تأجيل محاكمة صخر الماطري في قضية فساد مالي إلى أكتوبر القادم    سبب وفاة سامح عبد العزيز... التفاصيل الكاملة    عاجل/ يهم المصطافين في النزل: وزارة السياحة تعلن عن قرار هام..    أصحاب التاكسي يُهدّدون بالإضراب: ''نخدموا بالخسارة من 2022!''    رئيس الجمهورية يُعاين الوضع البيئي بولاية المنستير    الحماية المدنية.. 531 تدخلا خلال ال24 ساعة الفارطة    خبر سار للعرب المقيمين في السعودية!    هام/ بداية من الأسبوع المقبل توزيع كميات اضافية من هذه المادة في الأسواق..    تنبيه هام لمن يريد شراء ''كليماتيزور''    الخطوط الصيفية: تعزيز أسطول حافلات الشركة الجهوية للنقل بالساحل للوصول إلى شواطئ المنستير    أسبوع الباب المفتوح لفائدة التونسيين المقيمين بالخارج بمقر وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية    كعادته بإحراج ضيوفه.. ترامب يقاطع رئيس موريتانيا ويطالب ضيوفه بذكر أسمائهم وبلدناهم فقط    إنقاذ 84 مهاجرا غير شرعي قبالة هذه السواحل..#خبر_عاجل    زلزال بقوة 4.5 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    "طائرة الكوكايين" تشعل أزمة دبلوماسية بين بلدين    مسؤول صهيوني: من الممكن التوصل لهدنة بغزة خلال أسبوع أو اثنين    دواؤك في خطر؟ ترامب يُفجّر ''قنبلة جمركية'' تهزّ سوق الأدوية...اكتشفها    استشهاد 17 فلسطينيا وجرح العشرات بغارة صهيونية وسط قطاع غزة    رحلة حول الأرض في 5 ساعات: شابة تونسية تخوض مغامرة غير مسبوقة    باريس سان جيرمان يتأهل إلى نهائي كأس العالم للأندية بفوزه على ريال مدريد برباعية نظيفة    النادي الصفاقسي يعزز صفوفه بثلاثة انتدابات أجنبية    إتحاد بن قردان: إستقالة الرئيس ونائبه .. وفريق الأكابر يستأنف التحضيرات    "اليويفا" يحدث تعديلات على لوائح العقوبات في مسابقات الموسم المقبل    الرابطة الثانية: مبارك الزطال مدربا جديدا للملعب القابسي    مودريتش يودّع ريال مدريد بعد 13 سنة من المجد...وهذه وجهته القادمة    فاجعة في بن قردان..وهذه التفاصيل..    حادث مرور قاتل..#خبر_عاجل    طقس الخميس.. الحرارة تتراوح بين 30 و35 درجة    تحذير عاجل: البحر هائج في السواحل الشرقية... خاصة في نابل وبنزرت    متى تظهر نتائج ''الكونترول''؟ اكتشف مواعيد إعلان النتائج السابقة    مأساة تربوية تهز المغرب.. انتحار معلم شاب بعد أيام من تعيينه    نجوى كرم لقرطاج: ''مافي شي بيبعدني عنك''    أحمد سعد يشوق جمهوره لألبومه الجديد لصيف 2025    اليوم: قمر الغزال العملاق يُضيء سماء العالم...ماهي هذه الظاهرة؟    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    هذه العلامات الغريبة في جسمك قد تنذر بنوبة قلبية... هل تعرفها؟    هيئة الصيادلة: أسعار الأدوية في تونس معقولة    كيف سيكون طقس اليوم الخميس ؟    قيس سعيّد: آن الأوان لتعويض الوجوه القديمة بكفاءات شابّة لخدمة كل الجهات    عاجل: قيس سعيّد يُحذّر : مهرجانات تونس ليست للبيع بل منابر للحرية والفكر    نور قمر تعلن انسحابها من حفل افتتاح مهرجان قرطاج    تاريخ الخيانات السياسية .. دسائس في القصر الأموي (2)    بنزرت: حجز 8.8 أطنان من البطاطا وضخها في المسالك القانونية    سليانة.. الاحتفاظ بشخص حاول فَقْءَ عين زوجته    الكاتبة العامة لهيئة الصيادلة: استراتيجية الدولة تجعل سوق الأدوية مراقبة ومسالك توزيعها مغلقة وآمنة    عاجل/ الإعلان عن موعد تنظيم الدورة الاولى من المهرجان الدولي لموسيقى ال"راب"    إدارة مهرجان قرطاج الدولي تُلغي عرض الفنانة الفرنسية "هيلين سيغارا"    وضعية Fan في المكيّف: هل فعلاً تساهم في تقليل استهلاك الكهرباء؟    الحماية المدنية تحذر من السباحة اليوم بسبب هبوب رياح قوية    دورة الصداقة الافريقية لكرة الطائرة تحت 19 عاما: نتائج مباريات المنتخب التونسي    قيمة صادرات النسيج والملابس تزيد بنسبة 2،61 بالمائة إلى موفى ماي 2025    وزارة السياحة تمنع التدخل في لباس المصطافين وتمنع البيع المشروط    بعد حذف معلّقة "سان ليفان" من برمجته: مهرجان قرطاج الدولي يكشف ويُوضّح..    جندوبة: رحلة سياحية رابعة تحط بمطار طبرقة عين دراهم الدولي    كأس العالم للأندية لكرة القدم: تشلسي يحجز بطاقة النهائي بتغلبه على فلوميننسي 2-صفر    جزيئات بلاستيكية وراء آلاف الوفيات بأمراض القلب في العالم    عادات وتقاليد..عاشوراء في سدادة بوهلال .. موروث حي تنقله الذاكرة الشعبية    تاريخ الخيانات السياسية (8): الغدر بالحسين بن علي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدُّوَلُ المَعْنِيَّةُ حَقَّاً بِمُقاَوَمَةُ الإرْهابِ يَتَعَذّرُ عليها ذلكَ بِدُونِ إعادَةِ العلاقاتِ مَع دِمَشْق والتَّعاوُن مع
نشر في حقائق أون لاين يوم 21 - 05 - 2017

عَبْرَ تاريخِها المُعاصِر لم تربطْ دمشقُ مَصائرَ...
عَبْرَ تاريخِها المُعاصِر لم تربطْ دمشقُ مَصائرَ علاقاتِها الدبلوماسيّةِ مع تُونسَ بالجّدوى الاقتِصادِيّةِ مِن هذهِ العلاقةِ ، ولا بِخَياراتِ تُونُسَ السياسيّةِ الداخليّةِ والخارِجِيّة انْطِلاقاً مِن أنَّ ذلكَ شأنٌ سِيادِيٌّ تُونُسيٌّ بَحْت. بَلْ إنَّ دمشقَ عَوَّدتْنا أنْ تُبادِرَ إلى مَدِّ يَدِ العَوْن إلى شقيقتِها تُونس عندَما تمرّ الأخيرةُ بضائقةٍ اقتِصاديّةٍ ما ، يَحدوها إلى ذلك التزامٌ مُتَوارَثٌ بواجِبٍ إنسانيٍّ ذي صبغةٍ "قوميّة" بعيداً عَن حساباتِ الربْحِ والخسارَة.
وعندَما شهدَتْ تونس في جانفي /كانون الثاني 2011 أحْداثاً عَصَفَتْ بِنِظامِ الرئيس زين العابدين بن علي عَدَّتْ دِمَشْقُ ذلكَ شأناً داخِليّاً تونسيّاً.
وَلكن عندما بادَرَتْ حُكُومَتا "التّرويكا" التونسيّتان إلى قَطْعِ العلاقاتِ مع الدّولةِ السُّوريّةِ ، في رهانٍ أحْمَق على أنَّ "تسونامي الربيع العربي" سيَجْرِفُ نِظامَ الرّئيس بشّار الأسد ، وعلى أنَّ الأخير سيكون مَصيرُهُ شبيهاً بمصائر الرؤساء زين العابدين بن علي، حسني مبارك، معمّر القذّافي ، علي عبد الله صالح وأنْظِمَتِهِم ، فقد شَجَّعَ ذلكَ إلى جانبِ عَوامِل عديدة أخرى على ظُهُورِ الشبكات الإرهابيّةِ لِتجنيدِ وَتَدريبِ وَتَسْفيرِ آلاف الشبيبةِ التونسيّة مِن أجْلِ الالتِحاقِ بتنظيماتِ وجماعاتِ المُرتَزَقَةِ والتكفيريين الإرهابيّةِ للقِتالِ ضدَّ الدّولةِ الوَطنيَّةِ السُّوريّةِ وَجَيشِها وَشَعْبِها على الترابِ السُّوريّ.
وَحِينَ باتَتْ هذه الظّاهِرَةُ الإرهابيّة خَطَراً كارِثِيّاً بَدَأَ يرْتَدَّ على المُجْتَمَعِ والدَّولَةِ التُّونسيّين ، وَبَدَأتْ أطرافٌ تونسيّةٌ تَقْتَرِحُ الاتِّصالَ بالدَّولةِ السّوريّة لِطَلَبِ المُساعَدَةِ مِن الأخيرَةِ في تَطويقِ هذه الظاهِرَة وَدرْءِ أخْطارِها المُحْدِقَة ، تَسامَتْ دِمَشْق على جراحاتِها وأَبْدَتْ تَعاوُناً كانَ يُمْكِنُ أن يكونَ مُثْمِراً لَوْ تَراجَعَتْ الدَّولةُ السُّوريَّةُ عن خطيئةِ "الترويكا" وَصَحَّحَتْها بإعادةِ العلاقاتِ بين البلدين الشَّقيقَيْن. لكن ما الذي حَصَلَ؟.
لَقَد أعْلَنَتْ " حَرَكَةُ نِداء تونس " في حَملاتِها الانتخابيّة أنّها سَتُعيدُ العلاقات مَع دِمَشْقَ إذا فازَتْ في الانتخابات التّشريعيّة حتى لو لم يَفُز مُرَشَّحها إلى الانتخاباتِ الرئاسيّة ، وَأعْلَنَ السيّد الباجي قائد السبسي ذاتَ الوَعْد عَشيَّةَ الانتخابات الرئاسيّة ، وكَرَّرَ السبسي مراراً قَبْلَ وَبَعْدَ وُصُولِهِ إلى قَصْرِ قرطاج أنَّ غَلْقَ السفارة السوريّة في تونس وطَرْدَ السفير السوري وَقَطْعَ العلاقات مع دمشق كانَ خَطأً تونسيّاً يجبُ العَوْدَة عَنْه.
وما أنْ أعْلَنَ السيّد "الطيّب البكّوش" وزير الخارجيّة والقياديّ في "حركةِ نداء تونس" بندوةٍ صحفيّةٍ قرارَ وزارتِهِ بإعادة العلاقات مع الجمهوريّةِ العربيّة السوريّة داعياً دمشق أن تُرسِلَ سفيرَها إلى تونس ، حتى اعْتَرَضَ رئيس الجمهوريّة التونسيّة مِن قناة فرانس24على ما أعلنَهُ وزير خارجيّته وألغاه ، وذلكَ كما يُرجِّحُ المُراقِبُون ، بضَغْطٍ داخليٍّ مِن حليفه الجديد رئيس "حركة النّهضة"، وبِضَغْطٍ خارجيٍّ مِن الغَرْبِ الأمريكي والأوربيّ والكِيانات الأعرابيّة الخليجيّة وَتركيا. وهذه القُوى الضاغِطَةُ كما باتَ مَعْلوماً مُتَوَرِّطةٌ عَلَناً في صناعَةِ وَدَعْمِ الإرهاب وَجَماعاتِهِ مِنَ المُرْتَزَقَةِ والتّكفيريّينَ عسكريّاً وَماليّاً وسياسيّاً وإعلاميّاً ولوجستيّاً ، ليسَ في سوريا فقط بل وفي ليبيا والعراق وتونس وغيرِها مِن دُوَلِ المنطقةِ والعالَم !.
وَعلى الرُّغْمِ مِن أنَّ الحُكُومةَ السُّوريّةَ لم تُمانِعْ في فَتْحِ قُنْصُليَّةٍ تونسيَّةٍ بدمشقَ لِرِعايَةِ شُؤونِ التونسيّين والتونسيّات في سوريا ، إلا أنّ السفارةَ السُّوريَّةَ في تونسَ لا تزال مُغلقة تماماً وعندَما يحتاج مقيمٌ أو مقيمةٌ مِن الجاليةِ السوريّة إلى شهادةِ ولادة أو شهادة وفاة أو تجديد هويّة أو جواز سَفَر فأقرب جهة رسميّة إليه لِمُخاطبتِها في ذلك هِي السفارة السوريّة في الجزائر التي يحتاجُ المواطن السوري المُقيم في تونس للسفر إليها تأشيرة دُخُول مِن السفارة الجزائريّة في تونس.
وَإذا كانَ الجانبُ التونسي يخْشى إغْضابَ حُلَفائهِ المذكورينَ أعْلاه والذينَ يُعَوَّل عليهم في دَعْمِ تونس اقتِصادِيّاً ، كما نَفْهَم مِن تصريحات مُتكررة لِمسؤولينَ تونسيين ، فإننا نتساءل : ما الذي حَصَلَتْ عليه تُونس حتى الآن مِنَ الوُعُودِ الأمريكيّةِ والأوربيّةِ والخليجيّةِ والتركيّة ، مُقابلَ عَدَم إعادةِ العلاقات مع سوريا؟.
وَهَلْ جَرَّبَ الجانبُ التونسيّ ما يُمكِنُ أن تكسبَ تونس دولةً وشعباً اقتِصاديّاً لو غيَّرَتْ رهاناتها الخاسِرَة في خطوة براغماتيّةٍ واسِعة مِن أجل المصلحة التونسية فقط ، فَعَلَّقَتْ الآمال على حُلَفاءِ دِمشق مُقتربةً منهم بإعادَةِ العلاقاتِ مع الأخيرة؟، حُلفاء دمشق لا يَحشدُون قواهم الأمنية والعسكرية والمالية والإعلاميّة لاستعمار الدّول والشُّعُوب والتدخُّل في شؤونِها الدّاخليّة وَنهْبِ ثرواتها مِن أجْلِ الحِفاظ ليسَ فقط "على نَمَط حياةِ المُواطِن الأمريكي" بل قبْلَ ذلك وَبَعْدَه ، مِن أجْلِ الحفاظِ على مصالحِ الشركات الاحتكاريّة الإمبرياليّة الأمريكيّة. لكنّ حُلفاءَ دمشق يتآزرونَ لمُقاوَمَة هذه السياسة النيوليبراليّة المُتوَحِّشة التي تجتاحُ بها الولاياتُ المُتّحدة دُوَلَ العالم منذ عُقود ، وَيَتعاضدون للدفاعِ عن القانونِ الدّولي والشرعيّةِ الدّوليّة وقضايا الشعوب العادِلة.
وَعندَما يَتَذَرَّعُ البعْضُ بأنَّ النّظامَ السُّوريَّ مَعْزولٌ مِن طَرَفِ المُجتَمَعِ الدّوليّ !، فإلى أيِّ "مُجْتَمَعٍ دَوليٍّ" يُشيرُ المُتَذَرِّعُون وَواقِعُ الحال يُؤكِّدُ أنَّ مُعْظَمَ البَشريّةِ وبالتالي المُجْتَمَع الدَّوْلي يَدْعَمُ الدّولةَ السوريّةَ والرئيس بشار الأسد . فالصّينُ وروسيا، وإيران، والهند وجنوب أفريقيا وكوريا الشماليّة وَمُعظَم دُوَل أمريكا اللاتينية ، ناهيكَ عن الجزائر والعراق وغيرهما ، هذه الدُّول وحكوماتها وشُعُوبها مُجتمِعِةً يُمَثِّلونَ الأغلبيّة الساحِقَة لهذا الكوكب ديمغرافيّاً وحَضاريّاً وَهُم الأقوى اقتصاديّاً (صناعياً وزراعياً وتجارياً ومالياً وتقنيّاً ) وسياسياً ودبلوماسياً وثقافيّاً وعلمياً وعسكريّاً (حتى على مستوى السلاح النووي) ، فَعَن أيّ عُزْلةٍ ، يهرفون؟.
وَكيفَ يُجيزُ عاقِلٌ لِنَفْسِهِ أنْ يقولَ : " لا نُريدُ أنْ تُعيدَ تونس العلاقات مع دمشق كي لا يُوَظِّفَ الرئيسُ بشّار الأسد ذلكَ لِصالح نظامِهِ وإطالة مدّة تربُّعِهِ على سدّةِ الحكم؟!" . يُوَظِّفُ ماذا ياهذا؟ . وَبِعُقولِ مَن يستَخِفُّ مَنْ يُوَجَّهُ مثْلَ هذا الخِطاب؟!
وَيُجادِلُ البَعْضُ في أنّ الرئيسَ السُّوريَّ بشّار الأسد وَحُكُومته لا تفرضُ سيادَتَها على مساحَةٍ واسِعةٍ مِنَ التُّرابِ السُّوريّ ، مُتَجاهِلاً حَقيقةَ أنَّ الدولةَ السوريّة بجيشِها الباسل والقوّات الرَّديفة والحليفة ، تستعيدُ سيطرَتَها يوميّاً وباضطرادٍ على المَناطِق التي تندحِرُ عنها يوميّاً أيضاً الجماعاتُ الإرهابيّة إلى الهاويةِ التي لن يكونَ لها قرار. ناهيكَ هن أنَّ ستَّ سنواتٍ وَنيِّف مِنَ حرْبٍ تستهدفُ وجُودَ الدولةِ السوريّة وشعبها وليسَ دَورهما الإقليميّ فقط ، حَرْب بهذه الشراسة والقذارة والوحشيّة غير المسبوقة ، لم تتمكَّنْ مِن زَحْزَحةِ الرئيس بشار الأسد والحكومة السوريّة عن سياسةٍ خارجيّةٍ وطنيّةٍ مُستقلّةٍ إزاءَ قَضايا شُعُوبِ المنطقةِ والعالم وفي القلبِ مِنها القضيّة الفلسطينيّة . بينما مِنَ المُفارَقاتِ المُؤسِفَةِ في هذا الصَّدَد أنَّ أصواتاً في البرلمان التونسي وخارجه دَعَتْ إلى تجريمِ وَفْدٍ برلمانيّ تونسي وَسَحْبِ الجنسيّة التونسيّة مِن أعْضائهِ فقَط لأنَّهُ زارَ دمشقَ واستَقْبَلَهُ الرئيسُ العربيّ السوريّ بشار الأسد ، ولم تَخْرسْ هذه الأصوات المبحوحة إلا بَعْدَ أن اسْتَقْبَلَ الرئيسُ التونسيّ الباجي قائد السبسي مُعْظَمَ أعضاء هذا الوفد في قصر قرطاج ، بينما سَكَتَتْ الأصواتُ نَفْسُها عن مُشارَكَةِ وَفْدٍ برلمانيٍّ تونسيٍّ إلى جانبِ وَفْدٍ إسرائيليّ في الجلسة العامّة لما يُسمّى "الاتحادِ مِن أجلِ المتوسط" التي انعقدَتْ يوميّ 12و13 ماي/أيار الجاري في العاصمة الإيطالية روما في وَقْتٍ يشهدُ فيهِ العالمُ أكبر مظلمةٍ تاريخيّة وجريمة في حَقِّ الإنسانيّة يَتَعَرَّضُ لها آلافُ الأسْرى الفلسطينيين في سُجُونِ الاحتِلالِ الإسرائيليّ مِمّا دَفَعَ طَلبةٌ فرنسيون إلى طَرْدِ سفيرةَ "إسرائيل" مِن جامعتهم عندما حاولت حُضُور ندوة داخلَ الجامِعة بينما يُسافِرُ برلمانيّون عَرَب إلى روما لِمشاركة برلمانيين إسرائيليين واحدةً مِن مهازل ساركوزي السّوداء . ويُذْكَرُ هُنا – تمثيلاً لا حَصْراً - أنّ "إيمان بن محمد" النائبة في مجلس نواب الشعب التونسي عن "حركةِ النّهضة" التي نشرتْ مشاركتها في هذه الجلسة التطبيعيّة بامتياز على صفحتها في الفايسبوك مُفاخِرَةً ، هي ذاتها عينها "إيمان بن محمد " عضو المجلس التأسيسي التونسي عن حركة النهضة التي أدخَلَتْ أوائل سنة 2014مستشار "بريمر" في العراق الذي صاغَ دستورَ العراق تحتَ الاحتلال الأمريكي وهُوَ أيضاً صاحب اليدِ الخفيّة في صياغةِ دستور أفغانستان ، أعني اليهودي الصهيوني "نوح فيلدمان" ، مَنْ أدْخَلَتْهُ نائبةُ "حرَكة النهضة" إلى جلسةِ المجلس الدستوري المُخَصَّصة لمناقشةِ الدستور التونسي الجديد ، وصرَّحَتْ "إيمان بن محمد" حينها في حوار مع قناة "الزيتونة" التونسيّةِ بأنّ " دُخُولَ الكاتب الصهيوني نوح فيلدمان إلى المجلس ليسَ تطبيعاً مع الصهيونيّةِ وإنّما كانَ تَعامُلاً مع كاتبٍ جاءَ لِمَعرفةِ ما يدور داخل المجلس التأسيسي (التونسي) لتثبيتِ الديمقراطيّةِ"!.
والأهمّ مِن كُلِّ ذلك أنَّهُ إذا كانت الحكومةُ التونسيّةُ مَعْنِيَّةً حَقّاً بمُقاوَمَةِ الإرهابِ ، أليسَ الأجْدى لَها أنْ تُعيدَ عَلاقاتها كامِلَةً مع الدّولةِ السُّوريّةِ التي تَقُودُ ميدانيّاً وَفِعليّاً الحَرْبَ على الإرهاب في سوريّا ، وبالتالي في المنطقةِ والعالم ، بينما "حُلفاء" الحكومة التونسيّة مِن غربيين وخليجيين وأتراك ، عُم الذينَ يُقَدِّمُونَ كُلَّ أشكالِ الدَّعْمِ للإرهاب في سوريا وتونس وعبْر العالم؟!.
هِي مُجَرَّد أسئلة تَفرُضُها مُعطيات واقِعٍ لا يستقرُّ على حال منذ أكثر مِن ستّة أعوام ، بَعيداً عن سُؤالٍ باتَ تقليديّاً ، ولم يَعُدْ قادِراً على الاستقرار في حَيِّزٍ مِن "العقلِ" العربيّ الراهن ، ربّما لارتباطِهِ بمرجعيّةٍ إنسانيّة أخلاقيّة ، وأعني بهذا السؤال المُقصى ، ذلكَ الافتِراض النَّظَريّ بأنَّ كُلَّ دَولة عَرَبيّة ، بما في ذلكَ تونس، مُلْزَمَةٌ أخلاقيّاً بأنْ تقفَ بكُلِّ ما في مَقْدُورِها إلى جانب شقيقتِها سوريا التي تمرُّ في مُنْعَطَفٍ وُجُوديّ وتَتَعَرَّضُ في الإبّانِ دَولَةً وَشَعْباً لامْتِحانٍ قاسٍ !.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.