الإعتصام الذي يخوضه عمال مجمع تكنوفار بالمرناقية من ولاية منوبة منذ يوم الجمعة الماضي، لم يأت عبثا ولم يكن الغرض منه الإعتصام من أجل الإعتصام او إثارة القلاقل، كما يريد البعض ان يحرّفه عن سببه الحقيقي، بل جاء هذا الإعتصام بعد مبادرات عدّة قامت بها النقابة الأساسية للمجمع من خلال تدخل كل من الاتحاد المحلي للشغل بالمرناقية والإتحاد الجهوي بمنوبة والجامعة العامة للنفط والمواد الكيمياوية من أجل الجلوس الى مائدة الحوار والتفاوض، سواء بمقر تفقدية الشغل بمنوبة (خمس جلسات منذ 8 جانفي 2008) أو بمقر ولاية منوبة جلسة واحدة (28 أفريل 2008) تم على إثرها إلغاء برقية الإضراب الذي تقرر انذاك ليومي 29 و30 من الشهر نفسه او بمقر التفقدية العامة للشغل والمصالحة (جلسة واحدة 8 أكتوبر 2008). كما جاء هذا الإعتصام ليحمّل مسؤول مجمع تكنوفار على كسر جدار الصمت الذي خاضه العمال لنيل هذه الحقوق، مثل الحق في تسلم الأجر في الإبان، وقبول الطعن في الاعداد المهنية المسندة بعنوان منحة الانتاج لسنة 2007، والحق في بطاقات الخلاص لمنحة الإنتاج لسنتي 2006/2007، والتأخير في صرف المنحة العائلية، والحق في قيام الإدارة بالتأشير على مطالب العمال ليحصلوا على القروض المسندة من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والساعات الإضافية وتثبيتها ببطاقات الخلاص، وعدم تطبيق نظام 40 ساعة للخالصين بالشهر، والخصم ببطاقة الخلاص في المنح للخالصين بالساعة (192 ساعة)، والحق في التصنيف المهني وفي الصحة والسلامة المهنية.. والملفت في هذه القضية، أن صاحب العمل لم يكلف نفسه حتى عناء فتح أذنيه للإنصات الى مشاكل واهتمامات العاملين لديه، فما بالك أن يفكر في حل هذه المشاكل وأن يستجيب لمطالبهم على بساطتها، وهو الذي لم يرتق الى مستوى فتح الحوار مع النقابة الأساسية، الأمر الذي دفع بالعمال الى تنفيذ حركة احتجاجية تمثلت في اعلان الإعتصام داخل مواقع العمل، خصوصا بعدما تبين لهم وان مطالبهم العادلة والمشروعة لم تؤخذ مأخذ الجد، وأن عمق المشكل القائم بينهم وبين صاحب العمل لم يطرأ عليه أي تغيير بل إن هناك من يرى أنه ازداد تأزما مما زاد في تأزيم أوضاعهم المادية والإجتماعية، على الرغم من مردودية قطاع البلور التي تعود الى التضحيات العمالية، وبالرغم من كون مستجدات اللحظة الراهنة اصبحت تفرض الحوار كأسلوب لفض المشاكل، وعلى الرغم أيضا من مستوى الوعي الذي تحلت به شغيلة مجمع «تكنوفار» والتي تجاوبت مع قرار الإعتصام ونفذته في كنف الهدوء والشعور بالمسؤولية... ومما يذكر أن صاحب مؤسسة مجمع تكنوفار، يماطل بحجة او بأخرى في توفير المادة الأولية لدوران آلة الإنتاج بمصنعه رغم وفرة العروض والطلبات القادمة إليه من الحرفاء التقليديين وغيرهم في كل من المغرب وليبيا والكوتديفوار... وصرح بعض العمال لمندوب «الشعب» من داخل موقع اعتصامهم أنهم يعملون في مناخ إجتماعي تضاعفت تعقيداته يوما بعد آخر، وأكبر دليل على ذلك الكم الهائل المجمّع لدى نقابتهم من محاضر الجلسات التي تكاد تصبح مستنسخة من حيث الشكل والمضمون وتحمل في الغالب الإمضاءات نفسها والتي كانت مرابضها في النهاية دروج المكاتب الإدارية، دون ان تعرف طريقها الى التنفيذ، وذكر العمال ان ذلك يعود الى مماطلة صاحب العمل الذي يرفض تمكينهم من حقوقهم الدنيا مثل صرف الاجور في مواعيدها وصرف منح الانتاج ومثل زي الشغل وتسوية ملف الضمان الاجتماعي ودفع مستحقات الخصم المباشر من الاجر بعنوان التغطية الاجتماعية، ناهيك ان أحدهم لم يتمكن من تسجيل ابنه المولود الجديد في الضمان الاجتماعي وأضاف العمال ان هذ الامر يحرمهم من حق التداوي عن طريق صندوق التأمين على المرض وصرحوا أيضا بأن مستحقات الاداء على الاجور تخصم من رواتبهم ومنحم لا تدفع للقباضات المالية وان الصيدلي الذي يتعاملون معه في مسألة شراء الادوية لم يعد يقبل بذلك التعامل لأن صاحب العمل تقاعس منذ فترة طويلة عن الايفاء بتعهده لدفع مستحقات شراء الادوية المخصومة من أجور العاملين المعنيين التي تجمعت لديهم لتصبح ديونا بالملايين، وقد علّق بعضهم بالقول: إن مثل هذا السلوك لم يرحمنا ولم يترك رحمة الرب تنزل علينا، حيث نُحرم من عيادة المستشفيات والاطباء الخواص ونحرم كذلك من شراء الادوية المستوجبة عند المرض ومستحقاتنا الكفيلة بذلك في حوزة صاحب العمل... كذلك أكد العمال انهم لم يحصلوا على رواتبهم لشهر مارس الا يوم 29 أفريل علما وأنه تمت توصية من التفقدية العامة للشغل بالنسبة لتفقدية الشغل بمنوبة تدعوها الى تحرير محضر مخالفة في عدم خلاص الأجور كما تخلف صاحب العمل عن صرف أجور هؤلاء العمال لكن تفقدية منوبة لم تحرك ساكنا... ويذكر في شأن تقاعس إدارة مجمع تكنوفار صرف المستحقات القانونية أن النور الكهربائي انقطع عن المؤسسة بسبب عدم خلاص الفواتير ولم يقع إرجاعه الا بتدخل شخصي من السيد والي منوبة لغيرته على اقتصاد البلاد وقد تعهدت إدارة المؤسسة بدفع ما تخلد بذمتها اقساطا متتالية بقيمة 5 آلاف دينار كل أسبوع...