البنك الوطني للجينات يقوم بتركيز ثلاث مدارس حقلية بهذه الولايات    سيناريوهات تأهل منتخب تونس إلى ثمن نهائي كان 2025    علاج للسرطان.. من أمعاء الضفادع...شنيا الحكاية؟    عاجل-فرجاني ساسي: ''نسكروا صفحة نيجيريا والتركيز على مواجهة تنزانيا''    شوف وين كانت أعلى كميات الأمطار في تونس!    معرض مدينة تونس للكتاب: لقاءات أدبية وشعرية وورشات يوم الإثنين 29 ديسمبر    وفاة الممثلة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر يناهز 91 عاما    معهد تونس للترجمة ينظم ندوة بعنوان "ترجمة الدين بين برزخ لغتين" يومي 3 و4 فيفري 2026 ت    يتواصل فتح باب الترشح للمشاركة في برنامج تدريبي في "فنون السيرك" إلى غاية يوم 23 جانفي 2026    المهدية :انطلاق عملية التصويت على سحب الوكالة من أحد أعضاء المجلس المحلي بشربان عن عمادة الشرف    مصر.. فيديو الهروب الكبير يثير ضجة والأمن يتدخل    احذر.. إشعاع غير مرئي في غرفة النوم!    تونس تودّع سنة 2025 بمؤشّرات تعافٍ ملموسة وتستشرف 2026 برهان النمو الهيكلي    اختتام البطولة الوطنية للرياضات الإلكترونية لمؤسسات التكوين المهني    كأس أمم افريقيا: برنامج مباريات اليوم الأحد..    فخر الدين قلبي مدربا جديدا لجندوبة الرياضية    البطولة العربية للاندية البطلة لكرة الماء: نادي السباحة بن عروس يحرز المركز الثالث    كيفاش باش يكون طقس آخر أحد من 2025؟    جلسة مرتقبة لمجلس الأمن بشأن "أرض الصومال"    كأس إفريقيا للأمم... الجزائر- بوركينا فاسو: "الخضر" على بعد انتصار من الدور ثمن النهائي    ماسك: «الاستبدال العظيم» حدث في بروكسل    الاحد: أمطار متفرقة بهذه الجهات    غزة: خيام غارقة في الأمطار وعائلات كاملة في العراء    مرض الأبطن في تونس: كلفة الحمية الغذائية تثقل كاهل المرضى والعائلات محدودة الدخل    زيلينسكي يصل إلى الولايات المتحدة استعدادا لمحادثات مع ترامب    علي الزيتوني: بالعناصر الحالية .. المنتخب الوطني قادر على الذهاب بعيدا في الكان    منخفض جوي قوي يضرب غزة.. خيام النازحين تتطاير أمام هبوب الرياح العاتية    تونس تُشارك في الصالون الدولي للفلاحة بباريس    سيدي حسين: المنحرف الخطير المكنّى ب«ب بألو» في قبضة الأمن    انقطاع جزئي للكهرباء بالمنستير    قريبا شحن الدفعة الأولى من الحافلات    لجنة مشتركة تونسية سعودية    جهاز استشعار للكشف عن السرطان    تراجع خدمات الدين الخارجي المتراكمة ب 13،8 بالمائة    الرصد الجوي: درجات حرارة أعلى من المعدلات الموسمية متوقعة خلال الثلاثي الأوّل من سنة 2026..    الليلة: الحرارة في انخفاض مع أمطار غزيرة بهذه الجهات    سفيان الداهش للتونسيين: تُشاهدون ''صاحبك راجل 2" في رمضان    مجموعة الخطوط التونسية: تراجع طفيف في العجز ليناهز 220،8 مليون دينار خلال سنة 2022    متابعة مدى تقدم رقمنة مختلف العمليات الإدارية والمينائية المؤمنة بالشباك الموحد بميناء رادس محور جلسة عمل    نجاح جراحة عالية الدقة لأول مرة وطنيًا بالمستشفى الجامعي بقابس    محرز الغنوشي: طقس ممطر أثناء مباراة تونس ونيجيريا...هذا فال خير    خبايا الخطة..ماذا وراء اعتراف اسرائيل بأرض الصومال..؟!    مداهمة مصنع عشوائي بهذه الجهة وحجز مواد غذائية وتجميلية مقلدة..#خبر_عاجل    عاجل/ مسجون على ذمة قضية مالية: هذه الشخصية تقوم باجراءات الصلح..    الكاف: ورشات فنية ومعارض وعروض موسيقية وندوات علمية في اليوم الثاني من مهرجان صليحة    مصادر دبلوماسية: اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية غدا بعد اعتراف إسرائيل بأرض الصومال    جريمة مروعة: وسط غموض كبير.. يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر..#خبر_عاجل    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    المسرح الوطني التونسي ضيف شرف الدورة 18 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر    السكك الحديدية تنتدب 575 عونا    حجز 5 أطنان من البطاطا بهذه الجهة ،وتحرير 10 محاضر اقتصادية..    عاجل/ تعطّل أكثر من ألف رحلة جوية بسبب عاصفة ثلجية..    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر في ذكرى التأسيس
محطات مضيئة:
نشر في الشعب يوم 02 - 02 - 2008

إن الملاحظ لمسيرة العمل النقابي بتونس منذ نشأته يقف على حقيقة انها مسيرة حُبْلى بالنضالات والتضحيات رغم العراقيل والتحديات، وحافلة بالعطاء والفعل والحراك بما يشكّل إرثا نضاليا يحقّ للعمال عموما وللنقابيين خصوصا الاعتزاز به.
فمنذ ظهورالتجمعات العمالية الاولى (جامعة عموم العملة التونسيين الاولى ثم الثانية + جامعة الموظفين + اتحاد النقابات المستقلة بالجنوب وبالشمال) بزعامة محمد علي الحامي خصوصا، والتي ساهمت في تحسيس العمال وتأطيرهم فقد عرفت الحركة النقابية بتونس تطورا ملحوظا باندماج كل هذه التشكيلات في اطار نقابيّ واحد: الاتحاد العام التونسي للشغل الذي عقد مؤتمره التأسيسي يوم 20 جانفي 1946 بزعامة الشهيد فرحات حشاد ليدافع عن مصالح منخرطيه ثم يستكمل بناءه ليدخل بقوّة في الصراع الاجتماعي وينخرط مع قيام الكفاح المسلح بداية 1952 في تصعيد نضالاته السياسية الوطنية بالاضرابات والمظاهرات، مما أدّى الى اغتيال كاتبه العام يوم 5 ديسمبر 1952.
ولا تعتبر مسيرة الاتحاد بعد الاستقلال سهلة او أقل صعوبة، فالدولة عرفت فيها احداثا سياسية واقتصادية مهمة محليا ودوليا جعلت علاقتها بالاتحاد تتسم في حقيقتها بالصراع والازمات: فمن ازمة 1965 ورفع الحصانة عن الحبيب عاشور وسجنه وخروج احمد التليلي الى المنفى الى اضراب 26 جانفي 1978 وسجن القيادة الشرعية وتنصيب قيادة ثانية «المنصبين» الى أزمة 1985 والاستيلاء على الاتحاد وممتلكاته وتنصيب ما يعرف ب «الشرفاء».
وغيرها وغيرها من التوجهات الرسمية للسلطة في خياراتها المحكومة بمحاولات التهميش والاحتواء والتراجع والاقصاء.
فإن الاتحاد العام التونسي للشغل تمكّن من تنظيم الاغلبية الساحقة من العمال بالفكر والساعد المتقاعدين منهم والشغالين الذين يمثلون القوة الحقيقية للشعب ونجح في جمعهم وتوحيد صفوفهم بشكل قلّ ان نجد له نظيرا في البلاد او خارجها، ليس فقط لانه يهدف الى النهوض بأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية او الارتقاء بوعيهم او الدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية اي الاكتفاء بالمطالب الحرفية المهنية الضيقة بل يتعداها الى الدفاع عن الحريات العامة والفردية بترسيخ مناخات الديمقراطة واحترام حقوق الانسان ومعالجة قضايا المواطن الجوهرية الاجتماعية منها والسياسية والاقتصادية والثقافية اي طرح مشروع حضاري متكامل يرمي الى بناء دولة قانون ومؤسسات وعدالة ومجتمع حرّ سيّد ومتضامن، تتكامل فيه العلاقة بين التنمية البشرية والنموّ الاقتصادي ويتعاضد فيه كل المواطنين دون استثناء او اقصاء لبناء عزّة بلدنا وكرامة شعبنا «وفي ذلك فليتنافس المتنافسون».
وها نحن نعبر اليوم الى سنة 2008 وهي سنة تكتسي اهمية بالغة سياسيا باعتبارها سنة الاعداد والاستعداد لانتخابات 2009 واجتماعيا باعتبارها سنة انطلاق المفاوضات الاجتماعية التي تنتظم كل ثلاث سنوات بين الاطراف المعنية، وينتظر الشغالون نتائجها وانعكاساتها المباشرة على اوضاعهم وعلى اقتصاد بلادهم باهتمام كبير.
وندرك جميعا اننا نقف في مطلع هذه السنة وسط اوضاع اقتصادية واجتماعية سريعة متسارعة وقاسية لا ترحم متّسمة بزحف تيار العولمة وشراكة تونس مع الاتحاد الاوروبي عبر ادماج اقتصاديات البلاد في منظومة الاقتصاد العالمي بأذرعه الثلاثة (صندوق النقد الدولي البنك العالمي منظمة التجارة العالمية) وما سينتج عن ذلك من مخاطر تجعلنا نعي جيدا عواقبها ونعي اكثر جسامة مسؤولية الاتحاد للعب دوره في صياغة القرار والتصدي لتحديات كثيرة اهمها:
1 استفادة الدول الكبرى والشركات متعددة الجنسيات على حساب المؤسسة المحلية
2 انتشار البطالة وتنامي ظاهرة الهجرة السرية وتفشي الظواهر المرضية كالسطو والعنف والادمان مما يهدد القيم والمعايير الاجتماعية.
3 تدهور القدرة الشرائية للمواطن نتيجة للاسعار الملتهبة والزيادات الدورية الزهيدة في الاجور والتي لا تراعي المتطلبات الجديدة لسلّة المواطن كالخدمات الاتصالية والصحية والتعليمية والثقافية والترفيهية، نتيجة تخلّي الدولة عن دورها التعديلي في عديد المجالات.
4 تراجع حجم الانتاج المحلي من النفط وارتفاع اسعاره في الاسواق العالمية وتقلّص تحويلات المهاجرين من العملة الصعبة وبحكم الالغاء النهائي للاداء الجمركي مع مطلع هذه السنة فقد اضحت الجباية المورد الرئيسي والاساسي لتمويل ميزانية الدولة مما جعل العبْء يشتدّ بصفة غيرعادلة على كاهل الفئات العاملة او الفئات الوسطى والضعيفة.
5 اتساع الفوارق الاجتماعية بين فئات تمكّن منها اليأس وأخرى تتمتّع بحوافز وإعفاءات جبائية بشكل يشجّع وبطرق غير معلنة احيانا على التهرب الجبائي.
6 الشراكة والاندماج والانفتاح وبروز عناوين قديمة متجددة بملامح عودة الحماية في ثوبها الجديد لتوجيه سياسات البلدان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واجبارها على خصخصة القطاع العام لفائدة رأس المال الاجنبي.
7 فشل المنظومة التربوية التي شهدت في السنوات الاخيرة انهيارا يصعب اخفاؤه على المستويات المختلفة، وعجزها عن مواصلة مطلب التعريب.
وأمام هذه التحديات فإن المنظمة النقابية انطلاقا من حسّها بجسامة الحمل والمهام تؤكد ضرورة مجابهة الانعكاسات الناتجة عن اقتصاد السوق وتحرير التجارة عملا بمقولة القاعدة الصحية «الوقاية خير من العلاج» بتحمّل كل طرف مسؤوليته للقيام بالاجراءات العملية الكفيلة بالحفاظ على التوازن الاجتماعي وحماية الطبقة العاملة من خطر التفقير وتأكيد الدور التعديلي للدولة في مجال تقاسم ثمرات النّمق بين الجهات والفئات كافة، وبمواصلة الحوار الاجتماعي الحقيقي لتعزيز الحريات النقابية والمساهمة الفعالة في مسيرة البلاد بأبعادها كافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.