الإدارة كانت السند الذي دعم بنيان الدولة وأبى انهيارها في وقت انهارت فيه جميع السلطات و غاب فيه القانون، الأمر الذي يؤكد على أهمية الإدارة وأولوية السهر عليها ولإصلاحها باستئصال ورم المحسوبية الإرتشاء منها. وقضية الحال التي كانت من أنظار الدائرة الجنائية للمحكمة الإبتدائية بتونس، لا يمكن أن تستشفّ منها سوى واقع غير مطمئن وخطير لوضعية الإدارة التونسية، لم يقطع بعد مع تجاوزات وممارسات ماض سابق لما يسمّيه بعضهم "بالثورة". المتهم متحصّل على الأستاذية في الرياضيات و كان يعمل كموظف بوزارة التشغيل. لكن يبدو أن طموحه المهني يتجاوز هذه العمل، فأراد بعث مشروع خاص به وكان لا بد له من الحصول على بعض المال للمضي قدما في ذلك، فقصد قريبين له، من حاملي الشهادات العليا، وأخبرهم بأنه يستطيع أن يوفّر لهم عقود انتداب صلب وزارة التربية وذلك بفضل أنه عضو بالنقابة، لأن القانون، حسب ما ادّعى، يوفّر لكلّ نقابيّ إمكانية تشغيل شخصين اثنين من عائلته و كذلك بفضل بعض الأشخاص الذين يعرفهم هناك وهذه الخدمة لن تكلّفهم أكثر من ألف ومائتي دينار لكلّ منهما. ولتنفيذ مخططه، تحصّل المتهم على نسخة من شهادة في الإنتداب، أدخل عليها بعض التغييرات و أرفقها بختم الوزارة، ليتم التفطّن لهذه العملية يوم 7 فيفري 2012 ويتمّ القبض عليه بتهمة التدليس و مسك مدلّس على أساس الفصول 172 و 174 من المجلة الجزائية. وبمثوله أمام القاضي، اعترف المتهم بما نسب إليه و طلب العفو ممّا لم يترك فرصة لمحاميه للدفاع عنه، ليطلب هذا الأخير التخفيف قدر الإمكان عن منوبه خاصة و أن الإعتراف، حسب رأيه، لا يمكن أن يدل سوى على حسن سريرة المتهم.