفويت فيها؟