غصّت قاعة الشالي بنزل اميلكار بعد ظهر الثلاثاء 20 جانفي 2009 بالنقابيين والشغالين وارتفعت الاصوات مرددة شعارات معبّرة عن الاعتزاز بالانتماء لاعرق منظمة نقابية عمالية تونسية والارتياح للمكاسب التي تحققت على مرّ السنين وبخاصة خلال السنوات الاخيرة. فالمناسبة كانت احياء الذكرى63 لتأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل هذا الهرم الشامخ الذي ولد حرا ومناضلا ومستقلا ذات يوم 20 جانفي 1946 على يد احد رجالات تونس الافذاذ الزعيم الخالد الذكر المرحوم فرحات حشاد وثلة من رفاقه الصادقين. ذكرى التأسيس هذه السنة جاءت وسط ظرف غير عادي بالنسبة للشغالين ولتونس عموما حيث شهدت غزة هجوما اسرائيليا غاشما اتى على الاخضر واليابس وقتل الاطفال والنساء والابرياء من اهل القطاع وامام فضاعة الهجمة الوحشية وما خلفته من دمار في الارواح وفي البنية الاساسية لاهلنا في القطاع. وتضامنا من عمال تونس مع اخوانهم الفلسطينيين وضعت هذه الذكرى الثالثة والستين تحت شعار «كلنا مع غزة» وهو شعار يدل دلالة واضحة على مدى التزام الاتحاد العام التونسي للشغل بالدفاع عن القضية الفلسطينية قضية كل العرب وتوظيف كل امكانياته لكسب الانصار لها ودعمها ماديا ومعنويا. ذكرى التأسيس ال63 اشرف عليها الاخ عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد بحضوراعضاء المكتب التنفيذي والجامعات والنقابات العامة والاتحادات الجهوية للشغل بتونس الكبرى. الفعاليات نطلقت تلاوة الفاتحة ترحما على شهداء غزة رمز العزة ثم استمع الحاضرون الذين غصت بهم القاعة الى اغنية ملتزمة للفنان الموهوب جمال قلة تلتها قصيدة معبرة للشاعر جابر المطيري. الاخ عبيد البريكي قدّم لفعاليات الذكرى واعلن ان عددا من المنظمات النقابية الاقليمية والدولية: الكنفدرالية النقابية العالية (csi) والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب (cisa) والاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي (ustma) بعثت برسائل الى قيادة الاتحاد مهنئة بالذكرى الثالثة والستين لتأسيس الاتحاد كما تلقت قيادة الاتحاد رسالة لنفس الغرض صادرة عن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين. الاخ البريكي اعلن من جهة اخرى ان سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بعث رسالة الى الاخ الامين العام والمكتب التنفيذي هنأ فيها قيادة الاتحاد والنقابيين والشغالين بذكرى التأسيس وتلا نص الرسالة التي قوبلت بالتصفيق الحار من قبل كل الحاضرين. الاخ خميس صقرة القى كلمة باسم جهة تونس ونيابة عن باقي الاتحادات الجهوية اريانة ومنوبة وبن عروس حيا فيها الحاضرين مستعرضا مكانة الاتحاد ومساهماته في معركة التحرير وفي معركة البناء والتشييد ومؤكدا ان الاتحاد ولد مستقلا وسيظل كذلك. تاريخ حافل بالنضال الاخ عبد السلام جراد رحب في مستهل كلمته بالحاضرين الذين جاؤوا من مختلف جهات تونس الكبرى كما رحب باعضاء المكتب التنفيذي وبالجامعات والنقابات العامة معلنا ان كلمته ستنقسم الى قسمين قسم يهم التأسيس واخر سيخصصه للحديث عن غزة الصامدة. الاخ الامين العام استعرض في كلمته تاريخ الحركة النقابية منذ انطلاقها على يد محمد علي الحامي مرورا بالقناوي وصولا الى تأسيس الاتحاد لعام التونسي للشغل ذات يوم 20 جانفي 1946 على يد فرحات حشاد ورفاقه الافذاذ مبينا ان هذا التاريخ مترابط ومتكامل وهو حلقة متراصةومتينة مؤكدا ان الاتحاد العام التونسي للشغل ولد من وجدان الشعب التونسي بإرادة عمالية تونسية صادقة وولد منظمة مناضلة وحرة ومستقلة رغم الظروف التي كانت تمر بها البلاد التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار وتواجه منظمات نقابية اجنبيةك/س/ج/ت وغيرها لكن ارادة ابناء تونس المخلصين والغيورين على وطنهم جعلتهم يشغلون عن هذه المنظمات ويؤسسون منظمة تونسية لحما ودما... وتعرض الاخ الامين العام في كلمته الى الانسلاخ من س/ج/ت ثم بعد التأسيس كيف ان حشاد دخل السيزل وبدأ يبحث عن كسب الانصار للقضية الوطنية. وفي تونس كان النضال العمالي متواصل وكانت الاضرابات العامة وكانت المواجهة مع جيش العدو في صفاقس والنفيضة وغيرها من الجهات التي شهدت نضالات عمالية وطنية وهو ما اربك العدو المحتل الذي راح يبحث عن طرق تخلصه من القادة النقابيين الذين وهبوا انفسهم لخدمة قضية وطنهم والدفاع عنه فكان اغتيال الزعيم فرحات حشاد بعد ان اصبح قائدا للبلاد في ظل تواجد المناضلين السياسيين في سجون المحتل وظن المحتل انه باغتيال حشاد الرمز سيّخفف حدة التوتر وتفشل المقاومة ويحقق مآربه لكن العكس هو الذي حصل فتأجحت المقاومة وتواصل النضال من اجل استغلال تونس وعزتها ومناعتها. وقد ابرز الاخ عبد السلام جراد دور الاتحاد العام التونسي للشغل في معركة التحرير وكيف انه دفع الثمن غاليا باستشهاد حشاد العظيم، استشهد من اجل تونس ومن اجل حرية تونس واستقلالها. كما ابرز الاخ الامين العام دور الاتحاد في عملية البناء والتشييد والمكانة التي كان يتمتع بها لدى افراد الشعب التونسي كافة مشيرا الى البرنامج الاقتصادي والاجتماعي الذي قدمه الاتحاد بضبط خطة للنهوض بالإقتصاد التونسي ودفع عملية التنمية الشاملة... الاخ عبد السلام جراد اكد ان الاتحاد ركيزة اساسية في البلاد ولا يمكنه ان يفرط في غزةتونس وحرمتها مضيفا ليس لنا مطمح سياسي همنا هو خدمة الشغالين وخدمة البلاد عموما مؤكدا ان الاتحاد سيواصل مسيرته على نفس الدرب الذي رسمه حشاد ورفاقه الافذاذ سيبقى اتحاد الكرامة والحرية والاستقلالية والديمقراطية واتحاد النضال والشفافية مشددا على ان الاتحاد لكل تونس ولكل الشغالين بالفكر والساعد. من جهة اخرى، اكد الاخ عبد السلام جراد ان الاتحاد متواجد في كل المنظمات النقابية الاقليمية والدولية وكلمته مسموعة بفضل مواقفه الثابتة من قضايا العدل والتحرر واحترام انسانية الانسان. الاخ الامين العام اكد ان الاتحاد مع حوار اجتماعي تحترم فيه مصالح كل الاطراف حوار يوفّر الشغل لكل التونسيين حوار يتصدى للطرد وغلق المؤسسات والتضييق على النقابيين الاخ عبد السلام جراد اكد ان الاتحاد يمد يده لشركائه الاجتماعيين هو يعمل من اجل ان يكون المناخ الاجتماعي سليما مناخا تحافظ فيه كل الاطراف على حقوقها ويكون فيه الاتحاد حاضرا في كل الملفات ويتحمل فيه كل طالب شغل على شغل يحفظ كرامته... من جهة اخرى دعا الاخ عبد السلام جراد الى ضرورة تسريع المفاوضات في القطاع العام مبينا انه ليس هناك حد ادنى وحد اقصى للزيادة في الاجور بل ان قدرات المؤسسات هي التي تحدد نسب هذه الزيادات. الجزء الثاني من كلمته التي دامت اكثر من ساعة خصصه الاخ الامين العام للحديث عن الدمار الذي لحق غزةالصامدة جراء العدوان الغاشم عليها من لدن الآلة العسكرية الاسرائيلية مؤكدا ان الاتحاد ندد بهذه الجرائم معلنا ان المنظمة الشغيلة ستعمل على تقديم شكاوى عدلية لدى محكمة العدل الدولية ضد اسرائيل لارتكابها جرائم حرب في غزة. الاخ الامين العام اعلن ان كميات كبيرة من الادوية جمعها النقابيون ويتم ارسالها خلال هذا الاسبوع الى القطاع بالاضافة الى الحساب الجاري البنكي الذي فتحه الاتحاد.. وتطرق الاخ الامين العام الى العمل الذي قام به الاتحاد في الداخل والخارج لنصرة اشقائنا في قطاع غزة والتنديد بالمجازر التي ارتكبت في حق الابرياء من الاطفال والنساء والشيوخ من قبل العدو الصهيوني واذياله.. الاخ الامين العام دعا بالمناسبة الى ضرورة توحيد الموقف الرسمي العربي حتى يتماشى وطموحات الشعوب في نصرتها لاشقائنا في غزة معبّرا عن الاسف الكبير لحالة التشرذم التي تميز بها الموقف الرسمي العربي اثناء الحرب الاسرائيلية الظالمة على غزة الصامدة مجددا دعم الاتحاد العام التونسي للشغل ووقوفه الى جانب الاشقاء الفلسطينيين حتى تحقيق النصر واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.