الأوضاع في الكامور أخذت منحا خطيرا اليوم.. كانت له إرتدادات لا تقل خطورة في العديد من جهات البلاد .. من جنوبها إلى أقصى شمالها.. الأمور قد تشهد ما هو أخطر إن لم يقع التدارك بالحكمة والسرعة المطلوبتين.. لكن من سيقوم بذلك؟؟ هل هي السلطة الحالية التي فقدت تقريبا كلا مصداقية لها وبان فشلها الذريع في إدارة الأزمة وفي إدارة البلد؟؟؟ أم هي توليفة من خارج الأحزاب الحاكمة من بعض المنظمات والشخصيات التي مازالت ربما تحضى بنوع من المصداقية هذا إن كان هناك أصلا من بقي له شيء من المصداقية في هذا البلد بعد كل تلك الحمالات الشعواء من التشويه التي طالت الجميع دون استثناء الصالح والطالح ولم تبق ولم تذر ولم تقرأ حسابا لمثل هذا اليوم ؟؟؟ الكل اليوم يريد التهرب من المسؤولية .. ويلقي باللائمة على الأطراف الأخرى.. وكأن أحدا لا يشعر بمدى خطورة ودقة الوضع.. السلطة تلقي باللائمة على المعتصمين وتتهم أطرافا سياسية وأطرافا مخربة وعصابات بالوقوف وراء انفلات الأوضاع.. والمعارضة تتهم السلطة ببلوغ الأوضاع ذلك المنعرج الخطير.. والشباب المعتصم يتهم الأمن بالمبادرة باستخدام العنف.. والأمن والجيش يلقي باللائمة على الشاباب الذي بادر بمهاجمة المنشآت النفطية ومحاولة تعطيلها أو تخريبها.. الوضع شديد الاحتقان والمظاهرات وصلت حد العاصمة والبلد في مخاض عسير؟؟ فما الذي جد حتى تصل الأمور هذا الحد الخطير؟؟؟ إننا نعتقد، بل نجزم أن نقطة التحول في الوضع الذي عرفته منطقة الكامور كان خطاب الرئيس "السبسي" الذي سخر فيه من مطالب أبناء الجهة ووجه لهم تهديدا شديد اللهجة ومن ثم أصدر قرارا بحماية المنشآت النفطية من قبل الجيش وهو الأمر الذي تم بالفعل.. هذه الحركة الغير محسوبة والعنجهية الجوفاء من طرف السبسي لحست كل المجهودات التي بذلت من طرف بعض أعضاء الحكومة في إيجاد حلول لحلحلة الأوضاع والوصول إلى اتفاقات وحلول وسط مع المعتصمين.. لأن تلك الرسالة من "السبسي" فهمت على أن الحكومة غير جادة فيما قطعته على نفسها من تعهدات وأنها فقط عملت على كسب الوقت من أجل استخدام القوة في فض الاعتصام ومن ثم افراغ ذلك التحرك الشعبي من زخمه وإعادة الأمور إلى ما كنت عليه إلى أجل غير مسمى.. المنطق يقول لو أن الحكومة كانت جادة فيما قدمته من مقترحات.. ما الذي كا سيجعل "السبسي" يخرج بذلك الخطاب الحاد المتشنج الذي كان تقريبا في مجمله تهديدا ووعيدا بالويل والثوبور لكل من لا يرضخ لسلطة الدولة "أي الحكومة؟".. إذا فالحكومة غير جادة.. فقط هي كانت تراوغ.. هكذا فهم الأمر.. وهكذا تشنجت الأوضاع ووصلت الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم.. وهو وضع لو تطور سيكون كارثيا على الجميع.. وسيخرج منه الجميع خاسرين.. إذا المطلوب من الجميع اليوم الوقوف وقفة صدق مع أنفسهم لتجنيب البلاد الدخول في منزلق خطير.. ولكن الطرف المطالب أكثر من غيره بتحمل مسؤوليته كاملة وبالتعبير عن فشله وعن استعداده للتدارك ولتشريك الجميع في إيجاد مخرج لهذا الوضع الصعب هو السلطة القائمة.. التي أدى تخبطها واستهتارها واستهانتها بمعاناة التونسيين وباستخفافها بقدرات الشعب التونسي إلى الوصول إلى ما وصلت إليه الأوضاع اليوم من مأزق خطير.. إن كل ما نراه اليوم من انفلات وفوضى واحتقان وغليان هو نتيجة الاحباط الذي نجحت هذه الحكومة في زرعه في نفوس التونسيين بارتجالها وكذبها وتخبطها وسعييها المحموم للالتفاف على استحقاقات الثورة وإعادة انتاج نفس النظام القديم الذي عانى منه التونسيون لعقود طويلة ولم يعد يقبلون بعودته مهما كلفهم ذلك.. المطلوب اليوم فتح صفحة جديد.. ومكاشفة الشعب بحقيقة الفساد ومن يقف وراءه وحقيقة المعاهادات والاتفاقات والثروات والمضي قدما وبشكل جدي في إعادة بناء الوطن ومؤسساته وبنيته التحتية اعتمادا على امكانات أبنائه بتشريكهم الفعلي في صنع القرارات وفي المراقبة وفي المحاسبة وفي التقييم .. لم يعد التونسييون يقدرون على رؤية كمشة من السماسرة السياسة والفاسدين يتاجرون بمصيره ومصير بلدهم وفي العلن وعبر الفضائيات وكل يهدد بإطلاق كلابه على أنصار الطرف الآخر في استخفاف بشعب مازالت دماء شهداء أبناء ثورته الزكية طرية وجراح الكثيرين منهم مفتوحة.. استدركوا قبل فوات الأوان.. فهذا شعب قد برهنت التجربة أن استخدام القوة معه لن تزيده إلا إصرارا وصلابة..