الدورة الرئيسية لبكالوريا 2025: تسجيل 647 حالة غش وسوء سلوك    بطولة العالم لكرة اليد الشاطئية تحت 17 عاما - المنتخب الاسباني يتوج باللقب في صنفي الذكور والاناث    تكاثر الطحالب بسيدي علي المكي وتغير لون مياه البحر بغار الملح: الأسباب    عقب الضربات الأمريكية على المنشآت الإيرانية.. طهران تلوح بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي    النجم الساحلي :ضبط القائمة النهائية للإطار الفني لفريق أكابر كرة القدم    تصفيات بطولة ويمبلدون - عزيز دوقاز يواجه الياباني شو شيمانوكورو    انتحاري يفجر نفسه داخل كنيسة في دمشق    في اختتام الموسم الثقافي... أمسية تونسية في باريس    واشنطن تحث بكين على ثني طهران عن إغلاق مضيق هرمز    مواعيد مباريات اليوم في كأس العالم للأندية 2025    فوندروسوفا تحقق لقب بطولة برلين المفتوحة للتنس بفوز صعب على وانغ    ضخ كميات إضافية من مادة الفارينة المدعمة لمجابهة الطلب في الصيف (وزارة التجارة)    معهد 9 أفريل للمكفوفين بضفاقس يحقق نسبة نجاح ب100 بالمائة في الدورة الرئيسية للباكالوريا 2025    الهيئة الوطنية للسلامة الصحية تدعو سكان المناطق الساحلية الى عدم استهلاك الأسماك النافقة لخطورتها على الصحة    مدينة قليبية تعيش على وقع الدورة 38 لفيلم الهواة من 16 إلى 23 أوت 2025    وليد الصالحي :" نشكر الله"    باجة : حرائق بمزارع الحبوب.. و مندوبية الفلاحة تتخد جملة من الإجراءات العاجلة [فيديو]    كرة اليد: منتخب الاصاغر يحصل على المركز الخامس ويتأهل لاولمبياد الشباب    صفاقس الأولى وطنياً في باكالوريا 2025: نسبة نجاح تتجاوز 55%    تحذير صحي عاجل: ''لا تستهلكوا الأسماك النافقة بسواحل المنستير''    من منوبة: توأم يحصد المجد في باكالوريا 2025    في مسابقة دولية بلشبونة: تتويج التونسية ملاك العبيدي بجائزة أفضل مؤلف عن الطبخ في العالم    دعوة سُكّان المناطق الساحلية إلى عدم استهلاك الأسماك النافقة لخطورتها على الصحة    إحباط تهريب أكثر من 22 ألف حبة "إكستازي" و2.2 كلغ من الكوكايين بمعبر رأس جدير    بنزرت: اختتام الدورة الأولى لمعرض الورود ومنتجات النحل بمعتمدية تينجة    قرى الأطفال "أس و أس": 21 ناجحا في الدورة الرئيسية للبكالوريا..    عاجل/ إيران تهدّد ب "رد بلا حدود" في حال استهداف المرشد الإيراني على خامنئي..    مبابي يغيب مجددًا عن ريال مدريد    تركيز رادارات جديدة في النقاط السوداء بولاية تونس للحد من الحوادث    لقاءات للشراكات التضامنية بين ناشرين مستقلين من العالم العربي والفضاء الفرنكفوني يوم الإثنين بتونس العاصمة    الحرس الديواني يحجز بضائع مهربة بقيمة تتجاوز 900 ألف دينار    مدنين: من أرض عطشى شابة تقطر زيوت الأعشاب لتروي بشرة الإنسان    بداية من غرة جويلية القادم تطبيق العقوبات الخاصة بنظام الفوترة الالكترونية    عاجل: دليل التوجيه الجامعي 2025 متاح الآن.. وكلمة العبور بداية من هذا التاريخ    توقعات بصمود الصين أمام الصدمات التجارية العالمية    ارتفاع طفيف في درجات الحرارة الأحد لتتراوح بين 29 و38 درجة    إيران تستخدم صاروخ "خيبر" لأول مرة في ضرب إسرائيل    بلدية مدينة تونس: تواصل اشغال الصيانة بعديد المناطق التابعة لها    عاجل: ترامب يعلن ضرب 3 منشآت نووية إيرانية ويهدد بالمزيد    كأس العالم للاندية.. فلومينينسي البرازيلي ينتصر على أولسان الكوري الجنوبي    التلفزيون الإيراني: تم إخلاء المنشآت النووية الثلاث في نطنز وفوردو وأصفهان منذ فترة    بعد إطلاق سراحه من سجن أمريكي.. الناشط محمود خليل يتعهد باستئناف تأييده للفلسطينيين    صيحة فزع    رانيا التوكابري تتوّج بجائزة ''النجاح النسائي'' في مجلس الشيوخ الفرنسي    عاجل/ نفوق أسماك بشواطئ المنستير.. ووزارة الفلاحة تدعو إلى الحذر..    مدنين: 56 مريضا ينتفعون من عمليات استئصال الماء الابيض من العيون في اليوم الاول لصحة العيون    قبلي: اجراء 37 عملية جراحية مجانية لازالة الماء الابيض في اطار اليوم الوطني الاول لصحة العيون    تعمّيم منصة التسجيل عن بعد في 41 مكتبا للتشغيل بكامل تراب الجمهورية    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعم.. لم نعد نعرف بلدنا تونس
نشر في حقائق أون لاين يوم 02 - 07 - 2021

مرت العشر سنوات الأولى من عمر ما سُمي ب"ثورة الياسمين"، وهي في الحقيقة برائحة مياه المجاري، والنتيجة أقل من صفر بل إنها بلغت درجات عدّة تحت الصفر، والأوضاع باتت مرشحة للانفجار في أية لحظة.
وما الاحتجاجات التي تشتعل بين حين وآخر في العديد من المدن التونسية إلا إشارات لفوضى قادمة ستكون عنوانا للقطيعة النهائية بين الشعب وكل مؤسسات الحكم، ولن تنفع شعبية حركة النهضة المنفوخ فيها في ردم تلك الهوة، بل ستكون تلك الشعبية سببا مقنعا لليأس التام، واستفاقة الكثيرين على وهم مقولة "الناس اللّي هاربة لربّي".
عشر سنوات من التلكؤ والتعثر والفشل الحكومي انتهت بأزمة سياسية غير مسبوقة ونادرة الحدوث في التاريخ السياسي المعاصر لدولة الاستقلال. زعماء مؤسسات الحكم تحولوا إلى ثلاثة ديوك متصارعة، يكيد الواحد منهم إلى الآخريْن في محاولة منه لإسقاطهما والتخلص منهما معا.
أما الدولة فإنها تدير نفسها بنفسها، عجلة تدور بكل عيوبها وعثراتها وفسادها وتقاعسها وكسل القائمين عليها وضجرهم من الاستمرار في الرهان على دولة تُركت مهملة سنوات عديدة إبّان نظام زين العابدين بن علي، ثم انتقلت إلى الحكام الجدد باعتبارها إرثا لا أحد يرغب في أن يتورط في محاولة تجديده، بل أجهزوا في سنوات قصيرة على كل ما هو إيجابي في ذلك الإرث.
الغنوشي زعيم إخوان تونس، ليس جديدا على اللعبة، فقد حكم من وراء الستار لتسع سنوات، وها هو اليوم سيد السلطة التشريعية الذي يسعى إلى أن يُعلن نفسه سيدا على البلاد، خاصة مع اختفاء من كان يُحسن ترويضه وله بالمرصاد أمام كل عمل يمسّ بمصالح الدولة وهيبتها الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي رحمه الله.
الجديدان المضطربان والمرتعشان والمنهكان، هما قيس سعيّد وهشام المشيشي. الأول جاء إلى قصر قرطاج رئيسا للجمهورية بالصدفة لأنه ليس حزبيا ولم يكن جزءا من التركيبة السياسية، أما الثاني فقد أصبح رئيسا للحكومة، لأن سعيّد فرضه خيارا وحيدا، فإذا به ينقلب عليه مفضّلا التحالف مع الغنوشي المعروف بأنّه ثلعب ماكر، صفة نجح من خلالها في إقناع أتباع حركة النهضة قيادات وقواعد رغم المغادرات والانشقاقات الكثيرة، بأنه رجل المعرفة والقائد المتواضع المتنوّر الذي يسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وكلها صفات ليس له منها شيء.
الحرب على الجبهة السياسية هي حدث خارجي يمكن التفرج عليه دون تعليق مقارنة بالحرب الاقتصادية، التي صارت تطحن الطبقتين المتوسطة والفقيرة وصارت تلقي بأبنائهما خارج حدود منطقة التداول الاجتماعي المقبول. لقد انهارت البنية الاجتماعية بعد أن نزح الكثير من أبناء الطبقة المتوسطة إلى أقاليم الطبقة الفقيرة التي استسلمت للعوز التام حين صارت الدولة لا تكترث للمشاريع الفلاحية وغير الفلاحية.
لا يصدق أحد أن بلد الزيتون صار عاجزا عن المنافسة بزيتونه في السوق العالمية، ولا أحد يصدّق أن بلد الفسفاط صار مورّدا له وثروته تقدّر بملايين الأطنان تقبع في المناجم، وذلك ليس لرداءة المنتوج من الزيت والفسفاط، بل لأن الفوضى التي ضربت كل نواحي الحياة أطاحت بالشجرة التي هي رمز البلاد، وبالثروة الطبيعية الوحيدة التي تملكها.
ولكن الأسوأ يكمن في أن الدولة صارت أضعف من أن تضبط منتسبي مؤسساتها وبالأخص الأمنية. وما جرى قبل أيام حين قام أفراد من الشرطة بتعرية طفل وسحله في الشارع من أجل أن يلقنّوا المجتمع الغاضب درسا عنيفا، إنما يؤكد أن هناك خللا في العلاقة بين الدولة ومنتسبيها الذين صاروا يطبقون القانون بطرق غير قانونية. وهو ما يمكن أن يورطهم في ارتكاب جرائم لم يكونوا في الوضع العادي ليقدموا على ارتكابها. غير أن حالة التسيب التي تعيشها الدولة صارت تعميهم عن رؤية الواجب الذي يفرض عليهم الالتزام بالقانون وهم يسعون إلى تطبيقه.
في كل ما يحدث يكتفي الغنوشي بالنظر عن بعد على قاعدة "شاهد ما شافش حاجة". غير أن الحقيقة تؤكد أن الفوضى التي تعيشها تونس هي صناعة غنوشية مائة بالمائة. لو لم يكن هناك غنوشي لما التبس الأمر على رئيس الحكومة وصار صعبا عليه أن يعين وزيرا للداخلية.
تونس اليوم على حافة انفجار شعبي. ما من شيء يشير إلى قدرة الطبقة الحاكمة على وضع مشاريع اقتصادية لانقاذ الشعب من الفقر، فأفراد تلك الطبقة مشغولون بحروبهم، وهي حروب تغطي على شعور الشعب بالاهانة والذل، ولكنها حروب قد تؤدي بتونس إلى هلاكها.
لقد سئم الشعب من الطبقة السياسية التي لم تخرج عن دائرة حركة النهضة التي احتكرت الحكم منذ سقوط نظام بن علي. وما لم تخرج تونس من دائرة هذه الحركة وبقطع النظر عن عقائديتها الرجعيّة، والتي اعترف أمينها العام السابق زياد العذاري بأنها لا خبرة لها وغير مؤهلة ولا تملك كفاءات لتسيير الدولة وإدارة الشأن العام، فإنّ تونس ستكون غريبة عن شعبها، الذي سيجد أن عليه أن يطوي بثورة جديدة، عشر سنوات كانت هي الأكثر رثاثة وتعاسة في تاريخه السياسي المعاصر، مع أن الثمن سيكون هذه المرّة باهظا جدّا ويحمّل الأجيال الجديدة ما لا طاقة لها به، ولكنّه ثمن ربّما وجب دفعه...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.