2025 سنة محاربة العمل الهشّ    المراقبة الصحية تضرب بقوة في نابل:حجز وإتلاف أكثر من 11 طنا من المواد الغذائية غير الصالحة    أوكرانيا 2025 .. فضيحة الفساد التي غيّرت مجرى الصراع    اخبار كرة اليد .. الرابطة تقرر فوز الافريقي بإثارته ضد الترجي    أخبار النادي الافريقي .. مهدي ميلاد تحت الضغط    بنزرت: العثور على جثة لاعب كرة قدم مفقود منذ 20 يوما    هام/ انطلاق عمليّة إيداع ملفّات الترشّح لهذه المناظرة..    مكة: رجل يحاول الانتحار في الحرم المكي بالقاء نفسه من طابق علوي    عاجل/ تنبيه..اضطرابات وانقطاعات في توزيع الماء الصالح للشرب بهذه المناطق..    مع الشروق : أولويات ترامب... طموحات نتنياهو: لمن الغلبة؟    عاجل/ نيابة عن رئيس الدولة.. رئيسة الحكومة تشرف على اجتماع مجلس الوزراء..    الضاوي الميداني: قرار غير مدروس    كأس أمم إفريقيا 2025: مصر وجنوب إفريقيا في مواجهة حاسمة    عاجل/ شركة السكك الحديدية تكشف تفاصيل جنوح قطار المسافرين تونس-غار الدماء..    البنك المركزي: العائدات السياحية تناهز 7،9 مليار دينار    عامر بحبة: بداية 2026 ستكون ممطرة وباردة ومثلجة    وفاة ممرضة أثناء مباشرة عملها بمستشفى الرديف...والأهالي ينفّذون مسيرة غضب    الاف الزوار يواكبون العروض المميزة للمهرجان الدولي للصحراء بدوز    تظاهرة «طفل فاعل طفل سليم»    رواية " مواسم الريح " للأمين السعيدي صراع الأيديولوجيات والبحث عن قيم الانسانية    أولا وأخيرا .. رأس العام بلا مخ ؟    فيليب موريس إنترناشونال تطلق جهاز IQOS ILUMA i في تونس دعماً للانتقال نحو مستقبل خالٍ من الدخان    وزير الدّفاع يؤدي زيارة ميدانية إلى القاعدة البحرية بمنزل بورقيبة    محرز الغنوشي: الغيث النافع قادم والوضعية قد تتطور الى انذارية بهذه المناطق    هذه الدولة العربية تسجّل أعلى أسعار السيارات الجديدة    ابدأ رجب بالدعاء...اليك ما تقول    شكونوا المالي تراوري حكم مباراة تونس و نيجيريا في كان 2025 ؟    منع بيع مشروبات الطاقة لمن هم دون 18 عاما..ما القصة..؟    ماذا في اجتماع وزير التجارة برؤساء غرف التجارة والصناعة؟    عاجل/ مقتل عنصرين من حزب الله في غارة صهيونية استهدفت سيارة شرق لبنان..    رابطة ابطال افريقيا: معاقبة الجيش الملكي المغربي بمباراتين دون حضور الجمهور    زغوان: مجمع الصيانة والتصرف بالمنطقة الصناعية جبل الوسط بئر مشارقة يعلن عن إحداث حقل لانتاج الطاقة الفوطوضوئية    خبير يوّضح: العفو الجبائي على العقارات المبنية مهم للمواطن وللبلديات..هاو علاش    يتميّز بسرعة الانتشار والعدوى/ رياض دغفوس يحذر من المتحور "k" ويدعو..    عاجل: تهنئة المسيحيين بالكريسماس حلال ام حرام؟...الافتاء المصرية تحسُم    وليد الركراكي: التتويج باللقب القاري سيكون الأصعب في تاريخ المسابقة    موسكو تدعو مواطنيها إلى الامتناع عن السفر إلى ألمانيا لهذه الأسباب    فضاء لبيع التمور من المنتج إلى المستهلك من 22 إلى 28 ديسمبر بهذه الجهة..#خبر_عاجل    11 مليون عمرة في شهر واحد... أرقام قياسية من الحرمين    ما ترميش قشور الموز: حيلة بسيطة تفوح دارك وتنفع نباتاتك    التمديد في المعرض الفني المقام بالمعلم التاريخي "دار الباي" بسوسة الى غاية منتصف جانفي 2026    بداية من اليوم..دخول فترة الليالي البيض..    اسكندر القصري ينسحب من تدريب مستقبل قابس    أنشطة متنوعة خلال الدورة الأولى من تظاهرة "مهرجان الحكاية" بالمركب الثقافي بسيدي علي بن عون    وداعًا لأسطورة الكوميديا الأمريكية بات فين    موزّعو قوارير الغاز المنزلي بالجملة يعلّقون نشاطهم يومي 12 و13 جانفي 2026    رياضة : فخر الدين قلبي مدربا جديدا لجندوبة الرياضية    مع Moulin d'Or : قصّ ولصّق وشارك...1000 كادو يستناك!    عاجل: هذا ما تقرر في قضية المجمع الكيميائي التونسي..    كيفاش نقول للآخر ''هذا الّي قلّقني منّك'' من غير ما نتعاركوا    عاجل: تقلبات جوية مرتقبة بداية من هذا التاريخ    ينشط بين رواد والسيجومي: محاصرة بارون ترويج المخدرات    عاجل/ تركيا ترسل الصندوق الأسود لطائرة الحداد إلى دولة محايدة..    نانسي عجرم ووائل كفوري ونجوى كرم يحضروا سهرية رأس السنة    النوبة القلبية في الصباح: علامات تحذيرية لازم ما تتجاهلهاش    ترامب مهاجما معارضيه في التهنئة: عيد ميلاد سعيد للجميع بما في ذلك حثالة اليسار    كوريا الشمالية تندد بدخول غواصة نووية أمريكية إلى كوريا الجنوبية    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جليلة بكار والفاضل الجعايبي ينبّهان من حصول "الكارثة" في مسرحية "الخوف"
نشر في حقائق أون لاين يوم 08 - 10 - 2017

غبار كثيف يكسو أرجاء المكان، وأصوات رياح صرصر تصمّ الآذان. تظهر على الركح شخصيات منهارة جسديا، خائرة القوى وقد أنهكها الإعياء وأخذ منها التعب كل مأخذ. تبدو هذه الشخصيات تائهة وسط عاصفة رملية كثيفة، وقد قادها القدر إلى بناية مستشفى مهجور.
هم اثنا عشر شخصا من فريق كشافة ينجون من هلاك العاصفة الهوجاء ويحتمون بمبنى المستشفى المهجور، حيث تدور أحداث مسرحية "الخوف" لجليلة بكار والفاضل الجعايبي، أداء كل من فاطمة بن سعيدان ورمزي عزيز ونعمان حمدة ولبنى مليكة وأيمن الماجري ونسرين المولهي وأحمد طه حمروني ومعين مومني ومروى مناعي. وهو عمل جديد من إنتاج المسرح الوطني التونسي، تمّ تقديم عرضه الأول بتونس مساء الجمعة بقاعة الفن الرابع بالعاصمة، وحضرته عدة شخصيات سياسية وفنية.
وعوّل الفاضل الجعايبي في مسرحية "الخوف" على أداء الممثلين على الركح بدرجة أولى ليبلّغ أحاسيس الخوف والرهبة للجمهور، فكان الأداء يراوح بين السكون تارة والهيجان طورا، وهي خصوصية اعتمدها المخرج لتفادي سقوط العرض، الذي دام حوالي ساعتين، في الرتابة، بل خَطَّ الإيقاع منحًى تصاعديًّا انسجاما مع ذروة الأحداث وبنية المسرحية التراجيدية.
وفي ما يتعلّق أيضا بأداء الممثلين على خشبة المسرح، نجح "جنود" الجعايبي في تقمّص أدوارهم بحرفية، وجعلوا من أحاسيس الرهبة والخوف التي سكنتهم واقعا وحقيقة تسكن المتفرّج في حدّ ذاته.
ولعلّ اهتمام المخرج بعمل الممثل في جميع أعماله المسرحية، ومسرحية "الخوف" على وجه الخصوص، جعله يغيّب الديكور تقريبا، مكتفيا ببعض الأكسيسوارات كأسرّة المستشفى وبعض الجماجم البشرية. وبخصوص ألوان الإضاءة اكتفى بالمراوحة بين اللونين الأبيض والأزرق، واعتمد اللون الأول للدلالة على زمن النهار، أما اللون الثاني فدلّ على زمن الليل من ناحية، ولعب وظيفة الدلالة على السكون والجمود والانغلاق والسجن من ناحية أخرى.
جمعت شخصيات مسرحية « الخوف » بين مختلف شرائح المجتمع من مركز القيادة (قائد الكشافة)، إلى المثقف، إلى الإنسان العامي. وهي بذلك ترجمة للعلاقة بين مكونات الشعب الواحد من ناحية وبين أعلى هرم في الدولة والشعب من ناحية أخرى. وقد بدت هذه العلاقة، وفق أحداث المسرحية، علاقة عمودية: فقائد الكشافة يأبى الامتثال إلى مقترحات العامة ومطالبهم، ويأتمر بأوامره فحسب، "لا يريد جعجعة ولا مطالب ولا حريات". وأما بقية المجموعة فيسودها بينها الاختلاف رغم الكارثة التي تحيط بهم جميعا، وكلّ منهم يريد خلاصا ذاتيا للمأزق فيتفرّقون بحثا عن مخرج كّل على طريقته.
وللمكان في مسرحية "الخوف" أكثر من معنى: فالمستشفى بما هو فضاء يرتاده المريض للعلاج ورمز لإعادة الأمل والحياة، يصبح في هذا العمل مهجورًا لا حياة فيه، بل إنه يصبح سجنا لمن طلب الاحتماء به من العاصفة وفضاء للصراع من أجل البقاء والعنف حدّ الاقتتال.
أمّا العاصفة الرملية، فقد حاك منها الفاضل الجعايبي رمزية فنية تمتزج فيها مشاعر الرهبة بالخوف والحيرة والقلق وتكون مرآة العنف والقسوة التي يجسدها الممثلون على الركح بل ومكملا لجميع هذه العناصر القاسية، ليخلق صراعا وجوديا من أجل البقاء.
ويدفع الجعايبي من خلال مشاهد العاصفة الهوجاء، الجمهور للتساؤل ماذا لو حصلت الكارثة؟ ماذا أعدّت الدولة للنجاة منها؟ ولذلك فهو ينبّه من الهلاك الجماعي إذا حصلت الكارثة وفات الأوان.
ولم ينس المخرج أن يعرّج أيضا على علاقة الدولة بالمواطن، وهي علاقة اتسمت، وفق أحداث المسرحية، باللامبالاة والتهميش. وقد أبرزها الجعايبي من خلال صوت الطائرة العمودية التي مرّت فوق البناية التي لاذت إليها الشخصيات وخالوها جاءت لنجدتهم، لكنها عبرت بسرعة ولم تعرهم أي اهتمام.
ما عرّى أيضا جانبا من الشعارات السياسية الجوفاء أبرزها حرية المرأة، وتجسّد ذلك في عدة مواقف من المسرحية منها عدم السماح للمرأة بقيادة المجموعة رغم فشل العنصر الذكوري، لتبقى السلطة حكرا على الرجل.
ولم تكن عودة الشخصيات إلى المستشفى المهجور بطريقة لاإرادية، في كل مرة يخرجون منه، إلا للدلالة على أن الشعب ثار على الظلم والفساد والاستبداد والفقر من أجل الحرية والعدالة وبناء مجتمع سليم، فإذا به في كل مرة يعود إلى المربع الأول الذي انطلق منه وهو مربع للاستبداد والفقر والصراع السياسي والعنف المتفشي في المجتمع.
وتمّت في مسرحية "الخوف" الإشارة إلى التلقائية والعبثية التي يتم فيها تسيير أفراد المجموعة دون مخطط واضح لإدارة الأزمة، وفي هذا السياق يحذر المخرج من الطريق المجهول الذي تسلكه البلاد وما يمكن أن تؤول إليه العواقب.
مسرحية "الخوف" التي تعدّ العمل الإخراجي الثالث للفاضل الجعايبي بعد ثورة 14 جانفي 2011، هي مسايرة آنية للأحداث الحاصلة في البلاد، كما تعدّ أيضا تتمّة لمسرحيتيْ "تسونامي"و "العنف" وجزءًا لا يتجزّأ منهما..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.