حين يتحول تشكيل الحكومة إلى طرح "شكبة"… الأوراق تبقى هي هي نفسها.. الكوال سباطة دائما كوال سباطة… والسبعة الحية ديما سبعة حية… واللص ديما يقعد لص..والموجيرة موجيرة. وإيذا خسرت الطرح ..موش مشكل… مشكي وعاود من جديد… وقص على "يوسف الشاهد… وما عادش تقص على الحبيب الصيد؟؟؟ سي الباجي قائد السبسي ..رئيس الدولة المنتخب… رئيس كل التونسيين … رقد وقام… وخرج علينا عبر شاشة الوطنية 1 ليعلن قراره برغبته في حل حكومة الصيد وبتشكيل حكومة جديدة.. حكومة توافق وطني أو وحدة وطنية .. فهل كان ذلك نتيجة إلهام رباني؟؟؟ أم نتيجة منامة عتارس ؟؟؟ أم نتيجة حنكة سياسية ووطنية مفرطة وشعور عميق بالمسؤولية أما الوطن والشعب؟؟؟.. لقد أوعز يس الباجي ذلك لفشل حكومة الصيد في القيام بما أنيط بعهدتها من مهام ؟؟؟ ونتيجة تردي الوضع الاقتصادي بالبلاد؟؟.. وأكد خلال تصريحه ذاك أنه لم يستشر أحدا في قرار وأنه سينتظر ردة فعل الساحة السياسية والوطنية على هذا المقترح القرار وسيتصرف على حسب مدى تجاوب الساحة السياسية والوطنية معه ….. في بداية المطاف … أبدى الكثيرون دهشتهم من هذا القرار سواء من الأحزاب السياسية أومن المنظامات الوطنية … ثم وبين عشية وضحاها سرعان ما هضم الأمر من قبل الجميع وظهر أن الجميع موافق عليه… ما عدى رئيس الحكومة اذي رفض أن يتم رميه عظما بعد أن نهش لحما… وقرر المناورة والمعاندة…ولكن لماذا؟؟؟ ففرص الحبيب الصيد كانت منعدمة في البقاء والمواصلة مع حكومته خاصة بعد تخلي الجميع عنه وخاصة الرئيس الذي رشحه والحزب الذي كان يسانده… إذا السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لم أصر الحبيب الصيد على عرض حكومته على الثقة من جديد ؟؟؟ رغم تأكده من أن الأمر قد حسم وأن المسألة أصبحت مسألة وقت فقط ؟؟؟ هل بسبب أن الرجل من هوات التمرميد؟؟؟ أم هل بسبب أنه كان متعلقا بحبال الوهم في إقناع النواب بالتجديد له ولحكومته ؟؟؟ أم هل أن الرجل أعجبه المنصب وحاول التشبث به لآخر رمق؟؟؟ أم أن الأمر مغايير لذلك تماما؟؟؟ إننا من خلال معرفتنا بتاريخ رئيس الحكومة ومتابعتنا لأدائه ولتصرفاته ولتصريحاته وخاصة خلال الفترة الأخيرة التي سبقت عرض حكومته على الثقة من جديد نكاد نجزم أن الرجل ما كان ليفعل ما فعله إلا لأنه أراد أن يوجه رسالة قوية إلى التونسيين ولكن بتوجس وحذر الرجل الأمني الذي يقدر جيدا خطورة الموقف ويتخذ كل الاحتياطات لحماية نفسه من الخطر…. لقد أراد الحبيب الصيد أن يكشف للتونسيين من خلال المجلس الذي من المفترض أن يمثلهم والذي من المفترض أن يكون صوتهم وحصنهم أن البلد يعيش وضعا غير طبيعي وأن الوضع في البلاد أصبح خارج السيطرة وأن الفساد أصبح هو المتحكم في كل مفاصل الدولة وأن الطبقة السياسية أصبحت أداة طيعة في يد لوبيات الفساد تأتمر بأوامرها وتنفذ كل إملاءاتها وأن " الفساد أصبح يمثل تهديدا أشد وأكبر حتى من الإرهاب" … الحبيب الصيد .رئيس الحكومة… في نظام برلماني ( المفترض أن يكون كذلك )… أي أن صلاحياته تفوق صلاحيات رئيس الدولة… يتم تهديد والضغط عليه من أجل تقديم الاستقالة ورمي المنديل؟؟؟ ومن طرف من ؟؟؟ الصيد لمح ولم يصرح… ولكن تلميحاته كانت ذات دلالت كبيرة… الحبيب الصيد أكد أنه لم يحمل لقبه عبثا … فقد راوغ وناور ولمح وأوضح ورمى الكرة في سلة الشعب ومجلسه المنتخب… وقالها صراحة وجهارا بهارا وعلى الملأ وأمام عدسات التلفزيون … يا أيها الشعب إن البلد يحكم من قبل الفساد والعصابات والمافيا…. وأنتم " لديلكم ملك"… ثم ماذا؟؟؟ ثم جاء التأكيد الفوري ومن قبل من؟؟ إنه من قبل سي الباجي… رئيس الدولة.. رئيس كل التونسيين .. ليؤكد كل ما جاء على لسان سي الحبيب من حيث يعلم أو لا يعلم… فالحكومة التي تم حلها واتهامها بالفشل والقصور والتقصير… يرشح رئيس الدولة أحد أعضائها ( الذي يعني أنه يتحمل منطقيا على الأقل جزءا من الفشل) لتشكيل الحكومة الجديدة… مع العلم أن الرجل من دائرة الرئيس العائلية ومن أبناء المدرسة الفرنكوفونية … وهو المفتقد لأي خبرة السياسية رغم محاولة تركيز الجوقة الإعلامية الموالية على الكفاءة العلمية للرجل والتضخيم من أهميتها… ولكن كل السياسيين في العالم يعلمون علم اليقين أن الخبرة والحنكة السياسية ليست شهادة تنال من الجامعة… لقد جاء هذا التكليف المهزلة ليؤكد أنه ما من منطق يفسر كل ما حدث وكل ما يحدث …سوى منطق واحد وهو منطق البيع والشراء …. منطق الفساد والمحسوبية… لأنه لو كان هناك منطق في كل ما حصل وما يحصل .. لو كان المشكل فقط في شخص رئيس الحكومة لوجب تقديم الأمر على ذلك النحو ولتم تحديد أخطاء الرجل ومن ثم مطالبة سي الحبيب بكل لباقة واحترام ومسؤولية من إفساح المجال لغيره وإعلام الرأي العام أن المشكل في رئاسة الحكومة وليس في كل الحكومة…. أما أن يقدم الأمر على أنه إخفاق لكل الحكومة وأنه وجب تغيير الطريقة التي شكلت بها وذلك باعتماد التوافق وتوسيع قاعدة المشاركة وتغيير أسلوب العمل وبتقليص عدد الوزراء وتحديد خارطة عملها بالتوافق بين جميع مكونات الساحة الوطنية الفاعلة والوازنة ثم يتم تكليف أحد أعضاء نفس تلك الحكومة الفاشلة وصاحب القرابة من رئيس الدولة والذي كان مكلفا بوزارة الجماعات المحلية ( والعديد من الأطراف تتوجس من الانتخابات البلدية القادمة التي تحول تاريخ إقامتها إلى مسلسل مكسيكي ممل) فهذا يدعونا للتساؤل حول ما يحدث ومدى تواطؤ الجميع في حصوله بالمشاركة أو بالصمت وخاصة الأحزاب الممثلة في البرلمان والمنظامات الوطنية الكبرى المشاركة في الحوار …. وإذا أضفنا إلى ذلك المشاريع والقوانين التي يلح رئيس الدولة وأنصاره لتمريرها والتي تصب في مصلحة لوبيات الفساد من مصالحة وإملاءات أجنبية من طرف الصناديق المالية وفتح البلاد أمام التواجد العسكري الأجنبي والاستمرار في القبول بالاستغلال والتبعية والهيمنة الأجنبية وخاصة الفرنسية …. كل ذلك يجعلنا نفهم سبب ما حصل وما يحصل ومدى الأخطار التي أصبحت تهدد كيان هذا البلد الذي تحول إلى مرتع للمخابرات العالمية وجنة لتبييض الأموال والتهريب ومرتعا للفساد بكل أنواعه و مصدرا للإرهاب والإرهابيين وأرضية خصبة لكل النحل والملل والأفكار المعتقدات الغريبة والانحلال الأخلاقي لتنتشر وتجد لها حاضنة وموطئ قدم من تبشير وتشييع ومثلية جنسية وإباحية وإلحاد وعبادة للشيطان وسحر وشعوذة … الغريب أن كل هذا يحدث بشكل علني وفي وضح النهار… ولكن لا حياة لمن تنادي… فالجميع لا هم لهم سوى أخذ نصيب من الغنيمة وإن كان الأذن من الجمل أو أقل من ذلك… الكل لا هم له سوى تدبير الراس… فقراء هذا الوطن يلهثون وراء اللقمة ويصفقون لكن من يعدهم بالجنة أو يسترضيهم ببعض الملاليم … وأغنياء هذا البلد لا هم لهم سوى مزيد الكسب والمزيد من الرفاهية والمتعة والبذخ…. لا يهم إن أفلس البلد… لا يهم إن أصبح البلد رهينة للبنوك الأجنبية… لا يهم أن يتحول البلد إلى موطن للمافيا والمجرمين…. لا يهم أن يتحول البلد إلى قاعدة عسكرية تحكم من طرف مقيم عام لدولة عظمى أو لسفير يتبع سفارة دولة عظمى … أو حتى يتم إعادة احتلال البلاد ( وهو ما صرح لي به العديد ممن أعرفهم من أن قناعتهم أننا غير قادرين على حكم أنفسنا بأنفسنا وأنه لن تقوم لنا قائمة إلا إذا حكمنا "بو برطيلة" في إشارة إلى الأجنبي ) …. المشكل الكبير عندنا أن الجميع يتذمر… الجميع يشتكي.. الجميع يدعي الوطنية… ولكن لا أحد يفعل شيئا… بل على العكس الكل يفكر في الخلاص الفردي… حتى تلك الأحزاب والشخصيات التي كنا نعتقد أنها ربما تتوحد وتتكتل من أجل انقاذ البلد.. لم نجد منها إلا العنتريات الفارغة والكلام الأجوف والجعجعة التي لا تسمن ولا تغني من جوع… بكائيات ورثائيات … ولكن لا شيء من بعد ذلك سوى الحسابات السياسية والانتخابية الضيقة… إن كان من وطنية ووطنيين حقا في هذا البلد … ( رغم أنني بدأت أشك في ذلك بما في ذلك الشك في نفسي) فلا بد من ترك كل الحسابات الشخصية والحزبية والفئوية والفكرية جانبا والوقوف صفا واحدا أمام هذا السيل الجارف من الفساد المقنن وإنقاذ البلد قبل فوات الأوان… وإلا فإننا سنكون كلنا شركاء فيما كل ما سيحدث من خراب وإن بالصمت والتخاذل والأنانية … وعندها لن يكون هناك فرق يذكر بيننا وبين من يرعى الفساد ويدعمه …