مازال الوضع في المنطقة الحدودية التونسية-الليبيّة بنقردان متأزما، ويوشك على الانفجار حسب المتابعين. فقد أدّت المواجهات بين الأمن والمواطنين إلى مزيد تعكير المناخ وإثارة غضب الأهالي الذين طالبوا بحلّ أزمة الحدود، والسماح باستعادة نشاطات التجارة الموازية على الخطّ الليبي-التونسي نظرا لكونها المورد الوحيد للرزق لآلاف العائلات. فقام بعض الشبّان يوم الاثنين 16 أوت الجاري بحرق حافلة فارغة يقع استغلالها لنقل قوّات الأمن من الولايات الأخرى إلى المنطقة، في ردّ فعل على تكثيف التدخّل الأمني الذي واجهت به السلطة احتجاجاتهم. وكردّ فعل مضادّ، قامت قوّات البوليس في الليلة الفاصلة بين الاثنين والثلاثاء 17 أوت الجاري بمداهمة عديد المنازل ببنقردان واعتقال العشرات من الشباب بدون تمييز، وهو ما اعتبره الأهالي انتهاكا للحرمات خاصّة في شهر رمضان. وقام المئات من السكان باعتصام احتجاجي صبيحة يوم الثلاثاء أمام مقرّ المعتمدية ببنقردان للتعبير عن احتجاجهم وغضبهم إزاء تصرّفات الأمن التي اعتبرها الأهالي انتهاكات خاصّة وقد شابت عملية المداهمات استفزازات لعدّة عائلات، إلاّ أن الأمن فرّق التجمّع بالقوّة. وحسب مصادر من المنطقة فقد وقع اعتقال عدد هام من المعتصمين قدّره بالعشرات. ويرجّح المتابعون أن الوضع في بنقردان متجه إلى تصعيد خطير إن لم يقع تلافي الكارثة. ويطالب الأهالي والعديد من النشطاء وعلى رأسهم اتحاد الشغل ببنقردان بإطلاق سراح عشرات الموقوفين (لا يوجد بين أيدينا إلى الآن إحصاء دقيق لعدد الموقوفين) على خلفية التحرّكات الاحتجاجية وإيقاف التتبعات في حقّهم، والكفّ عن الخيار الأمني واللجوء إلى الحوار لحلّ المشكلة خاصّة وأن المنطقة تفتقر كلّيا إلى موارد تنموية ويشتغل أبناؤها منذ قرابة العشرين سنة في تجارة الخطّ للقيام بأعباء عائلاتهم. جدير بالذّكر أن صحفا قريبة من السلطة خرجت عن صمتها إزاء أحداث بنقردان يوم الثلاثاء 17 أوت الجاري لتنقل تطمينات بقرب حلّ الأزمة، حيث نقلت صحيفتا الشروق والصباح عن مصادر لم تذكرها أن السلطات التونسية تباحثت مع نظيرتها الليبية حول الوضع، مشيرة إلى إمكانية أن تكون الحكومة الليبية بصدد النظر في الحلول الممكنة لفضّ الإشكال حسب ما جاء في الجريدتين، دون أن تقدّما تفاصيل إضافية أو تتعرّضا للمواجهات بين الأهالي وقوّات الأمن. وكان أحمد قذّاف الدم القذّافي مبعوث الرئيس الليبي قد صرّح خلال زيارته لتونس 5 أوت الماضي أن ليبيا بصدد بحث حلّ لقضية دخول البضائع إلى تونس. راديو كلمة أعدّ لكم فقرة خاصّة بالموضوع تستمعون لها إثر النشرة.