يتم هذه الأيام، حسب معطيات مؤكدة، اعداد مشروع "مرسوم التسوية الشاملة للأراضي الصناعية" من طرف رئيس ديوان الوزير وبعض الاطارات. بغرض تمريره قبل نهاية التفويض الاستثنائي الممنوح للحكومة. هذا المشروع خطير جدا ومحفوف بشبهات كبرى. التسوية الشاملة للأراضي الصناعية قد يكون الهدف منه تمكين أطراف متنفذة حاصلة على مقاطع في المناطق الصناعية من تملك تلك المقاطع رغم تجاوزهم لاجال الاستثمار المشروطة. واسقاط حق الدولة في استرجاع تلك الاراضي لمنحها لمستثمرين جديين ينتظرون فرصتهم في الانتصاب في المناطق الصناعية المهيأة للانطلاق في استثمارهم. هذا المرسوم سيؤدي الى طمس معالم جرائم ارتكبت خلال السنوات الماضية في منح أراضي على أساس المحسوبية والرشوة دون احترام الاجراءات المشددة المنصوص عليها بالقانون عدد 34 لسنة 2009. حيث أن مطالب الحصول على المقاسم الصناعية تدرسها اللجان الجهوية للتصرّف في المناطق الصناعية التي تضم ممثلين عن الإدارات الجهوية للتنمية والبيئة والتنمية الفلاحية وأملاك الدولة والشؤون العقارية بالاضافة لممثلين عن وكالة النهوض بالصناعة والتجديد ومركز الأعمال وغيرهم تحت اشراف الوالي أو من ينوبه. وتحيل اللجنة قرارات الاسناد الى الوكالة العقارية الصناعية للمصادقة. غير أن عملية الاسناد كثيرا ما شابتها مشاكل وشبهات وتدخلات ووساطات وتجاوز للاجراءات، ومنح للمقاسم بشكل مباشر من طرف الوكالة وأحيانا بتعليمات من الوزراء المتعاقبين. وأكبر دليل على أن عمليات الاسناد لم تكن في نسبة عالية منها موضوعية وذات مصداقية، الارتفاع المتزايد لنسبة المقاسم غير المستغلة والمشاريع غير المنجزة، مقابل ارتفاع عدد مطالب الاستثمار المعطلة. لدينا معطيات عديدة حول حصول بعض المتنفذين على مقاسم كبيرة مقابل استثمارات صغيرة، وعلى مقاسم متعددة تحت عنوان نفس الاستثمار، وحصول اقارب لمسؤولين جهويين ومركزين على مقاسم دون احترام الشروط. العديد من المتحصلين على المقاسم، من الذين يراد تسوية وضعيتهم، ليس لديهم نوايا جدية للاستثمار، وانما غايتهم من الحصول على مقسم تحقيق ارباح دون اتعاب في المضاربات العقارية عبر البيع أوالكراء دون وجه حق. بالاضافة للاستفادة من الامتيازات التي تقدمها الدولة لفائدة المستثمرين بالمناطق ذات الاولوية في التنمية، حيث يتم اعتبار المقسم الصناعي ضمانا لدى البنوك، ويسمى "ضمان الدولة"، كما يفتح الباب من اجل الحصول على قرض بنكي بغرض بناء مصنع. ويحتفظ البنك بالعقار مقابل القرض، وفي صورة عدم انجاز المشروع ينفذ البنك رهنية على العقار. خطورة المرسوم الذي يصاغ الان من طرف رئيس ديوان وزير الصناعة وممثلة الوزارة بمجلس إدارة الوكالة العقارية الصناعية، هو أنه يفتح الباب لتسوية وضعية مقاطع صناعية فاتت زمن الامهال الاقصى لاستكمال الشروط المنصوص عليها في العقد مع الوكالة ولانطلاق المشروع. وهو ما يعني أن المرسوم سيمكن أشخاصا لم يثبتوا جديتهم في الاستثمار من الاثراء غير المشروع على حساب المستثمرين الجادين والتنمية والتشغيل وعلى حساب المال العام والمجموعة الوطنية. رسالة الى الحكومة .. حذاري من استغلال التفويض المبرر بالظرف الاستثنائي لمجابهة وباء الكورونا لنشر وباء الفساد .. لنا عودة للملف .. ولتقارير الرقابة الداخلية للوكالة العقارية الصناعية .. بالارقام والتفاصيل .