لا تزال حكاية خطف الاطفال تثير الرعب في نفوس الأهالي ويوما بعد يوم تكثر الإشاعات وتكثر معها القصص والروايات.. بعضها حقيقي والكثير منها من وحي الخيال... سيناريوهات عديدة وحكايات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب عن طفل أو طفلة تم إختطافها سواء أمام المدرسة أو من أمام المنزل وهو ما جعل أغلب البيوت التونسية تعيش حالة إستنفار قصوى فترى الأم تصطحب أبناءها إلى المدرسة وتعود بهم وكلما غاب الطفل عن منزل أبويه بضع دقائق عاشت الاسرة لحظات من الخوف والشك. وقد تجد هذه المخاوف طريقها إلى اليقين وتصبح حقيقة بمجرد حدوث أي حادث حتى ولو كان صدفة لأحد الاطفال فماهي حكاية إختطاف بنت العشر سنوات في بلدية شراحيل من ولاية المنستير وكيف عادت سالمة إلى أهلها وماذا روت عن الحادثة التي ستظل بذهنها إلى الأبد، إتصلنا بأحد أقرباء الطفلة المخطوفة والتي تدعى ماجدة يقول : «في الآونة الأخيرة كثرت الحكايات والإشاعات عن إختطاف الاطفال فمرة نسمع عن حادثة إختطاف بقصر هلال وأخرى بالمكنين ولكن لا شيء يقين.. وأمام كثرة القصص كان الجميع يوصي أطفاله بالحذر وعدم مخاطبة الغرباء ولم نتوقع في يوم ما أن يحصل لإبنة شقيقتي ما حصل خاصة وأن »شراحيل» منطقة بلدية آمنة وجميع الأهالي يعرفون بعضهم.. لكن يوم 30 أفريل غادرت ماجدة المنزل على الساعة العاشرة إلا 10 دقائق صباحا وكانت محفظتها فوق ظهرها وأوصتها والدتها بالحذر وهي في طريقها إلى المدرسة التي تبتعد بضعة أمتار عن البيت في الطريق إعترض سبيلها شخصان وكانا على متن سيارة بيضاء اللون نزل أحدهما وسألها عن الجامع والذي لا يبتعد عن المكان سوى بضعة خطوات وطلب منها أن تصعد السيارة لتريهما المكان وأمام براءة الطفلة وسوء تقديرها للعواقب صعدت على أساس أنها سترشدهما إلى المكان. لحظات من الخوف وحسب ما روت الفتاة الصغيرة لأهلها بعد عودتها سالمة فقد صعد شخص بجانبها من الخلف في حين ظل السائق في مكانه وعوض التوجه إلى الطريق المؤدية الى الجامع أخذت السيارة تشق طريقا مغايرا وهو طريق «الجواودة» تابع لولاية المهدية ومعروف عن هذا الطريق أنه خالي من المارة.. ساعتها إستشعرت الطفلة الخطر وأيقنت أنها بدأت تبتعد عن قريتها الآمنة فأخذت تصيح فوضع المختطف يده على فمها محاولا إسكاتها وحسب رواية الطفلة وضع «بودرة» شبيهة بالسكر في فمها ولكنها رفضت تناولها ومسكها بقوة من ذراعها لكي لا تثير المزيد من الضجيج والجلبة وقد خدشته في وجهه بأظافرها وكانت في حالة رعب وخوف قصوى وتصيح بأعلى صوتها وبعد حوالي كيلومتر ونصف نظر المختطف إلى مرافه وقال له : «لننزلها ما عندناش ما نعاملو بيها» رموها في الطريق توقف هذا الاخير وتم إلقاء الطفلة على حافة الطريق وضربها المختطف على بطنها بالمحفظة وإختفت السيارة في لمح البصر ويبدو أن الشابين إستشعرا الخطر وخافا من وجود دورية للحرس على بعد بضعة أمتار فتخلصا من الطفلة. ويواصل محدثنا سرد تفاصيل الواقعة حسب ما ذكرته الطفلة لعائلتها «لقد سألناها إذا كانت تتذكر أي حديث دار بين الشابين في الطريق فقالت لا ما عدى الجملة الاخيرة والتي طلب فيها أحدهما إنزالها خوفا من الامساك بهما.. فلاحة أنقذتها ويضيف «لقد رموها على حافة الطريق وكانت تجهل المكان ولم تعرف كيف تعود إلى بيتها وكانت حالتها النفسية سيئة فمشت مسافة 150 متر ووجدت صدفة منعرج فسارت فيه ومن ألطاف الله أنها عثرت على فلاحة بصدد جمع «الفول» فتوجهت نحوها وروت لها ما حصل فأشفقت عليها وغسلت لها وجهها بالماء لتزيل عنها المخاوف ثم إصطحبتها إلى الطريق الرئيسي وبمجرد مرور شاحنة أوقفتها تلك السيدة وطلبت من السائق إبلاغ الحرس بالجهة والذي لا يبتعد عن المكان كثيرا وحل الأعوان وحملوا الطفلة وإتصلوا بوالدتها وهي حامل ولديها طفلتان وتعتبر ماجدة التي تدرس بالسنة الرابعة أساسي البنت الكبرى ومن المتناقضات أن أعوان الأمن عندما هاتفوا أم البنت المخطوفة وهي تدعى السيدة ثريا لم تفهم في البداية حقيقة ما حدث أو بالأحرى لم تصدق أن إبنتها تعرضت لعملية إختطاف وقالت لهم «إبنتي بالمدرسة» ويواصل محدثي بكل حسرة حديثه «عندما وصلنا وجدناها ترتعش» وكانت تصيح لأن يدها تؤلمها وقد رفضوا في البداية السماح لنا برؤيتها إلى حين إستكمال التحقيق ولكننا أصرّينا على إصطحابها إلى البيت لأن نفسيتها كانت متدهورة للغاية ويضيف : «بعد أن روت لنا حقيقة ما حدث حملناها إلى الطبيب لأن يدها كانت تؤلمها والحمد لله لم نجد بها كسور بل مجرد رضوض وكدمات كما عرضناها أيضا على الطبيب الشرعي والذي أكد لنا أن الطفلة سليمة ولم تتعرض إلى سوء. وبصراحة كانت عودتها بمثابة العرس وكأنها ولدت من جديد حتى أن والدها المتواجد حاليا بإيطاليا وبمجرد أن علم بالحادثة لم يذهب للعمل وكان يهاتفنا كل ساعة للإطمئنان على أسرته.. ويختم محدثي «هذه الواقعة أثرت علينا جميعا حتى أن الكثير من الجيران لم يصطحبوا أطفالهم إلى رياض الاطفال خوفا من تكرار العملية» ونأمل أن يتوصّل رجال الأمن بشراحيل إلى فك هذا اللغز وإلقاء القبض على هؤلاء المتطفلين الذين أثاروا بلبلة في صفوف الأهالي وأكيد أن رجال الأمن بالمنطقة حريصون على معرفة الحقيقة وكشف ملابسات الواقعة لما عودونا به من حنكة وحزم في التعامل مع مثل هذه المسائل