أمام تعدّد العلاقات بين الشبان والتقارب الحاصل نتيجة الدراسة أو العمل أو غيرها ظهرت شبكة علاقات جديدة ظلّت طيّ الكتمان وهذه العلاقة تطورت في السنوات الأخيرة وتمثلت في إقامة بعض الفتيات مع أصدقائهنّ بعيدا عن رقابة العائلة وقد أرجع البعض هذا الأمر الى التحرّر الذي شهدته العائلة التونسية مما خلق علاقة تعايش بين الفتاة والشباب في إطار سري والحديث عنه بقي بعيدا عن طاولة النقاش لكن يجب التنبه الى مثل هذه العلاقات حتى لا تكثر الآفات داخل المجتمع.. ولئن عرف مجتمعنا ولفترات طويلة محافظة على العائلة ومكوناتها فإن تحرر المرأة وخروجها الى معترك الحياة قد خلق علاقة أخرى بين المرأة والرجل فبعد أن كان الرجل لا يمثل سوى الزوج أو الأخ أو الأب فإنه اليوم أصبح هناك حديث عن صداقة (صحبة) وزمالة مما خلق تقاربا بينهما ولتقريب الظاهرة للقارئ قمنا بهذا النقل. صداقة ولكن.. تقول سنية (23 سنة) ان هناك صداقة لا أحد ينكرها بين الشاب والشابة فظروف الدراسة والعمل تفرض على الإثنين التعامل مع بعضهما لكن يجب التنبيه الى ما أسمتهم «صغار العقول» لأن ما نشهده اليوم هو فهم خاطئ لهذه العلاقة فالبعض يستغلها لإرضاء غرائزه فيستضعف الفتاة خاصة من لا تخضع للرقابة العائلية لكي تعيش معه فقد يظهر لهما أن الأمر عاديا لكن بشرط أن لا تظهر العلاقة للعيان لأن كليهما يعلم جيّدا أنها علاقة غير شرعية بجميع المقاييس فالصداقة يجب أن لا تتعدى في معناها أسوار المنازل.. وفي نفس الصدد تقول آمنة (41 سنة) أن العلاقة بين المرأة والرجل موجودة منذ القدم لكن اليوم تغيّرت لأن وسائل الإتصال الحديثة قد أدخلت عناصر دخيلة أثرت على أخلاقيات المجتمع فأصبحت إقامة الفتاة في فترة الدراسة أو العمل مع صديقها بين أربع جدران وتحت سقف واحد أمرا يتزايد شيئا فشيئا ففهمت الحرية بمعنى خاطئ وغير مسؤول فما من أمّ أو أب يقبل أن تقيم ابنتهما مع صديقها الذي لا تجمعها به علاقة شرعية ويتعاشرا معاشرة الأزواج فهي مغامرة غير محسوبة يذهب ضحيتها كل الفاعلين فهو أمر لا يدخل في عاداتنا وتقاليدنا مهما تطوّرت الحياة وتقدّمت فالمبادئ هي المبادئ والأخلاق هي الأخلاق. وتضيف قائلة انه لا يغرّكم أن تكون الفتاة رصينة داخل عائلتها فهي قد تنقلب صورتها في الشارع فلا تتعرف عليها فالأمر لا ينسحب على الفتاة التي نراها في الشارع متحرّرة في مظهرها لأن ذلك قد لا يعكس حقيقتها. أما إيمان (25 سنة) فهي تقول ان لا شيء يغفر للفتاة أو الشاب وقوعهما في ما أسمته الخطأ فهي تقول ان الشباب يستدرجون الفتيات الى الرذيلة بإسم الحبّ فالفتاة لا تعرف كيف يفكّر الشبان المنحرفون ولهذا عليها تجنّب ما يمكن أن يصيبها من صدمات بعد فشل هذه العلاقات فهي لا تعرف طباع الرجل وكذلك العكس صحيح فمجتمعنا مجتمع عربي مسلم. تكاليف دفعت الى زلاّت تقول سارة (أستاذة جامعية - 30 سنة) إن ما يشهده المجتمع من علاقات غير شرعية هو نتيجة تكاليف الزواج المجحفة حيث أصبح الكثيرون يتهرّبون من الزواج لعدم قدرتهم على تغطية تكاليفه لذلك ظهرت هذه النوعية من العلاقات ليغيب سبب آخر للزواج فهما يعيشان مع بعضهما ولو لفترة وهذا الأمر يظهر خاصة بين القادمين من المناطق الداخلية للعمل أو للدراسة بلعاصمة. وتضيف انه في القديم كان الشاب يتزوج في سنّ العشرين أو أقل من ذلك وكذلك الفتاة وفي ذلك حكمة من أجدادنا فقد علموا ما في المرأة والرجل من غريزة يصعب ترويضها إلا بالزواج. أما فاطمة فرأيها مخالف تماما فهي ترى مثل هذه العلاقات إنما هي خطوة نحو الزواج الناجح فكلّما اقترب الإثنان من بعضهما البعض إلا ونجحت العلاقة والتفكير السلفي القائل بأن مثل هذه العلاقات إنما هي استغلال الرجل للمرأة جنسيا قد ولّى وانتهى.. وتستدرك قائلة «اذا عصيتم فاستتروا» أليس من الأفضل باب مقفل عليهما أو أن نرى ونشاهد مشاهد تفتقد للحياء.. لتؤكد أن في ذهن كل فتاة لا وجود لحدود أخلاقية رادعة فلا يغرنّك عندما تكون هناك فتاة تعود كل ليلة الى بيتها ويقال عنها انها عفيفة فالعديدات يجدن خارج أبواب «السجن» الذي قد تخلقه العائلة متنفسا ليكون الشارع جنّة وحرية تفعل فيها ما تشاء وقبل أن تعود من جديد الى منزل والديها لذلك فإن العلاقة التي تجمع الجنسين والتي يقال عنها غير شرعية ليست من صنع الفتاة التي تعيش بعيدا عن عائلتها فقط وتختم حديثها بأنه لا وجود لفتاة ذات سمعة طيبة وأخرى العكس فيجب النظر الى ما وراء المظاهر. تركيبة فيزيولوجية .. يقول سفيان الوسلاتي (أخصائي في أمراض النساء) ان تأخر سنّ الزواج لدى المرأة يطرح سؤالا وهو هل ان المرأة يمكن أن تصمد أكثر من 30 سنة دون القيام بعلاقة جنسية فتسمع أترابها يتحدّثون عن أزواجهم وعلاقاتهم وهو ما قد يثيرها... ففي القديم كانت تعيش كبتا تمارسه العائلة بوضع عدّة قيود وهذه الإثارة هي أمر عادي جنسيا لأن التركيبة الفيزيولوجية للمرأة خلقت لديها رغبة في خوض غمار هذه التجربة التي تظنها فريدة وغريبة. وهذه العلاقة ينظر إليها من ثلاث زوايا الأولى دينية على أنها علاقة محرّمة شرعا وزاوية ثانية قانونية فهي تعدّ مخالفة يعاقب عليها القانون وأخرى أخلاقية لا يقبلها المجتمع وأمام هذه التحديدات يقول الدكتور سفيان الوسلاتي ان المرأة تضيع بين هذه القيود فالعديدات منهنّ حتى وان يبدين رضاءهنّ بالوضع فإن في داخلهنّ ثورة ضدّ هذه القيود لذلك لا يغترّ البعض بهذا الصمت الذي قد ي سبق العاصفة. فالأمر هنا ليس تبريرا لما يشهده المجتمع من هذا النوع من العلاقات لأن الإلتزام بالعفّة يبعد عديد الأمراض المنقولة جنسيّا ويجنّبنا عدة آفات أخرى