يوم 12 أوت 2009 تغيّر بصورة جذرية مجرى التاريخ في الشركة التونسية لصناعة السيارات بسوسة... هذه الشركة التي طالما كانت منذ تأسيسها رائدة في القطاع العمومي وحاضنة لآلاف العمال، لكن تاريخها هذا لم يمنع عنها التأثر بالأوضاع الاقتصادية المتعاقبة من الاصلاح الهيكلي الى الخوصصة الى تسميات اقتصادية طلعت علينا مع رياح الاقتصاد العالمي الجديد. يوم 12 أوت 2009 تمّ التوقيع نهائيا على محضر إحالة اجتماعية للمؤسسة الى مستثمر جديد لكن بأي شكل تمّت هذه الاحالة؟ وبماذا تميّزت هذه الإحالة عن سابقاتها من حيث المحافظة على نشاط الشركة وحقوق العمّال المكتسبة وتأمين المكاسب العينية والمادية للشركة؟ الأخ حسين العباسي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المسؤول على قسم التشريع والنزاعات باشر هذا الملف رفقة زميله الأخ بلقاسم العياري الأمين العام المساعد للإتحاد العام التونسي للشغل المسؤول على قسم القطاع الخاص تحدث لنا عن تفاصيل هذه الإحالة وعن الجديد... الجديد على مستوى القانون المتعلق بخوصصة المؤسسات العمومية. النظام الأساسي للمؤسسة هو الحد الأدنى لضمان الحقوق بيّن الأخ حسين العباسي أنّ قراءاتنا كقسم مسؤول عن التشريع والنزاعات لمجمل القوانين والتشاريع التي تمّ بمقتضاها في السابق التفويت في عدّة مؤسسات عمومية أفرزت أنّ هناك ثغرات قانونية وان هناك شروطا لم تضبط بكيفية محكمة توازي بين الحفاظ على ديمومة المؤسسة ومواصلة نشاطها الأصلي وبين الحقوق المكتسبة للعمّال التي لا تعود شيئا اذا ما أصبحت المؤسسة خاضعة لإتفاقية مؤسسة أو عقد مشترك وتبعا لذلك وجدنا صعوبات سواء في المحافظة على حقوق العمّال وامتيازاتهم أو في المحافظة على استمرار المؤسسة في نشاطها الأصلي وعدم التفريط في مكاسبها العينية والمعنوية. إذن ماذا اتخذتم من اجراءات أو احتياطات تشريعية أو قانونية للقطع من ثغرات التجارب السابقة في التفويت؟ أولا أنّنا حدّدنا القانون الأساسي للمؤسسة كحد أدنى لتلافي ثغرات التجارب السابقة ثم دونا محضر إحالة يمتد على 39 فصلا شكّل بالنهاية اتفاقا بين جميع الأطراف يضمن جملة من النقاط التي تحمي أعوان الشركة وتضمن لهم حقوقهم مع المستثمر الجديد بمنهجية واضحة ولغة لا يرتقي لها التأويل أو الإلتباس أو الغموض. هل بالإمكان ابراز أهم هذه الفصول التي تعد جديدة قياسا بما وقع في التجارب السابقة؟ كل ما تمّ تدوينه في الاتفاق يعدّ ايجابيا ولا يمكن فصل بند عن الآخر، لكن قد نذهب الى تبيان ماهو جديد حقّا في هذا الاتفاق الفصل 6 مثلا الذي يلزم المستثمر الجديد بالإبقاء على الأصول موضوع الإحالة كتلة واحدة متكاملة وعدم التفويت في أي جزء من العقار واستغلال المساحات الشاغرة حاليا لغاية تطوير المؤسسة. الفصل 1 و2 حيث يتعهّد المقتني بمواصلة تطبيق كل أحكام النظام الأساسي الخاص لأعوان الشركة التونسية لصناعة السيارات بمختلف جوانبه المالية والترتيبية والمصادق عليها بأمر عدد 2817 لسنة 2000 المؤرخ في 20 نوفمبر 2000 وذلك على كل الأعوان فيما يبقى المجال مفتوحا للأطراف الاجتماعية داخل المؤسسة لإمكانية إبرام اتفاقية خاصة بالمؤسسة. تفعيل الحوار الاجتماعي في التجارب السابقة وحسب تقييمكم تتلاشى شيئا ما العلاقات الاجتماعية وتغيب لغة الحوار وتسير الأوضاع الى واقع يرضاه فقط المستثمر أو المالك الجديد فهل فكرتم في إعادة الروح للحوار الاجتماعي ودور النقابة؟ نعم فكّرنا وأفردنا المسألة الاجتماعية داخل المؤسسة بفصل وهو الفصل 38 الذي يؤكد على تكريس مبدإ الحوار الاجتماعي وتقاسم المسؤولية بين الأطراف الاجتماعية حفاظا على المؤسسة ببعديها الاجتماعي والاقتصادي وذلك بعقد اجتماعات دورية مرّة كل ثلاثة أشهر وكلّما دعت الحاجة الى ذلك بين نقابة الموسسة والادارة العامة للإطلاع على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمؤسسة وعلى مدى تطبيق معايير العمل الدولية المصادق عليها والوطنية التي ترقى إلى حماية وصون وتطوير مستوى معيشة الأعوان وعائلاتهم والمحافظة على ديمومة المؤسسة. منحة استثنائية واضافة يوم عطلة في باب التوظيف الجيد والفعلي لهذا الاتفاق هل بوبتم شيئا في مجال الحقوق العاجلة للأعوان وحمايتهم؟ الفصل 20 من الاتفاق ينص على الإلتزام بتطبيق ما تضمنه الباب الرابع من النظام الأساسي الخاص بأعوان الشركة التونسية لصناعة السيارات والمتعلق بالانتداب بالاضافة الى الفصل 280 وما بعده من مجلة الشغل وبالإلتزام با تضمنه اتفاق 7 جوان 2008 في باب عقد الشغل الممضى بين الاتحاد العام التونسي للشغل والإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، كما يلتزم بعدم اللجوء للمناولة وفق ما نص عليه محضر اتفاق 24 ديسمبر 2008. وفي ضوء هذا تمّ إبرام اتفاق بين النقابة الأساسية وإدارة المؤسسة ينصّ على تمكين كل أعوان المؤسسة من منحة استثنائية قارة تصرف شهريا وقدرها 15 دينارا وذلك بحساب 12 شهرا وابتداء من غرة سبتمبر 2009 مع الاتفاق ضمن محضر الإحالة في فصله 39 على إضافة يوم عيد الشهداء الموافق 9 أفريل كيوم عطلة خالصة الأجر. كلمة أخيرة شكرا لكل من تعاون معنا قسم القطاع الخاص والاتحاد الجهوي للشغل بسوسة والجامعة العامة للمعادن والإلكترونيك والفرع الجامعي بسوسة والنقابة الأساسية للمؤسسة وأطراف الحوار الإدارية.