انتخاب يوسف البرقاوي وزكية المعروفي نائبين لرئيس المجلس الوطني للجهات و الاقاليم    منها 617 م.د بيولوجية...عائدات تصدير التمور ترتفع بنسبة 19،1 ٪    بعد القبض على 3 قيادات في 24 ساعة وحجز أحزمة ناسفة ..«الدواعش» خطّطوا لتفجيرات في تونس    فضيحة في مجلس الأمن بسبب عضوية فلسطين ..الجزائر تفجّر لغما تحت أقدام أمريكا    هل تم إلغاء حج الغريبة هذا العام؟    شهداء وجرحى في غارات للكيان الصهيونى على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    كأس تونس .. بنزرت وقفصة يعبران ولقاء جرجيس و«البقلاوة» يلفت الأنظار    أخبار الترجي الرياضي .. أفضلية ترجية وخطة متوازنة    وزير الشباب والرياضة: نحو منح الشباب المُتطوع 'بطاقة المتطوع'    القصرين...تلميذ يطعن زميليه في حافلة النقل المدرسي    رئيس الجمهورية يُشرف على افتتاح معرض الكتاب    القصرين..سيتخصّص في أدوية «السرطان» والأمراض المستعصية.. نحو إحداث مركز لتوزيع الأدوية الخصوصيّة    بكل هدوء …الي السيد عبد العزيز المخلوفي رئيس النادي الصفاقسي    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    حجز أطنان من القمح والشعير والسداري بمخزن عشوائي في هذه الجهة    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    وزارة الصناعة تفاوض شركة صينية إنجاز مشروع الفسفاط "أم الخشب" بالمتلوي    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    قيس سعيد يعين مديرتين جديدتين لمعهد باستور وديوان المياه المعدنية    ارتفاع حصيلة شهداء قطاع غزة إلى أكثر من 34 ألفا    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    حامة الجريد: سرقة قطع أثرية من موقع يرجع إلى الفترة الرومانية    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    انتخاب عماد الدربالي رئيسا للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    برنامج الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    حادثة انفجار مخبر معهد باردو: آخر المستجدات وهذا ما قررته وزارة التربية..    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    عاجل: زلزال يضرب تركيا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    رئيس الدولة يشرف على افتتاح معرض تونس الدّولي للكتاب    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    عاصفة مطريّة تؤثر على هذه الدول اعتباراً من هذه الليلة ويوم غد السبت    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى يكون القرض في خدمة التنمية
ندوة حول قرض صندوق النقد الدولي
نشر في الشعب يوم 13 - 07 - 2013

«لسنا ضد مبدأ القرض ولكن يجب أن يوظف في خدمة التنمية، كما يجب أن يكون في إطار التشاور والتشارك» هذا ما أكده المشاركون في ال لفائدة تونس التونسي نظمها قسم الدراسات بالاتحاد العام التونسي للشغل يومي 04 و05 جويلية 2013 بمقر الاتحاد بحضور الأخ حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل والأخ أنور بن قدور الأمين العام المساعد المسؤول عن قسم الدراسات والسيد «بيتر باكفيس» مدير مكتب الكنفيدرالية الدولية للنقابات والسيد مصطفى التليلي رئيس المكتب الإقليمي للشرق الأوسط للكنفدرالية والسيدة جورحيا البارتين اقتصادي أول قسم الشرق الأوسط واسيا الوسطى وعدد من الخبراء وعدد من الكتاب العامين للاتحادات الجهوية والنقابات العامة.
واعتبر الأخ حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أن صندوق النقد كان يعمل في تواصل مع الحكومات وكان يغيب النقابات غير أن النقابات بالتعاون مع الكنفيدرالية الدولية للنقابات أقنعت المؤسسات المالية العالمية بان هذا السلوك لا يمكن أن يتواصل. وبين الأخ الأمين العام أن نصائح صندوق النقد الدولي التي يقدمها إلى الحكومات تضر الاقتصاد وخاصة العمال وكل الشرائح الضعيف. حيث كانت أولى النصائح التي تقدم بها هي تقليص النفقات العامة وهو ما يودي إلى نتائج سلبية. ووضح الأخ الأمين العام أن الاتحاد ضغط وبذل جهودا كبيرة من اجل أن يقع إعلامه بتفاصيل القروض وأصبح بذلك رأي الاتحاد يؤخذ بعين الاعتبار.
ودعا الأخ حسين العباسي المؤسسات المالية إلى مراجعة سياساتها ومنوال التنمية وذلك عبر إدخال عدة تحسينات أهمها ربط القروض بالعمق الاجتماعي مبرزا أن الاتحاد يرفض الحل الذي يغلب النجاعة الاقتصادية على حساب ما هو اجتماعي. ووضح أن الرئيس المخلوع بن علي كان تلميذا جيدا لدى صندوق النقد الدولي فكانت نتيجة سياساته التي نالت رضا الصندوق، منوال تنمية غير متوازن ونسبة بطالة مرتفعة وانعدام التوازن بين الجهات. ووضح الأخ الأمين العام أن الصندوق مازال لم يغير سياساته ويستعمل الخطاب المزدوج إذ يتحدث معنا في الاتحاد عن الاهتمام بالعمق الاجتماعي ثم لا نجد ذلك في البرنامج الذي فرض فيه شروط إسناد القرض. وهو ما يعني أن السياسات تغيرت في الخطاب و لم تتغير على ارض الواقع.
استجابة لمصالح الشعوب
ووضح الأخ حسين العباسي أن الواقع في المنطقة يفرض اعتبارات جديدة لذلك فان نصائح الصندوق يجب أن تستجيب إلى مصالح الشعوب إذ لا يمكن أن تتواصل نفس الالتزامات القديمة والنصائح ذاتها التي أدت إلى أزمة اقتصادية. وذكر الأخ الأمين العام أن البنك العالمي كان من المفترض أن يقوم بمهمة أساسية وهوي مقاومة الفقر غير أن سياساته في ارض الواقع تزيد من نسبة لفقر. وابرز أن خبراء هذه المؤسسات المالية العالمية يحملون نظرة ليبرالية ولا يمكن لنصائحهم أن تؤدي إلى حلول اجتماعية.
القروض في خدمة التنمية
وبين الأخ الأمين العام أن القروض يجب أن لا توظف في تغطية الاستهلاك بل يجب أن تمول المشاريع التنمية ذات الطاقة التشغيلية العالية
ودعا إلى ضرورة التوافق حول القروض حتى تؤدي دورها وإلا فان دار لقمان ستبقى على حالها و لن ننتظر أي خير من هذه القروض. واعتبر أن انتشار الفقر في العالم سيؤدي إلى نتائج سلبية وسيتحمل أصحاب السياسات الاقتصادية الحالية الانعكاسات السلبية حيث سينقلب السحر على الساحر. و أكد الأخ الأمين العام أن الحل لتفادي تطور الفقر وانتشار الأزمات هو في التوزيع العادل للثروة ولذلك فان المطلوب أن تكون القروض في خدمة منوال تنمية يخدم مصلحة الشعوب ولابد من التشارك والتشاور وإعطاء البعد الاجتماعي المكانة اللازمة.
ووضح الأخ أنور بن قدور الأمين العام المساعد المسؤول عن قسم الدراسات والتوثيق أن الاقتراض ليس عيبا في حد ذاته وان المشكل يكمن في توظيف هذه القروض في برامج لا تخدم مصلحة الشعب ولا تدفع التنمية، مبرزا أن كل القروض يجب أن تكون داعمة للتنمية وفي إطار من التشاور والتشارك. وبين الأخ الأمين العام المساعد أن نضال المجتمع المدني أدى إلى إصلاحات متعلقة بالقروض خاصة في مسالة الشفافية.
مرصد للظرف الاقتصادي
واعتبر أن اغلب النقاط التي تضمنها البرنامج الاقتصادي للحكومة أعدها النظام السابق. وبين أن المشاكل القائمة تكمن في غياب التنسيق. وتحدث الأخ بن قدور حول دور البنك العالمي في تونس مبرزا أن البنك العالمي وجد صعوبة في تنفيذ 25 مشروعا في ظل غياب التنسيق بين الوزارات.
وتحدث الأخ الأمين العام المساعد عن أهمية البحث والدراسات في العمل النقابي مؤكدا على أهمية التكوين وإعطاء فكرة واضحة للنقابيين حول الظرف الاقتصادي حتى يتمكنوا من مزيد فهم الإطار الاقتصادي والاجتماعي الذين يعملون فيه. وذكر أن الاتحاد سينشئ مرصدا للظرف الاقتصادي لتعزيز تكوين النقابين ومدهم بالمعلومات اللازمة ولتكون هذه الدراسات والمعطيات أساسا لمقترحات الاتحاد حول الوضع الاقتصادي. وعبر الأخ أنور بن قدور عن التخوف الحاصل من الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به عدة مؤسسات اقتصادية عمومية جعلها مهددة بالإفلاس على غرار الشركة التونسية للكهرباء والغاز وشركة الفسفاط بقفصة وكل شركات النقل التي تتطلب تدخلا عاجلا حتى لا يقع خسارة هذه المؤسسات الاقتصادية المهمة. وأكد الأخ بن قدور أن العقد الاجتماعي الذي يمثل الإطار التوافقي للنظر في مثل هذا القضايا مازال في مرحلة إعلان النوايا ولم يفعل على ارض الواقع وبين أن العمل على إيجاد حلول لمشكل الصناديق الاجتماعية قد انطلق بالفعل داخل قسم الدراسات وان الاتحاد متقدم على بقية الأطراف الاجتماعية في هذا المجال. واعتبر الأخ بن قدور أن تحسين العلاقات مع صندوق النقد الدولي من خلال اللقاءات يمثل عاملا ايجابيا فهو يمكن على الأقل من معرفة محتوى البرامج الاقتصادية وتفاصيل القروض عكس ما كان عليه الوضع في السابق من تعتيم إعلامي كبير. وأكد أن الاتحاد لا يحمل أحكام مسبقة مبرزا أن معايير التفاعل الايجابي للاتحاد مع أي مشروع هي التنمية والتشغيل ودفع التنمية الجهوية
تشارك وتشاور
وذكر السيد مصطفى التليلي أن مثل هذه الورشات مهمة، حيث تبين كيف تدار السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى تردي الظروف الاقتصادية. وتحدث التليلي عن العيوب التي تشوب اتفاقيات القروض مع صندوق النقد الدولي منها أن القروض تمنح إلى حكومات انتقالية ليست مفوضة لمثل هذه الالتزامات المالية. وعدم التشاور مع المعنيين وعدم اخذ الجوانب الاجتماعية بعين الاعتبار. وأكد أن الاقتراض يجب أن لا يكون خارج آليات التوافق والتشاور والشراكة، مبينا أن الحكومات تعتقد أن مسالة القروض حكرا على التقنيين الذين يدلون برأيهم دون استشارة باقي الأطراف. واعتبر السيد التليلي أن الاقتراض في ظل الفساد وسوء التصرف وغياب الحوكمة الرشيدة يزيد المصاعب الاقتصادية والاجتماعية. وابرز أن الاتحاد الدولي للنقابات مهتم بهذه المسائل وبالقروض ويتابع تدخلات المؤسسات المالية العالمية في المنطقة.
وتحدث السيد بيتر عن وجود خلافات واسعة بين الكنفدرالية الدولية للنقابات والمؤسسات المالية العالمية حول سياساتها في المنطقة، مبرزا وجود تحديات جديدة لصندوق النقد الدولي وان هناك فرصة مواتية لوضع سياسة جديدة. وبين أن البرنامج الاقتصادي الذي يدعمه القرض المقدم إلى تونس يحتوي عدة عناصر تطرح تحديات خاصة وان الصندوق واع بالتغيرات الحاصلة وان المطلوب هو العمل على تمويل برامج تنموية تحقق التشغيل وتضمن التوزيع العادل للثروة .
وذكرت السيدة «البارتين» ممثلة عن صندوق النقد الدولي أن الصندوق يحاول لقاء مكونات المجتمع المدني لمزيد التشاور ووضع برامج توافقية. وأكدت على وجود أخطاء وان هناك تغييرات في السياسة. ووضحت السيدة البارتين أن لكل بلد خصوصياته وان الصندوق لا يملك برنامجا موحدا لكل الدول لان كل بلد له خصائصه وهو ما يعني أن كل بلد ينجز برنامجه الاقتصادي الخاص به. وعن اقتصار حديث الصندوق مع المحكومات دون سواها ذكرت السيدة «جورجيا البارتين» أن الصندوق يحاول الانفتاح والحديث مع باقي المكونات وإيجاد علاقات مع المجتمع المدني لأنه يحرص على أن يكون البرنامج مدعوما من أوسع فئات الشعب وذلك بالحوار مع مكونات المجتمع المدني. وأكدت أن البرنامج الاقتصادي التونسي الذي يدعمه صندوق النقد الدولي خاص بالحكومة ولا توجد أي شروط خفية مشيرة إلى أن الصندوق نشر التفاصيل الخاصة بالبرنامج وانه لا يوجد شروط مسبقة أو خفايا.
وكان الخبير الاقتصادي منجي السماعلي قد أدار اليوم الأول من أشغال الندوة التي قدم خلالها السيد «بيتر باكفيس» عرضا حول علاقة الصندوق بتونس. وذكر السيد باكفيس أن أحدث قروض تونس من صندوق النقد الدولي كان سنة 1992 والذي تم خلاصه في 2001. وذكر أن القرض الحالي يدوم سنتين يقع خلالهما 09 تحويلات مبرزا أن هذا القرض يفترض عدة شروط أهمها تحديد الدعم والنفقات العمومية، واتخاذ إجراءات لإصلاح النظام البنكي، واعتماد تعيير أسعار المحروقات، وتحديد برنامج جديد لدعم الفئات ذات الدخل الضعيف، وانجاز مجلة استثمارات جديدة وتدقيق حسابات الشركة التونسية للكهرباء والغاز وشركات إنتاج النفط. ولدى شرحه لهذه الشروط ذكر أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى تخفيض الدعم وتحديد الأجور وهو ما سينعكس سلبا على الاقتصاد. ووضح أن الشروط تهدف إلى محاصرة العجز في موازنات شركات الكهرباء والبترول وإصلاح المنظومة الجبائية. وبين أن مجلة الاستثمار الجديدة تهدف إلى دفع المنافسة وبين أن تعديل سوق الشغل وفق البرنامج سيكون في إطار النقاش الثلاثي.
وطرح السيد باكفيس عدة أسئلة حول البرنامج الاقتصادي الذي يدعمه الصندوق. فأي تأثير لتقليص النفقات العمومية على الاقتصاد؟ ولماذا لا يقع إصلاح عجز الميزانية بالرفع من العائدات الجبائية؟ ولماذا يجب على النظام البنكي العمومي أن يدفع فاتورة إصلاح النظام البنكي؟ وهل لصندوق النقد الدولي أهداف من وراء البرنامج؟ و هل لدى الصندوق فكرة عن الأضرار التي ستلحق العمال؟
الأعباء تقع على المضمونين اجتماعيا
ولاحظ المتدخلون أن البرنامج يحمل العمال والمضمونين اجتماعيا أعباء الإصلاح. كما قارنوا بين برنامج الإصلاح الهيكلي الذي وقع اعتماده سنة 1986 وبين البرنامج الحالي الذي لا يخدم مصلحة الأجراء. وتحدث المشاركون في أعمال الندوة على ضرورة أن يقع البحث عن مصادر بديلة لميزانية الدولة وخاصة الضرائب معتبرين أن المنظومة الحالية غير عادلة وتسمح بالتهرب الضريبي. وتحدث الخبراء على أن مقاومة التهرب الضريبي ستمكن الدولة من الرفع في مواردها من 20 إلى 30 بالمائة حتى وان تم الإبقاء على المنظومة الجبائية الحالية. واعتبر عدد من الخبراء أن البرنامج الذي يدعمه القرض معقول ذلك أن اختصاص صندوق النقد الدولي محدد بالتوازن الكلي دون الاعتبارات التنموية غير أنهم اعتبروا في الوقت ذاته أن جملة الشروط غير عادلة خاصة تحديد الأجر لأنه من المفترض طبيعيا أن يقع رفع الأجور في حال اتخاذ إجراءات تحد من القدرة الشرائية. كما تحدث الخبراء عن أن الاتفاق يدعو إلى مزيد مرونة العمل والحد من الأجور وهي إجراءات غير جديدة على صندوق النقد الدولي ولكنها تتناقض مع ما جاء في مفاوضات العقد الاجتماعي التي نصت على أن قوانين الشغل لا تقبل مزيد المرونة. وتسائل النقابيون عن غياب الديمقراطية والمواطنة عن هذا البرنامج. حيث يقوم الصندوق بدعم الحكومة دون تشاور مع مكونات المجتمع المدني معتبرين أن النقاشات الحاصلة كانت شكلية، وهو أمر غير معقول على اعتبار أن هذه الحكومة مؤقتة وقد لا تكون مؤهلة لمثل هذه الالتزامات.
مواطن الضعف في منوال التنمية
وكان الخبير الاقتصادي كريم الطرابلسي قد أدار النقاش خلال أشغال اليوم الثاني من الندوة. حيث قدم الخبير الاقتصادي منجي السماعلي مداخلة تحت عنوان «من اجل منوال تنمية جديد» قيم خلالها منوال التنمية القديم المعتمد من طرف النظام البائد. حيث تميز هذا المنوال القديم بضعف النمو الاقتصادي الذي كان يحوم حول نسبة 05 بالمائة وهي نسبة غير كافية للتشغيل والتنمية. كما أن إنتاجية العمل ضعيفة مقارنة بالاقتصاديات الأخرى حيث كانت في حدود 1.8 بالمائة في الوقت الذي تجاوزت فيه هذه النسبة العشرة بالمائة في بعض الاقتصاديات. وذكر السماعلي أن المنوال القديم قائم على تعزيز ودعم الصادرات دون العناية بنوع المنتوجات التي كان ضعيفة الجودة والقيمة المضافة نظرا لان المحتوى التكنولوجي ضعيف. وفسر الخبير الاقتصادي منجي السماعلي أن الاستثمار الخاص لم يستطع أن يتطور ليوازي تراجع الدولة مبرزا ضعف الاستثمار الأجنبي المباشر. وبين أن البطالة هيكلية وتمس أصحاب الشهائد العليا كما وضح أن المنوال القديم أنتج عدم التوازن بين الجهات وتطور نسبة الفقر. وتحدث السماعلي عن تردي مناخ الأعمال نتيجة الفساد وغياب الشفافية. وتراجع وتفقير الطبقة الوسطى.
منوال تنمية جديد وضرورة تدخل الدولة
ورأى السماعلي أن المنوال الجديد يجب أن يقوم على التشاور والتشارك وعلى تطوير الديمقراطية المحلية ومراجعة إنتاجية وتنافسية المؤسسات التي يجب أن تبنى على المعرفة والمحتوى التكنولوجي المرتفع. وعلى المدى المتوسط والبعيد رأى السماعلي ضرورة اختيار القطاعات التي ستقع المراهنة عليها مبرزا أن الدولة يجب أن لا تكون محايدة. كما أكد على ضرورة أن يقع الربط بين منظومة الإنتاج ومنظومة التكوين حتى يكون البحث العالمي في خدمة التنمية خاصة وان تأثير البحث العلمي على الإنتاج في تونس مازال ضعيفا. ودعا إلى ضرورة إعادة الاعتبار إلى التكوين المهني على أن تكون منظومة التسيير ثلاثية. ودعا إلى ضرورة مراجعة الدعم ليس من حيث المستهدفين فقط بل من حيث الموارد التي تتطلب مراجعة المنظومة الجبائية. وأكد السماعلي أن تشجيع الاستثمار يجب أن يكون مشروطا بأهداف تنموية. وفي مداخلتها حول التشغيل ذكرت الأستاذة الجامعية والخبيرة الاقتصادية سنية النقاش أن ضعف عروض الشغل في السوق التونسية هيكلية ذلك أن منوال التنمية قائم على دعم الصادرات التي تعتمد على يد عاملة رخيصة وغير كفأة مبرزة أن النسيج الصناعي التونسي يتكون من المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي لا يمكنها أن تشغل بالشكل المطلوب. حيث أن 86 بالمائة من المؤسسات الاقتصادية التونسية لا تشغل أكثر من أصحابها وان مدة حياة هذه المؤسسات لا تتجاوز في الغالب 04 سنوات. وعن المبادرة الخاصة ذكرت الأستاذة النقاش أن هناك عدة عوائق أهمها انتشار ثقافة الوظيفة العمومية وغياب القطاع الخاص الذي يمكن أن يحفز المبادرة وضعف المسايرة والتاطير قبل وبعد بعث المشروع. وذكرت النقاش أن صغر حجم المؤسسات لا يسمح لها بتطوير البحث والابتكار ويحد بذلك قدرتها على التطور. وتحدثت النقاش عن ضعف التكوين المهني الذي يعيق تطوير كفاءة اليد العاملة. وأكدت على ضرورة تدخل الدولة وتحمل المسؤولية في تعديل سوق الشغل.
المؤسسات المالية العالمية تغيير سياساتها بعد الضغط
وقدم السيد بيتر باكفيس مداخلة حول دور الصندوق في البلدان المقترضة قدم خلالها بسطة عن تاريخ تعامل الصندوق مع الدول المقترضة. واعتبر أن الصندوق غير سياساته بعد أزمة التداين في الثمانينات التي أدت إلى ظهور برنامج الإصلاح الهيكلي الذي اضر بالاقتصاديات في مختلف المناطق وأصبح مجال انتقاد منذ مطلع الألفية خاصة بعد تفاقم الأزمات. ووضح أن البرنامج شهد مقاومة نقابية وعمالية في عدة بلدان خلال تلك الفترة. وتحدث السيد بيتر عن عدم تنبؤ الصندوق بالأزمة المالية العالمية غير انه وبعد تردد كبير قرر التحرك إزاء الأزمة المالية العالمية سنة 2008 وقد قررت الدول العشرين مضاعفة ميزانية الصندوق 03 مرات. وبعد التحركات فرضت النقابات على المؤسسات المالية العالمية مزيد الشفافية واللقاء مع مكونات المجتمع المدني بصفة دورية وتغير أسلوب التعامل. حيث التزمت بتقليص نسبة الفقر ودعم المعايير الدولية للعمل اللائق ودعم تمثيلية البلدان السائرة في طريق النمو في مجالس الإدارة. كما أصبحت هذه المؤسسات تدعم السياسات التنموية والمشاريع الاستثمارية خاصة في مجال البنى التحتية وتشجيع النفقات ذات العمق الاجتماعي.
لائحة وتوصيات
وكان الأستاذ والخبير الاقتصادي كريم الطرابلسي قد قدم مداخلة حول إستراتيجية الاتحاد في مواجهة البرامج المدعومة من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي في تونس. وأدار بعد ذلك النقاش وتمحورت مداخلات النقابيين حول ضرورة دعم التنمية والحفاظ على البيئة ودعم التنمية الجهوية بدعم الديمقراطية المحلية. كما دعا المتدخلون إلى ضرورة تدخل الدولة. وكان المشاركون في الندوة قد أصدروا لائحة تضمنت ملاحظاتهم حول قرض صندوق النقد الدولي لتونس. حيث طالبوا بضرورة فتح ملف المديونية الخارجية وإعلام الرأي العام بالقروض الجديدة وشروط إسنادها. ورفضوا السياسات التي يغيب عنها البعد الاجتماعي. كما أكدوا خلال اللائحة على ضرورة أن لا تستعمل الديون لتمويل السياسات الشعبوية أو لتغطية عجز الموارد وعلى رفضهم للاملاءات الهادفة إلى المس بمكتسبات العمال. ودعا المشاركون إلى ضرورة دعم التشاور والتشارك في صياغة منوال تنموي جديد يقلص البطالة ويعيد للحركية الاقتصادية نسقها العادي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.