ازدهرت مؤخرا أعمال ونشاطات الشركات المالية المتخصصة في تجميع الودائع حيث قدرت بعض الإحصائيات أن المبالغ التي وضعها المواطنون على ذمة هذه الشركات قد تجاوز 60 مليون دينار تونسي خلال السنة الحالية و هو ما يهدد السيولة لدى البنوك التي تقلص حجم الودائع المالية لديها بشكل ملفت. وشهدت الآونة الأخيرة تطور نشاط هذا النوع من الشركات بشكل مثير للجدل. حيث تعد هذه الشركات زبائنها بعائدات مالية مهمة مقابل توظيف أموالها وقد وصلت نسبة الأرباح في بعض الأحيان إلى 100 بالمائة وهي نسبة مرتفعة جدا وتكاد تكون مستحيلة. وكانت السلطات التونسية قد تحركت لمنع مثل هذه الظواهر غير ان الشركات المعنية تحصنت بإجراءات إدارية وقانونية سليمة جعلتها بعيدة عن المساءلة. لذلك اضطر ابنك المركزي التونسي إلى تحذير المواطنين من هذه الشركات داعيا إياهم إلى توظيف أموالهم لدى البنوك خاص وأن هذه الشركات محل تتبعات قضائية. ورغم أن الأوضاع مازالت مستقرة إلى حدود هذه اللحظة إلا أن الخبراء الماليين عبروا عن خشيتهم من يتعرض أصحاب الودائع إلى عملية تحيل كبيرة. ويرى الملاحظون أن غلاء المعيشة وتعطل الاقتصاد التونسي وكثرة البطالة والمشاكل الاقتصادية والمالية التي تعاني منها العائلة التونسية قد تدفعهم إلى المخاطرة بأموالهم بحثا عن ربح وفير وسهل وهو ما يفسر ازدهار نشاط هذه الشركات المالية. واعتبر الخبراء أن نسبة أرباح تتجاوز 100 بالمائة غير ممكنة عمليا إلا في بعض الفرص النادرة من المضاربة والتي تتطلب قدرة على اقتناص الفرص وهو أمر غير ممكن في تونس خاصة وان المضاربة مرتبطة بالأسواق المالية المتطورة. وعن إمكانية المضاربة في العقارات والشركات المفلسة آو ما يسمى باستثمارات الجيفة (استغلال الوضع الاقتصادي الهش للمؤسسة وشراءها بأسعار زهيدة ثم بيعها بأسعار مرتفعة) التي تطورت كثيرا في بلادنا منذ 14 جانفي اعتبر الخبراء أن هذه العمليات الاقتصادية مربحة غير أنها تتطلب وقتا وزمنا يتجاوز السنوات لذلك فان تحقيق أرباح كبيرة في ضل الوضع الاقتصاد الحالي الذي تعرفه تونس يكاد يكون مستحيلا.