مجدولين الورغي: عريضة سحب الثقة لا تستهدف بودربالة بل تصحيح أداء مكتب المجلس    الشرع: سوريا حققت إنجازات كبيرة خلال 11 شهرا    اليوم جلسة عامّة بالبرلمان لمناقشة ميزانية وزارتي الداخلية و العدل    رواج لافت للمسلسلات المنتجة بالذكاء الاصطناعي في الصين    الشرع أول رئيس سوري يزور البيت الأبيض    مجلس الشيوخ الأمريكي يصوت لصالح إنهاء الإغلاق الحكومي    ألعاب التضامن الإسلامي بالسعودية :تونس تُتوج بثلاث ميداليات برونزية في الجودو    السينما التونسية حاضرة بفيلمين في الدورة التأسيسية للمهرجان الدولي للفيلم القصير بمدينة تيميمون الجزائرية    بطولة انقلترا: مانشستر سيتي يكتسح ليفربول بثلاثية نظيفة    هل نقترب من كسر حاجز الزمن؟ العلم يكتشف طريقاً لإبطاء الشيخوخة    صفاقس : نحو منع مرور الشاحنات الثقيلة بالمنطقة البلدية    النجم الرياضي الساحلي يستنكر الهفوات التحكيمية في مواجهة النادي الرياضي البنزرتي    حجز أكثر من 14 طنًا من المواد الغذائية الفاسدة خلال الأسبوع الأول من نوفمبر    توزر: العمل الفلاحي في الواحات.. مخاطر بالجملة في ظلّ غياب وسائل الحماية ومواصلة الاعتماد على العمل اليدوي    بنزرت ...مؤثرون وناشطون وروّاد أعمال .. وفد سياحي متعدّد الجنسيات... في بنزرت    بساحة برشلونة بالعاصمة...يوم مفتوح للتقصّي عن مرض السكري    قابس: حريق بمنزل يودي بحياة امرأة    أيام قرطاج المسرحية 2025: تنظيم منتدى مسرحي دولي لمناقشة "الفنان المسرحي: زمنه وأعماله"    الليلة: أمطار متفرقة ورعود بأقصى الشمال الغربي والسواحل الشمالية    أندا تمويل توفر قروضا فلاحية بقيمة 40 مليون دينار لتمويل مشاريع فلاحية    كاس العالم لاقل من 17 سنة:المنتخب المغربي يحقق أكبر انتصار في تاريخ المسابقة    الانتدابات فى قطاع الصحة لن تمكن من تجاوز اشكالية نقص مهنيي الصحة بتونس ويجب توفر استراتيجية واضحة للقطاع (امين عام التنسيقية الوطنية لاطارات واعوان الصحة)    رئيس الجمهورية: "ستكون تونس في كل شبر منها خضراء من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب"    الجولة 14 من الرابطة الأولى: الترجي يحافظ على الصدارة والهزيمة الأولى للبقلاوة    نهاية دربي العاصمة بالتعادل السلبي    شنيا يصير كان توقفت عن ''الترميش'' لدقيقة؟    عاجل: دولة أوروبية تعلن حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون 15 عامًا    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية يعادل 3 ملايين دينار..#خبر_عاجل    عاجل : فرنسا تُعلّق منصة ''شي إن''    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    جندوبة: الحماية المدنية تصدر بلاغا تحذيريا بسبب التقلّبات المناخية    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    الطقس اليوم..أمطار مؤقتا رعدية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوش أكثر تطرفا دينيا وسياسيا وأكثر «تَلْمُوديَّة» من أي رئيس أمريكي آخر...
المفكر والأديب السوري علي عقلة عرسان للشعب: المثقف العربي اليوم وفي المستقبل هو جندي الخندق الأول...
نشر في الشعب يوم 15 - 12 - 2007

ولد المفكر والدكتور علي عقلة عرسان في قرية صيدا درعا سنة 1940.تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة القرية ثم تابع تعليمه الإعدادي والثانوي في مدينة درعا حتى حصوله على شهادة الدراسة الثانوية سنة 1959ودخل جامعة دشق كلية العلوم ولم يتابع دراسته فيها. في نفس السنة أوفد إلى القاهرة لدراسة الإخراج المسرحي ، فالتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة وتخرج منه سنة 63 حيث حصل على الدبلوم بدرجة جيد جداً والتحق بوزارة الثقافة والإرشاد القومي مديرية المسارح والموسيقا، وعمل مخرجاً في المسرح القومي.ثم أوفد عام 66 إلى فرنسا وحصل على دبلوم .بعدها بسنة سمي مديراً للمسرح القومي التابع لوزارة الثقافة والإرشاد القومي.سنتي17/70 انتخب نقيباً للفنانين. وأسس مهرجان دمشق للفنون المسرحية وأشرف على دوراته الست الأولى من عام 1970 إلى عام 1975 حيث عين معاوناً لوزير الثقافة والإرشاد القومي.سنة 76 نال وساما من الدرجة الثانية من وزارة الثقافة التونسية.
انتخب في المؤتمر الأول لاتحاد الكتاب العرب رئيساً لاتحاد الكتاب العرب وجدد انتخابه لعدة دورات في أعوام، كما انتخب نائباً للأمين العام لاتحاد كتاب آسيا وأفريقية، ألكس لاغوما من جنوب إفريقية.وانتخب أميناً عاماً للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب لدورتين متتاليتين. ورأس تحرير مجلة الكاتب العربي حتى نهاية عام 2006
سنة1988 حصل على جائزة ابن سينا الدولية.
كما حصل سنة 1990على لقب أفضل رجل من مركز البحوث والبيبليوغرافيا في الولايات المتحدة الأمريكية. وبعدها بسنة منح جائزة الشهيد غسان كنفاني لمساهماته في تكريس ثقافة وفن وطنيين تقدميين، قدمها له بالإنابة أبو علي مصطفى.كما منح درع دولة الكويت ، وسنة1993 حصل على الدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية من المجمع العلمي العالي، كلية العلوم العربية والإسلامية بدرجة الشرف الأولى وكان هذا بعد حصوله على الدبلوم العالي والماجستير بدرجة الشرف من الكلية ذاتها.كما نال عضوية اتحاد كتاب روسيا.
الدكتور علي عقلة عرسان أسس في اتحاد الكتاب العرب الدوريات الآتية وكان المدير المسؤول عنها، ورأس تحرير بعضها لسنوات مثل مجلة الآداب الأجنبية، مجلة التراث العربي ، جريدة الأسبوع الأدبي ، مجلة الفكر السياسي ، مجلة الأدب العربي. أما منشوراته الشعرية والمسرحية والفكرية والروائية فنذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر:
في المسرح:»زوار الليل» «الشيخ والطريق» «الفلسطينيات» «الغرباء» «السجين رقم95» «عراضة الخصوم» «رضا قيصر» «الأقنعة» «تحولات عازف الناي» وفي الشعر:»شاطىء الغربة» «تراتيل الغربة « « أورسالم القدس» وفي الرواية:»صخرة الجولان» وقد ترجمت إلى ثلاث لغات وهي الروسية والبلغارية والألبانية، كما ترجمت إلى الصينية ولم تنشر، وترجمت إلى اللغة الإيطالية رسالة جامعية في معهد البندقية للغات الشرقية. «أيام في شرق آسيا» وفي السينما والتلفزيون: «المصيدة « «شناو» «طارق بن زياد» «البيادر» «عمر بن أبي ربيعة» أما الإخراج المسرحي فقد ترجم وأخرج للمسرح القومي عشرين مسرحية بالفصحى نذكر منها «شيخ المنافقين» «عدو الشعب» «موتى بلا قبور»»الحياة حلم» «العنب الحامض» «المأساة المتفائلة» «الحب الحرام» «الشيخ والطريق « «الفلسطينيات» «الملك لير» «أنتيغون» «الغرباء « «أيها الإسرائيلي حان وقت الاستسلام « «الأشجار تموت واقفة» «مكبث» .
الدكتور علي عقلة عرسان كان لنا معه هذا الحوار الذي نخص به قراء «الشعب».
مرحبا بك في تونس، بين عمّالها ومثقفيها
شكرا جزيلا لكم، وتحية لقرائكم ولجماهير الشغيلة والمثقفين في تونس وللادباء والكتاب بصفة خاصة والشعب التونسي بصفة عامة.
انا هنا بدعوة كريمة من الاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد لالقاء محاضرة بعنوان المقاومة والممانعة في الوطن العربي، وتأتي هذه المحاضرة ضمن المناسبة العزيزة على نفوس المناضلين والنقابيين العرب كافة، وهي الذكرى 55 لوفاة المناضل المؤسس فرحات حشاد، مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل. وأيضا لعقد لقاءات اخرى ينظمها الاتحاد الجهوي بسيدي بوزيد وأنا سعيد بان اأكون هنا وأن اتواصل مع عمق الشعب التونسي وقد كانت لي تجربة ناجحة مع الاتحاد العام التونسي للشغل في السابق كانت في تونس وباجة وصفاقس وسوسة.
أشكر الاتحاد على هذه الدعوة واتوجه بالتحية الى جميع المسؤولين فيه ولزملائي الكتاب والادباء والمثقفين التونسيين جميعا.
محاضرتكم ستكون حول المقاومة وقد اخترتم لها عنوان المقاومة والممانعة في الوطن العربي؟ لماذا ربطتم المقاومة بصفة الممانعة؟
المقاومة واجب وحق لشعب تُحتل أرضه ويُعتدى على سيادته ويهدد وجوده ومصالحه وهويته ومقومات شخصيته، والمقاومة متعددة الوجوه والاشكال تمتد ما بين المقاومة الايجابية والسلبية من التصدي المباشر للعدوّ بقوة السلاح إلى رفضه ورفض التعامل معه والمتعاملين معه والعمل بالوسائل المدنية المتعددة لاجباره على الرحيل والى جانب هذه المقاومة ذات التاريخ الطويل في الوطن العربي التي بدأت بمقاومة الاستعمار المباشر في نهاية ق 19 وبداية ق 20 ونموذجها الرائع في الجزائر الى مقاومة الاحتلال في الق 20 و21 في فلسطين ولبنان والعراق، وأشكال التصدي القطري لمختلف اشكال الاحتلال.
أمّا الممانعة فهي عمليا تتصل في الوطن العربي برفض بعض الانظمة الرسمية للانصياع لما يطلبه الاحتلال وحلفاؤه وقوى الهيمنة لا سيما أمريكا ومن يدور في فلكها وما تطلبه من تنازلات مهينة ومخلة بالحقوق المشروعة لدولة عربية أو لقضية العرب المركزية، ونحن نعرف ان في الوطن العربي انظمة لا تخالف ابدا المطالب الامريكية والصهيونية ضمنا وأنظمة تحاول ان ترضي نسبيا وهناك انظمة ترفض فتتعرض للتضييق والمحاصرة ولذا فمن الانصاف الحديث عن مقاومة تكتب بالدم وعن ممانعة تتحمل اعباء كبيرة من اجل امة وقضية وحرية واستقلال.
ولكن دكتور عرسان القضية اليوم ان مفهوم المقاومة صار ملتبسا بمفهوم الارهاب؟
هذا هو الجهد الصهيوني الامريكي الغربي الناجح عربيا في احداث هذا الالتباس واشاعته وتغذية بؤر توتر ذات طبيعة ارهابية في بعض البلدان العربية لجعل انظمة وقوى تخلط الاوراق أو تختلط عليها المواقف فتصف المقاومة بالارهاب وتدخل بفعل سلبي او ايجابي في معركة الاحتلال الصهيوني والاحتلال الامريكي ضد ما يسميه الارهاب والنظر الى كل تصدّ للاحتلال على أنه ارهاب.
ومن المؤسف أن جهات عربية يرتبط كل تاريخها بالمقاومة من اجل قضية عادلة وحق مشروع هي قضية فلسطين وحق العودةاطلق رسميوها في فترة ما على مقاومة الشعب الفلسطيني صفة الارهاب وكرّست في وثائق التزامها بالقضاء على الارهاب وتفكيك بُناه وهي تقصد المقاومة.
أنا أفرق تفريقا جوهريا بين المقاومة المشروعة ضد الاحتلال وعمليات عنف تقوم بها تنظيمات او أفراد لتحقيق اهداف داخلية ضمن ما اسميه معارضة سواء متطرفة او غير متطرفة بأدواتها واساليبها ونظرتها.
هذه عمليات عندما توجه ضد مدنيين او لتحقيق اهداف سياسية بطريقة دموية يمكن التعامل معها كإرهاب وهنا علينا ان نفرق بين معارضة مشروعة تحت سقف الدستور وحمل الهوية والدفاع عن المصالح تعمل للوصول الى السلطة او التعاون معها او الحضور ضمن قرار السلطة وفق معايير وأسس محكومة بالقيم الوطنية والقومية والاخلاقية ومعارضة تستقوي بالخارج وتعتمد عليه اعتمادا كليا وتأتي الى السلطة على ظهور الدبابات. اما المقاومة للمحتل ورفض الهيمنة والعمل على تحرير الارادة والقرار السياسي فهي عمل مشروع ينبغي ان يحتضنه الشعب وأن يستمر حتى التحرير وعلينا في هذا المجال ان نفرق بين مفهومنا للمقاومة والمفهوم المقر من قبل الامم والشعوب تاريخيا للمقاومة من جهة وبين ارهاب الدولة والعدوان والغزو المسلح والاحتلال وتدمير دولةاو دول. فكل احتلال يستدعي المقاومة وذلك فعل مشروع وكل فعل عدواني سواء كان ارهاب اللص او ارهاب الامبراطور هو إرهاب لا محالة. والتفريق بين المفهومين مهم جدا حتى لا تختلط الاوراق والرؤى والاحكام.
قلت علينا ان نفرق بين المفهومين طبعا انت تقصد المثقف والمفكر العربي باعتباره الواجهة الامامية وباعتبار ان المفاهيم هي من انتاجه هو، مثلما يحصل هناك في الغرب مع فوكوياما مثلا أو هنتنغتون ولكن المشكلة ان المثقف العربي اليوم هو مثقف مستهلك وليس مبتكرا للمفاهيم وبالتالي لا يمكنه ان يوجه مسار التاريخ.
المثقف يتحمل مسؤولية رئيسية حيال هذا الموضوع، التفريق بين المقاومة والارهاب، الوقوف الى جانب الحق والعدل اللذين تتبناهما المقاومة والوقوف ضد الارهاب والمثقف في وطننا العربي اراه في هذا الوقت وفي المستقبل جندي الخندق الأول لان المواجهة ذات طبيعة ثقافية معرفية فكرية، ابداعية بالدرجة الاولى.
والضعف في الجبهة الثقافية العربية ناتج عن تضارب رؤى وعن اختراقات احيانا يقوم بها الاخر ويقوم بها المحتل والمعتدي بتوظيف عناصر وجهات ذات فاعلية في تكوين الرأي العام. والمثقفون العرب في حالات تتوزع ولاءاتهم على خلافات الانظمة والحكام ومن ثمة تتضارب الرؤى والمواقف وتضعف المحصلة العامة التي يُجمع عليها المثقفون وتكون تيارا ذا تأثير، ومن هنا تأتي اهمية المثقف المنتمي لامة في واقعها ولقضية في مبدئياتها ولرؤية فيها تحرر واستقلالية في العمق.
نحن نفتقد هذه الكتلة في وطننا ونحتاج فعلا الى تكوين الجبهة الثقافية التي ترتبط بالحقانيّ والعادل والمبدئي والاخلاقي والاصيل ولكي تقوم هذه الجبهة ذات الرؤية الحرة المحرّرة لابد من اغلاق سوق الكلام المفتوح وتحرير المثقف ليأمن جوعا وخوفا وايجاد معياريّة عربية عامة تحكم التوجه ويُحتكم اليها سواء من قبل المثقفين او السياسيين لينشأ هناك معيار قيمة يُعلى فعلا وقولا وتوجها وعملا من خلال ما يوفّره للامة وللمجتمع من تقدم وانصاف وقوة مواجهة معرفية لان المواجهات في هذا العصر معرفية بالاساس والرد في هذا المجال على أصحاب مقولة نهاية التاريخ وصراع الحضارات والمطالبة بالقطيعة مع الماضي وغيرها من المقولات يأتي من جهد ثقافي مهرفي حرّ متمكن ومنغرس في بيئته الحضارية.
لقد تراجع فوكويا ما عن مقولاته وهي ساقطة منذ بداياتها لانه اذا كان يقصد نهاية تاريخ (اي تاريخ الحرب الباردة بين الرأسمالية والشيوعية) فذاك أمرٌ ممكن قبوله على أن يقدّم حججه وضمن اطاره وعندها يناقش ولا يمكن التسليم به من وجهة نظري لان الحضور المتعدد والمتضاد مازال قائما اما اذا ذهب الى مفهوم نهاية التاريخ فالتاريخ لا ينتهي وهو يتجدد كل يوم بارادة الشعوب والامم.
اما موضوع صراع الحضارات فهنتنغتون عدّل جزئيا في نظرته للاساليب والادوات وليس للجوهر لانه حين طُرح موضوع الهيمنة من خلال العولمة والاستيعاب وتغيير هويات الشعوب من خلال اضعاف سيادات الدول والسيطرة الاقتصادية والامنية اكتشف ردّة الفعل العالمية التي اكدت ان الشعوب سوف تدافع عن هويتها وثقافتها وكينونتها أكثر مما تدافع عن مصالحها وطرحت الشعوب حوار الحضارات وتحالف الحضارات وشكك مثقفون وسياسيون كثر في هذه النظرة وانا اتهمها بأنها عنصرية تعتمد منطقا متغطرسا يعتمد على القوة وقد ناقشت هذا المفكّر في الرياض في اطار حوار العرب والغرب ولم يكن مقنعا لاحد لان منطق الصدام لا يصمد امام منطق الحوار والتفاعل والتعدّد والتسامح.
عندما عدّل هنتغتون رأيه رأى أن الانقلوسكسون والكنيسة التي ينتمي اليها لا يمكن ان ينتصروا بتغيير ثقافات الشعوب وباضعاف هوياتها ولذلك استند الى منطق القوة والاحتلال. رفض كلينتون هذا المنطق وطبقه بوش على الرغم من معارضته الشكلية الكلاسية له، وبوش أكثر تطرفا دينيا وسياسيا وأكثر تلمودية من أي رئيس أمريكي آخر، وهو يزعم انه مكلف برسالة إلهية وأنه يجب أن يخدم مصلحة الكيان الصهيوني ولذا جاء احتلال العراق وتدميره كمطلب صهيوني ومصلحة امريكية.
كنتم أمينا عاما للاتحاد العام للادباء والكتاب العرب لمدة ناهزت العقد والنصف، فهل سعيتم إلى تجسيد ما أشرت إليه آنفا؟
نعم لقد بذلنا جهدا في الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب في هذا الاتجاه وهو جهد لم يذهب هباء وترك أثرا متميزا وقويا ومازال مؤثرا فقد وضعنا ميثاق المثقفين العرب في 15 ديسمبر 1992 وأصبح هذا الميثاق من المرجعيات التنظيمية الحاكمة في الاتحاد العام وهو يساند المقاومة، يرفض التطبيع ويحاسب عليه ويدعو الى تكريس الديمقراطية ورفض «الطغيانية» ويؤكد التعددية وأن يكون جهد الكاتب والاديب وموقفه في إطار الرؤية القومية والمصلحة القومية اضافة الى أمور أخرى تضمنها وأسسنا لجبهة المثقفين العرب التي تستند الى الميثاق من جهة وتؤسس لموقف ثقافي عربي مستقل مؤثر لا يرتهن بسوق الكلام ثم وضعنا برنامجا وآليات عمل لنصرة تلك الرؤية، وفي مسار آخر عملنا على ايجاد اتفاقية عربية ضمن الالكسو لحماية المبدعين العرب وتشجيعهم وأيضا دفعنا باتجاه وضع قوانين حماية حقوق المؤلف استنادا الى الاتفاقية العربية لحقوق المؤلف وقمنا باعمال مختلفة لكن من الضروري الاشارة الى اننا في الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب لا نملك الامكانيات المادية التي تجعلنا ننجز مشاريعا ونؤثر في قضايا الكفاية ثم ان موضوع سوق الكلام مرتبطة بخيارات المثقف والكاتب ومواقفه ولا يمكن ان تمنعه لكن يمكن ان تصدر حكما عليه لا سيما ونحن نجد ان هناك تعارضا في كثير من الحالات بين المصالح القومية والرؤى القومية وحتى الانتماء القومي العالي وبين الاقطار السيدة التي ترفع مصالحها والولاء لها على القومي العام الى الدرجة التي اصبحت معها الصيغة القطرية صيغة اعتراضية على القومية وارتفعت في الفضاء السياسي للوطن العربي بلغة كثير من الاقطار انا اولا ولذلك لا تستغرب ان تجد كاتبا او مثقفا عربيا يُحاسب قطريا على ولائه القومي.
هل تعتبر دكتور عرسان ان كتاباتك الشعرية هي استمداد لمدونتك الفكرية المشبعة بالحس القومي العربي؟
إلى حد ما نعم ولكن لابد من الاشارة هنا الى أنني بدأت الكتابة شعرا وقصة قصيرة وتوقفت عن الثانية ليمتد الشعر ثم اتت مراحل الاهتمام باجناس ادبية وطغت في بعض المراحل القضايا الفكرية لكن اشعر ان انتمائي وفكري القومي منغرس في كلماتي لا سيما في الشعر منذ البدايات.
وكتاباتك المسرحية؟
انا كتبت احدى عشرة مسرحية معظمها قُدّم على المسرح ولاقى نجاحا، مسرحيتان او ثلاث لم يعرضوا على المسرح بعد. توجد قضايا ومواضيع استقطبت بعض المسرحيات ولكن تنوّع الكلام وحتى الاسلوب موجود في النصوص، استحوذت قضايا وطنية وقومية وقضايا الحرية على عدد من النصوص لا سيما قضية فلسطين والجولان والصراع العربي الصهيوني وعلاقة المثقف بالسلط (مسرحية رضا قيصر) من خلال استعادة تاريخ قديم.
المسرح لا يمكن ان تصنّفه هناك مسرحية شعرية او نفس شعري عام في معظم المسرحيات.
وكتبت أيضا الرّواية
نعم كتبت رواية «صخرة الجولان» وموضوعها مستقى من حرب اكتوبر 1973 ولكنه ينطلق منها نحو أبعاد اجتماعية وسياسية وايضا نحو معاناة الاسرى بيد الصهاينة والاسلوب العنصري الصهيوني المقيت وقد ترجمت هذه الرواية الى 6 لغات (الروسية، البلغارية، الصينية، الايطالية، الالبانية والاذريّة) وفي ظني انها لم تأخذ حظها عربيا رغم انها طُبعت أكثر من مرّة.
على ذكر الترجمة الا تعتقد دكتور ان الشلل الذي يصيب ثقافتنا العربية ناتج عن قلة الترجمة وبالتالي عدم ايصالها الى الاخر المختلف؟
لابد من النظر في اتجاهين عند الحديث عن الترجمة اولا الترجمة الى العربية من لغات اخرى وثانيا من العربية الى اللغات الأخرى.
نحن في الحقيقة نعاني في الاتجاهين ونحتاج إلى حاجة ماسة الى بذل جهد نوعي في الاتجاهين، نحن بحاجة الى المعرفة افقيا وعموديا بمعنى الاطلاع على الابداع والفكروالعلوم في اللغات المختلفة ولدى جل شعوب العالم ومن دون الترجمة لا نحقق القاعدة المعرفية المطلوبة واي نهضة تاريخيا تحتاج الى تواصل فعال ومؤثر مع الاخرين معرفيا وعلميا وابداعيا وان يكون هذا التواصل جادا ومنهجيا ومستمرا ومحكوما بقاعدة من انا وماذا احتاج ومن هو الاخر وبماذا يفيدني وانني اخذ واعطي بندية.
هناك الان في الوطن العربي توجه واعد جدا في حقول الترجمة الى العربية ومنها وانا اعرف ان هناك خططا رسمية وغير رسمية للقيام بترجمة امهات الكتب المعرفية والابداعية الى العربية بالدرجة الاولى.
حقل الترجمة من اللغة العربية الي لغات اخرى نحن نعاني من فقر أشد ومن انتقائية محكومة بعلاقات او ايضا بمقدار اهتمام بعض المترجمين ولكننا لا نملك خطة وامكانيات ورؤية للمساهمة في الترجمة او دعم من يترجم من لغتنا الى اللغات الحية بالدرجة الاولى يوجد تفكير الان لدى بعض الجهات ولكن قد يكون من السهل عليها ان تترجم من اللغات الاخرى الى العربية ونحن ايضا نحتاج الى ان نسير في الاتجاه الاخر ايضا لنقدم ما يساهم في تكوين صورتنا الحقيقية وقضايانا من خلال الابداع والفكر والادب والعلوم. ونحتاج في كل من الاتجاهين الى المترجمين المتميزين والترجمة المتميزة وهذا يحتاج الى اعداد وامكانيات وحوافز وعناية بالمترجمين.
أذكر انني قدمت مشروعا وتابعته في اطار الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب لتكوين نواة مكتبة عربية باللغات الحية وبالدرجة الاولى وضعنا الانقليزية والفرنسية والاسبانية والالمانية والصينية والروسية واخترنا ان ندخل من مدخل الرواية اخترنا 105 روايات مما كتبه الروائيون العرب في القرن العشرين واقترحنا على وزارات الثقافة ان تترجم الاعمال المختارة من بلدها الى اللغات الاربع الاولى والاتحاد العام يتكفل بمتابعة الترجمة الى اللغة الصينية والروسية.
ماذا حصل؟ الذي حصل انه لم تلتزم أي وزارة بترجمة اي من الروايات المختارة من بلدها اما الاتحاد العام الذي يشكو من قلة الموارد المالية فقد انجز مع الجانب الصيني 14 رواية تُرجمت الى الصينية وطبعت ونفدت الطبعة الاولى منها كما ترجم مع الجانب الروسي 18 رواية لم تُنشر لان البحث جار عن ناشر جاد يتعاون في نشر هذه الروايات بعد ان فقدت الثقافة الجادة بريقها في روسيا الاتحادية.
ومازال الاتحاد العام يتابع هذا الموضوع وأظن أن هناك مرحلة جديدة لاستكمال الترجمة الى اللغة الصينية بعد ان حصلنا على عون مالي من حاكم الشارقة لدعم ترجمة حوالي 28 رواية.
شكرا على هذا الحوار ولك ان تنهيه كما تشاء؟
أنهيه بالشكر للجريدة ولمن أتاح لي هذه الفرصة وأتمنى أن نحتضن جميعا في قلوبنا خط المقاومة لانه لن يعطينا العدو شيئا من حقنا الا بالقوة.
قد لا تكون المقاومة اليوم قادرة على التحرير ولكنها النهج الذي سيؤدي الى التحرير وفي هذا الوقت نجد ان هناك تحشيدا للقضاء على المقاومة وقد لا تجد أرضا تلتجئ إليها فليحتضنها الوطنيون والاحرار ومن يرفضون الاستعمار والعبودية ويتعلقون بالحرية والاستقلال، وأن تجتهد الجماهير وتحشد لتقوي صف المقاومة والممانعة معا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.